الرجل الذي لم يضيع ساعة واحدة من حياته بلا عمل مفيد للإنسانية عموما وللإسلام خصوصا


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الشيخ محمد رشيد بن علي رضا بن محمد رضا الحسني

(1291/1865 ـ 1354/1935) 

حامل لواء الإصلاح الإسلامي في عصر الصحوة، مصلح ديني، سياسي، واجتماعي، عالم موسوعي، حجّة في البحوث الفقهيّة، والتشريعيّة، وأصول الفقه، ومعرفة رجال الحديث، وأقوال المفسّرين، وعلوم القرآن، عضو المجمع العلمي العربي بدمشق، ترجمان أفكار الشيخ محمد عبده.

 

بغدادي الأصل، ولد في قرية القلمون من أعمال طرابلس بلبنان، نشأ في بيت علم وتقوى، وترعرع في أسرة متديّنة تنتسب إلى الإمام الحسين بن علي الشهيد.

وتأثّر بأمّه التي وصفها بأنّها كانت على جانب عظيم من الدين مع العلم الكافي لمثلها.

قرأ القرآن ومبادئ العلوم الدينيّة واللغويّة في كتّاب القرية، ثم التحق بمدرسة تركيّة ابتدائيّة، فلمّا أنشأ العلاّمة حسين الجسر مدرسته التحق بها في طرابلس سنة 1302ه، وتخرّج في العلوم العربيّة والشرعيّة والعقليّة في مدّة ثمان سنوات وكتب له شهادة العالميّة، وتشبّع بروحه، وأخذ الحديث وفقه الشافعيّة على الشيخ محمود نشابة، واستفاد أدبياً ودينياً من الشيخ عبد الغني الرافعي، ومحمد القاوقجي، ولقي الشيخ محمد عبدة بطرابلس مرّتين، وأخذ أوراد الشاذليّة عن شيخه أبي المحاسن القاوقجي، ثم سلك الطريق النقشبنديّة الصوفيّة، وقطع مرتبها كلّها، ولم يتوقّف عند الكتب المدرسيّة وتوسّع في فنون العلم بالمطالعة الحرّة حتى وفاته.

 

وكان سريع الفهم، قوي الحفظ للمعاني والمقوّلات، له سليقة خصبة في اللغة، وأحاط بالتراث الإسلامي إحاطة ضخمة، وعميقة مستوعبة، واستطاع أن يهضم هذا التراث ويتمثله، وكانت له همّة ضخمة، وعزيمة حيّة، وعاش مرموق الجانب في الدراسات الإسلاميّة، والقضايا العربيّة والإسلاميّةº وكان قد ظهر فيه ميل فطري للإصلاح، وشغف بكتاب (إحياء علوم الدين) للغزالي فطالعه كلّه وأعاد مطالعته، فحبّب إليه مجاهدة نفسه على طريقة الصوفيّة.

 

ثم هداه الله إلى علوم الحديث وكتب السنّة، فتخلّص من البدع الطرقيّة، ومن عقيدة الجبر والتأويلات الأشعريّة والصوفيّة والغلوّ في الزهد، وبعض العبادات المبتدعة، وترك أوراد الشاذليّة لمّا علم أنّ قراءتها من البدع، واستبدل بها قراءة القرآن، وترك أوراد النقشبنديّة، واشتغل بتجريد التوحيد، وتزكية النفس، وتقويم الأعمال، وتصحيح النيّة، ومحاسبة النفس، ومراقبة الله في جميع الأعمال، والزهد في الدنيا، والعمل للآخرة.

 

وتصدّى للتدريس والخطابة والإمامة في المسجد، وكان لا يتورّع عن إلقاء المواعظ الدينيّة في المقاهي لإرشاد العوام، ودعوة النساء في دار أسرته لتصحيح عقيدتهن، وتغيير زيّهن بما هو أستر وأطهر حتّى تكون المرأة في الشارع كما تكون في الصلاة.

 

وكان يرى أن البيت هو المدرسة الأولى والمصنع الأصلي لتكوين الرجال، وأنّ تديّن الأم هو أساس حفظ الدين والخلق، ويقول: إذا أردنا أن نكوّن رجالاً فعلينا أن نكوّن أمّهات ديّنات ولا سبيل لذلك إلاّ بتعليم البنات تعليماً دينيّاً وتربيتهنّ تربية إسلاميّة، وإذا تركناهن على ما هنّ عليه من الجهل بالدين، فمحال أن نرجو منهنّ أن يكوّن لنا عظماء الرجال.

 

اتصل بالشيخ جمال الدين الأفغاني، وصاحبه محمد عبدة، وكانت له عند الشيخ كلمة مسموعة، وكان يشير عليه بما يرى أنه يفيد في تحقيق رسالة الإصلاح، التي اتحدا في طلبها، ونشر له ما كان يقتبسه من دروسه ومجالسه، وربّى له المريدين في جميع الأقطار، فآثره محمد عبدة على غيره في خلافته.

 

وكان قد اتجهت أنظاره إلى مصر، لينهض بالإصلاح، ويتخلّص من الاستبداد، فهاجر إليها سنة 1315/1898.

وفي القاهرة أنشأ: (صحيفة المنار) مستمدّاً روحها من الأستاذ الإمام، مواصلاً السير على نهج (العروة الوثقى) متخذاً منها سجلاً لأحداث عصره، ووقائع حياته، ومنبراً للدفاع عن قضايا الحريّة وكانت دار المنار حافلة بالأعلام والزعماء الذين يقدمون إلى مصر من العالم الإسلامي.

 

حصر في العدد الأوّل من المنار أهدافها في الحثّ على تربية البنات، والبنين والترغيب في تحصيل العلوم، والفنون، وإصلاح كتب العلم، وطريقة التعليم، والتنشيط في مجاراة الأمم المتميّزة في الأعمال النافعة، وطرق أبواب الكسب، والاقتصاد، وشرح الدخائل التي مازجت العقائد للأمّة، والأخلاق الرديئة التي أفسدت الكثير من عوائدها، والتعاليم الخادعة التي ألبست الغي بالرشاد، والتأويلات الباطلة التي شبّهت الحق بالباطل، حتى صار الجبر توحيداً، وإنكار الأسباب إيماناً، وترك الأعمال المفيدة توكّلاً، ومعرفة الحقائق كفراً وإلحاداً، وإيذاء المخالف في المذاهب ديناً، والتسليم بالخرافات صلاحاً.

 

واستمرت في الصدور حتى سنة 1354/1935 بدون كلل أو ملل، وكانت معلمة إسلاميّة منقطعة النظير.

وأسس (جمعيّة الدعوة والإرشاد) ومدرستها سنة 1330/1912 لتخريج الدعاة، واقترح إنشاء مدارس لتخريج الخلفاء، والمجتهدين المستجمعين صفات أهل الحلّ والعقد.

تولّى رئاسة (جمعيّة الشورى العثمانيّة).

رأى أن تنفير العرب من الترك مفسدة من أضر المفاسد وإن من يسعى إلى التفرقة بيننا وبينهم فهو عدو لنا ولهم.

وعندما قام الاتحاديّون الأتراك بالثورة على السلطان عبد الحميد سنة 1908 وأجبروه على إعلان الدستور، كان رشيد رضا مثل غيره من الزعماء والمفكّرين العرب، ممن هلّلوا للانقلاب اعتقاداً منهم بأنّ إعلان الدستور هو بمثابة إطلالة عهد جديد تسوده الحريّة، غير أنه لم يلبس في العام التالي أن أصيب بخيبة أمل شديدة في الاتحاديّين، على إثر زيارته للقسطنطينيةº ولما تأكّد من أنّ الاتحاديّين ماضون في سياستهم، أخذ يكشف أوراقهم، ويبيّن خطر سياستهم، لا على فلسطين بل على الأمّة الإسلاميّة كلّها، فتناول كيفيّة تواطؤ الاتحاديّين مع الصهاينة لبيعهم أراضي السلطان عبد الحميد، ومساعدتهم في الاستيلاء على فلسطين، ووصف جمعيّتهم بأنّها جمعيّة الأحمرين (الذهب والدم)º وقال: أمّا كونها (ويقصد جمعيّة الاتحاد والترقي) جمعيّة دم وثورة فهو صفتها الرسميّة، وأمّا كونها جمعيّة ذهب فلا يخفى على أحد أنهم نهبوا أموال السلطان عبد الحميد خان، وصادروا أكثر أموال الأمّة، وباعوا البوسنة والهرسك للنمسا، وطرابلس الغرب لإيطاليا، واتفقوا مع الجمعيّة الصهيونيّة على بيعها أراضي السلطان عبد الحميد الواسعة، وعلى تمهيد الأسباب لامتلاك البلاد المقدّسة، وإقامة ملك إسرائيل فيها.

 

وحارب الماسونيّة على صفحات المنار قائلا: من الحقائق الثابتة الخفية أن الجمعيّة الماسونيّة التي ثلّت عروش الحكومات الدينيّة في أمم أوروبا والترك والروس هي من كيد اليهود، وهم أصحاب السلطان الأعظم فيها.

 

وقال: ومن غرائب اليهود وقدرتهم التي فاقوا بها جميع شعوب البشر أن الغرض السياسي النهائي لهم من هذه الجمعيّة هو: تأسيس دولة يهوديّة في مهد الدولة الإسرائيليّة التي أسّسها داود وأتمها سليمان، باني هيكل الدين اليهودي، في أورشليم على جبل صهيون، ولهذا سمّوها جمعيّة البنائين الأحرار، ويريدون بهم الذين بنوا هيكل سليمان، ومن أجل مكافحة الصهيونيّة ودرء خطرها حذّر من بيع الأراضي لليهود أو لغيرهم من الأجانب، وقال: إنني أعتقد أنّ الذين باعوا أرضهم لليهود لم يكونوا يعلمون أن بيعها خيانة لله ولرسوله ولدينه وللأمة كلّها، كخيانة الحرب مع الأعداء لتمليكهم دار الإسلام وأهلها، وهذا أشدّ أنواعهاº واقترح على العرب جمع قواهم كلّها لمقاومة الصهيونيين بكل طرق المقاومة، وأوّله تأليف الجمعيّات والشركات وآخرها تأليف العصابات المسلّحة التي تقاومهم بالقوة.

 

وكشف عن وجه بعض القوى العالميّة التي تقف وراء الحركة الصهيونيّة فقال: إنّ إنكلترا لا تزال ممعنة في إرهاب عرب فلسطين، وانتزاع وطنهم منهم، وإعطائه لليهود الصهيونيين، لتجد لهؤلاء ملكاً في قلب البلاد العربيّة، حاجزاً بين مصر والحجاز وفلسطين، مما يمنع قيام دولة عربيّة إسلاميّة قويّة وموحّدة، تقف في وجه الاستعمار الأوروبي، فتضمن بذلك مصالحها في الشرق الأدنى والشرق الأقصى.

دعا إلى وحدة المسلمين، والدفاع عن الإسلام والشريعة، وتصحيح عقائد المسلمين، وجمع بين العمل في ميدان الفكر الإسلامي، والإصلاح السياسي.

وأولى العلم والعلماء رعاية خاصّة، وروّج لفكرة دعوة اليابان لاعتناق الإسلام.

صنّف (تفسير المنار) إلى سورة يوسف، قال في مقدّمته: كان من سوء حظ المسلمين، أن أكثر ما كتب في التفسير، يشغل قارئه عن مقاصد القرآن العالية، وهدايته السامية، فمنحها ما يشغله عن القرآن بمباحث الإعراب، وقواعد النحو، ونكت المعاني، ومصطلحات البيان.

 

ومنها ما يشغله عنه بجدل المتكلمين، وتخريجات الأصوليين، واستنباط الفقهاء المقلّدين، وتأويلات المتصوّفين، وتعصّب المذاهب والفرق بعضها على بعض، وبعضها يلفته عنه بكثرة الروايات، وما مزجت به من خرافات الإسرائيليّات، وقد زاد الفخر الرازي صارفاً آخر عن القرآن هو ما يورده في تفسيره من العلوم الرياضيّة، والطبيعيّة، وغيرها من العلوم الحادثة في الملّة على ما كانت عليه في عهده كالهيئة الفلكيّة اليونانيّة وغيرها، فكانت الحاجة إلى تفسير تتوجه العناية الأولى فيه إلى هداية القرآن، على الذي يتفق مع الآيات الكريمة المنزّلة في وصفه، وما أنزل لأجله من الإنذار، والتبشير، والهداية، والإصلاح.

 

وتصدّر للفتوى في (المنار) وكانت فتاويه من السعة بحيث جمعها الدكتور صلاح الدين المنجّد من (المنار) ونشرها في خمس مجلدات بعنوان: (فتاوي محمد رشيد رضا) وكانت أبحاثه حول الخلافة وآراؤه تمثل الوعي الديني للمشكلة السياسيّة والاجتماعيّة.

 

أصدر كتباً كثيرة منها: (الحكمة الشرعيّة) و(الوحي المحمدي) و(تاريخ الأستاذ الإمام) ثلاثة مجلّدات و(حقيقة الربا) و(الخلافة والإمامة العظمى) و(الوهّابيون والحجاز) و(شبهات النصارى) و(صحيح الإسلام) وله منظومة شعريّة هي (المقصورة الرشيديّة)º قال الأمير شكيب أرسلان في كتابه (محمد رشيد رضا) يتحدث عنه بعد ذكر مؤلفاته: هذه مؤلفات هذا الرجل، الذي لم يضيّع ساعةً واحدةً من حياته بلا عمل مفيد للإنسانيّة عموماً، وللإسلام خصوصاً.

وكان أكثر من صاحبيه الأفغاني وعبدة إنتاجاً، بل إن الفضل يرجع إليه في المحافظة على بعض آثارهما.

 

وكان الشيخ رشيد قد قصد سوريّة في العهد الفيصلي، وانتخب رئيساً للمؤتمر السوري الذي نادى بفيصل بن الحسين ملكاً على سوريّة، وغادرها إثر دخول القوات الفرنسيّة إليها، واستقرّ بمصر. وأعاد إصدار (المنار) التي توقفت بعد سفره، وقد بلغت قبيل وفاته 34 مجلداً.

توفي بالقاهرة ودفن بقرّافة المجاورين بجوار الإمام محمد عبدة.

 

نعاه ابن باديس فقال: لقد كان الأستاذ نسيج وحده في هذا العصر فقهاً في الدين، وعلماً بأسرار التشريع، وإحاطة بعلوم الكتاب والسنّة، ذا منزلة كاملة في معرفة أحوال الزمان وسير العمران والاجتماع، وكفى دليلاً على ذلك ما أصدره من أجزاء التفسير، وما أودعه مجلّة المنار في مجلّداتها التي نيفت على الثلاثين، وما أصدره من غيرهما مثل (الوحي المحمّدي) الذي كان أحبّ كتبه إليه، وإنّ ما كان يقوم به من عمل في تفسير القرآن لا تستطيع أن تقوم به من بعده إلاّ لجنة من كبار العلماء، فهل يكون من رجال الأزهر من يتقدّمون لخدمة الإسلام بتتميم هذا العمل الجليل؟

ورثاه الشاعر محمد الهراوي فقال:

أي صرح هوى وحصن حصين*** ولواء طـوته أيدي المنـون

يا غريب الديـار لم تفـقد الأهـل*** فما مصـر غـير أم حنـون

جــئتها عالمــاً وطــالب عـــلم*** فتلقتك في الحشى والعيون

 

وكتب عباس محمود العقاد في (مجلة المصور) مقالا في السيد الإمام بعنوان: أعلام مصر الحديثة كما عرفتهم، ادعى فيه أنه كان مصلحاً بالكتابة والتعليم على البعد، ولم يكن مصلحاً بوحي الحضور، وروح الشخصيّة، وان ضعفه لا يرجع إلى قلة العلم وإنما إلى قلّة الإلمام بالنفسيّات، ومسالك العواطف، وضعفه عن إقناع المثقفين، ثقافة عالية لقلة علمه، مما اعتبر تجريحاً في الإمام، وفتح عليه باب الرد والتعقيب.

 

أرّخ له الأمير شكيب أرسلان في (السيد محمد رشيد رضا أو إخاء أربعين عاماً) وأحمد الشرباصي (رشيد رضا صاحب المنار) وإبراهيم العدوي (رشيد رضا الإمام المجاهد) وجمع الدكتور صلاح الدين المنجد فتاوى الشيخ التي كان ينشرها في المنار ونشرها في خمس مجلّدات بعنوان (فتاوى محمد رشيد رضا) وكتب يوسف أيبش (رحلات الإمام محمد رشيد رضا) وحسين ضنّاوي (رشيد رضا، فكره، نضاله السياسي) ود. أنيس الأبيض (رشيد رضا، تاريخ وسيرة).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الفكر السياسي العربي الإسلامي ص374 فاضل زكي محمد.

(2) معجم المؤلفين ج9 ص310 عمر رضا كحالة.

(3) وسائل الإعلام المطبوعة في دعوة الإخوان المسلمين ص87 محمد فتحي شعير.

(4) أعلام وأصحاب أقلام ص153 أنور الجندي.

(5) المجددون في الإسلام ص539 عبد المتعال الصعيدي.

(6) قادة الفكر الإسلامي ص331 عبد الله الرويشد.

(7) حركة الجامعة الإسلامية ص77 أحمد الشوابكة.

(8) مشاهير علماء نجد وغيرهم ص288 عبد الرحمن آل الشيخ.

(9) رجال عرفتهم ص125 عباس العقاد.

(10) النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين ج1 ص235و243 محمد رجب بيومي.

(11) منهج الإمام محمد عبدة في تفسير القرآن الكريم ص196 عبد الله شحاته.

(12) رشيد رضا المجاهد. لإبراهيم أحمد العدوي.

(13) مجلة المقتطف ج3 م115 ع آب 1949 مقال: السيد محمد رشيد رضا صاحب المنار والأستاذ الكبير عباس محمود العقاد، لعبد الله أمين.

(14) مجلة الأمة ع 19 س 2 رجب 1402/ أيار 1982، مقال: الإمام محمد رشيد رضا والصهيونية، لأنيس مصطفى الأبيض.

(15) دعاة الإصلاح، العودة إلى الجوهر ص 116 عمر مدني.

(16) آثار ابن باديس م 2 ج 2 ص 194 إعداد وتصنيف: عمّار الطالبي.

(17) صحافة الصحوة الإسلاميّة في البلاد العربيّة ص 12 محمد علي شاهين.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply