رأى أن التعليم هو مهمة الأنبياء وهي أشق المهن وأسعدها


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الأستاذ محمد بن مصطفى مجذوب

(1325/1907 ـ 1420/1999) 

أحد روّاد الأدب الإسلامي، مفكّر إسلامي، أديب موهوب، صاحب أسلوب دقيق ورشيق، شاعر مبدع من أصحاب الدواوين الشعريّة الراقية.

 

ولد في مدينة طرطوس بالساحل السوري، نشأ عصاميّاًً مؤمناً بقيم الإسلام، عكف منذ صباه على كتب الأدب والتراث، فقرأ كثيراً من النصوص الأدبيّة، وحفظ العديد من القصائد، والمقطوعات الشعريّة الراقية، وأتقن علوم اللغة، وكانت له موهبة فطريّة صقلتها القراءة، وسعة الإطلاع، حتى ملك ناصية القول نظماً ونثراً، وعدّ في طليعة أدباء سوريّة وبلغائها، ثم انتقل إلى اللاذقية وبها تفتّحت عبقريّته، واشتغل مدرّساً للغة العربيّة في ثانويّاتها، وكان يرى أن التعليم هو مهمة الأنبياء، وهي أشق المهن وأسعدها، ويقول: إن المعلم الصالح هو الركيزة الأساسيّة في بناء المجتمع، فما لم يع هذه الحقيقة ويبذل كل إمكانيّاته لتحقيق واجبه في تكوين الأجيال السليمة، فلا سبيل إلى أي أمل في مستقبل أفضل.

 

وفي معرض حديثه عن الجانب التربوي والتأليفي ينقل الأستاذ أنور الجندي في كتابه القيّم (مصابيح العصر والتراث) قول العلاّمة المجذوب: أعتقد أنّني أسهمت خلال عملي في التعليم والنشر، ولله الحمد في إبراز المعالم الإسلاميّة، سواء في أذهان الأجيال التي شاركت في تعليمها، وهي الآن منتشرة في مختلف أرجاء الوطن الإسلامي من أقصى الفليبين إلى أقصى حدود تركيا، أو في أذهان القرّاء الذين أشعر من خلال رسائلهم أنهم يحبّون أن يقرؤوا ما أقدّم لهم من أعمال فكريّة وأدبيّة.

 

وكان صوته مدوّياً فوق منابر الوطنيّة والقوميّة والإسلام، وداعية محبة ووئام وتسامح بين أبناء الوطن، وكان له حديث أسبوعي كل ثلاثاء في مركز (جماعة الإخوان المسلمين) التي ترأسها فترة طويلة بمدينة اللاذقية حتى بداية عهد الوحدة، عندما حلّت الجماعات والأحزاب السوريّة نفسها، كشرط من شروط الوحدة مع مصر عام 1958.

 

وهاجر إلى المدينة المنوّرة، وأقام بجانب المسجد النبوي، على صاحبه أفضل الصلاة والسلام، وعمل في الجامعة إلإسلاميّة، وقام بتكليف من الجامعة بجولات شملت الهند، وباكستان، وتركيا، وغيرها.

 

امتاز أسلوبه بالجزالة، والفخامة، وانتقاء الألفاظ، مع روعة الأداء والتعبير، وفي نطاق الأدب تحدّث عنه شوقي عبد الحليم حمادة أستاذ الأدب والنقد بجامعة الأزهر فقال: هو الأديب النابه، والقاصّ البارع، والشاعر العملاق، والخطيب المفوّه، والكاتب الموهوب.

 

تتميّز آثاره في مختلف حقول المعرفة بأنّها دائماً حديث القلب إلى القلب، لأنّها من قلم مجاهد يصدع بكلمة الحق، ولا تأخذه في الله لومة لائم، فهو لذلك مرتاح الضمير مطمئن القلب.

 

كتب في مختلف فنون الأدب، والثقافة، والفكر، وألّف أكثر من خمسين كتاباً منها: (تحفة الأديب في ثقافة الأديب) و(تأمّلات في المرأة والمجتمع) و(فضائح المبشّرين) و(دروس في الوحي) و(من أجل الإسلام وحواريات أخرى) و(أفكار إسلاميّة) و(خواطر ومشاعر) و(كلمات مضيئة) و(أضواء على حقائق) و(مشكلات الجيل في ضوء الإسلام).

 

وكتب في القصّة والرواية والمسرحيّة: (قصص من سوريّة) و(قصص من الصميم) و(فارس غرناطة وقصص أخرى) و(قصص وعبر) و(بطل من الصعيد وقصص أخرى) و(قاهر الصحراء) و(مدينة التماثيل) ورواية (صرخة الدم) ومسرحيّة (من تراث الأبوّة) وغيرها.

 

وفي التراجم والسير كتب: (علماء ومفكّرون عرفتهم) عدّة أجزاء 1412/1992 يحوي تراجم جماعيّة لعدد من الأعلام، استوفى فيه السيرة العلميّة، وتوسّع في الحديث عن النشأة العلميّة والإنجازات والأعمال المنشورة. وروى في كتابه (ذكريات لا تنسى) ذكرياته ومشاهداته في الفلبين وقبرص وأندنوسيا التي زارها، ويتضمّن معلومات عن حياة المؤلّف وتجاربه في مجال الدعوة الإسلاميّة، ونظم عدّة دواوين شعريّة منها: (ألحان وأشجان) و(همسات قلب) و(نار ونور).

توفي باللاذقية، ودفن بها.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصابيح العصر والتراث ص 20 أنور الجندي. (2) شعراء الدعوة الإسلامية ج 5 ص 28 جدع وجرار. (3) تلمذة شخصية على الأستاذ محمد المجذوب في مدينة اللاذقية. (4) مقابلة مع السيدة نعماء المجذوب ابنة صاحب الترجمة في عمان 1999. (5) مجلة المنهل س 54 م 49 1408/1988 مقال: تحية إلى العلامة محمد المجذوب، لأنور الجندي.(6) مصادر التراجم السعوديّة ص 198 مطبوعات مكتبة الملك فهد الوطنيّة.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply