فوائد من درس دلائل الإعجاز 8


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

مما قال فضيلة الأستاذ الدكتور محمد أبو موسى في درس شرح كتاب «دلائل الإعجاز» بالجامع الأزهر الشريف (الأحد: 18 جمادى الآخرة 1445هـ = 24 ديسمبر 2023م).

• المعلومات السطحيَّة التي أشرحها لكم لا تُفيدكم، ولا تُربِّي فيكم عقلية علمية، إنما حين تتأمَّل المادة التي أشرحها، والتي كتبها عبد القاهر، وتعرف كيف استخرجها عبد القاهر، تكون قد بدأت تتيقَّظ للعلم الحقيقي، وهذه مسألة لا بد أن تُدرَك، والذي لا يدركها هو بمَعْزِلٍ عن العلم؛ لأن ظاهر العلم السطحي ليس علمًا، إنما لا بدَّ أن تتبين كيف استخرجه.

• أنا أحفظ مسائل العلم، نعم، لكنها ليست قرآنًا من السماء نزل به جبريل، أنا أحفظ }الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ{ لأنه نزل بها جبريل، أما مسائل العلم فهي عملٌ إنساني، عملٌ عقلي؛ فلا بد أن أتأمَّل كيف كان يَعمل العقل.

• عبد القاهر يقول لك – وهو مما يَستخرجه العقلُ من اللغة - : إذا قلتَ: «ما زيدٌ إلا قائمٌ» تكون قد قصرت زيدًا على القيام ونفيت عنه كل صفة إلا القيام.. العقل يقول إنك نفيت عنه كل صفة تتصل بالقيام، أي كل صفة من الصفات التي هي أخوات القيام؛ كالجلوس والاضطجاع والاتكاء، إنما لا يُقرُّك العقل في أنك نفيت عنه كل صفةٍ حتى إنه طويلٌ أو قصير، حتى إنه عالِمٌ أو جاهل، حتى إنه كريمٌ أو بخيل.. العبارة لها مُحيطٌ تستخرج منه معناها.

• العِلم لم يَنزل من السماء، إنما إعمالُ عقولِ العلماء في اللغة هو الذي استخرج من اللغة علومَها.

• ليس من شأن العلم أن تُحفَظَ الفكرةُ وتُقال، هذا عملُ المتخلِّفين، وهذا شُغلُ الخائبين الفاشلين، إنما إذا مرَّت الفكرةُ بعقلٍ فلا بدَّ لهذا العقل أن يترك بصمتَه عليها فيَزيدَها تحريرًا وتدقيقًا، أو يُضيفَ إليها شيئًا، أو يعترض فيها على شيء، المهم أن الأفكار حين تدخل في العقول لا تُسالِمُها العقول، ولا تحفظها، ولا تؤدِّيها كما سمعتْها؛ فالذي يؤدِّيها كما سمعها هو الببغاوات؛ فلا تكونوا ببغاوات.

• أعملوا عقولَكم فيما تتعلَّمون من العلم، وراجِعوا، ودَقِّقوا، وحَرِّروا، وأضيفوا، واقبلوا أو ارفضوا، وبهذا تتحرَّك الحياة العلمية.

• أنت تخطئ وتصيب وأنا أخطئ وأصيب، ويأتي مَن حولَنا ومَن بعدَنا فيُنبِّهون إلى الخطأ ويُنبِّهون إلى الصواب، وهكذا الحياة العلمية: أخطاؤها مفيدة وصوابها مفيد.

• لو أخطأتَ خطأً وخطأً وخطأً ثم أصبتَ فالصوابُ يَغفِرُ الخطأ، والخطأُ يُنبِّه عقول العلماء فيكون خطأً مفيدًا، ولذلك كانت أخطاءُ العلماء من العلم؛ لأنها أيقظت عقولَ العلماء.

• وأنا أقرأ كنت أجد كثيرًا من القضايا الحيَّة الرائعة، وأجد أن سبب إثارتها هو أخطاء الآخرين.

• الخطأ يُثير لدى العلماء وجوهًا للصواب، لولا الخطأُ ما ثارتْ ولا ظهرت.

• حين أنكر المعتزلةُ رؤيةَ الله يوم القيامة، واحتجُّوا بأن الرؤية تستلزم الحَيِّزَ والمكان، وبأن الله مُنزَّهٌ عن الحَيِّز والمكان، وهذا كلامٌ مقنعٌ جدًّا، فأتى أهل السُّنة الذين هم أصحاب البصائر وقالوا إن الرؤية تستلزم الحَيِّزَ والمكان في الحياة التي نحياها، أمَّا رؤية الله فتكون في الحياة الآخرة؛ فهي لا تحتاج إلى حَيِّزٍ ولا إلى مكان، ولا يُقاسُ الغائبُ على الشَّاهد؛ فوجدتُ أن هذه العبارة المشرقة كالشمس المضيئة في الحياة العقلية (لا يُقاسُ الغائبُ على الشَّاهد) أنتجها خطأ.

• لا بد من التفكير، وتصيب وتخطئ، لكن لا تكن مغفلاً وتُفكِّر؛ لأنك لا تُفكِّر تفكيرًا يُعتبَر، ولا تُفكِّر تفكيرًا هو الذي نريده، إلا إذا امتلأتَ علمًا، وإلا إذا امتلأتَ وعيًا، وإلا إذا امتلأتَ يقظة، وبذلك تكون شيئًا، وتكون البلادُ بك شيئًا، وتكون الحياةُ بك شيئًا.

• مازحًا لتأخُّر «الشَّاي» عنه، قال شيخنا: لاحِظْ أن كرمَ الكريم ينقطع ولا يستمر، حتى لو كان «كوباية شاي».

• أبرأ إلى الله مِن أنْ أُعلِّمكم ما أقوله فقط، وإنما أدعو إلى أن نرجع بما أقوله وما نقوله إلى الذين استخرجوه، ونبحث من أين استخرجوه.

• ما نتعلَّمه علمٌ جليل، ولكنه ليس جليلاً لذاته، لأن الفائدة منه أن تُحلِّلَ به البيان، وأن تفهم به أسرار البيان، فإذا لم تستعمِلْه فيما خُلِقَ له فسوف يصير علمًا غير نافع، وسيدُنا استعاذ بالله من علمٍ لا ينفع، وجعله قرينًا لدعوةٍ لا تُستجاب.

• إذا عَلِمْتَ العلمَ ولم تستعمله فيما خُلق له - الذي هو تحليلُ البيان، ومعرفةُ أسرار البيان - فقد صار بين جنبَيْك علمٌ استعاذ سيدُك وسيدُ الناس منه، وجعله قرينًا لدعوة لا تُستجاب؛ فاحذروا أن يكون علمُكم لا ينفع.

• ماذا نفعل حتى يكون العلم الذي نتعلمه علمًا ينفع؟ أنت الآن عرفت مفاتيح التحليل، عرفت طرائق التحليل، وعرفت أن عبد القاهر نظر في الكلام فاستخرج منه هذه الطرائق؛ فعليك أنت أن تستعملها بالنظر في الكلام، وأن تستخرج بها دقائق البيان وأسراره... ولست أنا الذي يفعل لك هذا، وإنما لا بد لك من ثلاث أو أربع ساعات في اليوم قراءة في الكتب؛ في الأدب، في التاريخ، في التفسير، وبين يديك الوسائل التي تُحلِّل لك كلام العلماء، وتُحلِّل لك كلام الشعراء، وتُحلِّل لك كلام الكُتَّاب، وتُحلِّل لك كلام الله وكلام رسوله.

• إذا كنتَ معتقدًا أن درسي هذا سيصنع منك عالِمًا فأَرِحْ نفسَك والزمْ بيتَك؛ لأنني فقط أعطيك المفاتيح وأنت الذي تصنع من نفسك إنسانًا.

• ردُّ المتأخرين كلامًا لعبد القاهر ليس قدحًا فيه، بل العكس: رأيت أن العلماء إذا نُبِّهوا إلى خطأ في كلامهم شكروا مَن نَبَّههم إلى الخطأ؛ لأنه ليس هَمُّ العالِم أن يُذكرَ في الناس، وإنما هَمُّه أن يضيء طريقًا لأبناء هذه الأمة.

• ذكرت لكم قديمًا أن مجالس علمائنا حين كان ينبغ فيها واحدٌ ويبدأ يُقِيم له مجلسًا فأوَّلُ ما يتكلم فيه ما خالف فيه أستاذَه، ولم يكن عندهم حرجٌ من أنَّ هذا تلميذ وذاك أستاذ، وإنما هم جميعًا - الأستاذ والتلميذ - خُدَّامٌ للعلم، هم أناسٌ أنكروا أنفسهم لخدمة العلم.

• لم يكن هَمُّ التلميذ الذي يتخرَّج في حلقة أستاذه أن يبدأ حياتَه بالثناء على «الأستاذ العظيم!!» و«المفكر العظيم!!»، وهذا النَّصب الفارغ الذي نعيشه، وإنما كان هَمُّه أن يَذكر ما قاله الشيخُ وما يُخالِف هو فيه الشيخَ.

• أنا والشيخ مِن خُدَّام العلم، وليس أنا والشيخ مِن خُدَّام الشيخ، ومِن خُدَّام السُّمعة، ومِن يومِ أن طلبنا السُّمعةَ ونحن في الحضيض الأسفل.

• حين أجد أفكارًا جليلة جدًّا مِن عالِمٍ جليل جدًّا، وخالَفه فيها علماءُ أجلَّاءُ جدًّا، أكون في منتهى البهجة؛ لأنني أمام عقليات رائعة كَبَتْ، وعقليات رائعة أخرجتَها مِن كَبْوَتِها.

• من يعتقد أن العقليات الرائعة لا تكبو فهو خارجٌ من هذا الوجود؛ لأن الخطأ كُتِبَ على ابن آدم.

• علماؤنا في أول حديثهم في الإعجاز قالوا إن وجه الإعجاز أنه ليس في القرآن عيب؛ فهل نَفْيُ العيب يُوجِب الإعجاز؟! طيب «قِفَا نَبْكِ» ليس فيها عيب، «أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى» ليس فيها عيب؛ فتنبَّهتُ إلى أن مُرادَهم بخُلُوِّه من العيب قاطعٌ بأنه لم يَصْدُرْ عن نفسٍ بشرية؛ لأنه ليست هناك نفسٌ بشريةٌ تكتب كلامًا في حجم المصحف ويخلو من العيب.

• كل ما يَصْدُرُ عن الإنسان فيه عيب؛ امرؤ القيس رائعٌ وقدوةُ الشعراء ولكنْ له كلامٌ مردود، النابغة الذُّبياني رائعٌ ولكنْ له كلامٌ مردود، ليس هناك شاعرٌ رائعٌ ولا متكلمٌ رائعٌ إلا وله كلامٌ مردود.. سيدنا رسول الله ليس له كلامٌ مردود؛ لأنه وحي، وإذا تَرك الوحيَ وتحدَّث برأيه قُبِلَ ورُفِضَ، ولهذا قال له الصحابي يوم «بدر»: أهذا منزل أنزلكه الله أم هو الرأي؟، فقال: بل هو الرأي، فأشار عليه بغير ما قال.

• مشكلة إبليس أنه كان له في كلام الله رأي، ولذلك قال له الله: }مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ{، والمعنى: أمري أمرٌ، لا تَتَلَقَّهُ بالرأي والنظر والقبول والرفض، وإنما أمري هو الأمر.

• فرقٌ بين أن تَحفظَ ولا تَعِيَ وأن تَحفظَ وتَعِيَ.

• ليس رأيُ الكبيرِ كبيرَ الرأي، ولا رأيُ الأميرِ أميرَ الرأي، المسألة أن الحقَّ له بُرهان؛ فإن قام البُرهان فهو، ولو أقامه عبدٌ جاهلٌ أُمِّيٌّ.. لا يُعرَفُ الحقُّ بالرجال وإنما يُعرَفُ الرجالُ بالحق.

• القواعد مستخرجة من كلام العرب، ولن يُنتفع بها إلا بتحليل كلام العرب، فإذا رَجَعْتُ بها إلى الشعر والنثر اللذين استُخرجت منهما القاعدة فإنني أعود بها إلى الرَّحِمِ التي وُلِدَتْ منها.

• لم أعرف عالمًا وضع بين يديك كلَّ ما تحتاجه، وإنما يضع بين يديك شيئًا لتستضيء به على شيء آخر لم يَضَعْه هو بين يديك؛ لأن مهمَّة العلم، ومهمَّة الدرس، ومهمَّة المعلم، أن يصنع من الطالب إنسانًا يفكر ويعمل، لا إنسانًا يَحفظ ويَروي، ومِنْ يومِ أن جَعلنا مهمَّتنا أن ننشئ جيلاً يَحفظُ ويَروي ونحن قابعون في مستنقع التخلُّف المُزرِي.

• ما دمنا محتضنين التخلُّف والفشل والجهل والقهر والاستبداد، ونُغنِّي للتخلُّف وللفشل، ونُغنِّي للكذابين وللمنافقين وللفاشلين، فانعَمِي بطولِ سلامةٍ يا «إسرائيل».

• الغريب أن بني إسرائيل كشفوا عن حقيقتهم التي ليس فيها دينٌ ولا إنسانيةٌ ولا أيُّ شيء مطلقًا، وأنهم جارُ سُوء؛ فإمَّا أن تنهضوا وإمَّا أن تُستعبَدوا، وليس لكم شيء ثالث.

• العِلم ليس أن تحفظَ قواعدَ وتعودَ إلى بيتك وتنامَ وأنت مغفلٌ ليس لك قيمةٌ في هذه الأرض، ولا تستطيع أن تَحمِيَ المَرقدَ الذي ترقد فيه، وإنما العلم أن تتعلَّم لتكون قويًّا ولتكون لك مَنَعة.

• أدهشني - ولا يزال يُدهشني - أن دفاعي عن بيتي، وعن أرضي، وعن دمي، جعله الله جهادًا في سبيله، وهذا مَنٌّ مِنَ الله على أُمَّة محمَّد؛ أنْ جعل دفاعَها عن أرضِها وبيوتِها وأموالِها جهادًا في سبيله.

• أريدك أن تقرأ كل يوم ساعتين أو ثلاثًا في أي كتاب، سواء كنت موظفًا أو لم تكن، عندك أولاد أو لا، وأنا لا أحب أن أسمع عبارة: «الأولاد شغلوني عن العلم»، يا سيدي، الله يعلم أن لديك أولادًا، كذلك لا يَشْغَلْكَ عن العلم عبادة، لا يَشْغَلْكَ عن العلم شيء، وأنت مضطر إلى أن تنموَ حتى تكونَ لك قوةٌ، وتكونَ لك مَنَعةٌ، وتَحْمِيَ أرضَك وتَحْمِيَ دارَك.

• إمَّا أن تستفيقوا وتنهضوا وإمَّا أن تُستعبَدوا؛ لأن الكلاب على الحدود ليسوا بشرًا، وليسوا ذئابًا لأنهم أكثرُ توحُّشًا من الذئاب، وأنا سعيدٌ بهذا الذي يفعلونه؛ حتى تستيقظ هذه الأمة ويستيقظ الناس، ويعلموا أن الذي يفعلونه اليوم في بلد كذا سيفعلونه غدًا في بلد كذا، ولا حدود، ولا أخلاق، ولا قِيَم، ولا قوانين دولية، ولا قوانين محلية، ولا شيء من هذا.

• «لا» رائعةٌ في كلام العرب؛ لأنها لا تَقبل أن تَنفِيَ شيئًا نُفِيَ قبلَها بغيرها، ولذلك لا يقول: «لا» إلا أحرارُ الرِّجال، ولكن يقولونها بصدق، ويقولونها لأن الواجب أن يقولوا: «لا»، أمَّا أن يقولوا: «لا» مكيدةً وألاعيبَ فارغةً فهذا لا قيمة له، إنَّما «لا» الحُرَّة لا تكون إلا في موقف الصدق، وفي موقف الحرص على مصلحة البلاد والعباد.

• اللغة لا تعطيك بمفرداتها وتراكيبها فقط، وإنما تعطيك كذلك بنَغَمِها، ولذلك يدهشني }وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا{.. مستحيل أن يكون هذا النَّغَمُ غيرَ دالٍّ على معنى، وكذلك }أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ{، وكذلك }يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ{، مستحيل ألا يكون هذا التوازنُ النَّغَمِيُّ لمعنًى يدلُّ عليه.

• «العربيَّة» فيها بابٌ مسكوتٌ عنه تمامًا، هو دلالات النَّغَم، يقول تعالى: }الرَّحْمَٰنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ{، يا سيدي، لماذا صنع القرآنُ المعجِزُ هذا؟ هل صَنعه ليُطرِبَ الأذنَ أو ليُحيِيَ القلب؟؛ فلا بد أن نعرف دلالة النَّغَم، ولا بد أن ندرس ذلك دراسة جيدة.

• فتح لي بابًا من الأمل في قضية دلالات النَّغَم ابنُ سِنانٍ الخَفاجِيُّ حين بدأ كتابه «سر الفصاحة» ببحثٍ مُطوَّل عن الأصوات، ولكنني وجدتُ أنه تكلَّم في الأصوات، لكنه لم يتكلَّم في دلالة التلاؤم الصَّوتي ودلالة التلاؤم النَّغَمِي، مع أن الرُّمَّانيَّ قبلَه جعل من وجوه إعجاز القرآن التلاؤمَ الصوتي، وكان هذا رائعًا جدًّا من عليِّ بنِ عيسى.

• كان يروقني اثنان: الأول الدكتور عبد الله الطيب، العالم السُّوداني الرائع ولا أدري ماذا حدث فلم تعد الأرضُ تُخرِجُ لنا مثل عبد الله الطيب، وإنما تُخرِجُ لنا ما ترونه الآن؛ الذين لا يقتلون أعداءهم وإنما يقتلون بعضَهم والآخر هو الشيخ محمود شاكر رحمه الله الذي كان رائعًا رائعًا، ثم أدخله الزعيم الخالد إلى السجن، كان هذان يروقانني لأنهما كانا دائمًا يُنبِّهان إلى النَّغَم ودلالات النَّغَم.

• وأنا في سِنِّكم حين كنت أقرأ لعبد الله الطيب، وأقرأ دلالات النَّغَم عند عبد الله الطيب، أقول: يا ربي، عبد الله الطيب هذا لو لم يكن عالمًا لكان موسيقارًا مثل محمد عبد الوهاب؛ لأن أذنَه كانت حسَّاسةً جدًّا للنغمة، وكذلك محمود شاكر، حتى إن محمود شاكر كان يرى أن الزِّحافَ والعِللَ ليست من أخطاء الشاعر، وإنما يأتي بها الشاعر قصدًا للدلالة على معنى.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply