رجعيتي ... مرجعيتي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

قـالـت: فـديـتُكَ هل للشعرِ من نظرِ *** يـرى فـيـخفق نبضُ القلبِ بالغُررِ

 

أمـا لـنـفـسِـك مـن حبٍّ,، ومن متعٍ, *** بـهـا تـعـيشُ بلا شكوى ولا ضجرِ

 

ألـم يُـذوَّب بـنـارِ الـشـوقِ من أمدٍ, *** مـضـى عـلـيـك فؤادٌ ناءَ بالكدرِ

 

فـكـم قـرأنـا لأهـلِ الشعرِ من غُررٍ, *** لـلـحـبِّ والـشوقِ والمزمارِ في أُطُرِ

 

وشـنَّـفـت سـمـعَـنـا أُغرودةٌ لفتت *** طـولَ الـلـيـالـي خـليًّا غيرَ منتظرِ

 

وكـم تـدلَّـى (أجـيـنـارٌ) بـطلعتِه *** عـلـى يَدَي شاعرٍ, من غابرِ العُصُرِ 1

 

تـروي الـهـوى بمزاجِ العصرِ ريشتُه *** أُسـطـورةً دلـفـت فـي حسنِها النَّضرِ

 

كـالـغـصـنُ أورق يسقي جذلَ كبوتِه *** صـمـتٌ تـكـابـدُه الأجراسُ في حذرِ

 

ألـم تـصـلـكَ الدواوين التي انتشرت *** و ذاعَ صـيـتٌ لها في البدوِ والحضرِ

 

عـن الـخـدود الـتـي بـيعت لكاهنِهم *** عـن الـصـدورِ التي باتت بلا سُتُرِ

 

عـن الـحـضـارةِ والـحريةِ انطلقت *** بـثـوبِـهـا الـنـاعـمِ الغالي لمتَّجرِ

 

عـن الـصـلـيبِ الذي قد صارَ فلسفة *** مـن غـيـر تـفعيلةٍ, في الشعرِ أو خَفَرِ

 

فـمـا لـهـا اكتأبت فيك المنى؟ وبكت *** دنـيـا شـبـابـك، إذ هلَّت بلا ثمرِ

 

أمـا وجـدتَ عـلـى الـتغريبِ تسليةً *** (ساجانُ) تزجي لها من نسجِها القذرِ (2)

 

فـقـم وجـدِّد شـبـابَ الـشـعرِ متكئا *** عـلـى ابـتـكـارٍ, جديدٍ, غيرِ مندثرِ

 

بـالـحـبِّ والـكفرِ: فامزج منهما شفةً *** عـلـى هـزيزِ الهوى واشدد على الوترِ

 

إنَّ الـتَّـحـرٌّرَ يُـغـنـي كـلَّ فـاتنةٍ, *** ولـيـس يـتـركُ للرجعيِّ من وزرِ

 

هـفـت عـلـى غـيرِ ما للدينِ من قيمٍ, *** فـبـالـهـوى دولٌ طـارت إلى القمرِ

 

وأنـتَ تـسـجـدُ خـمـسًـا بعد نافلةٍ, *** فـي الظهرِ والعصرِ والإمساءِ والسَّحرِ

 

دع عـنـك رجـعـيـةً لم تُغنِ في زمنٍ, *** فـيـه الـتـقـدمُ يـاهـذا لـمفتخرِ

 

قـالـت: فقلتُ: اخرسي.يابئس عابثةٍ, *** جـاءت لـتـبـدلَ أمـنَ القلبِ بالخطرِ

 

أغـرَّكِ الـزيـفُ فـي أبـنـاءِ جلدتِنا *** فـكـنـتِ لـعبَتَهم بين اللهوِ والوطرِ

 

أم أسـكـرتـكِ مـلـذَّاتٌ بـحـانـتهم *** حـيـثُ الـمـهازلُ لاتعدو هوى أشرِ

 

بـاعـوا عـفـافَك يا بلهاءُ، بل ظفرت *** بـك الـتـجارةُ، بئسَ العُهرُ من ظفرِ

 

وأشـعـلـوهـا عـلـى الإسلامِ ضاريةً *** حـربًـا ضـروسـا بمكرٍ, ماجَ بالضَّررِ

 

يــقــاتـلـون بـأقـلامٍ, مـزيَّـفـةٍ, *** هـدى الإلـهِ، ومـا لـلـحقِّ من سورِ

 

أعـمـتـهُـمُ الـنَّزواتُ: اللهوُ يركلُها *** خـلـفَ الـتـهـافتِ في حفلٍ, و مؤتمرِ

 

يـقـودُهـم عَـبَـثًـا إبـليسُهم ويرى *** أغـلـى مـآربِـه فـي أتـفـهِ الـنَّفرِ

 

فـوضـى الـسـفاهةِ في تدميرِ فطرتهم *** نـارٌ تُـؤجَّـجُ فـي اسـتـهتارِ محتقَرِ

 

تـفـحٌّ بـالـشـهـوةِ العمياءِ ما طلعت *** لـمَّـا تـعـرَّت بـغـيرِ النَّابِ والظٌّفُرِ

 

بـهـرطـقـاتِ بـغـاةٍ, مـا رأوا أبـدًا *** نـورَ الـطـهـارةِ يـجـلو لوثةَ البصرِ

 

يـتـاجـرون، ألا بـارت تـجـارتُهم *** ومـا بـهـا مـن مـتـاع الإثمِ والكِسَرِ

 

فـانـظـر هُـويَّـتَـهم تعرف معادنَهم *** فـي خـسَّـةٍ, أنـكـرتـها رفعةُ البشرِ

 

* * *

أهـجـتِ نـفـسَكِ، ما هيَّجتِ لي حلمًا *** عـلـى الـحرامِ، ولا أغريتِ بالصٌّورِ

 

رجـعـيـتـي درعُ إيماني، و معتقدي *** حـصـني الحصين، ومَدِّي غيرُ منحسرِ

 

ولـيـس زيـفُـكِ تـغـريـني مفاتنُه *** وكـيـف يـقـرن هذا الزيفُ بالدررِ

 

فـلا تـقـودَنَّـكِ الأوهـامُ عـابـثـةً *** وتـسـتـخـفُ بـكِ الأهـواءُ للضَّررِ

 

ولا تـكـونـي لـهـم جسرًا إذا عبروا *** ولا الـتـفـاتـةَ غـيٍّ, خـلفَ ذي نُكُرِ

 

قـد أوغـلـوا بـالإثـاراتِ التي قلبت *** دنـيـا الـجـمـالِ إلـى مـستنقعٍ, قذرِ

 

ولـم يـثـب مـنـهُـمُ إلا أخـو شـيمٍ, *** عـلـى ارتـطـامِ عمى الألوانِ بالبصرِ

 

فـمـزِّقـي ثـوبَ إفـسـادٍ, و بـهرجةٍ, *** واسـتـعصمي بالهدى و الطهرِ في العُمُرِ

 

فـزيـنـةُ الـغـيـدِ جلبابٌ على خُمُرٍ, *** ولـلـحـجـابِ ولـلإسـلامِ فانتصري

 

وسـفِّـهـي أُخـتَـنـا أحلامَهم و ذري *** لـلـتـيـهِ مـن زمـرٍ, تأسى على زمرِ

 

طـابـورُهـم شـبَّ فـي مرمى دناءتهم *** عـلـى الـفـجورِ بليلِ الكأسِ و الوترِ

 

فـكـيـفَ تُـرجَـى يدُ المخمورِ أوهنَها *** لـكـي تُـقـيـمَ علانا رعشةُ السٌّكُرِ

 

أو كـيـف يـنـهـضُ مأروضٌ بأُمتِنا *** أو أن تـقـومَ على ضُرٍّ, بمنحَدَرِ؟! 3

 

مَـن عـاشَ لـلـعبثِ المبتضِّ صاحبُه *** فـقـد تـسربلَ بالبرسامِ والقِصَرِ 4

 

يـاضـيـعـةَ الـعـمرِ ولَّى خلفَ بائعه *** يـعـوي عـلـى إثرِه والموتُ في لأثرِ

 

تـفـنـى الـرموزُ (لميخائيل) هذرمة *** أو بالبدائع من (جبران) في الصورِ 5

 

ولـيـس (فـيـنيق) بالرمز الخفيِّ فقد *** عـرَّتـه بـنـتُ رمادِ الرمزِفي الفكَرِ

 

فـدونـك الـيـوم سـاقـتـها مذاهبُهم *** سـود الـطـلاسـمِ فـي أكفانِ محتضرِ

 

فـلـمـلـمي سترَكِ المفضوحَ في يدِهم *** و أوِّبـي لـلـهـدى بالتوبِ و اعتبري

 

لـم يـصـفـعِ الـمجدَ إلا كفٌّ خسَّتِهم *** ولـم تُـوارِ الـعـلـى إلا يـدُ الـهذرِ

 

عـلـى سـرابٍ, مـن الـلذَّاتِ قد ركعوا *** وفـي الـعـمـايةِ يستخفون من قدرِ

 

أو تحتَ وقدِ نارِ (رماد الأربعاء) مضوا *** بـفـلـسـفـات من الهندوسِ للحفرِ(6)

 

تـبًّـا لـمَـن بـذلـوا أيـامَـهـم عبثًا *** مـع الـعـفـاريتِ واختاروا لظى سقرِ

 

* * *

يـا أخـتـنَـا: والـمـعالي ثوبُ عفَّتنا *** نـادتـكِ فـاسـتـمعي للحقِّ لا الخُسُرِ

 

مـدِّي يـديـكِ إلـى الـزهراءِ طاهرةً *** تـلـقَـي بـبـردتـهـا من يانعِ الثمرِ

 

تـهـدي انـبـعـاثـكِ بالتقوى إلى قيمٍ, *** ولـيـس يُـبـقـي حُنُوٌّ الدينِ من عَسِرِ

 

ولـيـس مـن مـتـعـةٍ, أجدى لظامئةٍ, *** مـن دافـقِ الـنٌّـورِ يا أُختاه في السٌّوَرِ

 

يـصـونُـكِ اللهُ بـالـرفقِ الذي ظهرت *** بـه الـنٌّـبـوَّةُ و الـمـأثورُ في السِّيرِ

 

رامـوكِ صـيـدًا عـلى شطآنِ شهوتِهم *** وأنـتِ فـي يَـمِّـنـا أغـلى من الدٌّرَرِ

 

لـم نـسـتـمـع لـسفيهٍ, في محاضرةٍ, *** إلا دعــاكِ لـديـجـورٍ, ومـنـحـدرِ

 

عـلـى مـسـاحـبِ حريَّاتِ مَن كفروا *** فـي الـغربِ والشرقِ وفي آفاقها الأُخرِ

 

ألـفـيـتُـهـم فـي فـمِ الأهواءِ قهقهةً *** ثـمـلـى بهم، وتلاشت في دجى الخورِ

 

فـإنَّ لـلـغـيِّ مـهـمـا اشـتدَّ ساعدُه *** بـتـرًا، ومـا لـغُواةِ العصرِ من وزرِ

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

هوامش:

(1) أجينار: من ملوك الفينيقيين

(2) ساجان: قاصة فرنسية تُعنى بالجنس

(3) مأروض: مَن به خبل

(4) المبتض: المستأصَل

(5) إشارة إلى كتابات الحلول والكفر والفجور في كتابات أولئك

(6) رماد الأربعاء: إشارة لشاعر الجنس والعهر الإنكليزي إليوث

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply