بسم الله الرحمن الرحيم
من يستهدف من؟!!
سؤال يطرح نفسه في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث متتابعة..
وتغيب الإجابة عليه بين ركام متراكب، وأدخنة متصاعدة، إلا أن مسرح الأحداث، وأعداد الضحايا وجنسياتهم وملامحهم العامة.. جميعها مؤشرات بارزة يمكن استخلاص الإجابة منها، إذا كنا نمتلك التفكير!!
البعض يُضيِّق الدائرة، أو هكذا تبدو له أو يُملى عليه، وقد يكون هذا صحيحاً في المرحلة الأولى، فـ "القاعدة" كما يحلو للبعض أن يطلقه على كل محاولة مقاومة (بغض النظر عن شرعية فعلها من عدمه) تبدو هي المستهدف، وهذا صحيح!!
ولكن الدائرة مؤخراً بدأت تتسع، فشيئاً شيئاً أصبحت هناك قائمة بل قوائم تتضمن مؤسسات، ومنظمات، وشركات، وأشخاص، والتهمة أن لهم صلة بـ "القاعدة"، حتى صدام حسين الذي كان أبعد الناس عن تهمة كهذه أدرجت هذه التهمة ضمن قائمة الادعاء العام الدولي عليه.
اتسعت الدائرة، وأضيفت إليها دول بكاملها (أقصد أنظمة حكم!!) من ليبيا، وحتى العراق، ومن سوريا، إلى اليمن، لتكتمل اتجاهات البوصلة - كما يبدوا!! -، وقيل في حينها أن المستهدف هو الأنظمة، وأن الشعوب بريئة، أو بمعنى آخر خارج دائرة الاستهداف!!.
سقطت الأنظمة، وتقدمت الشعوب لنيل حريتها، فقيل لها مهلاً فإن فيك جيوباً مندسة، وعناصر دخيلة، وعليك بالتريث حتى ينتهي استهدافهم!!
الحقيقة أننا نقف أمام المقصلة في صف طويل، ويظن القائمون في الخلف أنهم في مأمن من الذبح لأنهم لا يرون عملية "الدور" و"التتابع" لوجود امتداد من الكتل البشرية التي تحجب "الرؤية"، وتشكل نوعاً من الطمأنينة.
استهدفت في البداية مقرات تدريب عسكرية لا تمتلك أبسط وسائل المقاومة والحماية الحربية، ثم استُهدفت أسلحة دمار شامل حتى لم يبق معنا سوى "الدمار الشامل" ذاته بدون أسلحة، وبين هذا وذاك استهدفت طرق وجسور وموانئ ومؤسسات ومصالح عامة تشكل البنى التحتية من الخدمات: كالكهرباء، والاتصالات، والمياه، والمجاري، والمصانع، والمخازن.
فالحرب في مفهومها المعاصر ليست طاهرة، إنها توظف كل شيء في سبيل الانتصار: القيم والمبادئ، والمصطلحات والحقوق، والمحرمات.. باختصار "جريمة تحت بند الحرب الوقائية"!!
واستُهدفت جماعات إسلامية، وحركات مقاومة، كما استهدفت مناهج تعليم، وبرامج إعلام.
كل ذي قيمة في بلداننا العربية والإسلامية مُستهدف، حتى المتاحف التي تضم تحفاً بالية، ومقتنيات أثرية!!
فلماذا يقنعنا الآخرون بأنهم هم المستهدفون، وأن قيمهم ومبادئهم وأنظمتهم وحدودهم وممتلكاتهم ووجودهم مستهدف!!
ليعرضوا لنا الصورة، ويقارنوا بين كم الصور في بلادنا وبلادهم.
ليعرضوا لنا عدد القتلى والضحايا ويقارنوا بين الكم هنا والكم هناك.
ليعرضوا لنا عدد الأنظمة والدول التي وقعت تحت هيمنة المسلمين أو مكرهم وتحرشهم.. وليقارنوا..
ليعرضوا لنا مشاهد بلادهم ومشاهد بلادنا ويقارنوا..
ليعرضوا زي مواطنينا لديهم ومواقعهم هناك، وماذا يشكلون، وزي مواطنيهم لدينا، ومواقعهم هنا، وماذا يفعلون!!
ليعرضوا القرارات التي تدخلت فيها الجامعة العربية، أو منظمة المؤتمر الإسلامي، أو الدول (أي نظام منها) في شئونهم الداخلية، إلا بما يخدم الراحة لحيواناتهم أو الشذاذ منهم.
ليعرضوا مواقع جيوشنا، ومواقع جيوشهم، وخرائط كلا الفريقين وتحركاتهم إلى أي اتجاه تسير..
ليعرضوا شفرات التجسس والطوابير "اللانهائية" من المخبرين من ترصد، ومن تتبع وتراقب..
ثم ليقارنوا..
إننا لا نود أن نظلم أحداً هكذا علمنا ديننا، أن الظلم حرمه الله على نفسه وجعله بين عباده محرماً، ولكننا لا نريد من أحد أن يظلمنا.. وعندما نقول يظلمنا فـ"نا" المتكلمين هنا تعود على كل مسلم رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً ورسولاً.. أينما كان، وكيف كان.
وعلى الفرحين الذين يظنون أنهم في منجى من الاستهداف أن يتهيؤوا فإن البعيد مع الأيام يقرب، وليس لغادر أمان، ولا لوم علينا أن ننبه الناعس، ونوقظ النائم في وقت نستحى أن نغيب في زمن الشروق!!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد