إقحام المرأة في الولايات العامة .. إلى أين ؟


 

بسم الله الرحمن الرحيم

وعليه فإن ما نراه اليوم من تولي المرأة ولاية القضاء في بعض البلدان الخليجية كما حصل في البحرين في الأسبوع الماضي حيث عينت منى الكواري قاضية في المحكمة الكبرى المدنية للمرة الأولى في تاريخ البحرين، وهذا ما هو إلا سلسلة من التنازلات التي بدأت منذ فترة، وتدل على توجه جديد يرى الابتعاد عن العلماء الكبار وعدم الرجوع إليهم في مثل هذه الأمور، كما كان سائداً في هذه المنطقة منذ عهود التاريخ، ونخشى أن تنتقل هذه العدوى إلى بعض البلدان الخليجية الأخرى، إذا لم يقف علماؤها وقفة رجل واحد ليبينوا للناس مخالفة مثل هذه الأمور للشريعة الإسلامية.

وفي هذا الصدد يقول سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله -: وقد حرص الإسلام على أن يبعد المرأة عن جميع ما يخالف طبيعتها، فمنعها من تولي الولاية العامة كرئاسة الدولة والقضاء وجميع ما فيه مسؤوليات عامة لقوله - صلى الله عليه وسلم - :"لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" رواه البخاري، ففتح الباب لها بأن تنزل إلى ميدان الرجال يعد مخالفاً لما يريده الإسلام من سعادتها واستقرارها، فالإسلام يمنع تجنيد المرأة في غير ميدانها الأصيل، وقد ثبت من التجارب المختلفة وخصوصا من المجتمع المختلط أن الرجل والمرأة لا يستويان فطريا ولا طبيعيا فضلا عما ورد في الكتاب والسنة واضحاً جلياً في اختلاف الطبيعتين والواجبين، والذين ينادون بمساواة الجنس اللطيف المنشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين بالرجل يجهلون أو يتجاهلون الفوارق الأساسية فيما بينهم.

ليست من أهل الولايات العامة

- ويقول الدكتور وليد الربيع أستاذ الفقه المقارن والسياسة الشرعية بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية جامعة الكويت في مسألة تولي المرأة القضاء:

ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يشترط في القاضي أن يكون رجلا، فلا يجوز تولية المرأة القضاء، ولهم في ذلك أدلة منها:

ما أخرجه البخاري عن أبي بكرة قال: لما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أهل فارس قد ملّكوا عليهم بنت كسرى قال: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة".

وقال الشوكاني: فيه دليل على أن المرأة ليست من أهل الولايات، ولا يحل لقومها توليتها، لأن تجنب الأمر الموجب لعدم الفلاح واجب. -نيل الأوطار 8/298-.

وقال ابن قدامة: ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"، ولأن القاضي يحضر محافل الخصوم والرجال ويحتاج فيه إلى كمال الرأي وتمام العقل والفطنة والمرأة ناقصة العقل، قليلة الرأي ليست أهلا للحضور في محافل الرجال، ولا تقبل شهادتها ولو كان معها ألف امرأة مثلها ما لم يكن معهن رجل، وقد نبه الله - تعالى -على ضلالهن ونسيانهن بقوله - تعالى -: "أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى" ولا تصلح للإمامة العظمى، ولا لتولية البلدان ولهذا لم يول النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أحد من خلفائه ولا من بعدهم امرأة قضاء ولا ولاية بلد، فيما بلغنا ولو جاز ذلك لم يخل منه جميع الزمان غالبا.

- قال البغوي: اتفقوا على أن المرأة لا تصلح أن تكون إماما ولا قاضيا، لأن الإمام يحتاج إلى الخروج لإقامة أمر الجهاد والقيام بأمر المسلمين، والقاضي يحتاج إلى البروز لفصل الخصومات، والمرأة عورة لا تصلح للبروز، وتعجز لضعفها عن القيام بأكثر الأمور، ولأن المرأة ناقصة والإمامة والقضاء من كمال الولايات فلا يصلح لها إلا الكامل من الرجال. -شرح السنة 10/77-.

- وأيضا فإن طبيعة المرأة غير طبيعة الرجل، حيث إن المرأة أضعف بنية من الرجل ولها عوارض طبيعية تتكرر عليها تزيدها ضعفا وإرهاقا، وقد جبل الله - تعالى -المرأة على غرائز وعواطف تناسب مهمتها في الحياة، ولهذا فإن الشرع المطهر راعى ذلك في الأحكام التكليفية، فلم يوجب على المرأة صلاة جمعة ولا جماعة ولا جهاد، وأسقط عنها وجوب الصلاة وأداء الصيام أيام حيضها، وألزم الرجل الإنفاق عليها أما وأختا وزوجة وبنتا ولم يجعل الطلاق بيدها، فدخولها في القضاء لا يناسب طبيعتها الرقيقة العاطفية لما في القضاء من سلاطة السلطة وقوة السلطان، وفي الرجال من الأكفاء القادرين على تحمل مسؤولية هذه المناصب ما يغني عن تولي النساء، لاسيما وقد قرر الله - تعالى -الفرق بين الرجال والنساء فقال - تعالى -: "وليس الذكر كالأنثى" وقال: "وللرجال عليهن درجة".

- ولهذا فإن المرأة عبر التاريخ الإسلامي الطويل لم تكن من أهل الولايات العامة كما قال سماحة الشيخ ابن باز

ـ رحمه الله ـ : وقد أجمعت الأمة في عهد الخلفاء الراشدين وأئمة القرون الثلاثة المشهود لها بالخير عمليا على عدم إسناد الإمارة والقضاء إلى امرأة، وقد كان منهن المتفوقات في علوم الدين اللاتي يرجع إليهن في علوم القرآن والحديث والأحكام، بل لم تتطلع النساء في تلك القرون إلى تولي الإمارة وما يتصل بها من المناصب والزعامات العامة.

- فتقديم المرأة لهذه الولايات العامة إنما هو في الحقيقة تقديم لمن أخره الله - تعالى - وتأخير لمن قدمه الله - تعالى -، والواجب على كل مسلم موافقة الشرع المطهر ظاهرا وباطنا، فعلا وتركا، وأن يكون قوله إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يقول سمعنا وأطعنا، ولا يتمحل الشبهات الضعيفة والتبريرات البعيدة للتفلت من أمر الله ورسوله وللالتفاف على الأحكام الشرعية والوقائع التاريخية موافقة لأهواء الناس وشهواتهم فقد حذر الله - تعالى -من ذلك فقال: "يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب"، وقال - تعالى -: "ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون".

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply