بسم الله الرحمن الرحيم
انفجار
رغم مرور حوالي أربع سنوات على المذابح التي ارتكبت في حق المسلمين في ولاية جوجرات الهندية سنة 2002 إلا أن هذه القضية لا تزال مثارة إلى الآن، في وقت تبذل فيه الجهود والمحاولات لملاحقة الجناة.
وتستمر حكومة الولاية برئاسة حزب الشعب الهندي الهندوسي المتطرف في حماية هؤلاء المجرمين إلا أنه بسبب تدخل المحكمة العليا الدستورية وأمرها بنقل بعض القضايا إلى محاكم خارج الولاية بدأت المحاكم داخل ولاية جوجرات أيضاً تأخذ الحيطة بعض الشيء في الإفراج عن المجرمين، وقد أصدرت إحدى المحاكم حكماً بالسجن مدى الحياة مؤخراً في حق 11 من المجرمين، وهناك لجنتان رسميتان حالياً تحققان في مختلف المذابح.
تواطؤ حكومي:
ولقد طغت أحداث المذابح المروعة مرة أخرى على الأخبار عند اكتشاف مقبرة جماعية في جوجرات مؤخراً حيث كانت الشرطة المحلية متواطئةً مع المجرمين قد دفنت جثث ضحايا إحدى المجازر. ومنذ ذلك الحين استمر أهالي وأقارب القتلى يبحثون عن جثثهم رغبة منهم في دفنهم على الطريقة الإسلامية. وبعد ثلاث سنوات اكتشف المكان عندما ذكره أحد موظفي بلدية "بنشمحل" وهو في حالة سكر، وكان الضحايا المدفونون بهذه المقبرة الجماعية قد قتلوا يوم 1 مارس 2002 في واحدة من أبشع جرائم جوجرات التي ارتكبت بتواطؤ من حكومة الولاية التي كانت بيد حزب الشعب الهندي.
وعندما بدأ أهالي الضحايا بصحبة بعض نشطاء حقوق الإنسان يحفرون في مكان المقبرة التي أشار إليها موظف البلدية في (بانواردا) بالقرب من مدينة جودهرا التي وقع بها حادث حريق في عربة إحدى القطارات والذي استخدمه المتطرفون لتفجير المذابح التي انتقلت بسرعة كالنار في الهشيم إلى كل أنحاء الولاية بسبب التأييد الذي لقوه من مسئولي الولاية، وكان مجرمو منظمة الويشوا هيندو باريشاد (المنظمة الهندوسية العالمية) قد هاجموا قرية (بانواروادا) ليلة 1 مارس 2002 فقتلوا عشرات من مسلميها وقامت الشرطة بتسجيل 8 وقائع قتل فقط وأغفلت 26 آخرين من القتلى واعتبرتهم في عداد "المفقودين"!!
أقول: عندما بدأ أهالي الضحايا يحفرون اكتشفوا الحقيقة حيث إن الشرطة كانت قد عثرت على جثث 21 شخصاً ثم قامت بدفنهم سراً في مقبرة جماعية وبدون أن تخبر ذويهم، وذلك في محاولة مفضوحة لإخفاء معالم الجريمة! وحتى بعد اكتشاف هذه الجثث لا يزال مصير خمسة قتلى آخرين من سكان القرية المسلمين مجهولاً. وقال "سهيل" أحد أقارب القتلى إنه تم التعرف على الجثث من ملابسهم وأشياء وجدت في بقايا أجسادهم المدفونة!
هويات القتلى:
من جانبهم قام ذوو القتلى برفع قضية في محكمة جوجرات العليا مطالبين بالتحقيق بواسطة لجنة قضائية تابعة للحكومة المركزية ومعاقبة المسئولين عن المذبحة وعن الدفن السري وكذلك معاقبة الشرطة والإدارة المحلية التي حاولت إخفاء معالم الجريمة إلا أن الشرطة سجلت من جهتها قضية ضد الذين قاموا بحفر مكان المقبرة الجماعية بحجة أنه لا يجوز لأحد حفر القبور إلا بإذن قاض!!..وقامت الشرطة بالفعل باعتقال شخصين ممن شاركوا في إعادة حفر المقبرة الجماعية، وعليه فقد أرسلت الحكومة المركزية بدورها خبراء من المكتب المركزي للتحقيقات لفحص المكان وإجراء اختبارات الهوية الجينية (دي.إن.إيه) لتقرير هويات القتلى المدفونين في المقبرة الجماعية.
ومما يذكر أن حوالي ألف شخص غالبيتهم العظمى من المسلمين قد قتلوا خلال مذابح جوجرات سنة 2002 حسب الأرقام الرسمية إلا أن الأرقام الحقيقية أكبر من هذا بكثير بالإضافة إلى تدمير آلاف من ممتلكات المسلمين ومحلاتهم التجارية ومصانعهم بصورة منظمة بواسطة قوائم كان المجرمون قد أعدوها بالتواطؤ مع موظفي البلديات وإدارة الضرائب وجهات حكومية أخرى تحتفظ بسجلات الأهالي. ولا يزال عشرات الألوف من مسلمي جوجرات مشردين لا يقدرون على العودة إلى بيوتهم، وبعضهم لا يزال يعيش في مخيمات، بينما قامت بعض القرى في ولاية جوجرات بوضع لافتات على مداخلها تحمل العبارة الآتية: "الدولة الهندوسية طاهرة من المسلمين"! وذلك في إشارة إلى أنها قد أخليت تماماً من المسلمين! كما أقام الهندوس في مدن ولاية جوجرات جدراناً وأسواراً في الأحياء لتفصلهم عن بيوت وأحياء المسلمين إلى جانب مقاطعتهم اقتصادياً.
في الوقت نفسه هناك بعض الهندوس الذين يتكلمون الحقº فقد قام الصحفيان "تيستا سيتالواد" و"هارش ماندير" من نشطاء حقوق الإنسان بشن حملة شعواء على المتطرفين وقد ساعدوا مسلمي جوجرات على طرق أبواب المحاكم وإيصال بعض المجرمين إلى السجون، كما أن الصحافة والقنوات التليفزيونية الهندية بصورة عامة قد وقفت ضد المتطرفين الهندوس وأدانت أعمالهم بدون تحفظ مما أثار حفيظة المتطرفين الذين يعتبرون وسائل الإعلام عدوة لهم.
مساعدة صحفية:
وقد وقفت صحفية "تيستا سيتالواد" مرة أخرى مع الضحايا وساعدت أهالي ضحايا على حفر مكان المقبرة الجماعية كما ساعدتهم على رفع القضية في محكمة جوجرات العليا.
ومن جهة أخرى فقد عرضت الحكومة المركزية مشروع قانون في البرلمان المركزي لمعالجة مشكلة الاضطرابات الطائفية التي تستهدف المسلمين بصورة عامة. وتأتي هذه الخطوة تنفيذاً لوعد قطعه حزب المؤتمر على نفسه خلال انتخابات العام الماضي.
ويشتكى زعماء المسلمين أن القانون في صورته الحالية ليس قوياً بما يكفى للتعامل مع هذه المشكلة المزمنة، ومن عيوبه أنه لا يعطي الحق للحكومة المركزية للتدخل في حالة نشوب اضطرابات طائفية في أية ولاية إلا بطلب حكومة الولاية وبالتالي قد تستمر الاضطرابات طويلاً لو لقيت تأييد الحكومة المحلية كما جرى في جوجرات سنة 2002.
وقبل أيام استحدثت الحكومة المركزية "وزارة الأقليات" لأول مرة في تاريخ الهند. وكلمة "الأقلية" في الهند تعنى بصورة عامة المسلمين واختارت الحكومة زعيما ذا كفاءة وهو المحامي عبد الرحمن أنتولي لتقلد الوزارة الجديدة، وقد سبق له رئاسة حكومة ماهاراشترا.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد