بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
المتأمل في الحالة الإعلامية التي يمارسها الإعلام العربي الموجَّه ضد شعوب المنطقة، تتملكه حالة من الدهشة جرَّاء بثّ المشاهد التي لا تتوائم ومنطلقات السياسة العليا للدول العربية، لأنَّ الدين الإسلامي هو الصبغة التي تصطبغ بها هذه الدول وهو المؤسس الأول لمنطلقاتها على كافة الأصعدة والميادين، بل إنَّه المهيمن على مجرى وحياة الناس في تلك الدول .
ومع ذلك نجد أنه وبكل صفاقة، يمارس ذلك الإعلام - إلا ما ندر- دوراً مشبوهاً في سياساته وطرحه، وهذا النادر الذي ذكرناه، يمرٌّ عليه في طرحه فترات وحالات من التخبٌّط والتهميش بحيث لا يلجأ إليه إلا جيل قد تعَّود على مثل هذا التقديم وهذا الطرح، والذي بطبيعة الحال قد أكل عليه الدهر وشرب.
بينما نجد أنَّ الإعلام الذي تقبل عليه الجماهير بكل شوقٍ, وتلهُف، وتستمتع بمتابعته، وهو المهيمن على باقي الوسائل الإعلامية الأخرى، يقع تحت أيدٍ, غير أمينة، تنشر الفساد، وتروِّج للرذيلة، وتخالف المنطلقات الشرعية لبلدانها، ضاربةً بكل القيم والفضائل عرض الحائط.
وهذا بالطبع، ليس من تحت الكواليس - لا - بل يمرٌّ على عين المسئولين الذين يغضٌّون الطرف، بغية أن ترضى عنهم الدول ذات الزعامات الكبرى في العالم، وكأنَّ لسان حالهم يقول، هانحن انفتاحيون ومتحررون كما أنتم كذلك، لكن الفرق بيننا أننا نصبغ هذا الانفتاح وذلك التحرٌّر بصبغة دينية ، وهذا الأمر يحدث رويداً رويداً، بعد أن تفيق الشعوب على نفس المسار الذي تخبَّط فيه ذلك الغرب من قبل.
فتاه في معمعةٍ, من الرذيلة وفسدت لديه القيم، وأصبحت شعوبه كالبهائم التي ترعى في وادٍ, من الرذيلة والشهوات، فلا ضابطاً شرعياً ولا قيماً خلقية، ولا حتى حياءً يمكن أن يُلجأ إليه، لإنهاء حالة الفوضى تلك التي يعيشون لها ويحيون من أجلها.
ولعمر الله، لو كان الأمر متعلٍّ,قٌ في طرحه الإعلامي بسياسات الدول العربية، أو بحكامها ورؤسائها ن لقامت الدنيا وما قعدت، لكن أن يتعلق بعقائد الناس وبقيم المجتمع، وبأخلاق النشء فهذا ما يمكن التغاضي عنه، بحجَّة إرضاء جميع الشرائح المجتمعية، حتى ولو كانت أقلية وتتبع شهوات حيوانية وبهيمية.
إذاً فالأمر جدٌّ خطير، لأنَّ الجيل الصاعد من شباب وشعوب الدول العربية هو الذي بيده - بعد الله - تعالى - مفاتيح الانطلاق، لقيام نهضة عربية إسلامية يمكن لها أن، تمارس دوراً لا يستهان به في خضَّم هذا النظام العالمي الفاشيّ الجديد.
أمَّا سياسة تدجين الجيل بهذه الصورة الشائنة، فإنَّه يكرِّس وبلا شكّ حالة ً من التبعيِّة بل ويزيد من تخلٌّف الدول العربية خاصة، والإسلامية على وجه العموم.
بل ويخلق تبعات يخشى أن تضر بدول وشعوب المنطقة على المدى البعيد، وقد تدفع تلك السياسات ثمناً باهضاً تبعاً لتخبطها وتجاهلها لبلدانها وشعوبها ، ولجيلها الصاعد من الشباب الذين هم طليعة كل تقدٌّمٍ, وازدهار، أو قد يكونون على العكس إذا ما تسمَّرت الأوضاع على ما هي عليه.
المطلوب من إعلامنا العربي والإسلامي، أن يمارس دوراً تربوياً موجهَّاً مضبوطاً بضوابطه الشرعية، لكي يتجَّه بهذه الأمة إلى الإبداع وإلى التنوٌّع في الطرح، بما يعيد لها مجدها وصورتها الحقيقة التي شُوِّهت عبر مسافات زمنية ليست بالهيِّنة.
ولاشك في أنَّ هناك إعلاماً جاداً ينشد رسم هذه الصورة، بل ويسعى إلى طرحها وتطبيقها ناصعة برَّاقة، وهو يحتاج إلى عامل الزمن للإبداع والتجديد وحسن الطرح، ومثاله ما نراه من قناة المجد الفضائية، بكافة برامجها الهادفة التي تخدم فئات عمرية مختلفة، وقد غطَّت ببرامجها تلك مساحاتٍ, من العطاء والرقيّ، وقضت حاجةً في نفس الكثير من الأسر العربية والإسلامية، التي رأت أنَّ مثل هذا التقديم والطرح يراعي خصوصية الأمة المسلمة وعاداتها وتقاليدها، ويتناسب مع هويتها.
وهناك من غير تحديد قنوات أخرى فضائية مشكورة تمارس نفس الدور، لكن البعض منها يحتاج إلى ضبطه بضوابط شرعية، ليحقِّق الغاية المرجوَّة منه، والبعض الآخر يحتاج إلى شيءٍ, من التجديد والابتكار ليسهم هو كذلك في ردم هوَّةِ لا زلنا بحاجة إلى ردمها، لتقلَّ بيننا وبين غيرنا المسافة الإعلامية، وعندها تبرز صورة المجتمع المسلم المثالي في طرحه وقيمه ومنطلقاته، وتعود للمجتمع أصالته المنشودة، وينتشر- تبعاً لذلك - الدين الإسلامي الذي تتلهَّف إليه البشرية جمعاء في هذا الكون الفسيح الأرجاء. جعلنا الله - تعالى - من الذين يخدمون دينه بكل وسيلةٍ, يرضى بها عنهم في الدنيا والآخرة...
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد