صفقة الموت في الجنوب !!


 
 
السودان محاط باتفاقات سلام من أغلب جوانبه شرقاً و غرباً و جنوباً.. ولكنها مع ذلك لم تزد نار الحرب إلا لهيباً!!.. و قد كان المواطن الأعزل في زمن الحرب أكثر أمناً منه في زمن السلم!!..

 

أكلتنا نار نيفاشا حتى الخاصرة وحتى القلب، وأكلتنا نار أبوجا حتى البطن!!.. فماذا يتبقى من وطن تأكله النيران الباردة؟!..

 

في الجنوب يقتتل رفقاء السلاح من الفصائل الجنوبية حتى الثمالة، وتعزف مدافعهم الرشاشة ألحانها في هدأة الليل و انبلاج النهار، ولكنها تكتب مقطوعاتها على أجساد الشماليين، فيا للعجب!!..

يقتتل الجنوبيون في جوبا وملكال، فيجنون السلطة والمجد، و لكن التجار الشماليين هم الذين يحصدون الموت.. اختلفت الفصائل فيما بينها فضربت الملاحة النهرية، ونهبت البواخر الشمالية.. تعاركت الفصائل فيما بينهاº فاختطف التجار الشماليون، وقتلوا ذبحا، ونزعت أعينهم عن محاجرها، وألقيت جثثهم في العراء!!.. ما الذي يجري هناك؟!.. في ذلك البلد العجيب.

 

والأسباب دائماً جاهزة، الأصابع على الزناد، تأخرت مرتبات جنود الحركة الشعبية في القوات المشتركة، فانطلقت نيرانهم تقلقل ليل جوبا، وتحول سكونها إلى رعب!!.. والساسة المتربعون على كراسي السلطة في الجنوب تمتلئ محافظهم بالنقود، وبطونهم بالثريد، وأجفانهم بالنعاسº فيستبطئون أن يدفعوا لعساكرهم الثائرين مرتباتهم مع أنهم قبضوها عدا ونقداً!!.. ويقبض الثمن مواطن هادئ وادع في بيتهº رصاصةً طائشة، وقلقاً مرعباً يعيشه في ظل بلد تحكمه الفوضى وقانون الغاب.

 

بالأمس القريب تواصل مسلسل قتل الشماليين في الجنوب، ذلك المسلسل الذي بدأ بعد تطبيق نيفاشا مباشرة.. فقد ذكرت الصحف أن ثلاثة من التجار الشماليين قتلوا ذبحاً، بعد أن هوجمت و أحرقت العربة (اللوري) التي كانت تحملهم مع بضائعهم في طريقهم من جوبا إلى توريت!!.. ونسب الهجوم إلى مسلحي جيش الرب اليوغندي!!..

و قضية جيش الرب اليوغندي - الذي يسرح قتلاً ونهباً في الجنوب - هي أيضاً حولها خطوط كثيرة، وعلامات استفهام أكثر.. خصوصاً وأن بعض المطَّلعين – جداً - على بواطن الأمورº يشككون في أن يكون جيش الرب هو الذي يقوم بمثل هذه العمليات!.. و يرى أولئك المطلعون أن العمليات تنسب إليه بينما يقوم بها آخرون.. وحتى لو سلمنا بأن تلك المجازر - التي ترتكب بحق المدنيين السودانيين - هي من فعل جيش الرب اليوغنديº فكيف يتستقيم هذا القتل الذي يمارسه في أرض تقع تحت سيطرة حكومة الجنوب، مع تلك العلاقة الحميمة التي تربطه برجال القمة فيها؟!.. فنحن ما زلنا نذكر الأموال (الدولارات) التي قدمها له نائب رئيس تلك الحكومة، ونشرت نبأها وكالات الأنباء المحلية والعالمية؟!.. إذاً فبالوكالة عمّن يقتل جيش الرب الشماليين؟!.. وبالوكالة عمَّن ينهب الأموال ويحرق الناقلات؟!!.

و السؤال الأخير، وهو يجيب عن نفسه بمنطق الأحداث..(هل الغرض مما يجرى هناك هو إفراغ الجنوب من الشماليين، تمهيداً لإعلان الدولة)؟!..وإذا كان ذلك كذلك فلماذا ترهقوننا في الشمال بقيود نيفاشا والقوات المشتركة وما ورائها من محن؟!.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply