يا تل


  

بسم الله الرحمن الرحيم

يا دوحةَ الأزهارِ والفلِّ

 

وبراعمَ الأغصانِ في التلِّ

 

أضفَت وفاضَ على مرابِعِها

 

فَوحُ النَّدى وبَشائرُ الطَّلِّ

 

وزَهَت بقلبي من خمائِلِها

 

ورديَّةُ الأحلامِ والظلِّ

 

وعلى أزاهيرِ الغصونِ رؤىً

 

سحريَّةً لحنَ الهوى تُملي

 

تحكي جداولهُا حَديثَ جوىً

 

للسوسنِ الميّاسِ والنَّفلِ

 

ولكم أراقت ماءَ مقلتها

 

للتينِ والرمّانِ والبَقلِ

 

ولكم شدا الدٌّوريٌّ في طَرَبٍ,

 

مترنِّماً لِفراشةِ الحقلِ

 

وبها النسيمُ يقصٌّ عن حُلُمٍ,

 

ويبوحُ بالأسرارِ للفلِّ

 

تلك الجداولُ كم رَنَت طَرَباً

 

لِحديثِ صَبٍّ, والهٍ, مِثلي

 

يا حُرنةُ التلٌّ الجديدُ لها

 

أعني مَتى أشدو إلى التلِّ

 

* * *

 

يا تلٌّ غُصنٌ مُزهرٌ أبداً

 

عَبِقٌ بِعطرِ الوردِ والفلِّ

 

فيكِ الرٌّبا مَيّاسةٌ طَرَباً

 

سَلَبَت فؤادي واجتَوَت عَقلي

 

في القلبِ هاتيكَ الربوعُ زَهَت

 

وترعرَعَت كترعرُعِ الطِّفلِ

 

ونَمَت على أعطافِ أجنحتي

 

ريّانةً بالفضلِ تَستعلي

 

وجَثَت على الأحشاءِ آمرةً

 

وتمَّتَعت بالفَصلِ والوَصلِ

 

أنتِ الجمالُ فلا جمالَ أرى

 

إلاّ رأيتُ بهِ رؤى التلِّ

 

و العشقُ لا معشوقةٌ إلاّ

 

تلكَ الرٌّبا وملاعبُ الرَّملِ

 

وأراكِ أنتِ خليلتي أبداً

 

وأرى بطيفِكِ رَوعَةَ الخِلِّ

 

لا عِشتُ يوماً لا أراكِ بهِ

 

تَزهينَ في قلبي مِنَ الدَّلِّ

 

* * *

 

يا تلٌّ يا حلماً يُلازمُني

 

ورؤىً تطوفُ كأنها ظلّي

 

وهوىً يثورُ بمهجتي أبداً

 

فيذوبُ فيه من الجَوى كلّي

 

كم هاجَ بي شوقٌ يؤرِّقني

 

لِشِعابِهِ ولتينِهِ البعلي

 

ولكم حَدَت بي ذكرياتُ صِباً

 

لِمَدارجٍ, تُفضي إلى الحقلِ

 

شوقٌ إلى العَرَصاتِ يحملُني

 

وإلى البيادرِ والهوى القِبلي

 

وطمائرِ الجوزِ المجفف

 

تلكِ الحقولِ وقريَةِ النَّملِ

 

ما مثلَها ارضٌ بها وَطَرٌ

 

ليهيمَ فيها عاشقٌ قبلي

 

* * *

 

يا تلٌّ يا فخراً أحسٌّ به

 

وأنا أعرِّفُ أنني تلّي

 

كم قَدَّمَت يومَ الوَغى بطلاً

 

وزهَت بأهلِ الجودِ والفضلِ

 

وسمَت على قللِ الفَخارِ وكم

 

شَمخَت على الأجبالِ والقُلَلِ

 

ولها على الأشهادِ أوسِمَةٌ

 

تحكي الفخارَ وطيِّبَ الأصلِ

 

وبها الشهادةُ طيفُ أغنيةٍ,

 

معزوفةٌ في عرسِ مُنجدلِ

 

كم أنجبت أقيالَ شامخةً

 

ورُموزَ للإقدامِ والبَذلِ

 

أسماؤهم كالنجمِ لامعةٌ

 

تمتازُ بالإخلاصِ والعقلِ

 

وأبي وما أحلاهُ مفخرةً

 

رَمزُ الندى والعلمِ والنٌّبلِ

 

في كلِّ مكرمةٍ, لهُ شرفٌ

 

والسَّبقُ شيمتُهُ على الكُلِّ

 

ومناقبٌ فيها المروءةُ في

 

أسمى معاني الجودِ والفضلِ

 

يا سيداً طابَ الفخارُ بهِ

 

وشددتُ نحوَ رِحابِهِ رَحلي

 

أدرَكتَ آفاقَ الفخارِ ضُحى

 

يومٍ, أغرٍّ, وارفِ الظلِّ

 

وحَبَوتَ أهلَّ التلِّ مَكرُمَةً

 

وعُرِفتَ بالإحسانِ والوَصلِ

 

يا تلٌّ فضلٌ ما لهُ أمَدٌ

 

يا تلٌّ ما أحلى رُبا التلِّ

 

* * *

 

يا تلٌّ محرابٌ جثوتُ بهِ

 

لله أضرعُ خاشعاً كلّي

 

متوسلاً إن كانَ أنقذني

 

من حَرِّ نارٍ, باللظى تغلي

 

وعفا عن الزلاّتِ مغفرةً

 

وأثابني في صَالح الفعلِ

 

وقضى إليَّ بجنةٍ, كَرماً

 

في أن تكونَ كواحة التلِّ

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply