حلقة 320: معنى شهادة أن لا إله إلا الله - حكم الأخذ ببعض الأحكام وترك البعض الآخر - ارتكاب المعاصي هل تؤثر على الركن الأول من أركان الإسلام - هل يكفي النطق والاعتقاد بأن لا إله إلا الله أم أن هناك أشياء أخرى

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

18 / 48 محاضرة

حلقة 320: معنى شهادة أن لا إله إلا الله - حكم الأخذ ببعض الأحكام وترك البعض الآخر - ارتكاب المعاصي هل تؤثر على الركن الأول من أركان الإسلام - هل يكفي النطق والاعتقاد بأن لا إله إلا الله أم أن هناك أشياء أخرى

1- اشرحوا لنا لو تكرمتم معنى الركن الأول من الإسلام، وما يقتضيه ذلك المعنى، وكيف يتحقق في الإنسان، وما حكم من جهل شيء منه؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فإن الله بعث نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس عامة عربهم وعجمهم, وجنهم, وإنسهم, ذكورهم, وإناثهم يدعوهم إلى توحيد الله والإخلاص له, وإلى الإيمان به-عليه الصلاة والسلام-, وبما جاء به وإلى الإيمان بجميع المرسلين, وبجميع الملائكة والكتب المنزلة من السماء, وباليوم الآخر, والبعث والنشور, والجزاء, والحساب, والجنة, والنار, وبالقدر خيره وشره, وأن الله قدر الأشياء وعلمها وأحصاها وكتبها- سبحانه وتعالى-, فكل شيء يقع هو بقضاء الله وقدره-سبحانه وتعالى-, وأمر الناس أن يقولوا لا إله إلا الله هذا هو أول شيء دعا إليه, وهو الركن الأول من أركان الإسلام, شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, فلما قال للناس قولوا لا إله إلا الله, وأمرهم أن يؤمنوا بأنه رسول الله- عليه الصلاة والسلام- امتنع الأكثرون وأنكروا هذه الدعوة, وقالت له قريش ما ذكر الله عنهم: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ, وقال- سبحانه عنهم: إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ, فاستنكروا هذه الدعوة؛ لأنهم عاشوا على عبادة الأصنام والأوثان, واتخاذ الآلهة مع الله-عز وجل-, فلهذا أنكروا دعوة الرسول- عليه الصلاة والسلام- في توحيد الله والإخلاص له, وهذا الذي دعا إليه - صلى الله عليه وسلم - هو الذي دعت إليه الرسل جميعاً كما قال- سبحانه-: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ, وقال- سبحانه-: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ, وفي الصحيحين عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (بني الإسلام على خمس - يعني على خمس دعائم - شهادة أن لا إله إلا الله, وأن محمداً رسول الله, و إقام الصلاة, وإيتاء الزكاة, وصوم رمضان, وحج البيت), وفي الصحيح أيضاً عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتاه سائل يسأله في صورة رجل شديد الثياب شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه من الحاضرين أحد فقال: يا محمد أخبرني على الإسلام؟ فقال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, وتقيم الصلاة, وتؤتي الزكاة, وتصوم رمضان, وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً ، قال: صدقت ، فقال الصحابة: فعجبنا له يسأله ويصدقه ، ثم قال: أخبرني عن الإيمان؟ قال: الإيمان أن تؤمن بالله, وملائكته, وكتبه, ورسله, واليوم الآخر, وتؤمن بالقدر خيره وشره ، قال:صدقت ، قال: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن يراه فهو يراك) الحديث ، ثم أخبرهم - صلى الله عليه وسلم - أن هذا جبرائيل أتاهم يعلمهم دينهم, لما لم يسألوا أتاهم جبرائيل بأمر الله يسأله عن هذا الدين العظيم حتى يتعلموا ويستفيدوا, فدين الإسلام مبني على هذه الأركان الخمسة الظاهرة أولها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, ثانيها إقام الصلاة الخمس, ثالثها أداء الزكاة, رابعها صوم رمضان, خامسها حج بيت الله الحرام، وعلى أركان باطنة إيمانية في القلب, وهي الإيمان بالله وملائكته, وكتبه, ورسله, واليوم الآخر, وبالقدر خيره وشره, فلا بد من هذا الأصول لا بد أن يؤمن المؤمن المكلف بهذه الأصول الستة الباطنية التي تتعلق بالقلب, فيؤمن أن الله ربه وإلهه ......-سبحانه وتعالى-ويؤمن بملائكة الله وبكتب الله التي أنزلها على الأنبياء من التوراة, والإنجيل, والزبور, والقرآن وغير ذلك, ويؤمن أيضاً بالرسل الذين أرسلهم الله إلى عباده أولهم نوح وآخرهم محمد -عليه الصلاة والسلام- وهم كثيرون بين الله بعضهم في القرآن الكريم, ويؤمن أيضاً باليوم الآخر, والبعث بعد الموت, والجزاء من عند الله- عز وجل- أهل الإيمان لهم السعادة, وأهل الكفر لهم الخيبة والندامة والنار, ولا بد أن من الإيمان بالقدر خيره وشره, وأن الله قدر الأشياء, وعلمها, وكتبها وأحصاها فما شاء الله كان وما شاء لم يكن, وكل ما يقع في الوجود من خير وشر وطاعة ومعصية, وقد سبق بهذا علم الله وكتابته وقدره -سبحانه وتعالى-, فالأصل العظيم الأول الذي طالبت به الرسل هو الإيمان بأن الله هو الإله الحق- سبحانه وتعالى-, وهو معنى شهادة أن لا إله إلا الله, هذا أصل أصيل أجمعت عليه الرسل- عليهم الصلاة والسلام-, كلهم دعوا إلى هذا الأصل الأصيل, وهو أن يؤمن الناس بأن الله هو الإله الحق, وأنه لا معبود بحق سواه, وهذا هو معنى لا إله إلا الله أي لا معبود حق إلا الله وما عبده الناس من أصنام, أو أشجار, أو أحجار, أو أنبياء, أو أولياء, أو ملائكة كله باطل العبادة الحق لله وحده- سبحانه وتعالى- وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء, ولا بد مع هذا الأصل الإيمان بالرسول-عليه الصلاة والسلام- في عهد نوح الإيمان بنوح, وفي عهد هود الإيمان بهود مع توحيد الله, وفي عهد صالح الإيمان بصالح مع توحيد الله, وهكذا في عهد كل رسول لا بد من توحيد الله والإيمان بأنه لا إله لا الله, ولا بد من الإيمان بالرسول الذي بلغ الرسالة في عهده إلى آخرهم عيسى- عليه الصلاة والسلام- آخر أنبياء بني إسرائيل عيسى بن مريم-عليه الصلاة والسلام-, ثم بعث الله خاتمهم وأفضلهم نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -, فعيسى هو آخر أنبياء بني إسرائيل, ومحمد هو آخر الأنبياء وخاتم الأنبياء جميعاً, ليس بعده نبي ولا رسول-عليه الصلاة والسلام-, وهو أفضل الرسل وهو إمامهم وهو خاتمهم, فلا بد في حق الأمة أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - جنها وإنسها, عربها وعجمها, ذكورها وإناثها, أغنائها وفقرائها, حكامها ومحكوميها لا بد أن يؤمنوا بهذا النبي فمن لا يؤمن به فلا إسلام له ولا دين له, فلا بد من الإيمان بأن الله هو الإله الحق وأنه لا إله حق إلا الله, ولا بد من الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وأنه رسول الله حقاً إلى جميع الناس, فمن لم يؤمن بهاتين الشهادتين فليس بمسلم, لا بد من الإيمان بهما واعتقاد معناهما وأن معنى لا إله إلا الله معناها لا معبود حقٌ إلا الله, فلا يجوز أن يدعى مع الله ملك, أو نبي, أو شجر, أو حجر, أو جن أو صنم لا, فإذا قال يا رسول الله انصرني بعد موته - صلى الله عليه وسلم -, أو قال يا بدوي يا سيدي البدوي انصرني أو اشفي مريضي، قال يا سيدي الحسين, أو يا سيدي عبد القادر, أو المدد المدد صار هذا شرك بالله-عز وجل-يبطل معنى لا إله إلا الله يعني يبطل قولك لا إله إلا الله؛ لأنك لم تأت بالعبادة لله وحده بل أشركت مع الله غيره, ودعوت مع الله غيره, والله يقول: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ويقول- سبحانه-: وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ, ويقول- سبحانه-: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء, ويقول-جل وعلا-: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ, ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الدعاء هو العبادة), ويقول-جل وعلا-: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ, فلا بد من إخلاص العبادة لله وحده ومنها الدعاء, فإذا قلت للميت, أو للشجر, أو للصنم أغثني, انصرني, اشف مريضي, المدد المدد, صار شركاً بالله وصار نقضاً لقول لا إله إلا الله, وهكذا من كذب الرسول محمد-صلى الله عليه وسلم -, أو شك في رسالته, أو قال إنه من العرب دون العجم, أو قال إنه ليس خاتم النبيين بل بعده نبي, كل هذا كفر وضلال ونقض للإسلام نسأل الله العافية, فلا بد من الإيمان بأنه رسول الله حقاً إلى جميع الثقلين الجن والإنس، ولا بد من الإيمان بأنه خاتم الأنبياء والمرسلين ليس بعده نبي, وأن من ادعى بعده كمسيلمة الكذاب كافر بالله كذاب, كمسيلمة, والأسود العنسي في اليمن, وسجاح التميمية, وطليحة الأسدي وجماعة ادعوا النبوة بعده, فأجمع الصحابة - رضي الله عنهم وأرضاهم - على كفرهم وقاتلوهم؛ لأنهم كذبوا معنى قوله-سبحانه-: مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ, وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي)- عليه الصلاة والسلام-, هذه الشهادة التي هي شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله هي الأصل الأصيل, وهي الركن الأول من أركان الإسلام, فلا إسلام إلا بهاتين الشهادتين، لو صلى, وصام, وحج, وصام النهار, وقام الليل, وذكر الله كثيراً, ولكنه لا يؤمن بأن الله هو المستحق للعبادة, لا يؤمن بمعنى لا إله إلا الله بل يرى أنه لا مانع من عبادة الأوثان والأصنام, لا يرى مانعاً من عبادة البدوي, أو الحسين, أو الشيخ عبد القادر, أو علي بن أبي طالب أو غيرهم, فإذا اعتقد أنه يجوز هذا يدعون من دون الله يستغاث بهم وينذر لهم صار شركاً بالله- عز وجل-, وصار كلام هذا وعقيدته هذه ناقضة لقول لا إله إلا الله, وهكذا لو قال إن محمداً - صلى الله عليه وسلم - ليس بخاتم الأنبياء, أو ليس مرسل للثقلين بل هو للعرب خاصة كان كافراً بالله-عز وجل-, فلا بد أن يؤمن بأنه رسول الله إلى جميع الثقلين, ولا بد أن يؤمن بأنه خاتم الأنبياء ليس بعده نبي ولا رسول هذا هو الأصل الأصيل, ثم بعد هذا يطالب المسلم بالصلاة, يطالب بالزكاة بالصيام, بالحج ببقية الأوامر وترك النواهي بعدما يثبت هذا في الأصل, بعد إيمانه بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, يعني إيماناً بأن الله- سبحانه- هو المعبود بالحق وأن العبادة حقه وحده, وأنه لا يعبد معه سواه لا نبي, ولا ملك, ولا شجر, ولا صنم ولا غير ذلك, ولا بد من الإيمان بأن محمداً رسول الله مع التصديق بجميع الأنبياء الماضين, وأنهم أدوا الرسالة وبلغوها-عليهم الصلاة والسلام- مع الإيمان بجميع ما تقدم من الإيمان بالله, وملائكته, وكتبه, ورسله, واليوم الآخر, وبالقدر خيره وشره لا بد من هذا وهذا, ولا بد أيضاً مع هذا كله من التصديق بما أخبر الله به ورسوله عما كان وما يكون, فالله صادق في خبره, ورسوله صادق-عليه الصلاة والسلام-, ومن كذب الله, أو كذب الرسول - صلى الله عليه وسلم - كفر ولو صلى وصام نسأل الله للجميع الهداية. جزاكم الله خيراً  
 
2- الواقع سماحة الشيخ وأنتم تتفضلون بهذا الشرح الموجز لهذا الركن العظيم من أركان الإسلام، الركن الأول: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، كثير من إخواننا المسلمين يتساهلون في بعض الأمور؛ البعض يعتقد أن ذلك التساهل يؤثر على التوحيد يؤثر على هذا الركن من أركان الإسلام، فمثلاً: عند تحكيم القرآن والسنة وتنفيذ ذلك التحكيم أو تنفيذ بعض الأحكام وترك البعض الآخر هل يؤثر هذا على القيام بهذا الركن أو لا؟
هذا فيه تفصيل, أما من حكم بغير ما أنزل الله وهو يعلم أنه واجب عليه الحكم بما أنزل الله وأنه خالف الشرع ولكن استباح هذا الأمر ورأى أنه لا حرج عليه في ذلك وأنه يجوز له أن يحكم بغير شريعة الله فهذا كافر كفراً أكبر عند جميع العلماء, من استحل الحكم بغير ما أنزل الله كالحكم بالقوانين الوضعية التي وضعها الرجال من النصارى أو اليهود أو غيرهم وزعم أنه يجوز الحكم فيها, أو زعم أنها أفضل من حكم الله والعياذ بالله, أو زعم أنها تساوي حكم الله وأن الإنسان مخير إن شاء حكم بالقرآن والسنة وإن شاء حكم بالقوانين الوضعية من اعتقد هذا كفر عند جميع المسلمين, من قال إنه يجوز الحكم بالقوانين أو أنها أفضل, أو أنها مساوية لحكم الله كفر إجماعاً, أو أنها أنسب لأهل الزمان هو كافر بالإجماع, أما من حكم بغير ما أنزل الله لهوىً وقصد وحظ عاجل وهو يعلم أنه مخطئ, يعلم أنه فعل منكراً وأن الواجب حكم الله ولكن حكم بقانون أو برشوة لطمع أو لحاجات أخرى في نفسه فهذا يكون أتى منكراً عظيماً ومعصية كبيرة وكفراً لكن يسمى كفراً أصغر كما قال ابن عباس, ومجاهد, وغيره كفر دون كفر, وظلم دون ظلم, وفسق دون فسق, كالذي يحكم بالرشوة, أو يحكم بأي قانون لكن مع علمه إيمانه بأنه مخطئ وأنه غلطان ولكن حمله الهوى, أو حب الرياسة ويعلم أنه مخطئ وأنه ظالم فهذا قد أتى كفراً لكن ليس هو الكفر الأكبر, بل كفر دون كفر, وظلم دون ظلم, وفسق دون فسق هذا عند أهل السنة والجماعة, أما إن اعتقد الجواز وقال يجوز له, أو اعتقد أن حكم الطاغوت حكم غير الله أنسب لهذا الزمان وأصلح لهم من حكم الله, أو أن حكم الله يساوي حكم القانون, أو يجوز ولكن حكم الله أفضل و يجوز القانون لكن حكم الله أفضل منه كل هذا كفر أكبر وردة عن الإسلام نعوذ بالله إذا كان مسلماً, يكون مرتداً عن الإسلام لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من بدل دينه فاقتلوه), وهذا بدل دينه يعني استحل حكم غير الله, والله يقول-جلا وعلا-: وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ, ويقول-سبحانه-: وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ, ويقول- عز وجل-: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا, ويقول-سبحانه-: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ, فلا أحد أحسن من الله- سبحانه وتعالى- فحكم الله هو أحسن الأحكام, وهو واجب الإتباع, وهو الذي به صلاح الأمة وصلاح العالم ولكن أكثر الخلق في غفلة عن هذا نسأل الله السلامة. جزاكم الله خيراً  
 
3- ارتكاب بعض المعاصي سماحة الشيخ، ولا سيما الكبائر هل تؤثر على هذا الركن من أركان الإسلام؟
نعم ارتكاب الكبائر كالزنا, وشرب الخمر, وقتل النفس بغير حق, وأكل الربا, والغيبة, والنميمة, وما أشبه هذا من المعاصي والكبائر تؤثر في توحيد الله, وفي الإيمان بالله وتضعفه يكون ضعيف الإيمان لكن ما يكفر كما تقول الخوارج لا، الخوارج تكفره تجعله كافراً إذا زنى, أو سرق, أو عق والديه, أو أكل الربا تجعله كافراً وإن لم يستحل ذلك وهذا غلط من الخوارج, أهل السنة والجماعة يقولون لا هو عاصي, هو ضعيف الإيمان, هو ناقص الإيمان, ناقص التوحيد وهذا يضعف شهادته ويضعف إيمانه لكن لا يكفر كفراً أكبر, بل يكون فيه نقص فيه ضعف, ولهذا شرع الله في الزاني حداً إذا كان بكر يجلد مائة ويغرب عاماً, وإن كان الزنا ردة قتل فدل على أنه ليس بردة, والسارق ما يقتل تقطع يده فدل ذلك على أن هذه المعاصي ليست ردة ولكنها ضعف في الإيمان ونقص في الإيمان فلهذا شرع الله تأديبهم وتعزيرهم بهد الحدود ليتوبوا ويرجعوا إلى ربهم ويرتدعوا عما حرم عليهم ربهم- سبحانه وتعالى-, وقالت المعتزلة إنه في منزلة بين المنزلتين ولكن يخلد في النار إذا مات عليها, فخالفوا أهل السنة في تخليد العاصي في النار, ووافقوا الخوارج في ذلك, والخوارج قالوا يكفر ويخلد في النار جميعاً, وطائفة يقال لها المعتزلة هؤلاء قالوا يخلد في النار ولكن لا نسميه كافراً يعني كفراً أكبر, وكلتا الطائفتين قد ضلت عن السبيل, والصواب قول أهل السنة والجماعة أنه لا يكون كافراً يعني كفراً أكبر, ولكن يكون عاصياً, ويكون ضعيف الإيمان ناقص الإيمان على خطر عظيم من الكفر ولكن ليس بكافر, إذا كان ما استحل ذلك إذا لم يستحل المعصية, بل فعلها وهو يعلم أنها معصية يدري أنها معصية ولكن حمله عليها الشيطان, والهوى, والنفس الأمارة بالسوء فهذا هو قول أهل الحق, فيكون إيمانه ضعيفاً, ويكون توحيده ضعيفاً ولكن لا يكون كافراً كفراً أكبر الذي هو ردة عن الإسلام نعوذ بالله من ذلك, ولا يخلد في النار أيضاً لو مات عليها, إذا ما تاب الزاني عن الزنا ما تاب، أو على السرقة ما تاب, أو على الربا ما تاب وهو يعلم أنه محرم فهذا يكون تحت مشيئة الله إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه على قدر المعاصي -سبحانه وتعالى-, العذاب الذي تقتضيه حكمته- سبحانه وتعالى-, ثم بعد مضي ما حكم الله عليه به يخرجه الله من النار إلى الجنة هذا قول أهل الحق, وهذا الذي تواترت به الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلافاً للخوارج, والمعتزلة, والله يقول- سبحانه-: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء, فعلق ما دون الشرك بمشيئته- سبحانه وتعالى-, أما من مات على الشرك فإنه لا يغفر له أبداً والجنة عليه حرام نعوذ بالله من هذا وهو مخلد في النار أبد الآباد, أما العاصي فإن دخل النار فإنه لا يخلد أبد الآباد بل يبقى فيها ما شاء الله, وقد تطول مدته ويكون هذا خلوداً لكنه خلود مؤقت ليس مثل خلود الكفار, كما قال في آية الفرقان لما ذكر المشرك, والقاتل, والزاني, قال: وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا, فهو خلود مؤقت له نهاية يعني طويل, أما المشرك فلا المشرك خلوده دائم نعوذ بالله أبد الآباد نسأل الله العافية, ولهذا قال-سبحانه-في المشركين: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ هكذا في سورة البقرة, وقال في سورة المائدة في حق الكفرة: يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ نسأل الله العافية. بارك الله فيكم  
 
4- هل يكفي النطق والاعتقاد بهذا الركن من أركان الإسلام أم لا بد من أشياء أخر حتى يكتمل إسلام المرء ويكتمل إيمانه؟
هذا الركن يدخل به في الإسلام, إذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله عن صدق, وعن يقين, وعن علم بمعناها, وعن عمل بذلك يدخل في الإسلام, ثم يطالب بالصلاة وما سواها من الأحكام, ولهذا لما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذ إلى اليمن قال له: (ادعوهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, فإذا فعلوا ذلك فأعلهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة, فإن أطاعوك في ذلك فأعلمهم أن الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم, فلم يأمرهم بالصلاة إلا بعد التوحيد والإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم -, فهم مطالبون أولاً بالتوحيد والإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم -, فإذا دخل الكافر في ذلك وأسلم صار لهم حكم المسلمين, ثم يطالب بالصلاة وبقية أمور الدين, فإذا امتنع من ذلك صار له أحكام أخرى, امتنع من الصلاة يستتاب فإن تاب و إلا قتل, وإذا امتنع من الزكاة وكابر عليها وقاتل دونها كذلك يقاتل كما قاتل الصحابة مانعي الزكاة, والصيام كذلك إذا امتنع يعزره الإمام ويؤدبه الإمام بما يردعه عن ترك الصيام, وهكذا الحج مع الاستطاعة إذا ترك وهو يستطيع يؤدب حتى يحج, وهكذا بقية المعاصي الذي فيه حد يقام عليه الحد والذي ما فيه حد التعزير والتأديب, فالحاصل أن الأصل هو الشهادتان متى شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله دخل في الإسلام وصار له حكم المسلمين, فلو مات في الحال صار من أهل الجنة, فإن عاش إلى أن جاء وقت الصلاة مثل أسلم طلوع الشمس ثم مات قبل الظهر هذا مات على الإسلام هو ما صلى شيء ولا فعل شيء, كما قد وقع لبعض الصحابة أسلموا وقتلوا في الحال فصاروا من أهل الجنة من دون أن يعملوا عملاً سوى التوحيد والشهادة لرسول الله بالرسالة-عليه الصلاة والسلام- والإيمان بالله ورسله, فإن أدرك الصلاة يؤمر بالصلاة, ثم إذا جمع مالاً وحصل عنده مال حصل له مال توجب فيه الزكاة يؤمر بالزكاة, وإذا أدرك رمضان يؤمر بالصيام, وإذا استطاع الحج يؤمر بالحج في وقته وهكذا. بارك الله فيكم ، إذاً أصبح له حكم المسلم من حيث جميع الأحكام في الدنيا والآخرة ، فيطالب بأمور الإسلام وحق الإسلام, ولو مات على حاله قبل أن يأتي وقت الصلاة مات على الإسلام الكامل ودخل الجنة, لكن لو عاش وأبى أن يصلي حينئذ هذا محل النظر, يطالب بالصلاة فإذا أصر عليها كفر عند جمع من أهل العلم, إذا أصر على الترك ولم يستجب يكفر, وقال آخرون من أهل العلم يكون كفراً دون كفر فيستحق القتل ولكن لا يكون كفراً أكبر, كما لو ترك الزكاة, والصيام, ولكن القول الصحيح أنه متى ترك الصلاة بخصوصها؛ لأن لها منزلة عظيمة الصلاة إذا تركها عمداً تهاوناً تكاسلاً صار حكمه حكم من جحدها يقتل كافراً على الصحيح, وأما جمهور الفقهاء فقالوا يقتل عاصياً وحداً وكفراً دون كفر هذا قول أكثر الفقهاء المتأخرين يعني بعد الصحابة, أما الصحابة فقد نقل عبد الله بن شقيق العقيلي إجماعهم على أنه من تركها كفر نسأل الله السلامة. جزاكم الله خيراً  
 
5- النطق بالشهادة لا شك أن له تصديق ، ما مصداقية ذلك سماحة الشيخ؟
أولاً لا بد من نطق الشهادة لو أنكر النطق بها ولم ينطقها ويقدر كفر حتى ينطق بالشهادتين لا بد, ثم مع النطق لا بد من العقيدة والإيمان بأن معنى لا إله إلا الله معناها أنه لا معبود بحق إلا الله, فلو قالها ويكذب كالمنافقين يقولها ويعتقد أن مع الله آلهة أخرى لم تنفعه هذه الكلمة, كما قال- سبحانه-: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا, وقال- تعالى-: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ, فلا بد من التصديق بالقلب, واليقين بأنه لا معبود حق إلا الله, ولا بد من الإخلاص العبادة لله والمحبة لما دلت عليه من توحيد الله وكراهة الكفر وبغضه, ولا بد أيضاً من قبول شرع الله, والانقياد له فإن استكبر عن ذلك ولم ينقد لشرع الله كفر نسأل الله العافية ، وهذا معنى النفي والإثبات سماحة الشيخ ، نعم معناها لا معبود حق إلا الله لا إله معناه نفي الإلوهية عن غير الله يعني اعتقاد بأن ألوهية غير الله باطلة، وإلا الله معناه إثبات العبودية لله وحده، وأنه المستحق لها، كما قال عز وجل: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62) سورة الحـج، الآية من سورة الحج، ومعناها في سورة لقمان أيضاً. بارك الله فيكم إذاً مصداقية هذه الشهادة وهذا الركن من أركان الإسلام هي العمل ببقية أركان الإسلام الظاهرة والباطنة التي تفضلتم بباينها؟ نعم، لكنها متفاوتة، بعضها إذا ترك كفر، وبعضها إذا ترك لا يكفر، يكون ناقص الإيمان ضعيف الإيمان، إلا إذا جحد ما أوجب الله أو جحد ما حرم الله، من جحده كفر عند الجميع، لو جحد وجوب الصلاة كفر عند الجميع، جحد وجوب صيام رمضان كفر عند الجميع، جحد وجوب الزكاة مع توفر شروطها كفر عند الجميع، جحد وجوب الحج مع الاستطاعة كفر عند الجميع، جحد تحريم الزنا يكفر عند الجميع، جحد تكفير الخمر قال ما هو بحرام كفر عند الجميع، جحد عقوق الوالدين، قال ليس عقوقهما حرام يجوز عقوق الوالدين كفر بالإجماع نسأل الله العافية. وهكذا ما يشبه هذه الأمور الظاهرة من أمور الدين المعروفة، بالوجوب أو بالتحريم. سماحة الشيخ في ختام...

432 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply