- ما الذي يحدث في القلعة الأخيرة.. مؤامرات!! مؤتمرات!! تساؤلات!! تنازلات!! خطر داهم.. وشر قادم!! تلك هي الحكاية:
(1)
(صراخ واضطراب وجماعة من الناس في حركة دائبة، يشاهد أمير القلعة وهو يواجه الناس إلى الداخل وخلفه بعض الجنود)
الأمير: (صارخاً في الناس).. إلى الداخل.. تحصنوا في الداخل.. إلى الداخل..
أحد الجنود: لقد تكامل الناس في الداخل يا مولاي.
الأمير: وكيف تسير الأمور هناك؟
الجندي: إنه يوم الروع يا سيدي.
الأمير: وفي الخارج؟!
الجندي: الأعداء في الطريق إلينا.
الأمير: وكم أمامهم من الوقت للوصول؟
الجندي: ليس أقل من أسبوعين أو ثلاثة.
الأمير: حسناً.. أغلقوا حصون القلعة جيداً وشددوا الحراسة عليها.
الجندي: سنفعل.. يا سيدي.
الأمير: احذر أن تؤتى القلعة من قبلك.
الجندي: أمرك يا سيدي.
الأمير: واحذر الخونة.. إنهم الصف الخلفي للأعداء دائماً.
الجندي: اطمئن. (يخرج)
الأمير: وأنت (يشير إلى أحدهم) أطلب لي العلماء والقادة للاجتماع في داري.
جندي آخر: الآن يا مولاي. (يخرج)
الأمير (صارخاً) هيا.. حصنوا القلعة وتحصنوا بها.. الأعداء قادمون.. قادمون (يخرج)..
(2)
(في مجلس أمير القلعة يظهر الأمير وقاضي القضاة ـ شيخ طاعن في السن ـ وإمام المسجد ـ شاب يتوقد قوة وحماسة ـ والسيد المفكر ـ رجل في الأربعين من عمره ـ ومجموعة من الطلاب أتباع الإمام)
الأمير: أيها القوم: تعلمون جيداً ما حلَّ بإخواننا في الممالك المجاورةº لقد سقطت في أيدي الأعداء وهم الآن في طريقهم إلينا.
الإمام: إنهم يبتلعون بلاد الإسلام دولةً دولة.
القاضي: يأتمرون ويستعمرون.
الأمير: وقد اجتمعنا هنا لبحث هذه الكارثة القادمة.
القاضي: اللهم انصر أمير قلعتنا وأيده بتأييدك.
الجميع: آمين.
المفكر: مولاي.. هون عليك لم يصل الأمر إلى هذا الحد بعد.
الإمام: وي!! وإلى أي حد تريده أن يصل أيها المفكر المخرب؟
المفكر: كل ما في الأمر أن لهم مطالب وعلينا واجبات.
الإمام: ومن يملي هذه الواجبات؟!
المفكر: الطرف الأقوى.. طبعًا
الإمام: نحن الأقوى.. بديننا.
الطلاب: (مرددين) الله أكبر.. الله أكبر
المفكر: ظواهر صوتيه!!
الإمام (للأمير): دعك منه يا مولاي، إنه صنيعة الأعداء وربيبهم..
المفكر: أنا!! أيها المتطرف المتجهم.
الإمام: نعم أنت يا سمسار الأعداء لقد تعلمت في مدارسهم وجئت إلينا بسمهم ودسمهم.
الطلاب: (مرددين) الله أكبر.. الله أكبر
المفكر: هكذا أنت دائماً وأبدًا لا تنظر إلا بعين واحدة.
الأمير (محتداً): اصمتوا جميعاً.
القاضي: اهدؤوا.. (للإمام) أيها الإمام عليك بالصبر والحكمة.
الإمام: الصبر والحكمة!! إلى متى؟!
القاضي: إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
الأمير: كان عليك يا إمام أن تتريث وأن تسمع للآخر.
الإمام: لقد سمعنا حتى أتخمنا!!
المفكر (للإمام): إنك من يثير الأعداء علينا.. بأفكارك المتطرفة وأفعالك الصبيانية.
الإمام (للمفكر): بل أنت من يرغبهم في بلادنا بزعم التقدم والحرية.. يا سمسار الاستعمار.
الطلاب (مرددين بصوت واحد): لا صلح ولا حوار مع سمسار الاستعمار.. لا صلح ولا حوار مع سمسار الاستعمار..
الأمير (مقاطعاً): قلت لكما توقفا.. توقفا.. هل جئنا هنا لبحث مصيبة الخارج أم مصائب الداخل؟!
القاضي: كان الله في عونك أيها الأمير.. وأيدك وسددك.
الأمير: لم نسمع لك رأيًا فيما يحدث هنا يا قاضي القضاة.
الإمام (في سخرية): يكفيه كثرة الدعاء لكم والصلاة عنكم.. أيها الأمير.
القاضي: ماذا تقصد يا إمام؟ أبن عن قصدك.
الإمام: أقصد كفاك زهداً وتقوقعاً في صومعتك، وانزل إلى الشارع لتسمع نبض الناس ولترفع عنهم الظلم الواقع بهم.
الأمير: وأي ظلم تقصد؟!
الإمام: هذه الإتاوات التي أرهقت الناس والأموال السائبة التي تزهق هنا وهناك إننا إذا انتصرنا على أنفسنا سننتصر على أعدائنا... يا مولاي.
الطلاب: (مرددين) الله أكبر.. الله أكبر..
المفكر: أرأيت؟ أسمعت يا سيدي؟ حتى قاضي القضاة لم يسلم من شره، حتى أنتم في دائرة اتهاماته واهتماماته.
الأمير: ويحك!! ماذا تقول؟!
المفكر: (ينفرد بالأمير ويهمس إليه) إنه يرمي إلى السلطة ويهدف إلى قلب نظام الحكمº انظر إليه إنه يحرض الناس ويحقنهم ضدكم.. يا مولاي.
الأمير: وكيف ذلك؟!
المفكر: اسمع إلى مفرداتهº الظلم الاجتماعي، الأموال السائبة، العدالة..، ثم انظر إلى أتباعه وطلابه إنهم رهن إشارته وغداً.. ينقضون عليكم كالأسود الضارية.
الأمير: الويل له!!
المفكر: إنها الحقيقة.
الأمير: سأنادي على القاضي. (يشير إليه بيديه في صمت)
القاضي: ماذا هناك يا مولاي؟!
الأمير: ماذا تقول في أمر هذا الإمام؟
القاضي: أقول يا...
المفكر (مقاطعاً): وماذا عساه أن يقول؟ لقد تهجم عليه في حضرتك ونال من هيبته
القاضي: هذا صحيح.. إنه إمام لا يحسن الأدب مع القضاة.
الإمام (متدخلاً بينهم): حنانيك.. حنانيك.. يا سوسة النخلة الحمراء.
المفكر (للأمير): مولاي.. اضرب ضربتك الكبرى.. وتغد به قبل أن يتعش عليك
الأمير (للجند): أيها الجند.. أيها الجند.
الجند: أمر مولانا الأمير.
الأمير: خذوا هذا الإمام وألقوه في غياهب السجون بتهمة تحريض الناس.
الإمام (في رجاء): مولاي!!
الأمير: إنني أطفئ نار الفتنة.
الإمام: مولاي.. ستنهار الأسوار.. ستنهار الأسوار.. ستنهار..
المفكر: خذوه.. امنعوا هذا الصوت.. كمموا تلك الأفواه.. أوقفوهم جميعاً.
الإمام والطلاب: (الله أكبر.. الله أكبر.. ستنهار الأسوار.. ستنهار الأسوار.. ستنهار.
(يمسك الجند بالإمام وطلابه ويخرجونهم وسط الصيحات والتكبيرات)
الأمير: ولكن!! الأعداء قادمون.. قادمون.. أيها المفكر.
المفكر: أعداء! أعداء! نحن الذين صنعنا منهم أعداء.
الأمير: إنك تتحدث بالأحاجي والألغاز.
المفكر: إنهم مجرد أصدقاء.. وصدقني.. صدقني يا مولاي ما دمنا معهم فلن يصلوا إلينا.
القاضي: وهل تريدنا أن ندين بدينهم.. أيضاً؟
المفكر: لا.. أيها الشيخ الفاضل الحكيم.. ومن يقول هذا؟! ولكن نشرع لهم أبوابنا وبيوتنا ونسمح لأبنائنا بتداول ثقافاتهم ونخفف من حدّة الغضب نحوهم.
الأمير: وكيف ذلك.. والناس في القلعة يبغضونهم.. لا سيما وقد فعلوا في إخواننا في الممالك المجاورة ما فعلوا؟
المفكر: علينا أن نهتم بالجيل القادم من الناس يا مولاي... أعداؤنا أ.. أقصد أصدقاؤنا يتمنون لو تربى أجيالنا القادمة على حبهم والتسامح معهم.
الأمير: وهل سنأمن شرهم؟!
المفكر: إننا نحاول ترويضهم واستئناسهم وسننجح.... يا مولاي.
الأمير: حسناً.. افعل ما تراه مناسباً أيها المفكر.. لقد جعلتك منذ اليوم مستشاراً للقلعة.
المفكر: (في دهاء) إنها ثقةٌ غالية وأنا أستحقها يا مولاي.
القاضي: اللهم أعز السلطان.. وآل السلطان وآل آل السلطان.
الجميع: آمـين
ستــار
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد