مآسي المسلمات في المعتقلات وخارجها


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أحوالهن في السجون والمعتقلات:

يصعب علينا تحديد عدد المسجونات من نساء المسلمين بالضبط، غير أنه لا يقل عن مئة سجينة بلا شك. وزعمت هيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي" في خبر لها (بتاريخ: 9/أوكتوبر/ 2002م) أن عددهن ثلاث وثلاثون امرأة مسلمة. ولكن هذا العدد هو ما استطاعت جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان التوصل إليه بمعرفة وتسجيل أسمائهن فقط، وما خفي عليها من شأنهن أكثر بكثير.

 

وكان كثير من المسلمين يظن أن رجال الدولة ربما بقي عندهم شيء من الرحمة والشفقة تجاه النساء الضعيفات على الأقل، بمقتضى الطبيعة الإنسانية التي تفرض ذلك. ولكنهم لم يتصوروا أن موظفي خدمة الأمن الوطني ووزارة الداخلية قد خرجوا عن الإنسانية بل حتى عن الوحشية تماما فلم يبق في ضميرهم – إن كان لهم ضمير - مثقال ذرة من الرحمة والشفقة على أحد من الخلائق. وليس هذا افتراء أو مبالغة منا، ولكنه الواقع الأليم الذي أثبته أولئك الوحوش بأنفسهم حينما انكشفت للعالم كله فضائحهم وفظائعهم التي ارتكبوها ضد النساء المسلمات الضعيفات اللاتي لم يجدن حاميا ولا معينا.

 

ولا نستطيع أن نصف هؤلاء بشيء إلا أن نقول بأنهم يد كريموف الوحشية الباطشة التي تنتهك حقوق المسلمين العُزَّل بجميع المقاييس، حتى بمقياس الأمم المتحدة المزعومة.

 

إليك هذا المثال الواقعي المؤلم: قصة مأساة زوجة إمام مسجد جامع في طشقند (الإمام روح الدين) رحيمة بنت أحمد علي – فك الله أسرها-:

 

ألقى رجال وزارة الداخلية القبض عليها واحتجزوها في الزنزانة التي تحت مبنى وزارة الداخلية عدة أشهر وهم يعذبونها كل يوم وليلة بأنواع من التعذيبات التي يعجز عنها الوصف ويخجل من ذكرها الإنسان. فكان أولئك الوحوش الضارية يطلبون منها أن تخبرهم بمكان اختفاء زوجها الإمام المطالب من قبل الحكومة وتدل عليه، وكلما أنكرت معرفتها به رفسوا بأقدامهم النجسة أعضاءها الأنوثية أو التناسلية بمد رجليها إلى الطرفين، وكانوا يسحبونها من شعرها فيضربون رأسها في جدار السجن المبني من الأسمنت والحديد. وقد شوهوا جسمها بالكامل من شدة تعذيبهم لها. وفوق ذلك كله كانت رحيمة تعاني من مرض مزمن في قلبها، وكانت تتعاطى أدوية طبية باستمرار، فلما اعتقلوها لم يبالوا بشيء من ذلك، بل منعوها من استعمال أدويتها الضرورية. فـ {إنا لله وإنا إليه راجعون}، فأي إنسان يتصور وجود مثل هذه الوحوش في هذه الدنيا؟! هل هؤلاء من بني جلدتنا حقا؟! لا يكاد أحد يصدق ذلك لولا أن رحيمة بنت أحمد علي أخبرت كل ذلك بنفسها في رسالتها.

 

وأما الظروف المعيشية في سجون النساء في طشقند فهي متدنية ومتدهورة للغاية، فقد أصاب جميع السجينات الوهن الشديد والهزال الخطير، ولا يتوفر لهن أبسط المتطلبات المعيشية في السجن. ولذلك يتضرعن إلى السجّانين الظلمة أن يسمحوا على الأقل بإدخال الأطعمة والأدوية التي يأتي بها أقاربهن متحملين جميع المشاق والمتاعب.

 

وبناء على ما كتبته إحدى الأخوات السجينات فإن التعذيبات في داخل السجن أشد مما كانت أثناء التحقيق. وأما أداء الشعائر الدينية كإقامة الصلاة وارتداء الحجاب الشرعي في داخل السجن فممنوع بتاتا.

 

ويذكر بعض المصادر[1] أن السجانين يغتصبون بعض السجينات، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

وحسب ما أفادت جمعية حقوق الإنسان فإن سجون النساء ليست فقط في العاصمة، بل وتوجد عدد من السجينات في الولايات الأخرى. وأما في سجن طشقند المرقم بـ (KIN-7) فيوجد فيه واحدة وعشرون (21) سجينة من نساء أهل السنة، كما يوجد فيه عدد كبير من سجينات حزب التحرير. ولكن لا نعلم عددهن بالتحديد.

 

وأما أحوال النساء المسلمات في خارج السجن:

فلا يختلف عن أحوال السجينات كثيرا، من حيث الظروف القاسية والمضايقات الشديدة وتعرضهن للتحقير والإهانة، وخاصة عوائل وأسر السجناء المسلمين، فهم دائما تحت المراقبة المشددة من قبل الطواغيت، وتتعرض منازلهن للتفتيش والتحقيق المستمر، وخاصة في أيام الأعياد الوطنية والمناسبات الأخرى.

 

وهذه المرأة المسلمة التي تبلغ من العمر ستين عاما، من مدينة خوارزم: الأخت الكريمة "دَرمان" اعتقلت قوات الأمن الأوزبكية ابنيها وبدؤوا يحققون معهما. وكما أفادت والدتهما المسكينة لإذاعة "بي.بي.سي" فإنهما لم يعترفا بالتهم المزورة التي كان رجال الشرطة يريدون إلصاقها بهما، فبالتالي لجأ رجال الشرطة (بل هم أشباه رجال وليسوا برجال أبدا) إلى حيلة خبيثة دنيئة خسيسة، حيث أخذوا الأخت "دَرمان" من بيتها إلى غرفة التحقيق وجرَّدوها من ثيابها أمام ولَديها وهدَّدوهما باغتصابها أمام أعينهم. فبالله عليكم من أي المخلوقات هؤلاء؟! فلم يجد الأخوين الضعيفين بُدًّا من الاعتراف بالتهم المزورة والتوقيع على الأوراق المقدمة لهما والاستجابة لمطالب هؤلاء الظلمة. ثم أحيلت قضيتهما إلى المحكمة حيث أصدرت هي الأخرى حكما بإعدام الأخوين ابني الأم المسكينة "دَرمان" المستضعفة، استنادا على تلك الاعتراف المنتزع منهما بطريقة بشعة، وهذا ما يتعارض حتى مع قوانينهم الدولية المزعومة؟!

 

وقد ذكرنا فيما سبق أن الحكومة لديها قائمة سوداء بأسماء مائتين وخمسين ألفا (250000) من المسلمين. فبناء على هذا يمكننا أن نقول بأن كل النساء المتحجبات في أوزبكستان ضمن هذه القائمة السوداء. لأن أي امرأة متحجبة في أي حي من أحياء المدينة يتم البلاغ عنها لرجال الشرطة والاستخبارات من قبل عمداء الأحياء والمنافقين المرتزقة المنتشرين في كل مكان. وبالتالي يتم استدعاء كل واحدة منهن لغرف التحقيق باستمرار. ويتم هناك أخذ توقيعاتهن وإقرارهن بإجابتهن للأسئلة التقليدية: متى وأين ولماذا تحجبت؟ ومن الذي أجبرها أو أرشدها إلى هذا الطريق؟ ثم يتم ترغيبهن في ترك الحجاب وترهيبهن من مغبة عدم الاستجابة باستخدام الألفاظ الشنيعة والتهديدات المخيفة وغير ذلك من أنواع الحرب النفسية. ثم يستمرون في استدعائهن والتحقيق معهن في كل شهر مرة أو مرتين. وتدرج الحكومة جميع المتحجبات في لائحة المتـطرفين الإرهابيين. فتصير الواحدة منهن تتوقع كل تلك الاحتمالات المخيفة في أي لحظة من حياتها.

 

وقضية الحجاب للنساء عموما محرم في دستور الدولة. فتنص الدستور في فصل "الحرية الذاتية" على أن ارتداء زيِّ العبادة في الأماكن العامة ممنوع قطعيا.

 

فمنذ صدور هذا القرار الجائر أصبحت المسلمات اللاتي يرتدين الحجاب – ولو كان بكشف الوجه والكفين - يتعرضن للأذى والمضايقات والإهانات المستمرة، فلا يسمح لهن بدخول المدارس والجامعات والوظائف والمرافق العامة، ولا السير في الشوارع باطمئنان. ولدينا أمثلة بالمئات من الحالات التي تبعث الأسى والحزن لأحوال أخواتنا المسلمات. وهذه الأخت الضعيفة "مَلِكَة عبد الله يفا" فصلت وطردت من المدرسة الإسلامية النسائية المسَمَّاة بـ"مدرسة خديجة الكبرى"، بسبب تغطية وجهها بالحجاب الشرعي.

 

وماذا عن دور الإدارة الدينية لمسلمي أوزبكستان والتي هي أداة الحكومة في إصدار الفتاوى الشيطانية؟ إنهم يصرحون دون أدنى حياء – لا من الله ولا من الشعب المسلم - بأن تغطية الوجه في الحجاب إنما هي بدعة ابتدعها العرب وصدَّروها إلى الآخرين، وليست من الإسلام في شيء.

 انظروا إلى هذه الجرأة والتعالي على شرع الله!! وهؤلاء الفسقة الذين عُيِّنوا في الإدارة الدينية يحاربون الإسلام الصحيح والمسلمين المستقيمين والنساء المتحجبات بالتنسيق الكامل مع قوات الأمن الأوزبكية ورجال الشرطة واستخباراتها.

 

وكثيرا ما نرى في وسائل النقل الجماعية (كالباسات والميترو ونحو ذلك) طرد المتحجبات وعدم السماح لهن بالركوب. وهذه في العاصمة، وكلما ابتعدت أكثر كلما رأيت الأسوء والأشنع. ففي الولايات الأخرى تجد الشرطة وقوات الأمن يستخدمون قواتهم ويعرضون عضلاتهم ضد المسلمين بكل شجاعة وكبرياء.

 

وهذه إحدى المسلمات من مدينة خوارزم تحدث إحدى صديقاتها في طشقند بأن والديها لا يسمحان لها أبدا بارتداء الحجاب عندما تريد الخروج من البيت، ويقولان لها:"بسبب ارتدائكِ للحجاب ستعتقل الحكومة ابننا الوحيد" فقد بلغ الخوف والذعر منهما مبلغـَه! وحق لهما ذلك، لما نرى في الواقع المشاهد في كثير من الولايات الأوزبكية من سحب النساء المتحجبات من الشوارع إلى إدارات الشرطة ومعاملتهن بكل إهانة واحتقار. وأما في القرى: فحضور صلاة الجماعة في المسجد كاف في إلصاق تهمة الوهابية لصاحبها. وقد انغرس في أذهان الناس أن المسجد وصلاة الجماعة لكبار السن فقط!

 

فالقرار الجائر حول حرية الاعتقاد والديانة الذي صار مصدرا أساسيا في انتهاك حقوق النساء والفتيات المسلمات أصبح موضع انتقاد وتنديد شديدين من قبل جميع المنظمات الدولية، لكونه سببا في حرمان الإنسان المكرم من أبسط حقوقه وأهمها. ولهذا أصبح بعض المسؤولين حتى في الدوائر الحكومية يتحدثون عن إجراء تعديلات وإصلاحات قانونية فيما يتعلق بهذه القضية. والظاهر أن "كريموف" قد انتهى من تحقيق أهم أهدافه الجنونية التي تخص هذه المرحلة المعينة في ظل هذا القرار الذي أصدره تمهيدا لمشروعه في تصفية مئات الألوف من المسلمين الذين يرى فيهم خطرا كبيرا على منصبه وحياته. والآن وكأنه حقق شيئا من ذلك، وأصبح القرار باليا ليس له حاجة. 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply