بسم الله الرحمن الرحيم
الإرهاب المشروع في دين الإسلام هو إخافة أعداء الله - تعالى -من الكافرين والمنافقين (ولا يعني بالضرورة قتلهم)..والدليل على ذلك قوله - تعالى -(وَأَعِدٌّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ, وَمِن رِبَاطِ الخَيلِ تُرهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُم وَآخَرِينَ مِن دُونِهِم لا تَعلَمُونَهُم اللَّهُ يَعلَمُهُم، وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيءٍ, فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيكُم وَأَنتُم لَا تُظلَمُونَ)..ففي الآية الكريمة يأمر - تعالى - المسلمين بأن يَظهروا بمظهر القوي، وأن يمارسوا الخطوات العملية للتفوق في جميع المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والعلمية والاجتماعية.. وذلك بقوله (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة)..
إذا فإخافة أعداء الله أمر مطلوب شرعا.. وذلك لأنهم جهلة ظالمون، لا يعرفون مصلحةَ أنفسهم ولا مصلحةَ الناس، وبالتالي فقد يمارسون أعمالا تفسد الناس وتحرفُهم عن دين ربهم الذي خلقوا من اجله، كما هو حاصل الآن.. فلا بد إذا من إظهار القوة.. حتى لا يفكر الكفار في نشر الباطل.. وحتى لا يؤذوا المسلمين، وحتى يُتركَ للناس حريةَ التفكير، وحرية تقرير المصير. لكن إخافة الكفار والمنافقين لا يعني قتلهم.. فالقتل ليس هدفا من أهداف المسلمين يوما ما، فالله - تعالى - لم يخلقِ الناس لكي يقتلوا.. ولكن خلقهم لكي يعبدوه في ظل حياة كريمة.. كما قال تعالى(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)
وإذا أبيح قتلُ فئةٍ, معينة من الناس، فإنما هو وسيلةٌ لحياة أُناسٍ, آخرين.. قال - تعالى -(وَلَكُم فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يا أولي الأَلبَابِ لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ) وبالتالي يُمَكَّن الناسُ من تحقيق عبادة الله - تعالى -.. قال - سبحانه - (فَإِذَا انسَلَخَ الأَشهُرُ الحُرُمُ فَاقتُلُوا المُشرِكِينَ حَيثُ وَجَدتُمُوهُم وَخُذُوهُم وَاحصُرُوهُم وَاقعُدُوا لَهُم كُلَّ مَرصَدٍ,، فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوا الزَّكَاةَ فَخَلٌّوا سَبِيلَهُم، إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)..
إذا فعملية قتل الكفار ابتداء ليست هدفا من أهداف الإسلام، ولكنها تصبح هدفا إذا وقفوا في وجه الدعوة إلى دين الله - تعالى -.. عندها يشرع إرهابُهم، وربما قتلُهم حتى يفتحوا المجال للدعوة الإسلامية لكي تنشرَ ظلالَها اليانعة على العالم، ولكي ينعم الناس بأمن الإسلام.. ويشاهدوا التطبيق الصحيح للدين.. قال - تعالى -(وَقَاتِلُوهُم حَتَّى لَا تَكُونَ فِتنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلٌّهُ لِلَّهِ.. فَإِن انتَهَوا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعمَلُونَ بَصِيرٌ).. وبالتالي يترك للناس حريةَ اختيار الطريقِِ الذي يسلكونه … عندها نقول لا إكراه في الدين.. فمن شاء فليؤمن وشاء أن يكفر… ولكن بشرط ألا يُظهرَ الكافرُ كفره، بل يمارسه بينه وبين نفسه فقط.. إذا لم يكن له رغبةً في الإسلام.
هذا هو الإرهاب المشروع.. أما إخافةُ الناس عامة، وأذيتُهم فهذا أمر محرم شرعا.. قال - تعالى - (وَالَّذِينَ يُؤذُونَ المُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ بِغَيرِ مَا اكتَسَبُوا فَقَدِ احتَمَلُوا بُهتَانًا وَإِثمًا مُبِينًا) والنهي عن أذية الناس وإزعاجهم ليس مقصورا على المؤمنين ، بل يشمل حتى الكفار المسالمين غير المحاربين.. كمن يؤمنهم إمام المسلمين، أو العجزة والنساء والأطفال فهولاء لا يجوز أذاهم، بل يشرع الإحسان إليهم.. قال - تعالى -" لَا يَنهَاكُم اللَّهُ عَن الَّذِينَ لَم يُقَاتِلُوكُم فِي الدِّينِ وَلَم يُخرِجُوكُم مِن دِيَارِكُم أَن تَبَرٌّوهُم وَتُقسِطُوا إِلَيهِم إِنَّ اللَّهَ يُحِبٌّ المُقسِطِينَ".
قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره.. أي لا ينهاكم الله عن الإحسان إلى الكفرة الذين لا يقاتلونكم في الدين كالنساء والضعفة منهم "أن تبروهم" أي تحسنوا إليهم "وتقسطوا إليهم" أي تعدلوا "إن الله يحب المقسطين".
وجاء في السنة ما يبين حرمةَ قتلِ الكفار الذين يعيشون بين المسلمين.. والذين قد أعطوا عهدا بالأمان.. جاء في الحديث الصحيح قوله صَلَّى اللَّهم عَلَيهِ وَسَلَّمَ (مَن قَتَلَ مُعَاهَدًا لَم يَرِح رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ أَربَعِينَ عَامًا) *أخرجه البخاري.. قال بن حجر - رحمه الله - في معنى المعاهد (وَالمُرَاد بِهِ مَن لَهُ عَهد مَعَ المُسلِمِينَ سَوَاء كَانَ بِعَقدِ جِزيَة أَو هُدنَة مِن سُلطَان أَو أَمَان مِن مُسلِم.. ) انتهى كلامه - رحمه الله -.
ومن وصايا أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - لأحد قواده وهو يودعه متوجها إلى قتال الكفار.. قوله (وَإِنِّي مُوصِيكَ بِعَشرٍ, لَا تَقتُلَنَّ امرَأَةً وَلَا صَبِيًّا وَلَا كَبِيرًا هَرِمًا وَلَا تَقطَعَنَّ شَجَرًا مُثمِرًا، وَلَا تُخَرِّبَنَّ عَامِرًا وَلَا تَعقِرَنَّ شَاةً وَلَا بَعِيرًا إِلَّا لِمَأكَلَةٍ, وَلَا تَحرِقَنَّ نَحلًا وَلَا تُغَرِّقَنَّهُ وَلَا تَغلُل وَلَا تَجبُن) …
مما سبق نخرج إلا أنه: لا يجوز أذية الناس بشكل عام ولا إرهابهم إلا من حارب الله ورسوله كل حسب محاربته..
أما معنى الإرهاب عند الكفار في العصر الحاضر وهذه الأيام بشكل خاص.. فهو الإسلام ولا شيء غيره … ولذا يعتبرون كلَّ مسلم بأنه إرهابي، خصوصا من يشتهر بالعلم والدعوة إلى الله - تعالى - والجهاد في سبيل الله.. كما يطلقونه على كلِ من يقتل أو يحاول قتلَ أحد الكفار.. أو يتسبب في تهديد مصالحهم.. هذا هو الواقع.
ومما يثب صحة هذا القول:
أنه إذا حصل القتلُ أو تهديدُ المصالح من أحد غير المسلمين فلا يطلق عليه إرهاب.. ولو حصل القتل من أحد الكفار لأحد المسلمين فهذا ليس إرهابا.... وأظن أن أطفالنا يدركون هذا الأمر جيدا.. والكبار العقلاء من باب أولى..
أيها الأخوة وللدلالة على أن معنى الإرهاب عند الكفار هو الإسلام نضرب الأمثلة التالية:
1) اليهود الذين احتلوا بلدا آمنا وشردوا أهله وقتلوا الآلاف منهم، ومازالوا يقتلون ويشردون ويمارسون جميع أنواع الظلم، هؤلاء لم يقل عنهم أنهم إرهابيون.. بل يعطون المساعدات المختلفة ببلايين الدولارات..
2) والروس النصارى الذين احتلُوا شعبا كاملا وقتلوا الناس وشردوهم في الشيشان، ومازالوا يحاولون إبادة من يقول لا اله إلا الله.. لم يقل أحد أنهم إرهابيون.. بل يشجعون ويقرضون ملايين الدولارات من بعض الدول والمنظمات.
3) والهندوس الذين يقتلون المسلمين في كشمير لم يُقل عنهم أنهم إرهابيون.. بل العكس عندهم هو الصحيح.. المسلمون في كشمير المحتلة يعتبرون هم الإرهابيون
4) والنصارى في الفلبين الذي يقتلون المسلمين في مندناو وغيرها لم يُقل إنهم إرهابيون..
5) الهجوم الأمريكي الذي قتل و أعاق عشرات الآلاف، وشرد الملايين من المسلمين في أفغانستان وفي العراق لم يقل أحد أنه.. بل وصف بأنه تحرير وتطهير..
6) والذين يخرجون أفلام الجنس والجريمة ويصدرونها للعالم لم يَقل عنهم أنهم إرهابيون،
7) والذين ينتجون الدخان والمخدرات والخمور لم يُقل أنهم إرهابيون،
8) والذين يكونون الجمعيات السرية والعلنية للفساد في الأرض ومحاربة الفضيلة، لم أحد يقل أنهم إرهابيون..
9) والذين يلعبون باقتصاد الدول، وينشرون الربا والميسر في العالم لم يقل أنهم إرهابيون..
10) والذين سخروا إعلامهم المقروء والمسموع والمشاهد لحرب المسلمين وتشويه دين رب العالمين.. ومحاربة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.. لم يقل أحد عنهم أنهم إرهابيون. الإرهابي الوحيد هو المسلم الملتزم بإسلامه أينما كان، ومهما كان.. سبحانك ربي.. هذا بهتان عظيم..
أيها الأخوة: إن الإرهاب المنظم الذي يمارسه الكفار اليوم، لهو أشد آلاف المرات مما يقوم به بعض المسلمين من تهديد للمصالح الغربية أو الشرقية
ففتنة الناس وصرفهم عن دين الله - تعالى - هذا في الحقيقة أشد خطرا من القتل.. ولا مقارنة بين الأمرين.. يدل على ذلك قوله - تعالى -(يَسأَلُونَكَ عَن الشَّهرِ الحَرَامِ قِتَالٍ, فِيهِ قُل قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ … وَصَدُّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفرٌ بِهِ وَالمَسجِدِ الحَرَامِ وَإِخرَاجُ أَهلِهِ مِنهُ أَكبَرُ عِندَ اللَّهِ، وَالفِتنَةُ أَكبَرُ مِن القَتلِ).. و قال - تعالى -(وَاقتُلُوهُم حَيثُ ثَقِفتُمُوهُم وَأَخرِجُوهُم مِن حَيثُ أَخرَجُوكُم، وَالفِتنَةُ أَشَدٌّ مِن القَتلِ)..
فالكفار في الحقيقة هم المجرمون وهو الإرهابيون..
فهم الذين يقتلون في الإنسان العزةَ والكرامة والانقيادَ لله - تعالى -.. بل إنهم في الحقيقة يقتلون إنسانيةَ الإنسان.. ويحيلونه إلى حيوان ناطق.. يتبع كل ناعق..
هؤلاء هم الإرهابيون المجرمون الظالمون المعتدون.. قال الله - تعالى -في وصفهم (كَيفَ وَإِن يَظهَرُوا عَلَيكُم لَا يَرقُبُوا فِيكُم إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرضُونَكُم بِأَفوَاهِهِم وَتَأبَى قُلُوبُهُم وَأَكثَرُهُم فَاسِقُونَ(8) اشتَرَوا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدٌّوا عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُم سَاءَ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ(9)لَا يَرقُبُونَ فِي مُؤمِنٍ, إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ المُعتَدُونَ(10)
أسال الله - تعالى -ان يرد كيدهم في نحورهم، وان يجعل تدبيرهم تدميرا عليهم، كما أساله - تعالى -ان يشتت شملهم ويفرق كلمتهم، ويجعلهم غنيمة للمسلمين وعبرة لمن يعتبر..
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد