الرنتيسي وقرابة الإسلام


 

بسم الله الرحمن الرحيم

في تعريف لطيف يقول الإمام الشافعي:

" الزكاة هي نفقة تجب على أغنياء المسلمين لفقرائهم بقرابة الإسلام "..

تذكرت هذا التعبير الملهَم " قرابة الإسلام" إذ كنت أتابع الأخبار في محطة الجزيرة، وإذ بالأخت المذيعة خديجة بنقنة متشحة باللون الأسود حزناً على شهيد المليار عبد العزيز الرنتيسي.

فتساءلت في نفسي:

هي من الجزائر وهو من فلسطين الرباط، وليس مظنة قرابة رحم، فلماذا لون الأحزان؟!

وهمست في سري إنها " قرابة الإسلام ".

وفي أثناء الأخبار هزّني غضب المليار، في دمشق والقاهرة وبغداد وعمان والجزائر واليمن، وفي كل مكان يوجد فيه عربي مسلم، وتساءلت لماذا تغضب هذه الملايين وتحزن؟!

وهمست في سري إنها " قرابة الإسلام "..

فيا أخي الكبير:

سكونُك حركة أمة.. وموتك حياةُ ضمائر..

وشهادتك مهرجان إيمان، ومحفل يضم في ساحاته مليار مسلم في الأرض، وما لا نعلم من ملك في السماء.

فأية قوة جعلتك تتسلل إلى قلوب مئات الملايين لتستقر فيها؟!

ويا أخي الكبير

شهادتك لوحة فريدة، ولها مذاق فريد..

مذاقها قهرٌ يمرّ بالصبر في طريقه إلى النصر.

مذاقها قوة تُخلق من ثنايا الضعف، وأملٌ ينبجس من أعماق اليأس، وحياة تخرج من رحم الموت.

شهادتك يا أخي إعلان على الملأ أنك تشهد أنّ دين الله أهل لأن تقدّم له الدماء.

فأي حرف مسكين يتجرأ ليكون رثاء لك يا أسد الشهداء؟!

وأي ورد يحق له أن يستر جرحك المعطر؟!

وأي لون مداد يزهو على لون مدادك الأحمر؟!

في حياتك يا أخي كتبت إليك قصيدة " الشهيد الحي" أبارك لك فيها نجاتك من غدر يهود، وفيها:

فداً لعينكَ عينُ كل خـؤون ِ *** باع التـرابَ وشجرة الزيتـون ِ

قسماً ستغدو القـدسُ أروعَ قصةٍ, ***في الحُبِّ تُنسـي قصةَ المجنـون ِ

كم في ضفائرها الكِـرامِ تعلقت *** أوتـارُ قلبٍ,، أو دموعُ جفـون ِ!

عبدَ العزيزِ! وأنتَ فجرٌ سـاطعٌ *** يجلـو ظـلامَ فـؤادِنا المحـزون ِ

كم في حروفكَ من هديرٍ, ثـائرٍ,*** كم في سكوتكَ من جلالِ سُكون ِ

إن شئتَ فاهجع في حنايا أضلعي ***أو شئتَ فاسهر في سوادِ عيـوني

***

وجاء جوابك الكريم دعوة صالحة، وشهادة كبرى لقلمي.

( الأخ الكريم.. أحييك من أعماق قلبي على قصائدك الرائعة، وأسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتك، وسأنشرها على الموقع - بإذن الله -).

أخوكم

عبد العزيز الرنتيسي

وفرحت.. فرحت يا أخي بنجاتك..

وفرحت بكتابتي لك..

وفرحت بكلماتك التي كانت وساماً يزين حروفي..

وفي ليلة لا أسمّيها! ليلة استشهدت فيها، كتبت قصيدة" الرنتيسي في عيون المليار"، وفيها:

يا من وقفتَ بمركز الإعصار ِ *** طوداً يجاهد خلفَ خط النارِ

عجباً لأمرك! ما فعلتَ بمهجتي *** يا سيدي.. وبمهجة المليارِ!

قل لي حبيبي قل لمليارٍ, بكوا *** واكشف لهم عن روعة الأسرارِ

فلقد لمحتُ اليوم فيك شمائلاً *** وملامحاً من أوجُهِ الأنصـارِ

هل في عروقكَ من دماء مهاجرٍ,*** صحِبَ النبيّ محمداً في الغارِ!

عبدَ العزيز! وأنت نبضٌ هادرٌ *** للسـائرين على هدى المختارِ

***

وحزنت.. حزنت يا أخي لفقدك..

وحزنت لكتابتي عنك..

وحزنت فقصيدتي ستبقى عاطلة بلا وسام!..

فيا سيد الكلمات..

ويا عزيز الجراح..

ويا ملتقى قلوب المليار

طبت ميتاً كما طبت حياً.

أسأل الله - تعالى- أن يجعل " الوسيلة" سقف بيتك في الجنة.

وأسأله أن يجعل أنوارك وأفكارك قسمة بين المسلمين " بقرابة الإسلام ".

ويا أخي الحبيب

لم يكن من حظي ولا من حظ المليار أن نلتقي بك في الدنيا..

فنسأل الله - تعالى- أن يجمعنا بك في ظله على ضفة الكوثر، صُحبة النبي الأعظم - صلى الله عليه وسلم -.

فهناك ثمة مراحُ المؤمنين.. ومُستراحُ الصابرين..

((يوم ترى المؤمنين والمؤمناتِ يسعى نورُهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكمُ اليومَ جناتٌ تجري من تحتها الأنهارُ خالدين فيها ذلك هو الفوزُ العظيم)). 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply