لماذا سجنوها ?


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

كانت داعية إلى الله - تعالى - داعية بكل ما تحمله هذه الكلمة من المعاني السامية. همها نشر الخير والهداية للناس. وهي على قدر كبير من الثقافة.

 

الأخت الفاضلة "زينب الغزالي " التي اخترقت مراحل عصيبة... ودامية من التعذيب والتنكيل ولكن الثقة بالله - تعالى -... وحلاوة الإيمان... والإرادة الشامخة جعلها تصبر.. وتصبر... وتصبر.

 

ففي 20 أغسطس سنة 1965م... اقتحموا منزلها دون استئذان... ولما طلبت منهم إذنا بالتفتيش قالوا: أي إذن يا مجانين نحن في عهد... نفعل ما نشاء بكم.

 

وأخذوها إلى السجن... وهي صابرة محتسبة أمرها لله رب العالمين، وجاء الأمر بسجنها في غرفة 24 وها هي تتحدث وتقول "وفتح باب لحجرة مظلمة فدخلتها ثم أغلقوا بابها. ابتلعتني الحجرة فقلت: باسم الله السلام عليكم.

وأغلق الباب وأضيئت الكهرباء قوية... إنها للتعذيب.

 

الحجرة مليئة بالكلاب... لا أدري كم؟ أغمضت ووضعت يدي على صدري من شدة الفزع، وسمعت باب الحجرة يغلق بالسلاسل والأقفال، وتعلقت الكلاب بكل جسمي، رأسي ويدي، صدري وظهري، كل موضع في جسمي أحسست أن أنياب الكلاب تعرض فيه.

"فتحت عيني من شدة الفزع وبسرعة أغمضتها لهول ما أرى. ووضعت يدي تحت إبطي وأخذت أتلو أسماء الله الحسنى مبتدئة "يا لله.......... يا لله".

 

وأخذت أنتقل من اسم إلى آخر، فالكلاب تتسلق جسدي، أحس أنيابها في فروة رأسي، في كتفي في ظهري، أحسها في صدري، في كل جسدي، أخذت أنادي ربي قائلة:

 

"اللهم اشغلني بك عمن سواك اشغلني بك أنت يا إلهي يا واحد أحد يا فرد يا صمد، خذني من عالم الصورة اشغلني عن هذه الأغيار كلها، شغلني بك، أوقفني في حضرتك، اصبغني بسكينتك، ألبسني أردية محبتك، ارزقني الشهادة فيك والحب فيك والرضا بك والمودة لك وثبت الأقدام يا الله، أقدام الموحدين".

 

كل هذا كنت أقوله بسري فالكلاب ناشبة أنيابها في جسدي. مرت ساعات ثم فتح الباب وأخرجت من الحجرة. كنت أتصور أن ثيابي البيضاء مغموسة في الدماء، كذلك كنت أحس وأتصور أن الكلاب قد فعلت، لكن يا لدهشتي، الثياب كأن لم يكن شيء، كأن نابا واحداً لم ينشب في جسدي.

سبحانك يا رب، إنه معي  بعلمه، يا الله هل أستحق فضلك وكرمك؟ يا إلهي لك الحمد كل هذا أقوله في سري.

وتعجب السجان أشد العجب عندما علم أن الكلاب لم تمزقها.

و لا أعلم ما سر تعجب السجان وغيره... ألم يقل - سبحانه وتعالى -: " إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ".

وهذا من نصر الله - تعالى - لها ثم واصلوا تعذيبها... مبتدثين بخطوة الكلاب. وتمر على الداعية زينب الغزالي... الثواني... الدقائق... الساعات.... الأيام... الأشهر... السنون...

 

وهي قابعة في غياهب السجون، متفننين بتعذيبها، واقع تعيشه الآن بعض أخواتك في الله المنتشرات في شتى بقاع العالم.

 

وزينب بالرغم من ذلك صابرة محتسبة الأجر من العلي القدير.

 

إنها ثابتة لثقتها بالله - تعالى -... وقوة الإيمان تصنع الأعاجيب.

 

وتصنع ما لم يطرأ على الفكر البشري.

 

فيا أختي الفاضلة.. أرجو منك قراءة كتاب " أيام من حياتي " لزينب الغزالي.

 

ذلك الكتاب الذي جسدت به أيامها التي قضتها خلف القضبان.

 

كتبته بأحاسيس في كل حرف... كلمة... جملة.... ورقة.

 

والقابع وراء القضبان الحديدية أدرى بالإفاضة آلامه... وصبره... ومحنته... وقادر على رسم تلك المآسي على مداد قلمه المجروح وما عند الله خير وأبقى.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply