72 مليون عربي يعانون الأمية في عصر ثورة المعلومات !


بسم الله الرحمن الرحيم

 

منذ سنوات احتفلت السويد بوفاة آخر شخص أمي، ولكن في عالمنا العربي مازالت مشكلة الأميين تطل برأسها رغم وضع هدف القضاء على الأمية على رأس اهتمامات الحكومات المتعاقبة، وببقاء الأمية على حالها تصبح برامج التنمية، ومحاولات اللحاق بعجلة التقدم، وتجاوز الفجوة الحضارية مع الغير في مهب الريح، وقد أكد ذلك تقرير التنمية البشرية الخاص بالمنطقة العربية، الصادر عن الأمم المتحدة عام 2002.

وقد عقدت الشبكة العربية لمحو الأمية وتعليم الكبار ندوة بنقابة الصحفيين المصرية لعرض التقرير العربي للمنظمات غير الحكومية، والمجتمع المدني لتقييم الجهود المبذولة في مجال محو الأمية، وتعليم الكبار تحت عنوان (هامبورج + 6) إشارة إلى مدينة هامبورج الألمانية التي شهدت وقائع المؤتمر العالمي الخامس لتعليم الكبار، وتم فيه وضع وثيقة\"عقد محو الأمية\"عام 1997، بهدف القضاء على الأمية خلال عشر سنوات داخل الدول الأعضاء المشاركة في المؤتمر.

وتقول سهام نجم الأمين العام للشبكة العربية لمحو الأمية، وتعليم الكبار إن الشبكة لها فروع في 13 دولة عربية، وتضم الجمعيات الأهلية المهتمة بمحو الأمية، وقد أسست عام 1994، وهذه الجمعيات تواجه العديد من الصعوبات التي تعوق تفعيل جهودها على مستوى الوطن العربي، ومنها غياب التنسيق، وضعف الموارد المالية المتاحة لتعليم القراءة والكتابة لأكثر من 72 مليون أمي وأمية، إلى جانب 12 مليون طفل وطفلة خارج التعليم الإلزامي، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن نسبة الأمية ستصل إلى 60% مع حلول عام 2015 من إجمالي سكان الوطن العربي.

ونبهت إلى أن تفاقم مشكلة الأمية يؤدي إلى زيادة أعداد أطفال الشوارع، والأطفال العاملين في الورش، والمصانع، والنازحين في فلسطين، والسودان، وموريتانيا، والصومال، والغريب أن تحقق فلسطين والعراق أعلى المعدلات في مكافحة الأمية ولكن مع ظروف الاحتلال، وتدمير البنية التحتية تراجعت جهود محو الأمية في العراق، ومن المتوقع أن تزيد نسبة الأمية في ظل الاحتلال، وينبغي أن تكثف البلدان العربية من جهودها قبل أن يحل نهاية العقد في عام 2009، وهو العام المقرر أن تنتهي فيه مشكلة الأمية في كل البلاد، وفقًا لخطة هامبورج.

 

أسباب الإخفاق

ويشير الدكتور إبراهيم محمد إبراهيم مدير مركز تعليم الكبار بجامعة عين شمس إلى أن الهدف من التقرير العربي تقديمه لمنظمة اليونسكو للتعرف على الإنجازات التي تمت في إطار محو الأمية، وتعليم الكبار في الوطن العربي، وكذلك الخروج بالرؤية المستقبلية المطلوبة لتقليل عدد الأميين، والتعرف على مواطن الخلل والضعف في أداء الجمعيات الأهلية، ومنظمات المجتمع المدني التي تسهم مع الجهود الرسمية في معالجة قضية الأمية، ورصد بعض التجارب المميزة في مجال محو الأمية.

ويوضح التقرير غياب التنسيق فيما بين الجمعيات الأهلية والهيئات الحكومية، ف 15% فقط من هذه الجمعيات يشارك في وضع السياسات الوطنية لمحو الأمية، وهذا أحد أسباب الإخفاق في حل المشكلة.

وأضاف أن من أسباب الإخفاق كذلك عدم توافر الأموال الكافية لبرامج محو الأمية، وتعليم الكبار، وعدم متابعة من يتم محو أميتهم ببرامج تعليمية أخرى حتى لا يرتدوا مرة أخرى إلى الأمية، إلى جانب أن المسؤولين ينظرون للقضية نظرة نظامية بيروقراطية، وقد انعكست تلك النظرة بالسلب على كفاءة برامج محو الأمية.

وحذر من أن استمرار السياسات الحالية يجعل أعداد الأميين مرشحة للزيادة، خاصة أن الأوضاع الحالية تمثل كارثةº لأن حجم الأمية في الوطن العربي أكبر بكثير من الأرقام التي تنشرها التقارير الرسمية حتى تلك الصادرة عن الأمم المتحدةº لأن برامج محو الأمية تعتمد على مدرسين غير مؤهلين وأجورهم متدنية بشكل لا يكفل لهم أي حافز للعمل، كما أن هناك مناطق تزداد فيها أعداد الأميين بشكل ملحوظ، وهي العشوائيات، وساكنوها في حاجة للغذاء والدواء، حتى يكون لديهم حافز للتعليم، ومحو الأميةº نظراً لتدني مستوى المعيشة، وعدم توافر الخدمات الأساسية من مستشفيات ومدارس.

ويطالب د. إبراهيم بالشراكة التامة بين الحكومات ومنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال محو الأمية، وأن يتم تدعيم تلك المنظمات التي تتمتع بالمرونة، وإمكانية الحركة، وفتح فصول محو الأمية في المناطق البعيدة عن المدن والقرى، وهي الأماكن التي لا يمكن للجهود الحكومية أن تصل إليها، وأن تقوم الهيئات الحكومية بتوفير البيانات والدراسات الكافية لمنظمات المجتمع المدني للاستفادة منها في جهودها لمحو الأمية.

 

المؤسسات العقابية

وأوضح الدكتور إبراهيم محمد إبراهيم أن تفعيل دور الجمعيات غير الحكومية يتطلب ربط المناهج الدراسية المخصصة للأميين بالممارسات العملية في موضوعات مثل: البيئة، والصحة، وعدم الاقتصار على المفردات اللغوية فقط، وتأهيل العاملين في مجال محو الأمية، وتعليم الكبار، وضرورة مراعاة التفاوت الاقتصادي والاجتماعي للدارسين، والاهتمام بمرحلة ما بعد الأمية حتى لا يرتد المتعلم إلى الأمية مرة أخرى، والاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة، وتنمية الوعي بخطورة الأمية على الإنسان غير المتعلم.

ودعا إلى توجيه جهود خاصة لمحو أمية النساء داخل المؤسسات العقابية، وربط محو الأمية بتقديم قروض لهؤلاء النساء لافتتاح مشروعات إنتاجية صغيرة توفر لهن مصدرًا للدخل، وكذلك الأطفال في مؤسسات الأحداث، وتأهيلهم، وتعليمهم حرفًا يدوية يتكسبون منها بعد خروجهم من تلك المؤسسات، والتركيز على تدريب المعلمين في مراكز محو الأمية، وزيادة مرتباتهم وحوافزهم، والعناية بتوفير فرص العمل، ورفع مستوى المعيشة في مناطق العشوائيات حتى يقبل الأميون على التعليم.

رؤية مستقبلية

وتناول الخبير التربوي الدكتور سعيد إسماعيل علي الأستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس الرؤية المستقبلية لبرامج محو الأمية، فأكد ضرورة التنسيق والتكامل بين الجهود الرسمية والأهلية في إطار استراتيجية قومية على مستوى الوطن العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار، وإيجاد مداخل وحوافز للمتعلمين، وبرامج للتأهيل المهني، ونظام لمنح القروض الإنتاجية، والتعليم المستمر لمرحلة ما بعد محو الأمية، وتفعيل وتوسيع مساحة الشراكة بين الشبكة العربية للمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والمؤسسات الرسمية.

وأوصى بضرورة تبني الإعلام استراتيجية قومية عربية للتوعية بأبعاد وأخطار الأمية، وأهمية التخلص منها على مستوى الفرد والجماعة، وزيادة معدلات الاستيعاب لتلاميذ التعليم الأساسي، وتوفير الاعتمادات المالية الكافية لمنع التسرب من المدارس، إذ إن التسرب يعد رافدًا أساسيًا من روافد زيادة الأمية، وأن تكون هناك دراسات وإحصائيات دقيقة عن حجم المشكلة، حتى يمكن وضع الخطط السليمة لمواجهتها.

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply