إن العالم العربي و الإسلامي يمر في هذا الوقت المعاصر وفي هذه الآونة الأخيرة بحملة شرسة ضد الإسـلام و المسلمـين، و هذا ليس بالأمر الغريب و لكنه امتداد لسلسة من الحملات الصليبية عبر التاريخ منذ البعثة المحمدية و في أول بزوغ لها، حيث بعثه الله - سبحانه وتعالى- للناس أجمعين و للثقلين ليخرجهم من ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام و عدله، فبلغ المصطفى - صلى الله عليه وسلم - هذا الدين و جاهد في الله حق جهاده فأيده الله بنصره المبين، بعد مـا أوذي أشد الأذى من أهله و عشيرته الأقربين صلوات الله و سلامه عليه و من تبعه من صحابته الكرام رضوان الله عليهم، فامتحنوا حتى جاءت من بعدها المنح ليفرح المؤمنين بنصر الله، حيث قال الله -جلا و علا-: (وزلزلوا زلزالاً شديدا حتى يقول الرسـول و الذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب).
لقد أعز الله هذه الأمة بالإسلام فإن بغت العزة في غيره أذلها الله كما قال الله - تعالى -: (قل إن العزة لله و لرسوله و للمؤمنين و لكن المنافقين لا يعلمون). و بعد أن فضلنا الدنيا الفانية على الآخرة الباقية و قعدنا عن الجهاد في سبيل الله و قصرنا أيمـا تقصير في تبليغ هذه الرسالة للعالمين، سلط الله علينا ذلا لا ينزعه عنـا إلا بالرجـوع إلى ديننـا و العض عليـه بالنواجـذ، بالتوحيـد الخالص لله - تعالى - و تحقيـق العبودية مع تمام الحب و تمام الذل لله وحده لا شريك له مخلصين له الديـن و لا نخشى في الله لومة لائم.
و ملة الكفر ملة واحدة ما فتئت تتآمر و تكيد لهذه الأمة بشتى أنواع الأساليب من قتل و دهاء و غدر و نقض للعهود و المواثيق، حتى صرنا إلى ما صرنا إليه من تشتت و تفرق بعد ما كنا خير أمة أخرجـت للنـاس كمـا قال الله- تعالى -: (و إن هذه أمتكم أمة واحدة و أنا ربكم فأعبدون).
حـتى صار أراذل القوم يسخروا و يستهزؤا بشعائر الإسلام و تجرؤا على حربنا في عقر ديارنا و يعبثـون بمقدستنـا الإسلاميـة عبر مر التاريخ إلى يومنا هذا، و كأن التاريخ يعيد نفسه و للأسف الشديد فنحن في سبات عميق في ظـل غياب راية إسلامية موحدة تتصدى لهذه الحملات الصليبية و من ورائها اليهود (المغضوب عليهم)، كما قال الله- تعالى -فيهم: (كلما أوقدوا نارا للحرب أطفئها الله). ليضربونا في صميم عقيدتنا و من ورائها المليار و أزيد مسلـم في العالم اليـوم، و لا يحلوا لهم إلا النيل من نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - و التمثيل به على مرئ و مسمع من العالم و أمـام حضارة إسلامية عريقة عرفها التاريخ (و لازالت إلى قيام الساعة).
فكيف نفسر إذن تصرف وسائل الإعلام الغربية الحاقدة على الإسلام بفعلهم الشنيع هذا لأفضل خلق الله، لخاتم النبيين و إمام المرسلين و خليل الله - سبحانه وتعالى-. كما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - محدثا أبا بكر الصديق - رضي الله عنه -: (لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبابكر خليلاً و لكن اتخذني الله خليلا). في حين يدعون للحوار بين الحضـارات و الأديان و نحن ننساق دائما ورائهم. و الله - تعالى -يقول: (و لن ترضى عنك اليهود و لا النصارى حتى تتبع ملتهم).
و قال أيضا – عزوجل- : (ود الذين كفروا لو يردوكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم).
ألا يمكن أن يكون هذا مؤشرا ظاهرا و جليا لا يمكن غض الطرف عنه، بأنه صراع بين الكفر و الإيمـان، بين الإسلام و اليهوديـة و الصليبية، الحاقدتين على المسلمين في أرجاء العالم، و هم قد بادؤنا أول مرة بالرغم لمغالطتهـم للتاريخ و لشعوبهـم و لزيفهم بحرية التعبير و حرية الأديان و الاعتقاد و لحقوق الإنسان.. إلخ من الشعـارات الواهية و يا لها من أكـذوبة ساذجة و ساخرة عرفها القرن 21. حيث قوله - تعالى -: (ضرب عليهم بسور له باب باطنـه فيه الرحمـة و ظاهره من قبله العذاب). ألا يا أمة الإسـلام هبي للتغيير حتى ينصرنا الله نصرا مؤزرا و يشفي صدور قـوم مؤمنين يحبهم و يحبونه و يحبون نصرة نبيهم - صلى الله عليه وسلم -، إن التمكين للإسلام يبدأ من تغيير ما بأنفسنا مصداقا لقوله - تعالى -: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم). و بمعرفة الله - تعالى -و معـرفة أسمائه و صفاتـه (و ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) و الإنابة إليه بالقلب و القول و العمل، و معرفة نبيه - صلى الله عليه وسلم - و إتباع النور الذي جاء به هدى للناس متبعين غير مبتدعين و اقتفاء أثار الخلفاء الراشدين المهديين من بعده و صحابته الكرام رضوان الله عليهم و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين فحينئذ يفرح المؤمنين بنصر الله و ليخسأ أعداء الله. قال الله - تعالى -: (قل إن كنتم تحبون الله فأتبعوني يحببكم الله و يغفر لكم ذنوبكم). و قوله - تعالى -: (و من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى و نصله جهنم و ساءت مصيرا). و ما لنا إلا أن نقول مثل ما قال نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -: (حسبنا الله و نعم الوكيل، اللهم ربنا أكفينهم بما شئت. اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، إهزم الأحزاب، اللهم إهزمهم و زلزلهم). اللهم أمين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد