بسم الله الرحمن الرحيم
إن محاسبة النفس من أهم الأمور التي يجب أن نقوم بها بصورة دائمة ذلك أن ترك النفس بدون حساب سيجعلها تتمادى في الباطل وخاصة عندما لا تجد من يتعهدها ويذكرها بالله - تعالى -، عندها تشعر النفس بالوحشة، وتبدأ تبحث عن المتعة في معصية الله - تعالى -.
لذلك سوف أبدأ سلسلة بسيطة لمحاسبة النفس، ولكني سأبدأ بالجوارح واحدة بعد الأخرى لنرى كيف يمكن محاسبة كل عضو وكل جارحة في أجسادنا!!
أولاً: محاسبة العين:
أنت أيتها العين ما أجملك!!
وأنت والله من أجل نعم الله عليّ.
فوالدي لم يشتريك من السوق.
وأمي لم تضعك في هذا الموضع.
وأنا لم أزرعك في وجهي.
بل أنت نعمة من الخالق - سبحانه -.
أتخيل نفسي
لو حرمت هذه النعمة.
كيف سيكون حالي.
سأحاول أن أغمض عينيّ الآن.
ماذا يحدث؟
إني لا أرى شيئاً.
الظلام حولي.
يعم كل شيء.
كل ما حولي مظلم تماماً.
يا الله.. يا الله.
دقيقة واحدة لم أتحملها بدون هذه النعمة.
أتخيل نفسي لو كنت محروماً من نعمة البصر.
كيف سيكون حالي؟ كيف سأعيش؟ كيف أمشي؟ كيف أصعد؟ كيف أنزل؟ كيف آكل؟ كيف.. وكيف.. وكيف؟
اللهم لك الحمد على هذه النعمة العظيمة، نعم والله أنَّا لا نستشعر عظمة هذه النعمة التي نتمتع بها، لكن.. في ماذا أستخدم عيني؟ إلى ماذا انظر؟ على أي شيء يقع بصري؟
إني أستحي من الإجابة.
يا عين كفي عن هذا.
يا عين إن الذي أنعم علي بك قادر على سلبها في لحظة.
نعم إنه قادر - سبحانه - فماذا تريدين؟
يا عين هل رأيت ناراً مشتعلة؟
ألا تخافين من النار؟!
إن نار الدنيا ما هي إلا جزء من سبعون جزء من نار الآخرة.
يا عين توبي إلى ربك
توبي
توبي
أشارطك يا عين ثلاثة شروط:
أولاً: لا تنظري إلى ما حرم الله أليس الله - تعالى - يقول: " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم"، نعم هو والله أزكى وأحسن وأنقى وأطهر.
فلا تنظري إلى ما حرم الله، لا تنظري إلى ما لا يحل لك
الثاني: لا تنظري إلى مسلم نظرة احتقار ولا استعلاء ولا تكبر، قد يكون هو خير منك عند الله، أغرّك مالك؟ أغرّك حسبك؟ أغرّتك صحتك؟
الثالث: لا تنظري إلى ما متّع الله به بعض الناس من متاع الدنيا يقول الله - تعالى -: (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه)، فلا تنظري إلى ما يملكه الناس من متاع زائل، فالله هو المنعم - جل وعلا - وهو الذي يوزع الأرزاق كما يشاء - سبحانه -.
هذه شروط ثلاثةº فهل ستلتزمين بها أيتها العين؟ اعلمي أنك إن لم تلتزمي بها فسأعاقبك عقاباً شديداً إما بحبسك في مكان لا تخرجي منه، أو بإغماضك جبراً وتغطيتك يوماً كاملاً حتى ترعوي
أدعو الله لك بالهداية يا عين فأنا أريد لك الخير والله.
ثانياً: محاسبة اللسان
وهذه هي الحلقة الثانية من حساب الجوارح
وهي محاسبة اللسان
أنت أيها اللسان..
ما أعظم فعلك وأصغر حجمك.. وأنت والله من أجل نعم الله عليّ، فبواسطتك أتكلم، وبك أستطيع التعبير عما في نفسي.
أتخيل نفسي لو حرمت هذه النعمة كيف سيكون حالي؟
لو لم يكن لي لسان ماذا يحدث؟
لو كان اللسان موجوداً ولكني لا أستطيع الكلام كالأخرس مثلاً كيف سأعبر عن احتياجاتي من طعام وشراب؟
بل كيف أبين ما أعانيه من آلام وأوجاع؟ بل كيف اعبر عن مكنون نفسي وأفكاري؟ كيف.. وكيف.. وكيف؟
وأصعب من ذلك... كيف ينظر الناس إليّ؟ يا الله ما أصعب الحياة بدون لسان.
الآن أحسست بما يعانيه الأخرس في حياته.
وأجمل ما في نعمة اللسان أني أستطيع أن أذكر الله في أي وقت وفي أي مكان، فلساني معي لا يفارقني.
اللهم لك الحمد على هذه النعمة العظيمة، نعم والله أنا لا نستشعر عظمة هذه النعمة التي نتمتع بها.
لكن..
في ماذا أستخدم لساني؟ بماذا أتكلم؟
المصيبة أني أستخدم لساني في الأمور التالية:
الكذب..
الغيبة..
التأفف من الوالدين ونهرهما بشديد الكلام..
السخرية والاستهزاء من الناس..
التعيير..
السب والشتم..
الكلام الفاسد..
النميمة..
الغناء..
الكلام في أعراض العلماء..
رمي المسلمين والمسلمات بالكلام الباطل..
البهتان..
الفخر والتكبر..
الجهر بالباطل..
و..و.. و.. وغيرها كثير مما يغضب الله - تعالى -.
يا لساني كفّ عن هذا.
يا لساني إن الذي أنعم علي بك قادر على سلبك مني في لحظات نعم إنه قادر - سبحانه - فماذا تريد أيها اللسان؟ ألا تخاف من النار؟!
تب أيها اللسان وارجع عن غيك!! تب قبل أن لا تكون توبة!!.
وعندها تقول: ( يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين * أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين * أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين).
أشارطك يا لساني ثلاثة شروط:
أولاً: لا تنطق بالباطل أبداً فاترك الكذب والغيبة والنميمة والبهتان، والطعن في أعراض المسلمين وكل كلام باطل، وترديد الأغاني والتصفير، أليس الله - تعالى - يقول:( ولا تقف ما ليس لك به علم )
الثاني: لا تتكلم إلا بالحق، فقل الحق دائماً، وكن صادقاً مع الله في كل أحوالك، وزِن كل كلمة قبل أن تخرجها هل هي ترضي الله فانطق بها؟ أم تسخط الله فابتلعها؟ أليس الله - تعالى - يقول: (وقولوا للناس حسناً) (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن)
الثالث: كن دائم الذكر لله - تعالى - يقول الله - تعالى -: (واذكر ربك تضرعاً وخفية) (فاذكروني أذكركم)، والرسول أوصى أحد أصحابه بقوله: (لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله)
هذه شروط ثلاثة فهل ستلتزم بها أيها اللسان؟
اعلم أنك إن التزمت بها فستشعر بالسعادة والرضا، وأما إن لم تلتزم بها فموعدك كلاليب جهنم.
أدعو الله لك بالهداية
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد