بسم الله الرحمن الرحيم
هل التوسل بالأنبياء جائز أم لا؟ و هل التوسل بعباد الله الصالحين كذالك؟
بالنسبة للتوسل معناه طلب الوسيلة و الوسلية ما يقرب إلى الشيء و الله - عز وجل - أمرنا أجمعين بالوسيلة فقال - تعالى -: { يأيها الذين آمنوا اتقوا الله و ابتغوا إليه الوسيلة}, و الوسيلة المقربة من الله هي ما يرضيه من الأعمال الصالحة, فالصلاة وسيلة إلى الله, و الذكر وسيلة إلى الله, و الدعاء وسيلة إلى الله, و الصدقة وسيلة إلى الله, و بر الوالدين وسيلة إلى الله, و الدعوة إلى الله وسيلة إلى الله, و التذلل إلى الله و الإخبات و الخوف وسيلة إلى الله هذه الوسائل المقصود بها التقرب من الله - عز وجل - من رضوانه, أما التوسل في الدعاء معناه الوسائل التي تقتضي استجابة الدعاء فهذه كثيرة جدا من أهمها: أن لا يدعو الشخص بإثم و لا قطيعة رحم, فإن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقول: «يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم و لا قطيعة رحم» هذا سبب من أسباب استجابة الدعاء, كذلك أن يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه فإن الصلاة عليه دعاء و هي مقبولة قطعا و ما كان معها من الدعاء يقبل تبعا لها, كذلك أن يكون الإنسان وقت دعائه مخبتا لله - تعالى - ذليلا بين يديه رافعا إليه أكف الضراعة فإن الله يستحيي إذا مد العبد إليه يديه أن يردهما صفرا, كذلك من وسائل استجابة الدعاء أن يصلي الشخص ركعتين لا يحدث فيهما نفسه و يدعو في عقبهما فإنه لا ترد له حاجة لا يحدث فيهما نفسه, معناه لا يفكر في شيء من أمور الدنيا بل يقبل على الله - عز وجل - و يؤدي هاتين الركعتين على هيئتهما كذالك من وسائل استجابة الدعاء توخي الأوقات المظنونة لاستجابة الدعاء مثل ساعة الجمعة, مثل أدبار الصلوات, مثل وقت السجود, مثل الثلث الأخير من الليل, مثل وقت الأذان و نهاية الأذان هذه الأوقات مظنة استجابة الدعاء ساعة الجمعة و إن كانت مخفية لا يدرى في أي وقت لكن أرجا شيء أنها آخر ساعة من يوم الجمعة, و هذا الذي في الموطأ من حديث عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - كذلك من وسائل استجابة الدعاء أن يكون في وقت موعظة مثل شهود الجنازة. عيادة المرضى زيارة المقابر. الذي يحصل به الرقة و الموعظة أن يذكر الإنسان ربه خاليا فتفيض عيناه هذا الوقت يبادر فيه بالدعاء أي وقت حصلت فيه رقة و خشية فهذا وقت من أوقات استجابة الدعاء, كذلك من وسائل استجابة الدعاء أن يتصدق الإنسان بين يدي النجوى, فالصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار و الدعاء الذي هو مشفوع بالصدقة يستجاب غالبا إذن هذه من وسائل استجابة الدعاء.
أما الوسائل اللفظية التي تكون في الدعاء فهذه بين لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة منها:
الأول التوسل إلى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن تدعو الله بأسمائه الحسنى و بصفاته العلى فهذا يستجيب الله به لقول الله - تعالى -: {و لله الأسماء الحسنى فادعوه بها} و لقوله: {و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي و ليؤمنوا بي لعلهم يرشدون}, و كذلك قوله - تعالى -: {ادعوني أستجب لكم}, و قد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التوسل بأسماء الله الحسنى و صفاته. فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن لله اسما إذا سئل به أعطى و إذا دعي به أجاب. » و هذا هو اسم الله الأعظم و غيره من الأسماء, كذلك يتوسل بها جميعا ففي الحديث أن رجلا دعا فقال: «اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت ديان السماوات و الأرض. » فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لقد دعا باسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب و إذا سئل به أعطى. »
كذالك الوسيلة الثانية من هذه الوسائل هي التوسل بالعمل الصالح عمل عملته أنت أيها الداعي تعلم أنك أخلصت فيه لله سواء كان ذلك العمل قليلا أو كثيرا هذا لا دخل له في التوسل المهم فيه الإخلاص العمل اليسير الذي أخلصت فيه لله وسيلة كبيرة عند الله و العمل الكثير إذا لم يكن فيه إخلاص ليس وسيلة عند الله فإذا علمت أنك أخلصت في عمل ما لله - عز وجل - فإنك بالإمكان أن تسأل بذالك العمل و دليل هذا قول الله - تعالى -: {ربنا إننا آمنا فاغفر لنا}, فتوسلوا بإيمانهم و إيمانهم من عملهم, وكذلك قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: إنه كان فيمن قبلكم ثلاثة نفر خرجوا فألجأهم مطر إلى غار و هم أصحاب الرقيم الثلاثة و قصتهم مشهورة لديكم كل واحد منهم سأل الله - تعالى - بعمل علم أنه أخلص فيه لله فاستجاب الله له.
الوسيلة الثالثة من هذه الوسائل: هي التوسل بدعاء عبد مؤمن تسأله أن يدعوا الله لك و هذا لا يشترط فيه أن يكون نبيا و لا وليا يشترط فيه أن يكون مؤمنا و هذا لا بد أن يكون حيا يستطيع أن يسأل أما الأموات فلا يستطيعون أن يسألوا لك لأنهم قد انقطع تكليفهم و لا تجب عليهم الصلاة و لا الصوم و لا الحج و لا غير ذلك, انقطع تكليفهم و الدعاء تكليف و عبادة فهذه دليلها قول الله - تعالى -: { و صل عليهم إن صلاتك سكن لهم},و قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «يقدم عليكم أو يس القرني في أمداد اليمن و هو رجل كان به وضح فشفاه الله إلا موضع إصبع. له أم هو بها بر فمن لقيه منكم فليسأله أن يستغفر له. ,» و يرجى في ذلك أهل الصلاح و الورع فمن رأيته مقبلا على الله محافظا على الصلاة في الجماعة متطهرا فأسأله أن يدعو لك فإنك لم تعص الله - تعالى - بلسانه هو و إذا دعا لك به فهذه مظنة لاستجابة الدعاء.
إذن هذه ثلاثة أمور هي الوسائل التي بين لنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - أما ما عداها في استجابة الدعاء فلم يبينه و الخير هو ما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
أما التوسل بأشخاص الأنبياء - عليهم الصلاة و السلام- فليس مما بينه لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و لم يفعله هو قطعا و لا أحد من أصحابه بل في صحيح البخاري أن عمر - رضي الله عنه - عند ما حصل القحط عام الرمادة ذهب إلى المصلى يصلي بالناس صلاة الاستسقاء ثم قال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فتسقينا و أما إذ قبضته إليك فإنا نتوسل إليك بعم نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فدعا العباس فتقدم العباس و دعا بدعائه المشهور الذي قال فيه: اللهم إنه لم ينزل غضب إلا بمعصية و لم يرفع إلا بتوبة و دعا العباس بن عبد المطلب فاستجيب له فالرسول - صلى الله عليه وسلم - لم تنقص كرامته بالموت كرامته عند الله ما زالت كما هي و مع ذالك لم يتوسلوا به بعد موته و إنما توسلوا بعمه الذي هو حي لأنه هو الذي يدعو و التوسل إنما هو بدعائه و إذا لم يفعلوا هذا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمن سواه من باب أولى فهو أعظم الناس جاها عند الله - عز وجل - لا أحد يريد أن يكون أعظم جاها عند الله من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا من الأنبياء و لا من الملائكة و لا من سواهم.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد