بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن الأبناء هم من زينة الحياة الدنيا وهم قرة عين لوالديهم وأهليهم وأمتهم وإن صلاحهم يحتاج إلى عمل كبير من الأبوين الكريمين، وهو تاج على الرؤوس، وهم العمدة بعد الله تبارك وتعالى في صلاح المجتمع الأصغر والأكبر، وهم أمل كبير ينتظره المجتمع، وليعلم الأبوان الكريمان والأبناء الأفاضل جميعاً بأن هذا العمل يحتاج إلى نوع من الجهد، فليعمل الجميع على تحصيله لأن نتيجته جمة وعظيمة، بل إن هذا العمل إن جد فيه أصحابه من الآباء والأمهات والأبناء فهو عبارة عن دورات تدريبية يتلقاها الأبناء.
ونظراً لهذه الأهمية الجسيمة الملقاة على عواتقهم فهم يحتاجون إلى تعزيز وتشجيع وتحفيز فيما ينفعهم في دنياهم وأخراهم، وسنتذاكر جميعاً أيها الكرام خمسًا وعشرين خطوة تساهم في تعزيز سلوكهم، أرجو تكرماً أن تكون على أرض الواقع لهم من خلال رعايتهم وتربيتهم، كما أهمس في آذان أبناء وبنات الكرام الأفاضل أن يجعلوا هذه الخطوات من واقع حياتهم المباركة مشكورين مأجورين.
الخطوة الأولى: التعرف عن كثب على مواطن الضعف والقوة عند الأبناء، ومحاولة جدولتها والتعامل الإيجابي معها بالتسديد والتكميل، فمواطن القوة نقطة انطلاق لتسديد مواطن الضعف، ويمكن تنفيذ ذلك بالتدريج المرحلي لسلوك الأبناء، وهذا يحتاج إلى شيء من الإدراك والجهد من الأبوين الكريمين.
الخطوة الثانية: أهمية ما يُعرف بتوكيد الذات للابن والبنت، وهو ألا يؤثر عليه الآخرون بفعل ما ليس بحسن، فلا يعيش المجاملة على حساب ذاته، فهو يقول نعم في مكانها الصحيح ويقول لا في مكانها الصحيح، وكل ذلك بأدب جمٍّ لا بتكبر وتغطرس.
الخطوة الثالثة: عدم الجفاف العاطفي بين الآباء والأبناء، فإن هذا الجفاف سبب للبعد الروحي بينهم، مما ينتج عنه ضعف التوجيهات والتعزيزات وضعف قبولها حال وجودها لأن الحب والعاطفة هما من أسباب القبول والاستقبال الجيد للتربية.
الخطوة الرابعة: الثناء عليهم عند الآخرين وهم يسمعون، وكن واقعيا بذلك بالأسلوب الأنسب وضمن المكان والزمان المناسبين، فإن هذا الثناء يجعل الابن يبحث عن صفات أخرى إيجابية لتجري مجرى ما سبق، فهو بذلك يرتفع معنويا في التربية والسلوك.
الخطوة الخامسة: شجعه على القراءة الثقافية وذلك ضمن إشراف أحد المربين إن أمكن ذلك، مما يكسبه عمقاً في التفكير وسعة في التصور وتصحيحاً للمفاهيم وكسباً لأخبار السابقين واللاحقين ممن هم موضع القدوة فيقتدي، فهو بذلك يزداد يوماً إثر يوم علماً وتوعية وتربية.
الخطوة السادسة: علمه القرآن وشجعه على حفظه أو شيء منه، والقرآن سيعلمه كل خير، فذهابه وإيابه وحضوره تلك المجالس تجعل منه بإذن الله تعالى قارئاً حافظا متحصناً بقراءته وحفظه عن السلوكيات السلبية المضادة شريطة المتابعة الثنائية من الجميع لتحقيق الهدف.
الخطوة السابعة: ضع لأبنائك أو لبعضهم جلسة ثقافية تربوية دورية مبرمجة لتكون زاداً تربوياً ودافعاً لهم في الإيجابية فكم تصححت من مفاهيم وعدلت من سلوكيات ونوقشت من مسائل في خلال تلك الجلسة مع ما يحتف بها من غشيان الرحمة ونزول الملائكة وتنزل السكينة.
الخطوة الثامنة: علمه كيف يخطط لوقته ولأعماله ولإجازته ودراسته ونحو ذلك، ولا يلزم أن يكون هذا التخطيط ناجحاً بدرجة كبيرة ولكنه يتعلم من هذا أهمية التخطيط، فاجعله يخطط لسفرتكم ولرحلتكم ولبرامجكم المنزلية ثم قم أنت بتسديده وتصويبه وتصحيحه.
الخطوة التاسعة: اجعله يشارك في دورة عن الثقة بالنفس حتى يكون مِقدامًا ينفع نفسه وغيره، وبهذا تحسُن تصرفاته ويزول انطواؤه وتكثر إيجابياته.
الخطوة العاشرة: تعرف على أجوائهم التربوية في المدرسة والحلق ومع أصحابهم، فإن هذه الأجواء لا تنقص أهمية عن التربية المنزلية مستثمراً في ذلك توجيهاتك ولمساتك المباركة، فهو سيأخذها بعين الاعتبار ما دامت واقعية ومتدرجة ومدروسة.
الخطوة الحادية عشرة: عند عزمك على عمل ما، كسفرة أو رحلة أو مشروع أو غير ذلك، استشرهم حتى لو كنت تملك رأياً سديداً، فهذا مما يحرك في أذهانهم إحياء قيمة الاستشارة ويقوي تفكيرهم وربما اطّلعت منهم على رأي يعجبك وأنت بهذا تسدد لهم آراءهم وتصوبها حتى يعلموا ما فيها من الخلل، وبهذا أنك أعطيتهم دورة في تحريك الأذهان وعدم ركودها.
الخطوة الثانية عشرة: تعرُّف الأبوين على مرحلة المراهقة وخصائصها وآلية التعامل معها، فهي مرحلة بين مرحلتين، والتعامل معها يجب أن يكون قائماً وموجوداً في ذهن الأبوين الكريمين ويحتاج إلى اطلاع وثقافة حتى تسير الأمور في مجاريها الصحيحة، فالشاب في تلك المرحلة يعمل أشياء حسنة وأخرى على خلاف ذلك، يتصور أنها حسنة، فتعامل مع نفسية ذلك الشاب برفق وبيان للتصور الصحيح وقد تنجح في بعضها وقد تخفق في البعض الآخر، لكن مع اجتماع صفات تعزيز السلوك يقوي بعضها بعضا فالتأني مهم في تلك المرحلة.
الخطوة الثالثة عشرة: القدوة مهمة جداً في تلك المرحلة، فمن خلال جلساتكم أبرز لهم القدوات في الماضي والحاضر وذلك بحكاية سيرهم ومواقفهم في العبادة والتعامل وغير ذلك، واسأله وناقشه عنهم أحياناً لتستفهم مدى استيعابه لهذا القدوة.
الخطوة الرابعة عشرة: تدريبه على إحياء المبادرات الذاتية، وتقديمها ولو كانت صغيرة وعلى مستوى محدود، وذلك بعد الاستشارة والدراسة لهذه المبادرة فإذا كان مبادرا بأعمال تناسبه فهي تكسبه الثقة بالنفس والعطاء ونبذ الكسل.
الخطوة الخامسة عشرة: دلالتهم على الخير القولي والفعلي سواء في صميم الإيمانيات أو في التعامل مع الآخرين فهذا زاد لهم يكتسبون من خلاله المحامد، لاسيما إذا صاحب ذلك تشجيع وتعزيز فهو يتضاعف في نفس الابن ويزداد معه بنفسه ويتطلبه بعد ذلك في مواطنه.
الخطوة السادسة عشرة: حاول أن تُلقب أبنائك بألقاب تبني فيهم الطموح، وذلك مثل لقب الدكتور والمهندس والخطيب والطيار وغير ذلك مما يشاكلها، كل حسب ما يميل إليه ويهواه، فإن هذا اللقب إذا كان بجدية فله مخرجاته الطيبة والإيجابية.
الخطوة السابعة عشرة: اجعلها سجيّة لك كلما رأيت إبداعاً أو إيجابية من ابنك، فاشكره وقل له أبدعت أو تميزت أو أعجبتني وهكذا مما يرادفها، فكل لفظة يتولد منها إيجابيات أخرى لكنك احرص على ألا تملّ من هذا.
الخطوة الثامنة عشرة، احذر كل الحذر أن تلقي على ابنك كلمة نابية عند خطأه في سلوكه، فإنها تحطمه وربما يتكرر ذلك السلوك بصورة أخرى لكن عليك بالتحمل لهذا الخطأ مع التوجيه انتظاراً لإيجابيات تتجدد في سلوك الابن.
الخطوة التاسعة عشرة: لا تجعله يعتاد الرفاهية الكاملة فإن هذه لها سلبياتها على حاضر ومستقبل حياته بل اجعله يعيش الوسط بين الأمرين لأن الأيام والليالي حُبلى والمواقف تتغير، فصاحب الرفاهية العالية قد لا يتلاءم مع كل سلوك.
الخطوة العشرون: حاول أن تجعل لك مع أبنائك في كل أسبوع قيمة من القيم الإيجابية عرضاً وواقعاً عملياً، فستجد أنك طرحت خلال العام قرابة خمسين قيمة، وإن لم يمكن هذا فاجعلها شهرية، فلهذه القيم آثارها الإيجابية في تحسين السلوك ويكون في هذا الأسبوع أو في هذا الشهر طرح هذه القيمة من كل جوانبها، من خلال الجلسات والمناقشات ووسائل التواصل وهي طريقة ناجحة.
الخطوة الواحدة والعشرون: حاول تكليفهم بالمسؤوليات المنزلية وغيرها حتى يعرفوا مداخل الأمور ومخارجها ومع تجاربهم بالمسؤليات سيقابلون سلوكيات عدة فيتم توجيههم وتربيتهم لامتثال الأحسن والأطيب منها.
الخطوة الثانية والعشرون: عندما ترى منهم سلوكا سيئا احرص على ألا تدعو عليهم، بل اصبر وادع لهم ولا مانع من عتابهم النسبي وتوجيههم على ذلك.
الخطوة الثالثة والعشرون: اصحبهم معك إلى الأماكن التي يناسب أن يصاحبوك فيها، فهم من خلال تلك الصحبة يستفيدون منك ومن أصحابك سلوكيات حسنة تستمر معهم طوال حياتهم قولية أو فعلية فهم لا ينسون تلك الصحبة.
الخطوة الرابعة والعشرون: إن كان بالإمكان تشجيعهم بالمكافآت على إنجازاتهم المرموقة فهذا طيب جدا، حتى ولو تم تحديد نسبة ضئيلة من الراتب يُصرف لتشجيعهم، فهذا المال الذي تدفعه هو قيمة الشراء لهذا السلوك الطيب الذي يتكاثر مع هذه المكافآت.
الخطوة الخامسة والعشرون: لا تستعجل في نتيجة ما سبق من الخطوات مع الأولاد، فإن الأرباح في السلوك تأتي شيئا فشيئا، وقد يعتريها بعض الزلل في السلوك، فإياك أن تتعامل مع سلوك واحد خاطئ يمسح ما سبق بناؤه، فاتصف بالحلم وبعد النظر انتظاراً لما هو أعظم من ذلك، فكسب القلوب والأولاد أعظم من كسب المواقف، فلا تنزعج عند حصول سلوك سلبي بين سلوكيات طيبة جيدة ولكن وازن الأمور وعالجها.
أصلح الله لنا نياتنا وذرياتنا وبارك فينا وفيهم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد