تكاد تتفق أغلب التحليلات والتقديرات أن استقالة جورج تينيت - مدير وكالة المخابرات الأمريكية - بمثابة "كبش الفداء"، لسلسلة الإخفاقات المتراكمة للإدارة الحالية، حيث استقال في أعقاب المعلومات الاستخبارية المزيفة التي قدمها للإدارة الأمريكية واستخدمت كمبرر لشن الحرب على العراق، وأعرب مدير الاستخبارات الأمريكية السابق ستانفيلد تيرنر عن اعتقاده بأن تينيت قد أجبر على ترك منصبه، إذ إن بوش - حسب تيرنر - كان بحاجة إلى كبش فداء ليتحمل مسئولية أخطاء الإدارة الأمريكية الخاصة بالفشل في توقع هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وأيضاً الادعاءات الخاصة بوجود أسلحة دمار شامل في العراق.
وترى بعض الأوساط الإعلامية أن استقالة مدير وكالة المخابرات الأمريكية وسط تصاعد وتيرة المقاومة في العراق، وتحذيرات جديدة من المسئولين من احتمال وقوع هجمات يشكل أول عملية ضخمة لإعادة تنظيم فريق الأمن القومي الأمريكي منذ تولي الرئيس جورج بوش مسؤولياته في البيت الأبيض.
وكانت بعض الأوساط الاستخبارية قد توقعت استقالة تينيت في أعقاب فشل الوكالة في توقع اعتداءات 11 سبتمبر، إلا أنه نجا من تلك العاصفة بدعم من بوش ونائبه ديك تشيني، وتمكن من كسب تأييد المحافظين الجدد بعد أن نشرت السي اي ايه فرقاً متخصصة في أفغانستان في أواخر 2001م.
ويبدو أن تداعيات استقالة مدير المخابرات الأمريكية تتجاوز الولايات المتحدة لتصل شظاياها إلى المملكة المتحدة وبالتحديد المخابرات البريطانية، حيث سيضعها الحادث في دائرة الضوء، ذلك أن تينيت كان على اتصال وثيق بالمخابرات البريطانية، ويرتبط بعلاقة شخصية قوية بوزير الخارجية جاك سترو المعروف بأنه أطلع وكالة المخابرات الأمريكية بناء على طلب من تينيت على الأساليب التي تتبعها أجهزة المخابرات البريطانية في جمع المعلومات.
كما أن استقالة تينيت تأتي في وقت مربك تمر به الحكومة البريطانية التي عينت للتو جون سكارليت رئيس اللجنة المشتركة للمخابرات رئيساً جديداً لجهاز المخابرات البريطانية الخارجية إم آي 6، وتضيف التايمز أن سكارليت لعب دوراً في المملكة المتحدة مماثلاً للدور الذي لعبه تينيت في واشنطن.
والأهم في أمر الاستقالة أنها تزامنت مع تحقيق يجريه مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي مع مجموعة من المسؤولين من أجل الكشف عن المسؤول عن إفشاء معلومات مخابراتية حساسة إلى أحمد الجلبي الحليف السابق للولايات المتحدة، والمتهم بتمرير أسرار إلى إيران، كما أن مكتب التحقيقات ووكالة المخابرات الأمريكية بدآ بإجراء تحقيقات في الضرر الذي ربما ألحقه الجلبي بالأمن الأمريكي.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد