أسباب النصر والهزيمة بمعالم تاريخية:
مع بعض التفصيلات التاريخية في الوقائع المهمة التي أشرت إليها وهي سقوط بيت المقدس سقوط بغداد ووقعة شقحب، نقف عندها لنرى صورة مجملة نستنبط منها أسباب النصر وثغرات الهزيمة وتحتاج إلى تأمل لأن فصل كل سبب على حدة، يقتضي منا أن نقطع الحدث التاريخي فنقول أن سبب النصر هو قوة الإيمان نحتاج أن نأتي من هذه المعركة ومن تلك ومن تلك، نحب أن نأخذ المعركة كاملة ونستنبط منها، ثم من بعد يكون هذا الاستنباط يجمع الأسباب كلها.
أولاً: سقوط بيت المقدس:
نلمح في ما يتعلق بسقوط بيت المقدس أنها كانت مرحلة من مراحل الحروب الصليبية، وهي ظاهرة عامة لا بد من دراستها بشكل موسع، ولكن نلمح منها بعض المعالم في النصر والهزيمة بشكل عام.
معالم الاستنصار والاستهزام على المسلمين:
1-إحياء المنطلقات العقدية والمضادة:
كانت الحرب ومنطلقها عقائدياً فهي صراع حق وباطل صراع النصرانية والإسلام، وكل ما يحاك في عالم الناس اليوم من مواجهات ومخططات إنما مبعثه صراع العقائد وإنما مبعثه تكالب القوى ضد الإسلام والمسلمين، وكل ما يقال غير هذا، إنما هو محض افتراء وتلبيس على الناس، وشواهد ذلك كثيرة، وربما يأتي ذكر بعضها.
هذه نداءات من بعض زعماء النصارى من أيام الحروب الصليبية تبين لنا كيف كان توجههم وبأي شيء كانوا يدفعون ويندفعون، هذا أحد كبار ملوكهم وقساوستهم ينادي بهم فيقول: \"وإلى رجال الدين والدنيا تحية وسلاماً\" ويخاطب أحد الملوك \"أيها السيد العظيم حامي العقيدة المسيحية أود أن أحيطك علماً بما وصل إليه التهديد لفرق وجماعات من المسلمين للأمة المسيحية\"، ثم يؤكد هذا فيقول: \"لذا استحلفك بمحبة الله وباسم جميع المسيحيين الإغريق أن تمد لنا وللمسيحيين الإغريق يد العون والمساعدة، وذلك بتقديم جميع الجنود المسيحيين من كبير وصغير، فضلاً عن العامة ممن يتسنى لهم جمعهم من بلادك\" وهذا أحد الباباوات ينادي مرة أخرى مثيراً نار حقد الصليبية ضد الإسلام والمسلمين فيقول: \"يا شعب الفرنجة يا شعب الله المختار لقد جاءت من تخوم فلسطين ومن مدينة القسطنطينبة أنباء محزنة تعلن أن جنساً لعيناً أبعد ما يكون عن الله قد طغى وبغى في تلك البلاد بلاد المسيحيين يقصد به جيوش الإسلام والمسلمين، التي كانت قد فتحت تلك الديار يقول وخربها بما نشره فيها من أعمال السلب والحرائق ولقد ساقوا بعض الأسرى إلى بلادهم وقتلوا بعضهم الآخر بعد أن عذبوهم أشد التعذيب، وهم يهدمون المذابح والكنائس؟ بعد أن يدنسوها برجسهم\".
ويقول لينبه على المكامن التي تحرك الأمم أول مكمن هو مكمن العقيدة، هو الذي يحرك لا تصدقوا أن شيئاً غير ذلك يمكن أن يكون هو المحرك.
2-إثارة ثم إرساء الروابط التاريخية بين الكفار:
ثم يربط برباط آخر مهم وهو الرباط التاريخي الذي نستدعيه اليوم \"ألا أن يكون من أعمال أسلافكم ما يقوي قلوبكم، أمجاد شارلمان وغيره وأمجاد غيره من ملوككم وعظمتكم، فليثر همتكم ضريح المسيح المقدس\" فإذاً الربط بالقدوات وبالأمجاد وبالوقائع التاريخية التي تحقق فيها نصر الإيمان على الكفر.
3-رص الصفوف والقضاء على الخلافات بدون تجاوزها:
فيقول: \"طهروا قلوبكم من أدران الحقد واقضوا على ما بينكم من نزاع واتخذوا طريقكم إلى الضريح المقدس، وانتزعوا هذه الأرض من ذلك الجنس الخبيث وتملكوها أنتم، إن أورشليم أرض لا نظير لها في ثمارها، وهذا معلم مهم أن تترك النزاعات والخلافات الداخلية، وأن توجه نحو العدو الحقيقي وأن توجه نحو العدو الحقيقي وأن توجه نحو كل ما يستهدف الأمة ليس في فروع عارضة وليس في مشكلات بسيطة، وإنما يستهدفها في أساسها من دينها، ومن شخصيتها ومن مقوماتها المادية والمعنوية بشكل عام، ولذلك هذه أحد هذه المعالم.
4-تيئيس الأمة من الاتحاد والإصلاح:
أيضاً من كلام المسيحيين في تلك الفترة حينما كانت مكاتباتهم بينهم وبين المسلمين، أيضاً كانت نوعاً من الحرب النفسية والعقائدية، كان أحد ملوك المسلمين وهو من الملوك الصالحين وكان اسمه مودود وهو من ملوك الهند، وكان قد عزم على منازلة الفرنج وكان له معهم جولات كثيرة، ثم في يوم العيد دبرت له مكيدة واغتيل وقتل فأرسل زعيم النصارى وملكهم إلى من جاء بعده ماذا يقول له، تأملوا في هذه العبارة يقول \" إن أمة قتلت عميدها في يوم عيدها في بيت معبودها لحقيق على الله أن يبيدها \" والحق ما شهدته به الأعداء وهذا ليس على الاسترسال. هذا اغتيل في داخل المسجد في يوم العيد، فإذا كل خلاف في الداخل إنما هو فت في العضد، لا يهيء الأمة أن تواجه الخطر، وأن تكون قوية على أعدائها، وهذا أيضاً من الأمور الواضحة المهمة.
معالم استنصار المسلمين على الكفار:
ونأخذ جانباً آخر وهو جانب الروح الإسلامية التي تهيأت وبدأت تتكون في تلك الفترة لمواجهة المسيحية وللمعركة الفاصلة التي حرر بها صلاح الدين رحمة الله عليه بيت المقدس، كانت تلك الوقعة في عام 491 هـ كانت وقعة دخل بها النصارى إلى بيت المقدس، وقتلوا نحواً من سبعين ألف نفس، حتى بلغت الدماء إلى الركب ودلغت فيها الخيول، وما تركوا أحداً إلا أجهزوا عليه، ثم بقيت مملكتهم على نزاع بينهم وبين المسلمين فترة من الزمن حتى بدأت ملامح التغيير على يد صلاح الدين الأيوبي.
وإن كنا قد أشرنا في مرة سابقة إلى موجز في رد سؤال ينبغي أن نؤكده مرة أخرى وهو أن نصر الله - سبحانه وتعالى - لصلاح الدين الأيوبي لم يكن هو فقط في هذه المعركة على هذه الصورة الظاهرة، وإنما ما بعده وما قبله من الإعداد، وقد عمل صلاح الدين في ثلاثة محاور ومن أهم المحاور التي تهيأ الأمة للنصر..
المعالم المقدسية:
المعلم الأول: محاربة الفساد والمنكرات والمعاصي:
أنه حارب الفساد والمنكرات والمعاصي التي كان يجهر بها فأغلق الخمارات والحانات ومنع من استعلان الناس بالفجور والفسق، وحارب المنكرات حرباً شعواء لأنه لا يمكن لأمة تعلن حربها على الله أن تنتصر على أعداء الله - سبحانه وتعالى -، لأنها بذلك هي في نوع من العداء مع الله تستوي بذلك مع أعداء الله - سبحانه وتعالى -، ولذلك كانت كلمات أهل الإيمان وقواد المسلمين وخلفائهم تنبه المسلمين على أن أعظم أسباب هزيمتهم، إنما هي مخالفتكم لأمر الله - سبحانه وتعالى -، بقدر ما يعظم ويكثر فيكم من الآثام والمعاصي، بقدر ما تكون الهزيمة وشيكة الوقوع.
ولذلك لما استعصى النصر على بعض جيوش الإسلام في عهد عمر - رضي الله عنه -، كتب إليهم أنكم لا تنصرون بقوتكم ولا عتادكم وإنما تنصرون بطاعتكم لله فإذا عصيتم الله - جل وعلا - استويتم وأعدائكم في معصية، فغلبوكم بقوة عتادهم، فانظروا ما أحدثم فإنه جدير إن أصلحتموه أن تنصروا، هذا هو المكمن فأول عامل أن وطد لهذه المرحلة المهمة.
المعلم الثاني: إحياء الروح العلمية الشرعية:
ليزيل ما تسرب إلى العقائد من انحراف وإلى ما دخل في الفكر من ترف وجدال ومناظرات وما دخل إلى العلم من خرافات وشعوذات وما ضرب به الجهل على الناس، فكان من أعظم أعماله أنه أقام المدارس وأوقف الأوقاف عليها ونصب لها العلماء الذين يحيون في الأمة معالم الإسلام وعزة الإسلام ويبصرونها بأسباب النصر والهزيمة ويكونون أحد العوامل المحركة والمحرضة لوجود النصر في الأمة، كما يأتي ذكر الوقائع والأحداث.
المعلم الثالث: تجميع الأمة وتوحيد الصف:
ومن ذلك أنه عمل جاهداً على تجميع الأمة وتوحيد الصف فلا يمكن لأمة ان تواجه خصماً وهي مفككة الأوصال، يدها في جهة والأخرى في جهة وقدمها في جهة وتلك في جهة فلا يمكن أن تتقدم هذه وأن تكون وثابة إلى الأمام، فلذلك سعى إلى أن يضم البلاد واحدة تلو أخرى تحت إمرته، ولما رأى الناس منه إخلاص وصدق تجمعوا خلفه فحينما تقدم حينئذ فضلاً عن صلاح سيرت وصلاح من حوله حينما رأوهم يستنزلون النصر بالدعاء والابتهال مع ظهور فهم حقيقي للدين، لما تهيأت هذا الأمر خاض صلاح الدين المعركة فكتب الله له النصر، وذلك لأن الأسباب تحققت وسنة الله وقعت وتكررت مرة أخرى، وكلما توفرت وتهيأت أسباب النصر وتحققت وفق سنته - جل وعلا -، فليس هي المعركة الأخيرة التي جاءت بهذا النصر، رغم أنها كانت معركة حامية الوطيس وشديدة الوقع، ووجد المسلمون عناء شديد ومقاومة عنيفة، لكن كانت الأسباب مهيأة ونصر الله - سبحانه وتعالى - تنزل بعدها.
المعلم الرابع: التحفيز على الجهاد:
ونقف هنا مع لمحة من رسائل ووثائق فيها بيان هذه الأسباب التي تهيأت والتي تحقق النصر، وهي رسالة من صلاح الدين الأيوبي إلى الملك المظفر ملك مصر، يقول فيها (وقد كاتبت أمراء الأطراف باستعدادهم لاستدعاءهم وأن يحزموا بجميع العساكر أوامرهم لأمرائهم-فماذا كان لما تهيأت الأمة-فما منهم إلا من سابق إلى تلبية النداء، ويسارع إلى إجابة الدعاء ويعشق ولا عشق الأحبة لقاء الأعداء، -تأملوا قوله ويعشق ولا عشق الأحبة يعني أنه يعشق ويتوق للقاء الأعداء كما يتوق العاشق إلى لقاء معشوقه-وهم الآن ينتظرون شتات شمل الشتاء وإذا رأوا آذار مقبلا أقبلوا، وإنهم منذ شاهدوا برع (...) احتلفوا وأجمعوا أمرهم قبل الاجتماع بأمرنا فعلوا بما فعلوا، والله - عز وجل - يمد الإسلام بفتوح تفوح أرجائها بأريج النصر و (... ) للمجاهد في سبيله ما وعدهم من درك الفوز) وهذه الرسالة تبين لنا ما قام به من عمل، وتتضح من الرسالة الروح التي كانت تدب في أوصال الأمة.
المعلم الخامس: المرجعية المثبتة:
وحينما كتب المظفر ملك حماة كتب إلى صلاح الدين في أمر يستشيره فيه وهو أن النصارى بنوا حصنا قريباً منه بدأ تهديد، وأرسل إليهم طلب هذه، فطلبوا دفع نفقات إنشائه فدفع مئة ألف دينار ثم داخلهم الطمع فطلبوا أكثر من ذلك، نوع من الضغط فأرسل إلى صلاح الدين فكان جوابه (إن هذا الرأي الذي أزمعت عليه ليس بشيء، وإن الله - تعالى -يسألك عن إعطائهم هذا المال-لأعداء الله-وإنك قادر على المسير إليهم والرأي أن تصرف هذا المال على الأجناد، وترغبهم في الجهاد، وتسير بعساكرك وتنزل عليهم والله في معونتك ونصرك) فإذاً كان صلاح الدين مرجعاً لمن حوله من الأمراء والملوك لما رأوا تقدمه، وكان هو ثابتاً في نهج الإيمان وراسخاً في اليقين ولا يعطي الدنية في دينه، ولا يساوم في دينه مهما كانت الظروف التي أحاطت به، لأنه يلتمس العزة من الله - سبحانه وتعالى - وكذلك أيضاً نجد الروح الإسلامية التي كانت من قبل ومن بعد.
المعلم السادس: الفرح بالتقديس عن رجز التثليث بعد حصول النصر:
ولذلك لما نصرهم الله-كيف حالهم هذه كانت حالهم في ثبات على النهج وتحركهم ببسم الله، ولما كتب الله النصر لهم كانوا على منهج الله أقوى وأثبت مما كانوا من قبل، فهم في حال أوج النصر ونشوة فرحه كانوا على ذكر الله - عز وجل - وشكره - سبحانه وتعالى -، وعلى معرفة راسخة من أن النصر لم يكن سبباً لقوتهم وتدبير وكيدهم وخططهم.
وهذا يتضح من رد صلاح الدين الأيوبي على رسالة القاضي الفاضل والذي كان أحد سواعد صلاح الدين وممن يعتمد عليه ومن خيار قضاة المسلمين، والذي أرسل إلى صلاح الدين تهنأة للنصر في معركة حطين لأنه لم يكن حضر المعركة مع صلاح الدين، وقد كان رده على تهنأته يبين لنا حال المسلمين بعد حصول النصر لهم (المملوك هذه الخدمة والرؤوس لم ترفع إلى الآن من السجود شكراً والدموع لم تمسح من خدودها وكلما فكر الخادم يقصد نفسه صلاح الدين-كلما فكر أن البيع-الكنائس-تعود وهي مساجد والمكان الذي يقال فيه إن الله ثالث ثلاثة ينادى فيه أنه واحد، جدد الله له شكراً تارة يفيض من لسانه وتارة يفيض من جفنه وجزاء يوسف خيراً من إخراج سجنه) بين أن صورة الأمة في ذلك إنما كانت محض شكر بالعبادة والذلة والسجود وإفاضة الدمع، بما فتح اللهم بذلك، فما فرطوا مزهوين بالنصر بل فرحوا أن البِيَع التي كانت تعلن فيها شرك النصارى بتثليثهم وشركهم ورجسهم، عادت يرفع فيها اسم الله موحداً ومنزهاً من كل شرك.
ولعل الحديث بإيجازه لا يغني عن التفصيلات ربما يرجع إليها في وصف ذلك اليوم المشهود والخطبة التي خطبت في أول جمعة في بيت المقدس، وما فيها من عظيم المنهج الإسلامي الإيماني الجدير بأن يلفت أنظار المسلمين حينما يقرأون تاريخهم، وأيضاً في رسالة أخرى يبين لنا ماذا كانت نظرة المسلمين في معركتهم، ولأي شيء يشكرون هذا النصر، هل لأنهم عادت إليهم ديارهم أو لقوا أزواجهم او انهم كسبوا اموالهم، كلا ما من شيء من ذلك، إنما كان قولهم (وعاد الإسلام إلى البيت المقدس إلى تقديسه، ورجع بنيانه التقوى على تأسيسه، وزال ناموس ناقوسه وبطل بنص النصر قياس تأسيسه، وفتح الله باب الرحمة لأهلها، ودخلت قبة الصخرة لفضلها) هذا وصف التغير من النصرانية إلى الإسلام، ثم وصف الناس قال (ودنا المسجد الأقصى للراكع والساجد، وامتلأ ذلك الفضاء بالأتقياء الأماجد، وطنت أوطانه بقراءة القرآن ورواية الحديث وذكر الدروس وجليت هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصخرة المقدسة جلوة العروس وزارها شهر رمضان مضيفاً لها نهار صومها بالتسبيح وليل فطرها بالتراويح)..
المعلم السابع: الربط بمعالم القدوات التاريخية:
إذاً تأمل كيف حال الناس لنعلم بأي شيء كان هذا النصر التي كتبه الله - سبحانه وتعالى - وتنزل عليهم، وأيضاً نؤكد ما سبق أن ذكرناه من ربط الأمة بتاريخها، وهو الذي قام به صلاح الدين وشهد له به مما يظهر في الرسائل التي بعثت إليه وهذه أحدها (جددتم للإسلام أيام القادسية والملامح اليرموكية والمنازلات الخيبرية والهجمات الخالدية فجزاكم الله عن نبيكم محمد - صلى الله عليه وسلم - أفضل الجزاء وشكر لكم ما بذلتموه من الدماء وأثابكم الجنة فهي دار السعداء-ماذا بعد ذلك-فاقدروا رحمكم الله لهذه النعمة حق قدرها وقوموا لله - جل وعلا - بواجب شكرها-فله المنة عليكم بتخصيصكم لهذه النعمة وترشيحكم لهذه الخدمة فهذا الفتح الذي فتحت له أبواب السماء وانبلجت بأنواره وجوه الظلماء وابتهج به الملائكة المقربون، وأقر به عينا الأنبياء والمرسلون).
لذا كان النهج الربط بهذا التاريخ الإسلامي وأن القضية أنها مرحلة لشيء مر وسبق، والتذكير التي كان يأتي لصلاح الدين في مراسلاته مع العلماء كثير جداً.
دور العلماء وأهل العلم:
ثم نؤكد الجانب الذي أشرنا إليه وهو دور العلماء والتنبيه على العلة التي فيها الهزيمة ومن تلك النماذج رسالة أيضاً القاضي الفاضل إلى صلاح الدين يقول له (إنما أوتينا من قبل أنفسنا ولو صدقنا لعجل الله لنا عواقب صدقنا ولو أطعناه لما عاقبنا بعدونا ولو فعلنا ما نقدر عليه من أمره لفعل ما لا نقدر عليه إلا به) وتأمل هذه العبارة ولو فعلنا ما نقدر عليه من أمره، كما قال الله - سبحانه وتعالى - في قصة بني إسرائيل (ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون) مجرد أن تقوم بالأمر وفق أمر الله يهيأ لكم الله - سبحانه وتعالى -، وهزي إليك بجذع النخلة امرأة في حال المخاض والتعب تهز جذع النخلة ماذا كانت النتيجة تساقط عليك رطبا جنياً ما تحركت النخلة ولا اهتزت ولكن استجابة لأمر الله وعلمه بصدق عبده ومولاه وحاجته وضره ينزل عليه النصر ويفتح له أبواب السماء ويفتح له خزائن الأرض ولذلك قال \" ولو فعلنا ما نقدر عليه من أمره لفعل لنا ما لا نقدر عليه إلا به، فلا يختصم أحد إلا نفسه وعمله ولا يرجو إلا ربه ولا يغتر بكثرة العساكر والأعوان ولا فلان الذي يعتمد عليه أن يقاتل فلان، وكل هذا مَشاغلٌ عن الله ليس النصر بها وإنما النصر من عند الله ولا نأمل أن يكلنا الله إليها والنصر به والوقت منه وأستغفر الله من ذنوبنا فلو أنها تسد طريق دعائنا لكان جواب دعائنا قد نزل وفيض دموع الخاشعين قد غسل ولكن في الطريق عائد خار الله لمولانا في القضاء السابق واللاحق) أي اختار له الخير. فتأمل حينما يكون علماء الأمة مع أمرائهم على هذا الصورة كيف تحيا القلوب وكيف تتهيأ النفوس وكيف يأتي النصر نتيجة طبيعية لتحقيق سنة الله - سبحانه وتعالى -.
ومن ذلك أيضاً مما كتب إليه يقول (إن الله - سبحانه وتعالى - لا ينال ما عنده إلا بطاعته، ولا تفرج الشدائد إلا بالرجوع إليه والامتثال لشريعته والمعاصي في كل مكان بادية والمظالم في كل موضع فاشية فإذاً هي عائق النصر فليرجع إليه وليصور؟ حتى يكون ذلك من أسباب النصر.
قطرات العُصارة:
ثم أيضاً الروح التي نشأت عن هذه المعالم حينما أبطلت المنكرات حينما أحيي العلم حينما تأمل الناس في منهج الإسلام وعرفوا أين يكون الخطأ وأين يكون الصواب ومن يقدم ومن يؤخر وفق منهج الله جاءت الروح فماذا كان.
حصار عكا حوصر أهل عكا حصاراً شديداً وصلاح الدين من ورائهم لم يأتهم من بعد، وذلك ليسلموا للنصارى، وكان صلاح الدين يرأف بالمسلمين ويخشى عليهم وكان ربما ينازعه الأمر ما يصنع لهم فكان تأتيه الرسائل سرية من المحاصرين في الداخل الذين منعوا أقواتهم ومنعوا مياههم والسيوف مشرعة لقتالهم، يقولون له أهل عكا (إنا قد تبايعنا على الموت ونحن لا نزال نقاتل حتى نقتل ولا نسلم هذا البلد ونحن نحيا فأبصروا كيف تصنعون في شغل العدو عنا ودفعهم لقتالنا فهذه عزائمنا وإياكم أن تخضعوا لهذا العدو أو تلينوا له فأما نحن فقد فات أمرنا) المحاصرون يخاطبون من في الخارج اثبتوا ولا تلينوا للعدو فنحن قد انتهى أمرنا وعزمنا الأمر على الموت وأن لا نسلم وفي أحدنا عرق ينبض، ويذكرنا قولهم بموقف أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - لما جاء بعض الأنصار إلى رجل منهم ويتفقدونه في أمر الرسول فقال لهم ليس فيكم خير قط إن خلص إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيكم عين تطرف أن يجعلوا أموالهم ودمائهم وأنفسهم فداء لهذا الدين ولحرمات هذا الدين، وللدفاع عن أهل هذا الدين، ومن ذلك قولهم يقولون له (لا تخضع لهؤلاء الملاعين الذين قد أبوا عليك الإجابة إلى ما دعوتهم فينا فإنا قد بايعنا الله على الجهاد حتى نقتل عن آخرنا وبالله المستعان).
ولما جاء هذه الصور جاءت صور الهزيمة في الصف المقابل من غير معارك لما كتب الله النصر للأمة في هذه الأسباب انظروا بعض نماذج العزة للمؤمنين والذلة للكافرين حينما تتحقق هذه الأسباب، أحد ملوك النصارى وهو ملك الأنجليز يستجدي صلاح الدين إذا ما صار الصلح في هذه المدة يحتاج أن يشتي هنا يعني يبقى الشتاء ولا يرجع إلى بلاده لأنه سينقطع به في الطريق فماذا كان جواب صلاح الدين، جواب جميل جداً والكلام كان عن مدينة عسقلان والمفاوضات حولها، يقول \" أما النزول عن عسقلان فلا سبيل إليه، وأما تشتيته في هذه البلاد فلا بد منه يشتي يجلس ما شاء الله له أن يجلس لأنه قد استولى على هذه البلاد ويعلم أنه متى غاب عنها أخذناها بالضرورة، فإذا قام أيضاً إن شاء الله-يعني إذا راح سنأخذها وإذا قام أيضاً إن شاء الله-يقول لأنه قد استولى على هذه البلاد ويعلم أنه متى غاب عنها أخذت بالضرورة وإذا قام أيضاً إن شاء الله ستؤخذ وإذا سهل عليه أن يشتي ها هنا ويبعد عن وطنه وأهله مسيرة شهرين وهو شاب في عنفوان شبابه ووقت اقتناص لذاته يقول إذا هو صعب عليه ما يسهل عليه أن يشتي وأصيِّف وأشتِّي وأصيف وأنا في وسط بلادي وعندي أولادي وأهلي ويأتي إليّ ما أريد ومن أريد وأنا رجل شيخ قد كرهت لذات الدنيا، وشبعت منها ورفضتها عن (... ) العسكر الذي يكون عندي في الشتاء غير العسكر الذي يكون عندي في الصيف، وأنا أعتقد في أعظم العبادات مرابط في سبيل الله ولا أزال كذلك حتى يعطي الله النصر لمن يشاء، فإذاً هنا مكمن الصورة التي ينبغي أن نقف عليها حينما نحلل التاريخ، وليس فقط نقرأ التاريخ.
ثانياً: سقوط بغداد:
في عام 656 هـ وأنا أنقل نصاً يشمل جملة من الأسباب المهمة في هزيمة المسلمين حينما تحل بهم. وهذا النص من البداية والنهاية لابن كثير فيما ذكر عن الأحداث التي حدثت في عام 656 هـ
معالم هزيمة البغاددة:
المعلم الأول: ولاية الخائف للكافرين:
يقول ابن كثير (جاء هولاكو على مقدمة جيش التتار ثم ماذا وجاءت إليهم أمداد صاحب الموصل، من هو صاحب الموصل، مسلم يساعدونهم على البغاددة ومعه ميرته وهداياه وتحفه كل ذلك خوفاً على نفسه من التتار ومصانعة لهم قبحهم الله - جل وعلا -، انظر موقف أصحاب عكا وهم محاصرون، وهذا يخشى من التتار فيأتيهم بهداياه وبعض جيشه ليكونوا عوناً على قتال المسلمين، فإذاً أول علة هي تلك الفرقة التي تجعل بعض المسلمين عوناً لأعداء الله على المسلمين وعلى حرمات المسلمين.
المعلم الثاني: السهم الناطق على الوالي الضائع:
في صورة النص يقول \"وأحاطت التتار بدار الخلافة يعني دخلوا بغداد وصلوا قريباً من دار الخلافة يرشقونها بالنبال من كل جانب، حتى أصيبت جارية كانت تلعب بين يدي الخليفة وتضحكه وكانت من جملة حضاياه وكانت مولدة تسمى عرفة، جاءها سهم من بعض الشبابيك فقتلها وهي ترقص بين يدي الخليفة، فانزعج الخليفة من ذلك وفزع فزعاً شديداً، الجيوش من شهور، وهي مرابطة والمعارك محتدمة ويحاط قصر الخليفة ويضرب بالنبال حتى يصيب السهم جارية تلعب بين يدي الخليفة وتضحكه، إذاً أيضاً معلماً من معالم الهزيمة وهي تخلي ولاة الأمر عن دورهم وفرضهم الذي فرض الله - سبحانه وتعالى - عليهم، ويذكر ابن كثير يقول \" فنزع السهم الذي أصابها بين يديه فإذا مكتوب عليه \" إذا أراد الله إنفاذ قضاءه وقدره أذهب من ذوي العقول عقولهم\" فأمر الخليفة حين ذلك بالاحتراز وكثرت الستائر على دار الخلافة وكان قدوم هولاكو في نحو مئتي ألف مقاتل في اليوم الثاني عشر من شهر محرم.
المعلم الثالث: فلاح مندس:
الأعداء المندسين في داخل المسلمين في داخل الصفوف الذين حينما غاب النهج الإسلامي لم يقال أنهم أعداء ولم يُظهر أمرهم، ولم يبين أنه مهما كان حالهم ينتظرون الفرصة ليوقعوا بالإسلام والمسلمين، فمن كان له الدور البارز في هذه الوقعة، إنه الوزير الرافضي الخبيث الشيعي ابن العلقمي، يقول ابن كثير وهذا هو الذي أشار به الوزير مؤيد الدين محمد ابن العلقمي على الخليفة أشار إليه بأن يبعث أى هولاكو بهدايا، ليكون له ذلك مداراة عن ما يريده، ثم بعد ذلك كان هو الرسول الذي ذهب إليه واتفق معه على المسلمين.
المعلم الرابع: خيبة المدسوسين:
ثم أيضاً نأتي إلى سبب آخر مهم جداً يقول فيه ابن كثير \" ووصل بغداد بجنوده الكثيرة الكاثرة -أي هولاكو-ممن لا يؤمن بالله واليوم الآخر فأحاطوا ببغداد من ناحيتها الغربية والشرقية أين كان جيش المسلمين في حاضرة الخلافة الإسلامية يقول ابن كثير \" وجيوش بغداد في غاية القلة ونهاية الذلة لا يبلغون عشرة آلاف فارس وهم بقية الجيش لهم كلهم قد صرفوا عن إقطاعاتهم-سرحوا من الجيش لا يوجد رواتب-حتى استعطى كثير منهم في الأسواق وعند أبواب المساجد، الجنود جنود الجيش صرفوا وسرحو وما عاد لهم مصدر دخل وصار يطلبون من الناس العون في الأسواق وعند أبواب المساجد، وأنشد فيهم الشعراء قصائد يرثون لهم ويحزنون على الإسلام وأهله، وذلك كله عن آراء الوزير الرافضي ابن العلقمي.
المعلم الخامس: حذر الأعداء وامتهان الخائبين:
ثم أيضاً موقف آخر أو سبب ظاهر آخر قال ابن كثير (خرج الخليفة هو وأهله وخدمه وحشمه فاجتمع بالسلطان هولاكو خان لعنه الله ثم عاد فأشار على الخليفة بالخروج إليه والمثول بين يديه أيضاً هذه إشارات ثم وصف ما أنتهب من دار الخلافة فقال فأحضر من دار الخلافة الشيء الكثير من الذهب والحلي والمصاغ والجواهر والأشياء النفيسة، وكل ذلك من مشورة كما يقول أولئك الملأ من الرافضة وغيرهم من المنافقين أشاروا به على هولاكو (...) أن لا يصالح الخليفة. ثم تكملة القصة أنه أشاروا عليه بقتل الخليفة، هولاكو تهيب لفعل هذا الأمر لأن هذا هو خليفة المسلمين مهما كان له ناس وله أنصار وكذا فتهيبوا أن يقتله فهونوا عليه قتله، أي هؤلاء المندسين من الرافضين الخبثاء، وهم خافوا إذا قتلوه يكون دمه مؤجج للثأر، فماذا صنعوا جعلوه في شوال ثم رفسوه ومات رفساً أو خنقاً حتى يقع شيء من دمه، خوفاً أن يطالب بثأره.
المعلم السادس: الهجوم الكاسح والهروب البارد:
ثم صور ابن كثير الصورة التي هي ليست صورة هزيمة عسكرية بل هي صورة هزيمة نفسية كامنة ماذا يقول \"وكان جماعة من الناس يجتمعون إلى الخانات ويغلقون عليهم أبوابها فتفتحها عليهم التتار إما بالكسر وإما بحرقها ثم يدخلون عليهم، فيهربون منهم إلى أعالي الأمكنة فيقتلونهم بالأسطحة حتى تجري الميازيب من الدماء في الأزقة فإنا لله وإنا إليه راجعون، وكذلك في المساجد والجوامع والربط، ولم ينج منهم أحد سوى أهل الذمة من اليهود والنصارى ومن إلتجأ إليهم إلى دار الوزير ابن العلقمي\" فتأمل هذا النص حتى تعلم كيف يكون تواطئ الأعداء مهما ظهرت الصورة مناقضة لذلك.
المعلم السابع: استهداف بقيِّة المرسوم الديني:
ثم من الذين كانوا موضع القتل قال \"وقتل الخطباء والأئمة وحملة القرآن وتعطلت المساجد والجماعات والجمع مدة شهور في بغداد، وأراد الوزير ابن العلقمي قبحه الله ولعنه أن يعطل المساجد والمدارس والربط ببغداد، ويستمر بالمشاهد ومحال الرفض، وأن يبني للرافضة مدرسة كبيرة ينشرون علمهم وعلمهم عليها فلم يقدره الله على ذلك بل أزال نعمته وقصف عمره بعد شهور يسيرة من هذه الحادثة وأتبعه بولده فاجتمع\" يقول ابن كثير وهذا نص جميل \"فاجتمعا -والله أعلم -بالدرك الأسفل من النار \".
إذن هذه الوقفات فيها ومضات كيف كان حال المسلمين في ذلك الوقت جيوشهم مضعضعة بل ليست موجودة بل هي في غاية الذلة والهوان، ولاتهم منشغلون بالترف والثراء وباللعب والضحك المندسون في صفوفهم يعيثون فساداً، وليس هناك من يشير إليهم ولا يتكلم عنهم، فإذاً هذه كانت الصورة التي وقعت بها هزيمة المسلمين في سقوط بغداد، لكن قدر الله لهؤلاء التتار كسرة وهزيمة عنيفة وشديدة بعد سنتين اثنتين فحسب، كان على يد المظفر قطز، وكانت على يد الظاهر بيبرس القائد العسكري.
ماذا كانت الصورة أيضاً ننقل من البداية والنهاية من إبن كثير في شكل موجز كانوا قد دخلوا أي التتار إلى بلاد الشام وأعطوا الأمان لأهلها ثم غدروا بهم وقتلوهم عن بكرة أبيهم ونهبوا الأموال وسبوا النساء والأطفال وجاسوا خلال الديار وجعلوا أعزة أهلها أذلة، إذن هذه هي الصورة كافية أن تثير الرعب في المسلمين سينازلون التتار في الجولة القادمة، ولكن أيضاً كانت هناك ملامح النصر حينما بدأت المسلمون ينظمون صفوفهم.
وقبل ذلك أيضاً نلاحظ المعونات التي كانت في دخول التتار في دمشق كيف كان وهو أحد المراحل قبل وقوع معركة عين جالوت، قال (كان من ضمن الناس الأمير الذي جعل على دمشق من قبل التتار يقول عنه ابن كثير كان لعنه الله معظماً لدين النصارى فاجتمع به أساقفتهم وقساوسهم فعظمهم جداً وزار كنائسهم فصارت لهم دولة وصولة بسببه وذهب طائفة من النصارى وأخذوا إلى هولاكو وأخذوا معهم هدايا وتحف وقدموا من عنده ومعه أمان فرمان من جهته\" إذن هم الأعداء في كل وقت وحين، \"ودخلوا ومعهم صليب منصوب يحملونه على رؤوسهم، وينادون بشعارهم ويقولون ظهر الدين الصحيح دين المسيح، ويذمون دين الإسلام ومعهم أواني فيها خمر لا يمرون بباب مسجد إلا ورشوا فيها خمراً، وقمائم ملآنة يرشون بها على رؤوس الناس وثيابهم، ويأمرون كل من يجتازون بهم في الأزقة والأسواق أن يقوم لصليبهم، ودخلوا من درب الحجر فوقفوا عند رباط الشيخ ابي البيان ورشوا عنده خمرا، وكذلك على باب مسجد إلخ ثم قال دخلوا إلى الجوامع بخمر وكانت نيتهم إن طالت مدة التتار ان يخربوا من المساجد وغيرها\"..
إذن ينتهزون الفرصة ليظهروا عداءهم لما تمسكنوا حتى تمكنوا، وهذه وقعة عين جالوت أصلاً كانت في العشر الأخيرة من رمضان، فتأمل فتوح الإيمان والعبادة والتقوى التي تكون في هذه الفترة، ثم يقول \"عزم الملك الناصر صاحب دمشق على الرحيل إلى مصر لكنه ما فعل\"، والمقصود أن المظفر قطز لما بلغه ما صنع التتار بأهل الشام هذا العنف الساحق الرهيب العجيب في تاريخ البشرية مما وقع التتار في الشام، ماذا صنع \"لما بلغه ما حصل بالشام المحروسة وأنهم عازمون على الدخول إلى الديار المصرية بعد تمهيد ملكهم في الشام إذا وطدوا أمرهم أن يسيروا إليه\".
\"ماذا فعل بادرهم قبل أن يبادروه وبرز إليهم وأقدم عليهم قبل أن يقدموا عليه فخرج في عساكره وقد اجتمعت الكلمة عليه لم تكن هناك فرقة في الصفوف ولا خيانة حتى انتهى إلى الشام واستيقظ له عسكر المغول، وكان إذ ذاك في البقاع فاستشار هولاكو أصحابه فأشاروا عليه أنه لا قبل لهم بالمسلمين ولكنه أراد المقابلة، فكانت الوقعة بالخامس والعشرين من شهر رمضان، فهزمهم المسلمون هزيمة هائلة وقتل أمير المغول وجماعة من بيته وأتبعهم الجيش الإسلامي يقتلونهم في كل موضع حتى بلغوا بهم إلى الشام وبلغوا وراءهم إلى حلب، حتى هرب من بدمشق يوم الأحد في السابع والعشرين من رمضان فتبعهم المسلمون من دمشق يقتلون فيهم ويستفكون الأسارى من أيديهم\".
\"وجاءت بذلك بشارة ولله الحمد على جبره إياهم بلطفه وأيد الله الإسلام وأهله تأييداً وكبت الله النصارى واليهود والمنافقين وظهر دين الله وهم كارهون، فتبادر عند ذلك المسلمين إلى كنيسة النصارى التي خرج منها الصليب فانتهبوا ما فيها وأحرقوها، وقتلت العامة وسط الجامع شيخاً رافضياً كان مصانعاً للتتار على أموال الناس يقال له الفخر بن محمد بن يوسف بن محمد الكنجي كان خبيث الطوية مشرقياً ممالئا لهم على أموال المسلمين قبحه الله، وقتلوا جماعة مثله من المنافقين فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين\".
إذن هذه الصورة من الصور لننظر إلى سيرة الملك الظاهر بيبرس الذي كان هو قائد المعركة، يقول ابن كثير عنه \"كان رجلاً صالحاً كثير الصلاة في الجماعة ولا يتعاطى المسكر ولا شيء مما يتعاطاه الملوك وكانت مدة ملكه إلى هذه المدة يعني مدة ملكه قصيرة\" ومع ذلك بصلاحه عرف أحد هذه الأسباب، فحينما يتأمل الإنسان أعتقد أن الصور كثيرة في هذا الباب.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد