الرسالة الأمينة في فضائل المدينة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قَالَ اللهُ - تعالى -: [وَقُل رَبِّ أَدخِلنِي مُدخَلَ صِدقٍ, وَأَخرِجنِي مُخرَجَ صِدقٍ, وَاجعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلطَاناً نَّصِيراً]. [سورة الإسراء، الآية 80].

 

مُدخَلُ الصِّدقِ: المَدِينَة، وَمُخرَجَ الصِّدقِ: مَكَّة، وَالسٌّلطَانُ النَّصِيرُ: العِزَّةُ وَالمَنَعَة.

وَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((وَالمَدِينَةُ خَيرٌ لَهُم لَو كَانُوا يَعلَمُون)) [متفق عليه].

 

* المقدمة:

بسم الله الرحمن الرحيم الحَمدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ مَدِينَةَ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ, - صلى الله عليه وسلم - دَارَ مُنتَقَلِهِ وَنُصرَتِه، وَمُقَامَ حَرَمِهِ وَأَمنِهº لاَ يُرَوَّعُ أَهلُهَا، وَلاَيُعضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيدُهَا، وَلاَ تُلتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلاَّ لِمُعَرِّف.

 

هِيَ طَيبَةُ الطَيِّبَة، وَمَأرِزُ الدِّينِ حَيثُ يَنجَمِعُ إِلَيهَا فِي أَيَّامِ غُربَتِه.

آوَت رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَبِيّاً، وَضَمَّت جَسَدَهُ الشَّرِيفَ مَيّتاً، وَسَمَت بِكَونِهَا مَسكَنَ جِيرَانِه.

 

وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى خِيرَةِ خَلقِهِ، وَصَفوَةِ رُسُلِه، وَسَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ أَجمَعِين، نَبِيّنا مُحَمَّدٍ, وَعَلَى آلِهِ الطَّيّبِين، وَأَزوَاجِهِ الطَّاهِرَاتِ أُمَّهَاتِ المُؤمِنِين، وَصَحَابَتِهِ الغُرِّ المَيَامِين، وَمَن سَارَ عَلَى نَهجِهِم وَاتَّبَعَ خُطَاهُم إِلَى يَومِ الدِّين.

 

أَمَّا بَعد: فَهَذِهِ رِسَالَةٌ شَرِيفَة، وَتَذكِرَةٌ مُوجَزَةٌ مُنِيفَةº شَرُفَت بِمَوضُوعِهَا، وَسَمَت بِمَضمُونِهَ، أَسمَيتُهَا ((الرِّسَالَةَ الأَمِينَة)) لاِنتِخَابِي فِيهَا مَا صَحَّ مِن الأَخبَارِ عَن النَّبِيِّ المُختَارِ - صلى الله عليه وسلم - فِي فَضَائِلِ مَدِينَتِهِ الشَّرِيفَةِ المُنَوَّرَة.

 

اختَصَرتُهَا لِتَكُونَ تَذكِرَةً لِسَاكِنِهَا، وَزَاداً لِزَائِرِهَا، وَدَلِيلاً لِمَا صَحَّ عَن مَكَانَتِها حَتَّى يُرَاعِي الجَمِيعُ مَا يَجِبُ عَلَيهِم لَهَا، وَيَتَأَدَّبُوا بِمَا أَدَّبَنَا بِهِ رَسُولُ الهُدَى - صلى الله عليه وسلم - حَالَ مُكثِنَا فِيهَا.

 

وَاللهَ - تعالى - أَسأَلُ أَن يَرزُقَنَا حُسنَ القِيَامِ بِحَقِّهَا، وَيَنفَعَنَا بِفَضلِهَا.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ, وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِه.

 

* فضائل المدينة النبوية: -

 

كثرة أسمائها وصفاتها: -

لِعَظِيمِ شَأنِ المَدِينَةِ النَّبَوِّيَّةِ كَثُرَت أَسمَاؤُهَا وَصِفَاتُهَاº وَمِنهَا: المَدِينَةُ، وَطَيبَةُ، وَطَابَةُ، وَالدِّرعُ الحَصِينَة، وَأَرضُ الهِجرَة، وَالدَّارُ، وَدَارُ الإِيمَان، وَدَارُ الهِجرَة، وَدَارُ السٌّنَّة، وَدَارُ السَّلاَمَة، وَقُبَّةُ الإِسلاَم.

 

وَقَد وَرَدَ النَّهيُ عَن تَسمِيَتِهَا بِيَثرِب فِي قَولِهِ - صلى الله عليه وسلم -:

((مَن سَمَّى المَدِينَةَ يَثرِب، فَليَستَغفِر اللهَ - عز وجل -، هِيَ طَابَةُ، هِيَ طَابَة)).

 

وَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -:

((يَقُولُونَ (أَي المُنَافِقُونَ): يَثرِب، وَهِيَ المَدِينَة، تَنفِي النَّاسَ كَمَا يَنفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيد)).

 

* حب المدينة: -

وَلِعَظِيمِ مَرتَبَةِ المَدِينَةِ دَعَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَهَا أَن يُحَبِّبَهَا اللهُ لِنَبِيِّهِ وَلأُمَّتِهº

فَقَالَ: ((اللَّهُمَّ حَبِّب إِلَينَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَو أَشَدّ)).

 

وَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَدِمَ مِن سَفَرٍ, فَأَبصَرَ جُدُرَاتِ المَدِينَةِ أَوضَعَ نَاقَتَهُ (أَي أَسرَعَ) وَإِن كَانَت دَابَّةً حَرَّكَهَا مِن حُبِّهَا.

 

- المدينة حرم: -

جَعَلَ اللهُ - تعالى - لِكُلِّ نَبِيٍّ, حَرَماً، وَجَعَلَ المَدِينَةَ حَرَماً بِدَعوَةِ عَبدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ, - صلى الله عليه وسلم - كَمَا جَعَلَ مَكَّةَ حَرَماً بِدَعوَةِ خَلِيلِهِ إِبرَاهِيمَ - عليه السلام -.

 

قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: ((لِكُلِّ نَبِيٍّ, حَرَمٌ، وَحَرَمِي المَدِينَة اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُهَا بِحُرَمِكº أَن لاَ يُؤوَى فِيهَا مُحدِث، وَلاَ يُختَلَى خَلاَهَا، وَلاَ يُعضَدُ شَوكُهَا، وَلاَ تُؤخَذُ لُقَطَتُهَا إِلاَّ لِمُنشِد)).

 

وَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((اللَّهُمَّ إِنَّ إِبرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ فَجَعَلَهَا حَرَمًا، وَإِنِّي حَرَّمتُ المَدِينَةَ حَرَامًا مَا بَينَ مَأزِمَيهَاº أَن لاَ يُهرَاقَ فِيهَا دَمٌ، وَلاَ يُحمَلَ فِيهَا سِلاَحٌ لِقِتَال، وَلاَ تُخبَطَ فِيهَا شَجَرَةٌ إِلاَّ لِعَلف)).

 

وَعَن سَهلٍ, - رضي الله عنه - قَالَ: أَهوَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ إِلَى المَدِينَةِ فَقَالَ: ((إِنَّهَا حَرَمٌ آمِن)).

 

وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ - رضي الله عنه -: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَن يُعضَدَ شَجَرُهَا، أَو يُخبَطَ شَوكُهَا، أَو يُؤخَذَ طَيرُهَا.

 

المقال التالي النّيجر وطن المسلمين ومركز التّعريب المقال السابق بوركينا فاسو وآمال المستقبل

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply