الأسرة وتخطيطها للعام الهجري الجديد


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

أيها الوالدان الكريمان طبتما وطابت أعوامكما بكل خير إن شاء الله، وها نحن نتدارس سويا في هذه الحلقة كيف نخطط للعام الجديد تربويا واجتماعيا وإيمانيا ونفسيا مع أسرتنا.

 

قال أهل التربية عن التخطيط بأنه هو نشاط يساعدك لتصبح الشخص الذي تتمناه، وقالوا أيضا كل ساعة تقضى في التخطيط الجيد توفر عليك ساعات عديدة في التنفيذ، وقالوا الشخص الذي لا يخطط قد ينجح لكن الصعوبات والعقبات التي تواجهه تكون أشد وأكثر صلابة وصعوبة.

وسيكون الحديث مع الأسرة في عامها الهجري الجديد ضمن خمس عشرة همسة وأختم تلك الحلقة بعشر وصايا للآباء والمربين.

 

الهمسة الأولى لابد أن يدرك الأبوان الكريمان أهمية التخطيط لهما ولأولادهما وأن يعيشوه جميعا واقعا عمليا وليس لزاما أن يكون في كل شيء، بل فيما يريان أهميته تربويا وإيمانيا واجتماعيا ونحوها، فإذا اعتادت النفس ذلك صار سجية لها حتى في صغائر الأمور، فصار الفرد في الأسرة مرتبا مهذبا محافظا على وقته وجهده.

 

الهمسة الثانية كم هو جميل جدا أن تجتمع الأسرة لتسمع درسا في بداية العام عن الهجرة وأحداثها، وعن الدروس المستفادة منها، وهذا لا شك أنه سيعطي الأسرة منهجا تسير عليه في تصحيح مسارها ومفاهيمها.

 

الهمسة الثالثة ما الجديد من الإنجازات التي سينجزها أفراد الأسرة كل حسب مستواه ووجهته؟ هذا سؤال كبير يجعل أفراد الأسرة يفكرون في السابق محاولين مراجعة إنجازاتهم السابقة، فقد يكون الإنجاز الجديد حفظ القرآن أو بعضه وقد يكون في حفظ السنة وقد يكون في قراءة قائمة من الكتب المفيدة وقد يكون وظيفة يتقلدها الفرد وقد يكون سلوكا وخلقا حسنا يتخلق به وقد يكون دورات تدريبية ترفع مستواه الوظيفي والأخلاقي أو غير ذلك، فلا بد أن تكون الإجابة على هذا السؤال هي أشياء عملية على أرض الواقع لا أمانٍ فقط.

 

الهمسة الرابعة كم هو جميل أن تجعل الأسرة في جدولها العملي القيم الإيجابية في بداية عامها، ففي كل أسبوع قيمة من القيم الإيجابية تتناقش الأسرة فيها وتطبقها ثم تنتقل في أسبوعها الثاني إلى القيمة الأخرى وهكذا، فهؤلاء سينجزون خمسين قيمة إيجابية خلال عامهم هذا، وهذا لا شك أنه إنجاز كبير وجليل وجميل ورائع كم تحتاج إليه الأسر كلها.

 

الهمسة الخامسة على الأبوين الكريمين تنشيط الأولاد على رسم أهداف يراد تحقيقها خلال العام كل فيما يحتاجه ويخصه، مع متابعة الفرد في تحقيق هدفه وذلك بمساعدته في رسم الوسائل المعينة على تحقيقه، وهذا يحتاج كثيرا إلى التحفيز والتشجيع وجلسات لمراجعة الأهداف.

 

الهمسة السادسة إن كل فرد من أفراد الأسرة بحاجة ماسة إلى ترتيب وقته من حيث الإجمال وذلك برسم خطوط عريضة، فهو يجعل جدولة معينة لما سيفعله في الأسبوع أو اليوم أو الشهر كل حسب ما يناسبه، أما من فقد ترتيبه وجعل أعماله تسير على غير تنظيم وتنسيق فهو قد ينجح لكنه يضيع عليه من الوقت الساعات الطوال، ويواجه من العقبات أمثال ذلك، فالتخطيط أولا هو علامة النجاح المتميز.

 

الهمسة السابعة كم هو جميل أن يضع أفراد الأسرة مخرجات ونتائج متوقعة ينتظرون إنجازها فكلما تذكروها قويت هزائمهم فقادتهم إلى النشاط والحزم، فاكتب تلك المخرجات المتوقعة في لافتة وضعها في غرفتك وانظر إليها دائما فإن هذا يساعدك على تحقيق أهدافك.

 

الهمسة الثامنة ليتأمل كل فرد في الأسرة ما واقع ذلك الذي لم يخطط وما إنجازاته وما ثقافته وما مخرجاته، لا شك أنها ضعيفة، فاحذر أن تكون ذلك الشخص.

 

 الهمسة التاسعة لا يلزم أن يكون النجاح بتنفيذ الخطط مائة في المائة، وإن كان هو المطلوب لكن لا ننسى أن النجاح تسعين في المائة ما يزال في دائرة الامتياز، وأيضا ما دونه بقليل هو في دائرة النجاح، علما أن الاستدراكات الممكنة وقت التنفيذ تزيد في النجاح.

 

الهمسة العاشرة ليقف الوالدان وقفات شهرية مع خطط أولادهم لدراسة التحقيق لهذه الأهداف ومدى التقدم والتأخر ومناقشة ذلك.

 

 الهمسة الحادية عشرة إن كان تخطيطك مهما، فإن الإشراف على التخطيط من قبل شخص تربوي هو أيضا مهم جدا فإنه يختصر عليك الكثير من الوقت والجهد.

 

الهمسة الثانية عشرة إن من أساس النجاح في كل شيء هو القراءة والاطلاع، فكم نحن بحاجة ماسة إلى وضع جدولة معينة لنا ولأولادنا في القراءة، فمن خلالها تُصحح المفاهيم والتصورات وتتعمق الأفكار الإيجابية وتتسع المدارك ويكون لدى القارئ ملكة النقد الإيجابي وتتحسن تصرفاته مع أهله وذويه والمجتمع بعامة، ويكون قادرا على التعبير وذلك لما لديه من مفردات اكتسبها من القراءة، ويكتسب أيضا مواهب عدة كالفطنة وسرعة البديهة وغير ذلك مما يتكون لديه من القراءة، فلتكن البداية بالقراءة ميسرة وخفيفة وقصصية، ثم تزداد مع الوقت شيئا فشيئا ومن الممكن أن يعقد الأب لأبنائه جلسة مع أحد المربين للاسترشاد حول هذا المشروع الكبير مع المتابعة المنزلية من قبل الوالدين، وأهمس في أذن الوالدين قائلا إن تشجيعكما لأولادكم بالمال والهدية والكلمة الطيبة هو بإذن الله تعالى وقود لهم في استمرارهم وثقافتهم.

 

الهمسة الثالثة عشرة ماذا لو أن الأسرة حررت أعمالا إيمانية فاضلة ثابتة، ففي كل أسبوع يطرح عمل من الأعمال الإيمانية يتم مناقشته ومعرفة أحكامه ثم يتم تطبيقه فسيطبقون خلال عامهم خمسين عملا ولا شك أن هذا حصيلة كبرى وخير عظيم وجليل يجري أجره لهذين الوالدين الكريمين مع ما يحصل للأولاد من أجر عظيم.

 

الهمسة الرابعة عشرة إن بداية عام جديد هي محفزة للشخص الجاد الذي يريد أن يكون منجزا فيجلس جلسة مع نفسه متأملا حاجاته التربوية والمهنية والاجتماعية والنفسية وغيرها ثم ينطلق بأعمال جادة تلبي تلك الحاجيات، فاستثمر أيها الأب المبارك بداية العام بتشجيع أولادك لمبادرات يقدمونها ولتكن أنت أحد أسباب نجاحهم بإذن الله تعالى.

 

الهمسة الخامسة عشرة إن الأبوين الكريمين عندما يقدما عملا مشجعا في تربية أولادهم فلا شك أنهما سيلاقيان شيئا من العقبات والمشاكل والمشقة، ولكن أهمس في آذانهما قائلا فكرا في المكاسب قبل أن تفكر في المتاعب واعلما أن التربية والرعاية ستنعكس عليكما إيجابا، فاستثمرا بداية العام بالحديث مع الأولاد حول مشاريع تربوية تربونهم عليها، فإن نجحوا فهو بإذن الله تعالى ابتداء نجاح الآخرة، قال تعالى: (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم).

 

وأخيرا اطرحا عشرة وصايا سريعة للآباء والمربين تجاه تربيتهم.

 

الوصية الأولى في تربيتك لا تؤجل ولا تسوف فتتراكم عليك الجهود فتقل النتائج.

 

الوصية الثانية فكر في تربية كل أولادك في المكاسب قبل أن تفكر في المتاعب فإن ذلك يسهل عليك الأعمال التربوية مهما كبرت.

 

الوصية الثالثة اجعل عندك بعد نظر بأن ما يتلقاه عنك أبناؤك سيعطونه لأبنائهم وهكذا، سيكون ذلك صدقة جارية لك فاجتهد فيه.

 

الوصية الرابعة إقرن مع تربيتك دعائك لهم فإنه أمر مهم في الصلاح والإصلاح.

 

الوصية الخامسة لا تشمت بأحد من أبناء المسلمين لم يوفق فتبتلى بأولادك أو بنفسك.

 

الوصية السادسة اعلم أن الحب والعاطفة هو أساس التقبل والقبول فجعل هذا الجسر بينك وبين أولادك قويا ومتينا.

 

الوصية السابعة كن قدوة لهم، لا يرون منك ما يخالف ما تدعوهم إليه.

 

الوصية الثامنة إعرض جهدك هذا على أصحاب الاختصاص من المربين ليلاحظوا عليك ما قد أخطأت به من التربية فيسددوك.

 

الوصية التاسعة الدرس التربوي المنزلي هو من أكبر أساسيات التربية فاحرص عليه.

 

الوصية العاشرة أنقل أفكارك لغيرك لعله أن ينتفع بها فتكون صدقة جارية لك.

 

أسأل الله تعالى أن يصلح نياتنا وذكرياتنا وأن يجعلهم قرة عين لنا وللمسلمين

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply