ثغرة الأدب بين دعاة الإسلام وخصومه ( 2 )


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 ذكر الكاتب في الحلقة السابقة أهمية الأدب وخطورته، ومقدار ما يناله من اهتمام العلمانيين، وبالمقابل ما يلقاه من إهمال الإسلاميين، وفي هذه الحلقة يذكر المقترحات والملاحظات: مقترحات للعلاج:  بعد أن تبين لنا خطورة هذه الثغرة واتساع مساحة ذلك الخلل، فإننا نطرح بعض المقترحات التي نرى أنها ضرورية وإيجابية:  

أولاً: على العاملين في الدعوة الإسلامية تشجيع الطاقات الشابة ممن يؤنس فيهم ميل إلى الأدب، ودعوتهم إلى التخصص في الدراسات الأدبية والإعلامية، ليؤدوا من خلالها واجبهم الدعوي.

ثانياً: دعوة الأدباء الإسلاميين للعمل على تشجيع المواهب الناشئة واحتضانها، وتنمية الجانب الأدبي لديها ودفعها لمزيد من الصقل والتطوير، عن طريق الإشادة مرة، والنقد الأدبي مرة أخرى.

ثالثاً: العمل على إيجاد مجلة أدبية أو أكثر تختص بالأدب وفنونه ونشر الدراسات الأدبية والنقدية، وعن طريقها يتم التواصل بين الأدباء، كما يتم التعارف والتعاون.

رابعاً: السعي لإقامة ندوات أدبية وإحياء أمسيات شعرية، يدعى لها الأدباء والشعراء والنقاد، وتعالج فيها قضايا الأدب الإسلامي.

خامساً: إفساح المجال لركن الأدب والثقافة والنقد الأدبي في الصحف والمجلات الإسلامية، ودعوة كل قادر للمشاركة بالكتابة، وأن يتولى تحرير تلك الأبواب في الصحف والمجلات أصحاب نفوس مليئة بالأمل وسعة الأفق.

ملاحظات لابد منها:  

1 - يلاحظ على بعض أدبائنا وخاصة الشعراء وكتاب القصة أنهم يحصرون قراءاتهم في جوانب معينة من الثقافة، مع أنه من الأهمية بمكان أن يكون الأديب المسلم على اطلاع واسع بإنتاج الشعراء والأدباء من كل مكان، وخاصة مشاهير الأدباء العالميين، ممن ترجمت بعض آثارهم إلى العربية، وأما من لديه القدرة على متابعة إنتاج أولئك في لغاتهم الأصلية، فذلك أدعى بلا شك إلى أن يرفد الأديب المسلم ثقافته ويوسع آفاقه [1]، والأدباء المسلمين من غير العرب هم أولى الناس بأن يطلع على إنتاجهم.

2- إن بعض الأدباء المسلمين لا يتعرضون بالقدر الكافي للقضايا الحيوية التي تعيشها الأمة، أو بتعبير آخر: تنقصهم الجرأة في معالجة بعض الأحداث المعاصرة أو التطرق إلى معاناة الجماهير اليومية، فمثلاً قضية الحرية لا تعطى حجمها المطلوب، كما يطرحها أعداء الإسلام، وإن كان طرحهم لها مشوهاً ناقصاً [2].

الأدباء الإسلاميون وممارسة النقد:  على الكبار من الأدباء أن يلتفتوا إلى عامل مهم من عوامل نشر الأدب وتوسيع قاعدة قرائه، وهو أن يمارسوا (النقد الأدبي) على أوسع نطاق، فيتناولون إنتاج الأدباء الآخرين بالدرس والنقد الصادق والمحايد، وجوانب التميز أو الضعف، وبيان ما تحتويه تلك الأعمال من مضامين وأفكار، ولعل القصور في هذه القضية أوضح من عين الشمس كما يقال، ولعل من ملامحها تلك الشكوى المرة التي يتحدث عنها بعض الأدباء الإسلاميين، وفحواها أن العلمانيين حاصروهم إعلامياً خلال العقود الماضية ولا يزالون، ونذكرهم أن الأديب والشاعر إذا لم يجد من يعرف الجمهور بأدبه فلن يجد من يقرأ له، وبالتالي يموت إبداعه، ذلك أن مهمة الناقد هو أنه يمثل جسراً بين المبدع والقارئ، وإذا كان كبار أدبائنا يجأرون بالشكوى من تجاهل النقاد لهم، فلماذا يمارسون نفس الدور مع إخوانهم الشباب، فلا يشيدون بمن يتمتع بمواهب أدبية، ولا يدعون لقراءة إنتاجهم، وما من إنسان إلا وترتاح نفسه لكلمة تشجيع أو استحسان، وهذا شيء فطري، بشرط أن لا يخرج هذا التشجيع إلى دائرة الملق والإطراء الكاذب..

ونحن لا نريد الإشادة بالمحاسن فقط، بل نريد من يتعقب جوانب النقص والقصور، والمهم أن لا يكون هناك إهمال.

 وإنها لمسؤولية تتحملونها، وما ندعوكم إليه هو جزء من حق إخوان لكم، وإذا أردتم أن تستفيد الأجيال من إنتاجكم فعليكم ممارسة النقد الأدبي، وغربلة إنتاج الأدباء، سواء الرافضين للإسلام أو الناشئين من الشباب المسلمº وإن ما ينشر من سموم مقلدي الغرب أو الشرق لهو بأشد الحاجة إلى نقد أدبي قوي مستوحى من ينابيعنا الصافية.

 

--------------------------------------------------------

(1) نتكلم عن الأديب المسلم المحصن بطبيعة الحال أمام الشكوك والشبهات، أما من لا يزال في مرحلة البناء الفكري فنخشى عليه أن يخدع أو تنطلي علبه بعض المفاهيم.

(2) لا شك أن العلمانيين توفر لهم فرص للعمل في وسائل الإعلام ومراكز الثقافة ودور النشر الكبرى، حتى إنك تجد بعضهم يترك مهنته الأساسية ويتفرغ للأدب، ثم يدعى للمشاركة في المؤتمرات وتقام له الأمسيات، وعندما يهاجمون الاستبداد في بلد ما يخضعون له ويتملقون له في بلد آخر.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply