حلقة 246: هل يجوز للمسلم أن يكون شريكاً للنصراني في التجارة والزراعة وسائر المعاملات؟ - حكم إفطار الطلاب في رمضان من أجل الامتحانات - حكم الزواج بنية الطلاق - كيفية رد الدين إذا لم يعلم مكان صاحبه - حكم الثأر - ترجمة الخطبة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

46 / 50 محاضرة

حلقة 246: هل يجوز للمسلم أن يكون شريكاً للنصراني في التجارة والزراعة وسائر المعاملات؟ - حكم إفطار الطلاب في رمضان من أجل الامتحانات - حكم الزواج بنية الطلاق - كيفية رد الدين إذا لم يعلم مكان صاحبه - حكم الثأر - ترجمة الخطبة

1- هل يجوز للمسلم أن يكون شريكاً للنصراني في تربية الأغنام أو تجارتها أو أي تجارةٍ أخرى؟ أفيدونا أفادكم الله؟.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فإن اشتراك المسلم مع النصراني أو غيره من الكفرة في المواشي أو في الزراعة أو بشيء آخر الأصل في ذلك جوازها إذا لم يكن هناك موالاة وإنما تعاون في شيء من المال كالزراعة أو الماشية أو نحو ذلك ، وقال جماعة من أهل العلم بشرط أن يتولى ذلك المسلم ، أن يتولى العمل في الزراعة أو بالماشية المسلم ولا يتولى ذلك الكافر؛ لأنه لا يُؤمن ، وهذا فيه تفصيل فإن كانت هذه الشركة تجر إلى موالاة أو إلى فعل ما حرم الله أو إلى ترك ما أوجب الله حرمت هذه الشركة لما تفضي إليه من الفساد ، أما إن كان لا تفضي إلى شيء من ذلك والمسلم هو الذي يباشرها ويعتني بها حتى لا يخدع فلا حرج في ذلك ، ولكن بكل حال فالأولى به السلامة من هذه الشركة ، وأن يشترك مع إخوانه المسلمين دون غيرهم حتى يأمن على دينه ويأمن على ماله، فالاشتراك مع عدوٍ له في الدين فيه خطر على خلقه ودينه وماله ، فالأولى بالمؤمن بكل حال أن يبتعد عن هذه الخلطة حفظاً لدينه وحفظاً لعرضه وحفظاً لماله ، وحذراً من خيانة عدوه في الدين إلا عند الضرورة والحاجة التي قد تدعو إلى ذلك فإنه لا حرج عليه بشرط السلامة كما تقدم بشرط أن لا يكون في ذلك مضرة على دينه أو عرضه أو ماله ، وبشرط أن يتولى ذلك فإنه أحوط له ، لا يتولاها الكافر بل يتولى الشركة والعمل فيها المسلم ، أو مسلم ينوب عنهما جميعاً.   
 
2- طالب في المرحلة المتوسطة، وامتحاناتهم ستكون في شهر رمضان المبارك، ويقول: أنا لا أستطيع أن أذاكر وأدرس وأنا صائم، فهل يجوز لي أن أفطر وأقضي بعد الامتحانات؟ أفيدوني أفادكم الله؟.
الواجب الصوم وليس الامتحانات عذراً في الإفطار فإن صوم رمضان أمر مفترض وليس الامتحان من الأعذار الشرعية ، فالواجب عليه أن يصوم فلو قدر أنه أصابه شيء يخشى عليه شرب إذا دعت الضرورة إلى ذلك ثم أمسك وقضى وإلا فالواجب عليه أن يصوم ويستمر في صيامه ويؤدي الامتحان إذا اضطر إلى ذلك وإن تيسر أن يكون الامتحان ليلاً ويسعى مع المسئولين في ذلك فهذا هو الأحوط والأسهل على الطلبة ، لكن لو فرض أنهم ألزموا بهذا الشيء فإن الامتحان لا يكون عذراً في الإفطار بل عليه أن يختبر ويصبر ويكمل صومه ، لكن لو فرض أنه في بلد حار جداً وفي محل عليه خطر فإنه لا حرج أن يشرب مثلاً في آخر النهار عند الضرورة ما يحفظ عليه حياته ثم يقضي بعد ذلك ، ذلك اليوم مع الإمساك يشرب ويمسك بقية نهاره كمن كان في رعي الإبل أو الغنم وشد عليه الأمر أو في أي عمل من الأعمال فأصابه شدة يخشى منها الموت أو المرض الذي يضره فإنه يفطر ثم يقضي ، يفطر ويمسك ويقضي للضرورة. المقدم: أثابكم الله ، إنما أصلاً لا يفطر؟ الشيخ: ليس بعذر. المقدم: بارك الله فيكم ، والحقيقة كثيرٌ من الناس تسول لهم أنفسهم في مثل هذا ويقولون إنه ضرورة؟ الشيخ: ليس بضرورة.   
 
3- رجل تزوج امرأة ودخل بها، وبقيت معه فترة ولم تنجب فطلقها، وتزوجت من بعده برجل آخر وأنجبت منه أولاداً وبنات، هل الرجل الأول يعتبر محرماً لبنات الرجل الثاني من زوجته التي طلقها؟ أفيدونا أفادكم الله؟.
نعم إذا كان الأول قد دخل بها فإن بناتها من الرجل الثاني محارم له ربائب وهكذا لو كان لها بنات من زوج قبله ربائب، أما إذا كان لم يدخل بها وإنما عقد فقط ولم يدخل بها، أو خلى بها ولم يطأها فإن بناتها لا يكن له ربائب؛ لأن الله جل وعلا قال: وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [(23) سورة النساء]. والدخول هو الوطء والجماع، فإذا كان تزوجها ودخل بها يعني جامعها ثم طلقها فإن بناتها من غيره يكن محارم للزوج المطلق الذي قد دخل بها سواءً كان الزوج الذي منه البنات سابقاً أو لاحقاً. وبناتهن كذلك أيضاً.  
 
4- أنا موظف مغترب في المملكة في مدينة الرياض، وأنا سوري الجنسية، أرغب التزوج بطريقة زواج بنية الطلاق، فما حكم الإسلام في هذا، خاصة أنه عندما ينتهي عقد العمل في المملكة أريد أن أطلق وأسافر؟ أفيدوني أفادكم الله؟.
هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم ، والأكثرون على جواز ذلك ؛ لأن النية داخلية ليس فيها مشارطة بينه وبين أهل الزوجة ولا بينه وبين الزوجة فليس هذا من باب المتعة ، بل هذا نكاح شرعي صحيح عند جمهور أهل العلم ، وكونه ينوي الطلاق في المستقبل عند سفره أو عند حاجة أخرى لا يضره ذلك هذا شيء مباح له ، الطلاق مباح له عند الحاجة إليه ، ولكن ليس بشرط أما إذا شُرط عليه ذلك أنه يطلق في وقت كذا بعد شهر بعد شهرين بعد سنة أو اتفق على ذلك هذه المتعة المحرمة لا يجوز ، لكن مادام هذا شيئاً في نفسه ليس بينه بينهم فيه شرط وإنما هو بينه وبين الله - عز وجل - فهذا لا يضر النكاح على الصحيح عن جمهور أهل العلم.  
 
5- أنا فتاةٌ أبلغ الآن السابعة والعشرين من عمري، كنت في سن السادسة عشرة والخامسة عشرة والسابعة عشرة لم أصم، وكانت الدورة قد أتتني، ولم أكن جاهلةً بالحكم، بل كنت أعلم أني مخطئة، والآن ندمت على ما فعلت ولا أدري ماذا أفعل، مع أنني لا أجد في نفسي القدرة على الصيام، لن أقول بأنني مريضة لكنني لن أستطيع الصيام، أفيدوني ماذا أفعل؟ بارك الله فيكم؟.
الواجب عليك التوبة إلى الله - سبحانه - ، والندم على ما مضى منك من التقصير ، والمسلم إذا عصى ربه ثم ندم وتاب تاب الله عليه يقول الله سبحانه: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [(31) سورة النــور]. ويقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ [(8) سورة التحريم].. الآية.. فالواجب عليك الندم على ما مضى منك ، والعزم على أن لا تعودي لمثل هذا ، وعليك مع هذا القضاء استعيذي بالله واقضي تلك الأيام التي أفطرتيها من الرمضانات الماضية وإياك والكسل والعجز فإن هذا من الشيطان ، فيجب عليك أن تصومي ولو صياماً غير متتابع تصومي وتفطري حتى تكملي ، تكملي العد الذي عليك وعليك مع هذا في أصح قولي العلماء إطعام مسكين عن كل يوم إذا كنت تستطيعين ذلك ، فإن كنت فقيرة لا تستطيعين فلا شيء عليك لكن متى استطعت ذلك فعليك مع الصيام إطعام مسكين عن كل يوم نصف صاع من التمر أو من غيره من قوت البلد من أرز أو غيره تجمع يجمع ذلك الطعام ويعطى بعض الفقراء وعليك بعدد الأيام التي أفطرتيها أن تصومي سواءً كانت متتابعة أو متفرقة لا حرج في ذلك وهذا لازم وفرض لابد منه مادمت بحمد لله بسن الشباب والقدرة.  
 
6- نزلت مرةً للسوق واشتريت قطعةً من القماش، ونقص الثمن الذي معي، فقال صاحب المحل: اذهبي وأتي بالبقية في وقت آخر، لكنني قد أضعت المحل ولا أدري ما اسم صاحبه، أفيدوني ماذا أفعل؟
إذا كنت ضيعت المحل ولم تعرفيه تصدقي بالباقي على بعض الفقراء بالنية عن صاحب المحل ، أما إن استطعت أن ترديه إليه فافعلي هذا واجب عليك أن تردي إليه حقه ، وقد ائتمنك وأحسن الظن بك ، فالواجب عليك أن تؤدي له حقه فإن لم تستطيعي فالله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [(16) سورة التغابن]. فتصدقي عنه بالنية وأعطيه بعض الفقراء بالنية عن صاحبه. بارك الله فيكم.  
 
7- يمني الجنسية مقيم في مدينة الهدار في المملكة، بعث إلينا بهذه الرسالة، ضمنها استفساراً عن حكم حجه لزوجته من ماله هو حيث أنه لا مال لديها، فيسأل عن حكم حجه لها من مدينة الهدار بالمملكة، أم يلزم أن يكون من مالها، وأن يكون من اليمن إن شاءوا الحج؟
إن كانت أوصت بالحج فالأولى والأحوط أن يحج عنها من بلدها من مالها إن كانت أوصت بذلك أو كانت غنية حين ماتت غنية تستطيع الحج ولكنها تساهلت فإنها يحج عنها من مالها فإن حج عنها هو من ماله ومن بلده الذي هو فيها أجزى ذلك والحمد لله إذا حج عنها معروفاً منه وإحساناً منه سقط عنها الحج ولم يبق عليها بعد ذلك شيء وهو بهذا يكون له أجرٌ كبير وإحسان إلى زوجته والحمد لله. بارك الله فيكم.  
 
8- لماذا حرم الإسلام أن يأخذ الإنسان بثأره من قاتله أو قاتل قريبه؟ أفيدونا أفادكم الله؟
الإسلام شرع القصاص فمن قتل غيره بغير حق فلورثته القصاص من القاتل بالشروط المعتبرة شرعاً من طريق ولاة الأمور ، أما أن يتعدى هذا على هذا وهذا على هذا بغير نظام شرعي وبغير أمر شرعي فهذا لا يجوز؛ لأنه يفضي إلى الفساد والفتن وسفك الدماء بغير حق ، فلابد في القصاص من شروطه المعتبرة أولاً : ثبوت القتل ثانياً : ثبوت المكافئة القاتل للقاتل ، ثم يكون ذلك من طريق ولاة الأمور في البلد حتى لا يحصل الفساد والفتنة. أما كون الناس يأخذ بعضهم الثأر من بعض، ويقتل بعضهم بعضاً من دون بصيرة ومن دون ولاة الأمور ومن دون ضبط للواجب فهذا لا يجوز ، وهذا يفضي إلى فساد كبير. بارك الله فيكم.  
 
9- أنا أقوم بتعليم قراءة القرآن الكريم لوجه الله - تعالى - بعد صلاة العشاء من كل يوم، وذلك لأجناس مسلمة غير عربية، من باكستانيين وهنود وصوماليين وغير ذلك، في موقع السكن، حيث أننا نسكن في مجمع سكني يوجد به مسجد أقامه أهل الخير - بارك الله فيهم -، وقد قمت منذُ وصولي بتدريس القرآن لهؤلاء الناس، وبدؤوا معي بداية طيبة، والآن أصبحوا يقرؤون، وكثيرٌ منهم استغنى عني، ولا زلت أواصل عملي هذا، ولكن المشكلة أنهم يشكرونني ويبالغون في الثناء عليّ وفي مدحي، وأنا أخشى من حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في الثلاثة الذين يدخلون النار، ومنهم قارئ القرآن حيث يقول الله له: (قرأت ليقال عنك قارئ، وقد قيل ..). وأنا في الحقيقة استنكر فعلهم هذا، وأردهم عنه، لكن ما ذنبي في أنهم يقولونه، هل علي ذنب، أم أوقف القراءة،، أم ماذا أفعل؟
أنت على كل حال مشكور على هذا العمل الطيب، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) . فأنت مشكور على عملك وأنت على أجر عظيم ، وعليك أن تخلص لله في عملك فمادمت تقصد بهذا وجه ربك تريد الأجر منه سبحانه فلا يضرك قولهم الوعيد فيمن قرأ ليقال قارئ وتعلم ليقال عالم أما من علم الناس يريد ثواب الله ويطلب الأجر منه - سبحانه وتعالى - فإنه لا يضره كلام الناس ولو مدحوه ولا قالوا إنه جيد، وأنه طيب ما يضره، هذه عاجل بشرى المؤمن، لكن يكره لهم المدح في وجهه ويقول لهم دعو هذا حتى لا يسرفوا في المدح يأمرهم بترك المدح ، ويوصيهم بذلك وينصحهم؛ لأن هذا قد يضره قد يفضي إلى إعجابه بنفسه قد يفضي إلى تكبر قد يفضي إلى شر كبير، فإنه ينصحهم ويقول لهم يا إخواني دعو هذا ، ادعوا لي جزاكم الله خير ، لأن هذا قد يضرني ينصحهم ويكفي، فأنت إذا نصحتهم ووجهتهم إلى الدعاء لك بدل المدح والثناء والإفراط في هذا الشيء فأنت بهذا قد فعلت ما ينبغي ولا يضرك بعد ذلك ما يفعلون من المدح إذا كنت تعلم من نفسك أنك تعلم من نفسك أنك تعمل هذا لوجه الله سبحانه وتعالى. بارك الله فيكم.  
 
10- حكم ترجمة الخطبة بعد انتهاء الإمام منها وقبل الصلاة باللغة الإنجليزية أو غيرها ، لوجود كثير ممن لا يعرفون العربية؟
إذا كان الجماعة فيهم جماعة كبيرة لا يعرفون العربية وخطب الخطيب باللغة العربية ثم ترجمها لهم باللغة التي يفهمونها أو يفهما غيره لا حرج في ذلك لأن في هذا جمعاً بين المصلحتين بين عظة الفاهمين للخطبة وبين عظة الذين لا يفهمونها لترجمتها لهم، والمقصود من الخطبة وعظ الناس وتذكيرهم وتعليمهم وتوجيههم إلى الخير، فإذا كان فيهم جملة كبيرة لا يفهمون الخطبة لم يحصل لهم المقصود فإذا ترجم لهم الخطيب خلاصة معانيها أو ترجم ذلك غيره من الثقات حتى يستفيد الحاضرون وكما استفاد الآخرون فهذا لا بأس به. بارك الله فيكم.  
 
11- عندنا عادة تنتشر كثيراً - مع الأسف- وهي: التبول واقفاً للرجال، فما حكم الشرع في بذلك؟ أفيدونا أفادكم الله.
التبول قائماً لا حرج فيه، ولكن الجلوس أفضل ، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أتى سباطة قوم فبال قائماً ، والذي يظهر أنه فعل هذا ليبين الجواز وأنه يجوز لكن الجلوس أفضل ، ولا بد من مراعاة ستر العورة ، وأن يكون في محل مستور العورة لا يطلع على عورة أحد ولا يراها أحد فإذا أتى مكاناً خالياً ليس فيه من ينظر إلى عورته وبال قائماً لعجلة وحاجة أو لأسباب أخرى فلا حرج في ذلك ، لكن جلوسه أفضل وأبعد عن آثار البول ، هذا هو المعتمد عن أهل العلم. بارك الله فيكم.  
 
12- ما حكم الصور التي يعلقها كثير من الناس في المنازل؟ أفيدونا أفادكم الله؟.
لا يجوز تعليق الصور في المنازل ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال لعلي - رضي الله عنه - : (لا تدع صورة إلا طمستها). وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه دخل ذات يوم على عائشة وعندها ستر معلق على سهوة لها فيه تصاوير فغضب وهتكه ، وقال: (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم) . فالواجب على المسلمين ترك هذه الستور التي فيها الصور ، وأن لا يعلقوا صورة لا في مسكن ولا في مكتب ولا في مجلس ولا في غير ذلك تعليق الصور لا يجوز ، أما إذا كانت الصورة في محل يمتهن كالبساط والوسائد فهذه لا حرج في ذلك ؛ لأنه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على ذلك ، ثبت عنه أن عائشة - رضي الله عنها - لما رأى منه الغضب من جهة الستر جعلته وسائد يرتفق بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وثبت عنه في سنن النسائي وغيره من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن جبرائيل كان له موعد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فتأخر عن موعده فلقيه النبي - صلى الله عليه وسلم - خارج البيت فسأله عن المانع فقال: (إن في البيت تمثالاً وستراً فيه تصاوير وكلباً ، فقال له جبرائيل: مر برأس التمثال أن يقطع حتى يكون كهيئة الشجرة ، وبالستر أن يتخذ منه وسادتان توطئان منتبذتان ومر بالكلب أن يخرج). ففعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخل جبرائيل. فهذا يدل على أن الستر إذا جعل وسادة أو فراش يوطأ فهذا لا بأس به لأنه يمتهن حينئذ ولا يكون فيه تعظيم ولا تكريم للصور ولا رفع لشأنها ، أما جعلها على الأبواب أو على الجدران أو في براويز في الجدران هذا كله منكر لا يجوز يجب إزالة ذلك. بارك الله فيكم.  
 
13- قول الله - تبارك وتعالى-: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ [المائدة:90] الآية، يقول: نعلم أن الخمر هو كل ما خامر العقل وأسكره، لكن ما معنى الأنصاب والأزلام؟
الخمر معروف وهو كل مسكر ، والأنصاب الأزلام أشياء كانت في الجاهلية أنصاب كانوا ينصبونها يذبحون عندها لأصنامهم ، فأنكر الله عليهم ذلك وأمر بإزالتها والقضاء عليها ، وأما الأزلام فكان أشياء يستقسمون بها لحاجاتهم يكتب عليها ، وهي ثلاثة يكتب على واحد: افعل ، والثاني: لا تفعل، والثالث: غفل، ليس فيه شيء ، فإذا أرادوا سفراً أو حاجة مهمة أجالوا هذه الأزلام فإن خرج افعل فعلوا ، وإن خرج لا تفعل تركوا، وإن خرج غفل أعاودا إجالة هذه الأزلام ، فنسخ الله ذلك ونهى عنه - سبحانه وتعالى - ،وأرشد المسلمين بدلاً من ذلك إلى الاستخارة الشرعية وإلى القرعة الشرعية بدلاً من هذه الأزلام. وأما الميسر فهو القمار المعروف ، وهو معاملة يا نصيب التي يتعاطها بعض الناس بالمخاطرة في سائر الألعاب، وهي منكر ، الميسر منكر ، وهو قمار، حرمه الله - عز وجل - لما فيه من أكل المال بالباطل ، فهذا معنى هذه الكلمات. بارك الله فيكم.  
 
14- حكم تناول الإنسان المسلم شيئاً يضر بصحته، كالسجائر والتبغ وغيرها، وما حكم الشرع في ذلك؟
يحرم على المسلم أن يتناول ما يضره ؛ لأن الله - جل وعلا - أكرم الإنسان وأمره بما ينفعه ونهاه عما يضره، فالواجب عليه أن يبتعد عما يضره لقول الله - جل وعلا-: وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [(195) سورة البقرة]. ولقوله سبحانه: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [(29) سورة النساء]. ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا ضرر ولا ضرار). فالمسلم يبتعد عما يضره من مأكول أو مشروب أو ملبوس أو مشموم أو غير ذلك ، ومن جملة ذلك الدخان فإنه مضر خبيث يجب الحذر منه ، والله - سبحانه - حرم علينا الخبائث وأباح الطيبات، قال عز وجل: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ - فقال سبحانه - : قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [(4) سورة المائدة]. فالله ما أحل لنا إلا الطيبات من المأكل والمشرب والمنكح وغير ذلك ، فالدخان بأنواعه ، وسائر الخمور والميتة والخنزير وسائر ما حرم الله كله من الخبائث فيجب الحذر من ذلك فالدخان معلوم عند أهل الخبرة مضرته الكبيرة ، وأنه يترتب عليه مضار متنوعة مع كونه خبيثاً لا يجوز تعاطيه ففيه مع الخبث مضار كثيرة ، فيجب على أهل الإسلام تركه والحذر منه ولا تجوز التجارة فيه ، فالبيع له والشراء له وثمنه كله حرام - نسأل الله أن يوفق المسلمين للحذر منه والعافية من أضراره وشره-. بارك الله فيكم.  
 
15- عندما يتبول وينقطع البول قليلاً ثم بعد أن يغسل مكان البول ويتحرك يحس أنه نزل منه، وأنه يأخذ فترة طويلة لا ينتهي ، ينزل قطرات بعد هذا ، فيقول : ماذا افعل؟ هل اكتفي بالوضوء الأول وغسل المكان وأكمل وضوئي أم انتظر إلى حين انتهائه ، أفيدوني أفادكم الله؟
هذا الأمر قد يقع من باب الوساوس والأوهام ومن الشيطان ، وقد يقع عليه بعض الناس حقيقة فإذا كان حقيقة فلا يعجل حتى ينقطع البول ثم يغسل ذكره بالماء وينتهي، وإذا خشي من شيء بعد ذلك فليرش ما حول الفرج بالماء ، يعني ما حول الفرج من إزاره وسراويله بالماء، ثم يحمل ما قد يتوهمه عن ذلك بعد وضوءه ؛ لأن هذا قد يعينه على ترك هذه الوساوس ، أما إن كان أوهاماً ووساوس لا حقيقة لها فلا يلتفت إليها، ينبغي للمؤمن أن لا يلتفت لهذه الأمور لأن هذا يجرئ عليه الشيطان ، فالشيطان حريص على إفساد أعمال بني آدم من صلاة وغيرها ، فالواجب الحذر من مكائده ووساوسه والاعتصام بالله والاتكال عليه، وحمل ما قد يقع على أنه من الشيطان حتى لا يلتفت إليه، ويمضي في منظوره الشرعي، ثم في صلاته ولا يلتفت إلى شيءٍ من هذه الأوهام، فإن خرج منه شيء عن يقين من دون شك، أعاد الاستنجاء وأعاد الوضوء، أما ما دام في واحد في المئة شك فلا يلتفت، لو ظن تسعين في المائة أنه خرج منه شيء فلا يلتفت لأن هذا مما يجرئ عليه الشيطان ما دام لم يتيقن فإنه يمضي في سبيله وفي صلاته ووضوءه، ولهذا لما سئل صلى الله عليه وسلم قيل: يا رسول الله الرجل يخيل إليه أنه يجد شيء في الصلاة قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحا. فأرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنه لا ينصرف من صلاته من أجل هذا التخيل حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً، فهكذا الإنسان إذا فرغ من وضوءه ثم حس بشيء لا ينصرف إلى الوضوء ثانياً ولا يرجع، بل يستمر في طهارته وفي صلاته وأعماله حتى يتيقّن مائة في المائة أنه خرج شيء، وإلا في الأصل أنه خرج شيء وإنما ذلك من وساوس الشيطان وتزيينه وإيهامه حتى يتعب المؤمن وحتى يشغله بهذه الأمور. نسأل الله السلامة.

458 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply