سلبيات على الاستقرار الأسري وعلاجها


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

إن الاستقرار الأسري مطلب كبير للأبوين خصوصا وللأسرة عموما، إذ إن هذا الاستقرار سيوصل بإذن الله تعالى إلى التلاحم والتكاتف والترابط الأسري وهذه مطالب كبيرة رغب فيها الإسلام وحث على وجودها في المجتمع الأسري بل وأمر بالاعتصام ونهى عن التفرق، قال الله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) وثمة سلبيات تؤدي إلى خرق تلك المكاسب من الترابط والتكاتف الأسري، سأتعرض في تلك الحلقة إلى خمس سلبيات قد يكون لها وجود قوي في بعض الأسر مع محاولة علاجها وهي على النحو التالي:

 الأولى من سلبيات الاستقرار الأسري: الاختلاف وعدم التوافق بين الأبوين، لا سيما إذا كان الأولاد قد فهموا وأدركوا حصول هذا الخلاف وهذه سلبية تخرق أركان الأسرة وهما الأبوان الكريمان، مما يوجب على الأبوين أن يدركا ذلك تماما ويسعيان لعلاجه ولعل من علاجه الخطوات التالية:

 أولا: إدراك الأبوين لسلبية هذا الخلاف وأن ضرره قد يتعداهما إلى أولادهما قبل وبعد زواجهم، مما يجعل الأبوين الكريمين يسعيا حثيثا إلى تقارب وجهة النظر بينهما ولا بد في ذلك من التنازل النسبي من كل منهما لتجتمع وجهة النظر وتتفق ولو نسبيا، مما يقلل دائرة الخلاف ويوسع دائرة الوفاق.

 

ثانيا من العلاج والحلول: طرح مشكلة الخلاف بين الزوجين ومناقشتها بينهما هما، باحترام كل للآخر لأن المقصود من النقاش الوصول إلى الحل والوفاق، فلا بد من الاحترام المتبادل في تقبل وجهة نظر الآخر والتعليق عليها وتوجيهها.

 

الثالث: التنازل النسبي من كل طرف عن بعض حقه وعدم التمسك بكامل الحقوقية وذلك مقابل الوفاق ونبذ الخلاف، لأن الخلاف وتحمله أشد ضررا من ضرر التنازل عن بعض الحقوق.

 

الرابع: من العلاج لهذه السلبية التغافل عن الأشياء التي ليست ذات أهمية في حياة الزوجين كالحاجيات اليسيرة والأخطاء البسيطة مثل ما يتعلق ببعض الأطعمة والألبسة واللفظات المطلقة ونحو ذلك مما يجعل هذا التغافل سببا في الوقاية والعلاج لهذا الخلاف.

 

خامسا: استثمار نقاط التوافق ولو كانت يسيرة فهي ستؤثر إيجابا على نبذ نقاط الخلاف، لاسيما إذا تم التشجيع والتحفيز على نقاط الوفاق ولو لفظيا.

 

الثانية من سلبيات الاستقرار الأسري: الجفاف العاطفي بين أفراد الأسرة مما يقلل اجتماعهم ولقاءاتهم وهذا مظهر من مظاهر التفكك الأسري ولعل من علاجه الخطوات التالية:

 أولا: الاهتمام والتأكيد على استمرار الجلسة الأسرية الدورية فهي تحوي مداخلات وأحاديث جانبية لها الأثر الفعال في التداخل بين أفراد الأسرة.

 

ثانيا: تغيير الجو المنزلي برحلات قصيرة مسائية مما يجعل الأولاد يستجمون الجلسة الأسرية والحديث مع بعضهم وخدمة والديهم مما يثير الجو العاطفي لديهم.

 

ثالثا: استحداث مسابقات تربوية وذهنية داخل الأسرة مما يحرك الجو الأسري، وذلك مثل أن يضع الوالدان سؤالا في كل أسبوع وقبله مقدمة تربوية لا تزيد تقريبا على أربعة أسطر، ليستفيد منها المتسابق وتكون تلك المقدمة هي لإحياء قيمة في الأخلاق أو لبيان خطأ والتحذير منه، ثم يعرض بعد ذلك السؤال ويكون التكريم مع النتيجة أسبوعيا فمثل هذا البرنامج يحرك الجو الأسري إلى الامام.

 

رابعا من الحلول: العلاج لهذا الجفاف بطريق غير مباشر فيمكن أن يكون عن طريق الصديق أو الجار أو القريب ونحوهم أو عن طريق كتاب يتحدث عن ذلك.

 

خامسا: استحداث مجموعة في وسائل التواصل للدردشة والمحادثة وإرسال ما يحرك الجو الأسري، سواء كان من الجد أو من المرح الممتع المفيد.

 

 الثالث من سلبيات الاستقرار الأسري: وجود الكلمات واللفظ النابية والسيئة داخل الأسرة كالسب والشتم والتنابز بالألقاب ونحو ذلك وهذا له أثره السيئ في الحاضر والمستقبل ولعل من علاجه الخطوات التالية:

 

أولا: رفع مستوى الثقافة لدى أفراد الأسرة في ألفاظ هم وكيف يتعاملون في مواقفهم الصعبة بعضهم مع بعض وذلك بالأساليب المناسبة خصوصا عند حصول ذلك فيما بينهم.

 

ثانيا: التأسيس عند الصغار بالكلام الطيب والكنيسة المناسبة لينشؤوا عليها وهذا علاج وقائي مهم.

 

ثالثا: مما لا شك فيه أن الوالدين والكبار من الأولاد قدوة لغيرهم فيطلبون منهم أكثر من غيرهم ليقتدي بهم من تحتهم، فإذا اختفت هذه السلبيات من الكبار فقد تختفي عن الصغار.

 

رابعا: من الحلول لهذه السلبية التعويد للنفس على قوة الصبر والتحمل عند المواقف الحرجة بأن يملك نفسه ولسانه ولا يقول إلا خيرا فقد يقول كلمة اليوم يندم عليها غدا، فالوقاية خير من العلاج.

 

خامسا: إشاعة الكلمات الطيبة والنيرة بين الأولاد وذلك بتشجيع الأبوين وتحفيزهم فالحكم سيكون للأكثر فإذا كثرت الكلمات الطيبة صار الغلبة لها وسيكون من قبل غيرها منبوذا في الأسرة ولا ولا يقبل منه والعكس بالعكس.

 

الرابعة من سلبيات الاستقرار الأسري: الصديق والصديقة السلبيان، فالصاحب ساحب في الخير والشر، وقد يهدم هذا الصديق أو يبني حسب نوعيته، ولعل مما يساعد على العلاج الخطوات التالية :

 

أولا: بيان وإشاعة مواصفات الصديق والصديقة الإيجابية داخل الأسرة، وأن يكون الأبناء والبنات عرفوا مواصفات الصديق والصديقة الصالحين المناسبين للصداقة للأبناء والبنات كل فيما يخصه.

 

ثانيا: زيارة الأصدقاء لأصدقائهم في البيوت وحديث الآباء معهم عن قرب ومعرفتهم والتعرف عليهم وتقييمهم.

 

ثالثا :إثراء الجلسات الأسرية بقصص سلبية وإيجابية عن الصداقة ترغيبا وترهيبا سلبا وإيجابا.

 

رابعا: المحادثة الثنائية من الآباء للأبناء ومن الأمهات للبنات عندما يحصل مصادقة سلبية لبيان الأمر ومناقشته وبيان ضرره على المستوى الخاص والعام.

 

خامسا: بيان حال الأصدقاء الصالحين في الدنيا والآخرة وكيف يكون نفعهم بحيث إنهم يشفعون يوم القيامة، أما إن كانوا غير ذلك فهم عبء في الدنيا لما عندهم من المنكرات وكذلك في الآخرة قد لا يشفعون.

 

الخامسة من سلبيات الاستقرار الأسري: ضعف مستوى التدين داخل الأسرة، وهذا قد يكون محور السلبيات كلها وهو أساسها وأصلها ويجب معالجته أولا بأول ولعل مما يساعد على علاجه الخطوات التالية:

 

أولا: استحداث حلقة قرآنية أو درس تربوي يسير ولو مرة في الأسبوع على الأقل، ثم يتدرج بعد ذلك، فهذا عنصر فعال في إصلاح الحال كما أثبتت التجارب.

 

ثانيا: أن يكون الأبوان موضع القدوة في الصلاح والإصلاح فعيون الأولاد معلقة بوالديهم يرون تصرفاتهم وعباداتهم ويسمعون لفظاتهم ويتخلقون بأخلاقهم، فكونوا لهم قدوة.

 

ثالثا: الحديث في الجلسات الأسرية عن أهمية هذا الموضوع وهو رفع مستوى التدين بالأسلوب المناسب والطرح الجيد ولو كان قليلا.

 

رابعا: استحداث برامج عملية إصلاحية وإيمانية داخل الأسرة مثل برنامج للقراءة الثقافية وبرنامج لحفظ الأذكار اليومية ومثل الحث على صلاة التطوع كالضحى والوتر وغيرهما بعد الحث على الفرائض والقيام بها.

خامسا: عدم التساهل ببعض السلبيات الأسرية سواء في الملبوس أو غيره، أو في الاستعمال السلبي لوسائل التواصل أو في التبرج ونحو ذلك، ويجب إظهار الغيرة على المحارم عند الأولاد .

 

معاشرة الآباء والأمهات كم نحن بحاجة ماسة لمناقشة هذه الأشياء من السلبيات المذكورة لتقديم الحلول نظريا وعمليا، واعلموا أن العمل والنتائج الطيبة تحتاج إلى جهد وصبر وتفكير، لماذا نقول هذا؟ لأنكم غدا مسؤولون عند الله تبارك وتعالى عنهم، فكونوا قد يتم عليكم ليكون عذرا لكم عند الله تعالى إن لم يستجب الأولاد لا قدر الله، أما من ترك الحبل على الغارب وقال بأن الهداية بيد الله تعالى فيقال له وأيضا بيدك أنت هداية الدلالة والإرشاد وأنت مسؤول عنها فأعد للسؤال جوابا ما دمت في زمن الإمكان، أصلح الله تعالى قلوبنا وأعمالنا ونياتنا وذرياتنا.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply