حددي أهدافك تربحي حياتك


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أُختي الحبيبة:...أهلاً وسهلاً بك في رحلتنا لإيجاد مؤمنة فعالة كما يحب ربنا ويرضى. في المقالات السابقة قمنا باكتساب عادة هامة جداً وهي عادة المبادرة وقمنا بشرحها تفصيلياً. أما الآن فدعينا ننتقل إلى محطة أخرى مع عادة جديدةº \"تحديد الأهداف الذهنية مسبقاً\".

هدفك... بوصلتك:

قال هشام بن عبد الملك يصف الخليفة الراشد الخامس:

\"ما أحسب عمر بن عبد العزيز خطا خطوة إلا وله فيها نية\"...

فهل لكل فعل تقومين به نية وهدف؟

انظري إلى هذه الحكمة: \"الأهداف ليست فقط ضرورية لتحفيزنا ولكنها أيضاً شيء أساسي يبقينا أحياء\"

روبرت. إتش. شولد

فالأهداف في الحياة بمثابة البوصلة الذاتية لكل إنسان، فهي التي تحدد له الاتجاه الذي ينبغي عليه أن يسلكه في هذه الحياة وتشكل له إطاراً مرجعياً يستطيع أن يرجع إليه ليتخذ كافة قراراته.

فإن كانت الأهداف في غاية الأهمية، ترى كيف سيكون حال من لا هدف له.. ؟؟

اسمحي لي أُختي... أن أقول لك أن الذي لا يملك أهدافاً يتخبط في حياته تخبطاً عشوائياً، لا يدري أي الطرق يسلك. وإذا كنت قد قرأت قصة لويس كارول \"أليس في بلاد العجائب\"، فربما تتذكري معي ذلك الحوار المعبر الذي دار بين تلك الفتاة \"أليس\" وذلك القط الحكيم \"تشيتشاير\" والذي يعبر عن هذا المعنى العام الذي نتحدث عليه، عندما تسأل أليس القط \"تشايشر\" عن الطريق فتقول: ((من فضلك أي طريق أسلك))؟

يرد القط: ((يتوقف هذا إلى حد بعيد على المكان الذي تريدين الذهاب إليه))،

تقول أليس: ((إنني لا أعبأ كثيراً بالمكان))،

فيرد القط: ((إذاً فلا تهتمي كثيراً أي الطرق تسلكين))،

تضيف أليس متسائلة: ((طالما أصل إلى أي مكان؟))،

يرد القط: ((نعم، نعم، ستصلين بالتأكيد إلى مكان ما، بشرط أن تسيري كفاية)).

وإذا أردت أُخيتي أن تحددي أهدافك فدعينا نقوم بهذه التجربة. الآن أفرغي عقلك من كل شيء، لا تشغلي نفسك بالمدرسة أو بأصدقائك، أو بعائلتك أو بأي شيء آخر، فقط ركزي معي وتنفسي بعمق وافتحي عقلك.

 تصوري بعين خيالك أن شخصاً يسير نحوك على بعد كبير، في البداية لا تستطيعى أن تري من هذا الشخص،..... يقترب أكثر وأكثر....

تدركي فجأة، صدقي أو لا تصدقي....،

أنه أنت... !

ولكنه ليس أنت اليوم، إنه أنت كما كنت ستتمني أن تكونيه بعد سنة من الآن.

الآن فكري بعمقº ما الذي فعلتيه بحياتك على مدار السنة السابقة؟

كيف تشعري بداخل نفسك؟

كيف تبدو؟

يمكنك الآن أن تعودي إلى عالم الواقع بعد أن أجريتي اتصالك مع ذاتك الأعمق، وحصلت على شعور وإدراك بما هو مهم لك، وما ترغبين في إنجازه في العام التالي هذا هو ما يسمى تحديد الأهداف ذهنياً مسبقاً.

عوامل مؤثرة في تحديد الأهداف:

 الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته وهذا يجعله يختلط بكل ما يحيط به ويتأثر به ويؤثر فيه حتى أن البيئة المحيطة بالفرد من عائلة وأصدقاء ودراسة وغيرها يمكن أن تؤثر في الفرد إلى الحد الذي يجعله يغير أهدافه بل ويغير مصيره ومستقبله كله. وبخاصة الشباب في مرحلة المراهقة.

 ومن أبرز هذه العوامل:

1-  الأصدقاء: الصاحب ساحب:

قال - تعالى -: ((واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا))، -الكهف: 28-.

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة))، صحيح.

يحذيك: يعطيك.

وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي))، حسن.

وغير هذا الكثير من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث الشريفة التي تحثنا على إمعان النظر في الصحبة. وذلك لما لها من تأثير قوي هائل على حياتك، وسمعتك ومكانتك وتوجهاتك. فإذا كانت صديقاتك صديقات سوء فمهما تخططي لحياتك وتحددي أهدافك حتى تنالي خير الدنيا والآخرة، وإن أخذتي بعض الخطوات فستلاحظي التأثير السلبي القوي الذي ستقوم به تلك الصديقات ولن تكملي خطة أو تحققي هدفاً، والعكس بالعكس فإن كان لديك صديقات خيرات فهن من سيحثك على العمل الصالح حتى وإن كانت الهمة قليلة لديك.

وهذه قصة إحدى المراهقات تقول: (كان لدي صديقة حميمة وكانت تعد صديقي الوحيدة في الفصل الدراسي وفي إحدى الإجازات الصيفية سافرت مع عائلتها إلى دولة غربية وعندما عدنا إلى الدراسة من جديد وجدتها قد تغيرت تماما، فلم تعد الصديقة الصالحة التي تعينني على الطاعة وأيضا على المذاكرة والتفوق، بل على العكس وكان لابد من أخذ قرار هل أنجرف معها إلى هذا الوادي السحيق أم أتركها وأنقذ نفسي... ؟!

كان الأمر ثقيل على نفسي بالطبع وكيف سأضع صداقة جديدة...، ولكني أخذت القرار وأحمد الله - عز وجل - على أن هداني لهذا الأمر...، فقد حققت هدفي وأنهيت دراستي بتفوق ولدي الكثير من الأخوات الصالحات. أما هي فلا تزال بالدراسة، والكل قد ابتعد عنها لسوء سمعتها، نسأل الله لها الهداية... )

2-  الدراسة: ماذا عن المدرسة؟:

قال - تعالى -: ((ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علماً))، (طه: 114).

وقال - تعالى -أيضاً: ((قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون))، (الزمر: 9).

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: \"من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة\"، (صحيح).

رفع الله العلماء بعلمهم درجات، وجعل العلم وسيلة للرقي في الدنيا والآخرة، ولكن مع الأسف تدور حياة كثير من المسلمين في دائرة المجموع الذي يحتم دخول الكلية الفلانية والتخرج من الكلية الفلانية، التي تتيح العمل فقط في المكان الفلاني، وهكذا بدون أي هدف من دخول هذه أو الالتحاق بتلك.

ولذلك نجد المسلمات يتخرجن من الجامعات دون أن يتعلمن شيء له قيمة بالنسبة لهن والقليلات اللاتي يستخدمن ما تعلمنه في الحياة الواقعية والباقيات أكتفين بالدراسة النظرية فقط.

ولكن أخيتي.. إذا كان يمكنك أن تستفيدي من هذا العلم في الدنيا والآخرة فلما تتركي الأمر لمكتب التنسيق.. ؟

ضعي لك هدف في دراستك وسيري حتى تحققيه ولا تضيعي الفرصة فالوقت محسوب من عمرك.

 

من يقود المسيرة:

وفي النهاية اسمحي لي.. أيتها الغالية.. أن أذكرك إنك إن لم تضعي لنفسك أهداف وتحددي مستقبلك الخاص، فإن شخصاً آخر سوف يفعل ذلك نيابة عنك.

وللحديث بقية إن شاء الله - تعالى -، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

------------------------------------------------------------------------------------

المصادر:

العادات السبع للمراهقين الأكثر فعالية: شين كوفي.

صناعة الهدف:هشام مصطفى عبد العزيز.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply