بسم الله الرحمن الرحيم
بينما كان أحد المسافرين في طريقه إلى بلد عربي، وبصحبته أمه العجوز التي لا تكاد تمشي إلا متكئة على العصا، وزوجه التي تحمل طفلها الرضيع بين يديها، ومعهما طفلان آخران، إذ وصل المكان المعد لمنح التأشيرات، فوجد عدة نوافذ أمام كل نافذة من هذه النوافذ يقف العشرات من الزوار، فاحتار الرجل في أمره ماذا يفعل بأمه العجوز وأهله وأطفاله فهم لا يقدرون على الوقوف، وفجأة أدرك الحل،
إنها تلك النافذة التي ليس عليها إلا بعض الغرباء عن الوطن العربي، أجل إنه الحل، فأخذ يسعى وهو آخذ بيد أمه العجوز ويصرخ على زوجته وأبنائه هيا قبل أن يسبقنا أحد، حتى وصل النافذة ووقف على الدور، وهو يسأل نفسه قائلاً ما لهؤلاء الناس يقفون في هذه الطوابير الكبيرة ويتركون هذه النافذة التي يجلس خلفها رجل وسيم بشوش لا تنقطع الابتسامة عن وجهه ما كاد ينهي هذا التساؤل حتى وجد نفسه أمام الموظف، فقال له الموظف أين جواز سفرك فقال مبتسماً مسروراً هذا هو، فنظر الموظف في هذا الجواز وقد احمر وجهه وقدحت عيناه الشرر، وتغيرت نبرات صوته الرجل في نفسه ويلي ماذا فعلت الموظف: أمجنون أنت؟ الرجل: لمَ يا سيدي؟ هذا المكان مخصص لمن يحملون الجنسية الأمريكية.
آسف سيدي، ولكن هل قدمت لي خدمة فأنت ترى وضعي؟ ! الموظف في غضب، اغرب عن وجهي قبل أن أطلب لك الشرطي. الرجل: حسناً، الرجل لأمه هيا يا أمي، الأم العجوز هل انتهينا؟ الابن ليس بعد فعلينا أن نقف في هذا الطابور الصغير.
الأم لا أستطيع.
الابن اجلسي على المقعد حتى يأتي دورنا وأنا سوف أحجز الدور.
الرجل ينظر إلى تلك الطوابير ويقول في نفسه، ترى في أي طابور أقف؟ يا إلهي إنها طوابير كبيرة. ما علي سأقف في هذا الطابور، وقف في الطابور وزوجته من وراءه وعلى يديها طفلها الرضيع، وحولها ولديها.
الرجل في الطابور، ما لهذا الطابور لا يتقدم؟ أف لهذا الموظف لقد أتعبنا
الزوجة خذ الطفل لقد تعبت منه.
الرجل حسناً،
الرجل لطفليه الآخرين أهدءا،
الزوجة لزوجها، أبا محمد انظر هذا الطابور يتقدم أفضل.
أبو محمد صحيح، هيا أسرعي،
أبو محمد وزوجه وأبناؤه في الطابور الجديد،
أبو محمد لأم محمد، صحيح من يسمع كلام النساء يتعب، انظري إلى هذا الطابور فإن حاله أسوأ من الطابور الذي كنا فيه،
أم محمد هلا ذهبنا إلى ذلك الطابور؟
أبو محمد لا هذا يكفي عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة.
أبو محمد ينظر إلى نافذة الأمريكان ويقول ما أسعدهم لا يوجد عندهم طابور مثلنا،
الأم العجوز تنادي ابنها، أي بني لقد تعبت لم أعد أقدر على الانتظار لنرجع إلى الطابور الأول فهو يسير بسرعة. الابن إنه للأمريكان.
الأم احتلوه.
الابن لا ولكن لهم معاملة خاصة،
الأم ولمَ أليسوا كفاراً ونحن أفضل منهم؟
الابن نعم، ومن أجل ذلك يسارعون في تسليكهم حتى لا نصاب بأذاهم،
العجوز: ولكني أراهم أكثر حظاً منا،
الابن يا أمي أني مرهق،
أبو محمد لزوجته: خذي الطفل.
أم محمد بعد أن أخذت الطفل: هذا الطابور لا يتحرك.
أبو محمد لا عليك سوف يملون منا ويتحركون.
أبو محمد بدأ الغضب يظهر عليه، وبدأت كلمات التوبيخ تتساقط على أطفاله، حتى أم محمد لم تسلم هي الأخرى، العجوز شعرت بالإعياء، الابن ينظر إلى أمه بعين الرحمة، فهي امرأة عجوز، يا إلهي لقد تعبت أمي، ماذا أفعل، الطفل الصغير أخذ يجهش بالبكاء،
أبو محمد مغضباً أرضعيه.
أم محمد أين؟ لا يوجد مكان، وأخاف على الدور!
رجل يقف خلفها، لا عليك، فأنت أمامي، أبو محمد جزاك الله خيراً.
خرجت أم محمد من الطابور وأخذت معها أبناءها الثلاثة. العجوز بدأت تتأرجح كأنها ستسقط.والطابور هو الطابور.
أبو محمد لم يعد الأمر يحتمل، أين الضابط؟
أبو محمد يتجه إلى الضابط قائلاً: هذا الطابور لا يسير.
الضابط لا عليك، إن الله مع الصابرين، الموظف يعمل ما عليه،
أبو محمد أمي، أبنائي، و...
الضابط: لا عليك سيأتيك دور بإذن الله.
أبو محمد يرجع إلى الطابور متمتماً، أحد الصافين، ماذا قال لك؟
أبو محمد: قال ستفرج، وفجأة أبو محمد يقول مسروراً: الطابور يتحرك، نعم إنه يتحرك، بدا أبو محمد وكأنه نسي ما لاقى،
أم محمد تأتي مسرعة وهي تقول الحمد لله، الحمد لله. فلقد مر على وقوفهم في الطابور أكثر من ساعتين، أما عن المرأة العجوز، فلم تعد تهتم بطول الوقت، فقد افترشت عباءتها وأخلدت إلى النوم،
أبو محمد دورنا يقترب، أجل إنه يقترب، لم يبق أمامنا إلا رجل واحد،
الموظف للرجل: تقدم.
الرجل يعطيه جواز السفر، وبعد التدقيق، يمنحه التأشيرة،
أبو محمد يتقدم مسروراً لقد جاء دوره.
الموظف ينظر إلى أبي محمد ويقول له: انتظر. الموظف يخرج من غرفته.
أبو محمد ممتعضاً إلى أين ذهب؟
أم محمد: أين ذهب؟
أبو محمد لا أدري.
أبو محمد يترك الصف ويذهب إلى الشاويش، أين ذهب؟
الشاويش: انتظر الآن يأتي فقد ذهب للصلاة.
أبو محمد: الله يتقبل. عاد أبو محمد إلى الصف ينتظر، الآن يأتي، الآن يأتي، الموظف لم يأت بعد.
أبو محمد ينظر إلى نافذة الأمريكان ويعتصر ألماً ولسان حاله، الله أكبر إلى أي حد بلغ فينا الأمر؟
أم محمد: أين ذهب الموظف؟ أبو محمد: إنه يصلي.
أبو محمد هذا الجواز الفلسطيني الذي معي لا قيمة له، لمَ لا يوجد معي جواز سفر أمريكي؟ لو كان معي جواز سفر أمريكي لكنت في راحة منذ زمن.
أبو محمد في صوت مرتفع دون شعور: بوش امنحني الجنسية الأمريكية.
أحد الموظفين يقترب من أبي محمد صارخاً في وجهه اتق الله، ألا تعلم بأن مطالبتك للجنسية الأمريكية نوع من أنواع موالاة الكافرين، أبو محمد أعاذنا الله من موالاة الكافرين، أعاذنا الله من موالاة الكافرين، وأيضاً أعاذنا الله من نوافذهم!!!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد