حلقة 704: فرح الله بتوبة عبده - قصة الخضر مع موسى - من أراد أن يضحي لا يقص أظافره - العفو عمن ظلم - حد طول اللحية وحكم تقصيرها أو حلقها - إستبدال المصاحف القديمة بمصاحف جديدة من المسجد - الإستعارة من المساجد

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

4 / 50 محاضرة

حلقة 704: فرح الله بتوبة عبده - قصة الخضر مع موسى - من أراد أن يضحي لا يقص أظافره - العفو عمن ظلم - حد طول اللحية وحكم تقصيرها أو حلقها - إستبدال المصاحف القديمة بمصاحف جديدة من المسجد - الإستعارة من المساجد

1-  يذكر المستمع بعضاً من معاني ذلكم الحديث، ويرجو أن تتفضلوا بنصه إذا أمكن، وشرح الحديث؟ جزاكم الله خيراً

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لله أشد فرحاً بتوبة عبده من أحدكم براحلته التي عليها طعامه وشرابه، فأضلها في أرض فلاة، فاضطجع قد أيس منها، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة على رأسه، فلما رآها أخذ بخطاها وقال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك! أخطأ من شدة الفرح)، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، وهذا يدل على فضله وإحسانه جل وعلا، وأنه سبحانه يحب لعباده أن يتوبوا إليه وأن يستقيموا على طاعته حتى يفوزوا بجنته ونعيمه، والفرح من الله جل وعلا، مثل سائر الصفات، كالرضا والغضب والرحمة والمحبة وغير ذلك، كلها صفات تليق بالله يجب إثابتها لله، على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى، وليست من جنس صفات المخلوقين فغضب الله، ليس كغضب المخلوقين، وفرحه ليس كفرحهم، ورضاه ليس كرضاهم، وهكذا رحمته ومحبته وكراهته، وسمعه وبصره وغير ذلك كلها صفات كاملة تليق بالله لا يشابه فيها خلقه سبحانه وتعالى؛ لقول الله عز وجل في كتابه العظيم: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (11) سورة الشورى، ولقوله سبحانه: فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (74) سورة النحل، وقوله -عز وجل-: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ*اللَّهُ الصَّمَدُ*لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ*وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ سورة الإخلاص، وهذا هو قول أهل السنة والجماعة قاطبة جميعاً، وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان، هؤلاء هم أهل السنة: أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان الذين ساروا على نهجهم وعلى طريقهم، واستمسكوا بما كانوا عليه من العلم والعمل، هم أهل السنة والجماعة، وعلى رأسهم: أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعثمان رضي الله عنه، وعلي رضي الله عنه، وهكذا بقية الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، ثم التابعون بعدهم كمحمد بن سيرين وسعيد بن المسيب، وعطاء بن يسار، وعطاء بن أبي رباح، وغيرهم من أئمة التابعين رحمة الله عليهم، وهكذا أتباع التابعين كمالك بن أنس الإمام المعروف رحمه الله، وأبي حنيفة رحمه الله، وهكذا من بعدهم كالشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه وسفيان الثوري وغيرهم من أئمة الإسلام، هؤلاء ومن بعدهم ممن سار على نهجهم هم أهل السنة والجماعة، كلهم أجمعوا على أن الواجب إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت، والإيمان بمعناها وأن معناها حق لائق بالله، وأنه سبحانه لا يماثل خلقه لا في ذاته ولا في أسمائه وصفاته سبحانه وتعالى، وذلك هو مقتضى قوله عز وجل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (11) سورة الشورى، وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) سورة الإخلاص، وما جاء في معناها من الآيات، والله ولي التوفيق.  
 
2-   سمعت عن قصة الخضر مع موسى عليه السلام، أرجو أن تتفضلوا بذكر السورة التي وردت فيها تلكم القصة، وخاصةً ما حدث من بناء الخضر للجدار لأهل القرية، رغم أنهم لم يحسنوا الضيافة؟
قصة الخضر ثابتة في كتاب الله العظيم في سورة الكهف، تقرأ سورة الكهف وتجدها، والخضر على الصحيح نبي من الأنبياء، هذا هو الصحيح، ولهذا علمه الله أشياء ما علمها موسى عليه الصلاة والسلام، ولهذا رغب موسى في صحبته ليتعلم منه ما أخبره الله به؛ لأنه قد أخبره سبحانه وتعالى بأن لنا في مجمع البحرين عبداً فذهب فطلب موسى لقياه ليتعلم منه، فأذن الله له في ذلك، واجتمع به في مجمع البحرين، وقص الله علينا قصتهم في سورة الكهف، وهي قصة واضحة وبينة ولا تحتاج إلى شرح.  
 
3-  سمعت من بعض الناس أنه لا يجوز للإنسان قص أظافره في العشر الأول من ذي الحجة، هل ما سمعته صحيحاً؟
إذا كان يريد الضحية فإنه لا يقص أظفاره ولا شعره ولا بشرته، حتى يضحي بعد دخول الشهر؛ لما ثبت في صحيح مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا دخل شهر ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره ولا من بشرته شيئاً)، أما إذا كان لا يضحي فلا شيء عليه، يقص في عشر ذي الحجة وغيرها.  
 
4-   هناك مجموعةٌ من الأشخاص في بلدي تواطؤا على ظلمي، والآن والحمد لله وقد فرج الله همي أريد العفو عنهم، باعتبار أن ذلك مقدرٌ من الله سبحانه وتعالى، كيف هي الطريقة المثلى التي تنصحونني بها؟ جزاكم الله خيراً.
إذا كانوا قد ظلموك وأحببت العفو عنهم فأنت مأجور، ولك خير عظيم وفضل كبير؛ لأن الله جل وعلا يقول: وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى (237) سورة البقرة، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً)، ويقول جل وعلا: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ (40) سورة الشورى، فأنت على خير عظيم، فإذا ظلموك في غيبة أو مال أو سب أو نحو ذلك وعفوت عنهم فأنت مأجور، جزاك الله خيراً. - إذن الطريقة لو سمحتم؟ ج/ الطريقة أنه يخبرهم حتى يكون ذلك أكمل، أنه قد عفا عنهم ولا يطالبهم بشيء، إذا كانوا قد ظلموه كما قال، وإن لم يخبرهم فلا بأس، المقصود العفو إذا عفا عنهم فأجره على الله، إذا ظلموه إذا أخذوا شيئاً من ماله أو ضربوه أو سبوه أو ما أشبه ذلك من الظلم وعفا عنهم فأجره على الله سبحانه وتعالى.     
 
5-   ما هي السنة في طول اللحية، ودليل ذلك، وهل من قصر لحيته يعتبر عاصياً، وهل هي من المعاصي الكبيرة أو من الصغائر، وتعليقكم على هذا بكل وضوح؟ جزاكم الله خيراً.
اللحية يجب إعفاؤها وتوفيرها، وليس لذلك حد في أصح قولي العلماء، بل الواجب إعفاؤها وإرخاؤها وتوفيرها، لما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (قصوا الشوارب وأعفو اللحى، خالفوا المشركين)، وفي اللفظ الآخر: (قصوا الشوارب ووفروا اللحى، خالفوا المشركين)، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس)، ولم يحدد حداً عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أن الواجب إرخاؤها وتوفيرها وعدم قصها، لا يجوز قصها ولا حلقها، ولو طالت ليس له قصها وليس له حلقها عملاً بهذه الأحاديث الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ ولأن في ذلك مخالفة لأهل الشرك، وبعداً عن مشابهة النساء، أما ما روى الترمذي رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه السلام كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها، فهو حديث غير صحيح عند أهل العلم، وفي إسناده متهم بالكذب وهو عمر بن هارون البلخي، فهو حديث باطل ليس بصحيح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومع بطلانه هو مخالف للأحاديث الصحيحة التي ذكرناها آنفاً، فلا يجوز التعويل عليه ولا التشبث به، وأما ما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يأخذ من لحيته في الحج والعمرة من طولها ما زاد على القبضة، ويتأول قوله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ (29) سورة الحـج، فهذا من رأيه واجتهاده، كان يقبض عليها فما خرج من بعد القبضة من أسفل اليد قصه في حجه وعمرته، ويرى أن ذلك من تأويل قوله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ، وهذا ليس بصحيح؛ لأنه مخالف للأحاديث الصحيحة، والله يغفر له رضي الله عنه هذا اجتهد فيه رضي الله عنه، والمعول على السنة على كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وما عارض كلام النبي صلى الله عليه وسلم لا يعول عليه، وقصارى ذلك أن يقال: عفا الله عنه، اجتهد فأخطأ والله يعفو عنه. - يسأل سماحة الشيخ: هل الأخذ منها أو حلقها أو تقصيرها يعتبر من الصغائر أو من الكبائر؟ ج/ هو معصية لله عز وجل، أما كونه من الكبائر محل نظر، لكنه من المعاصي التي حرمها الله جل وعلا، ونهى عنها نبينا صلى الله عليه وسلم، أما كون ذلك من الكبائر فقد يقال أنه من الكبائر لأنها تشبه بأهل الشرك، والنبي عليه السلام: (من تشبه بقوم فهو منهم)، وهذا وعيد عظيم، وقد يقال أنها من الصغائر لأنه لم يرد فيها وعيد ولا لعن، والكبيرة عند العلماء ما ورد فيها وعيد بالعذاب أو جاء فيها لعن أو حد في الدنيا. فالحاصل أنها محتملة أن تكون كبيرة، ومحتملة أن تكون صغيرة، ليس هناك دليل واضح فيما أعلم يقتضي أنها كبيرة، فالواجب طاعة الله ورسوله، سواء كانت المعصية كبيرة أو صغيرة، يجب الحذر من معصية الله سبحانه وتعالى.  
 
6-  هناك بعض أناس يأتون بمصاحف قديمة ويضعونها في المساجد ويستبدلونها بمصاحف جديدة من نفس المسجد، فهل هذا جائز؟
ليس لأحد أن يأخذ من مصاحف المسجد شيء، المصاحف التي في المسجد يجب أن تبقى في المساجد، وليس لأحد أن يأخذ منها شيئاً أو يبدلها، بل الواجب تركها بالمساجد لأن أهلها أرادوا أنها وقف، ينتفع بها المسلمون بالمسجد، فليس لأحد أن يأخذ منها شيئاً ولا أن يبدلها لا بقديم ولا بجديد.  
 
7-  هل الاستعارة من المساجد جائزة أو لا؟
ليس له أن يستعير، أما من المكتبات لا بأس، إذا سمح مدير المكتبة والقائم عليها بالإعارة لا بأس، أما ما وضع في المسجد من الكتب أو من المصاحف فلا يستعار، بل يطالع وهو في المسجد، يطالعه وهو في المسجد
 
8-  سمعت أنها بدعة، فما الصحيح في ذلك؟
يروى عن بعض السلف أن كان يعد التسبيح بالحصى، وبعضهم يعده بالنوى، وبعضهم يعدهم بالعقد، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعده بالأصابع، كان يعد تسبيحه بالأصابع، وثبت عنه أنه أمر بعدِّه بالأنامل يعني بالأصابع، فالسنة أن يكون ذلك بالأصابع هذا هو السنة وهذا هو الأفضل، أما بالمسبحة أو بالنوى أو بالحصى فهذا إذا كان في البيت في محله بالبيت داخل البيت فالأمر سهل إن شاء الله كما فعله بعض السلف، أما عند الناس وفي المساجد فلا ينبغي؛ لأنه خلاف السنة الظاهرة؛ ولأن ذلك قد يفضي إلى الرياء في عمله ذلك، فالسنة أن يعدها بالأصابع في جميع الأوقات، لكن في المساجد وبين الناس يتأكد هذا كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ويروى عن بعض السلف ويروى عن جويرية بنت الحارث أم المؤمنين أنها فعلت ذلك بالحصى في البيت.  
 
9-  ما حكم مسح الوجه بعد الدعاء؟
ورد فيه أحاديث ضعيفة، وذكر بعض أهل العلم كالحافظ بن حجر رحمه الله أنها من قبيل الحسن لغيره، وأنه يشد بعضها بعضاً، فمن مسح فلا حرج، والأفضل ترك ذلك؛ لأن الأحاديث الصحيحة ليس فيها المسح، الأحاديث الثابتة في الصحيحين أو في أحدهما ليس فيها مسح، وإنما جاء المسح في بعض الأحاديث الضعيفة التي في أسانيدها مقال، فالترك أولى، ومن مسح فلا حرج عليه إن شاء الله، لأن جمعاً من أهل العلم قالوا إن أحاديث المسح من باب الحسن لغيره.  
 
10-  ما حكم من وضع آيات قرآنية في لوحات مُبَروَزة، ووضعها في مجالس أو في أي مكان آخر؟
لا نعلم حرجاً في ذلك إذا كان المكان محترماً كالمدرسة والمجلس والغرفة التي يجلس فيها، لا بأس في ذلك إن شاء الله.  
 
11-   أرى كثيراً من الناس يصلون في محل أشغالهم، ويقولون: إن هذا الشغل معهم، ويضطرون إلى العمل ثم يصلون فيه، فما حكم فعلهم هذا؟ جزاكم الله خيراً، إذ أني سمعت حديثاً معناه: (من سمع النداء ولم يجب، فلا صلاة له)؟
الواجب على الرجال في كل مكان أن يصلوا في الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من سمع النداء فلا صلاة له إلا من عذر)، وهو حديث صحيح، قيل لابن عباس: ما هو العذر؟ قال: مرض أو خوف، ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه جاءه رجل أعمى، فقال يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: (هل تسمع النداء بالصلاة)، قال: نعم، قال: (فأجب)، ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم)، وهذا يدل على وجوب أداء الصلاة في الجماعة، فالواجب على جميع الرجال القادرين أن يصلوا في جماعة في المساجد، لا في موضع العمل، إذا كان المسجد قريباً يسمعون النداء، أما إذا كان بعيداً لا يسمعون النداء فإنه لا حرج أن يصلوا في مكانهم جماعة، يعني سماع النداء بالصوت المعتاد لا بالمكبر، أما المكبر فيسمع من بعيد، لكن إذا كانوا يسمعونه بالصوت المعتاد إذا كان على محل مرتفع، وكان الجو مناسباً وليس فيه ما يمنع الصوت، إذا كانوا يسمعونه يعني في محل يسمعون مثل هذا وجب عليهم السعي. وبكل حال فكونهم يسعون إلى المساجد ولو بالسيارة كان هذا هو الخير لهم وهذا هو الأفضل لهم، وفيه امتثال أمر الله ورسوله، أما إن كانوا بعيدين يشق عليهم الذهاب إلى المسجد ولو كان الأذان بالصوت المعتاد ما سمعوه لبعده فلا حرج عليهم أن يصلوا جماعة في محلهم.  
 
12- يوجد عند زوجتي ذهبٌ تقدر قيمته بأكثر من خمسين ألف ريال: هل تجب فيه الزكاة، علماً بأنها تلبسه دائماً، وهي تقصد منه الاستعمال للزينة فقط؟
الواجب في الحلي الزكاة في أصح قولي العلماء، ولو كانت تستعمل ذلك، الواجب عليها الزكاة هذا هو الصحيح، وهي ربع العشر، من الأربعين ألف ألف واحد، ومن عشرة آلاف مائتان وخمسون، يعني ألف ومائتان وخمسون، في خمسين ألف، ربع العشر. والله جل وعلا أوجب على عباده الزكاة، في الذهب والفضة وفي الإبل والبقر والغنم الراعية، وفي عروض التجارة، فلا يجوز للمؤمن أن يتساهل في هذا الأمور، وهكذا أوجبها عليهم في الحبوب والثمار وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها -وفي لفظ آخر-: لا يؤدي زكاتها، إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار)، وهذا وعيد عظيم يعم ذهب الحلي وفضة الحلي وغيرها؛ ولأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه دخلت عليه امرأة وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب يعني سوارين من ذهب فقال: (أتوأدين زكاة هذا)، قالت: لا، قال: (أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟)، فألقتهما وقالت: هما لله ولرسوله، رواه الإمام أبو داود والإمام النسائي رحمة الله عليهما في سننهما بإسناد صحيح، وثبت عن أم سلمة رضي الله عنها أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب، فقالت: يا رسول الله أكنـز هذا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (ما بلغ يزكى فزكي فليس بكنـز)، ولم يقل لها ليس في الحلي زكاة، بل قال: (ما بلغ يزكى)، يعني ما بلغ النصاب (فزكي فليس بكنـز)، أما ما لم يزك وبلغ النصاب فإنه كنـز يعذب به صاحبه يوم القيامة، يشير إلى قوله جل وعلا: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) سورة التوبة، فالحاصل أن الحلي من الذهب والفضة التي تستعملها النساء فيها الزكاة إذا بلغت النصاب، والنصاب عشرون مثقالاً، ومقداره أحد عشر جنيه ونصف، ومقداره بالغرامات اثنان وتسعون غراماً، فإذا كان الذهب أقل من هذا فلا زكاة فيه.  
 
13-  هل صلاة الأوابين صحيحة، وهي: ست ركعات بعد صلاة المغرب؟
هذا ليس بصحيح، وليس بثابت، لكن تستحب الصلاة بين المغرب والعشاء ولو أكثر من ست ركعات، لكن ما تسمى صلاة الأوابين صلاة الضحى، هذه صلاة الأوابين، إذا اشتد الضحى فالصلاة ذاك الوقت يقال لها صلاة الأوابين، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)، يعني يشتد الحر ضحى، هذه صلاة الأوابين صلاة الضحى عند شدة الحر، يعني عند علو النهار قبل الزوال، بساعة أو ساعتين يقال لها صلاة الأوابين، أما ما بين المغرب والعشاء فالحديث فيها ضعيف، تسميتها صلاة الأوابين ضعيف، ولكن يستحب للمؤمن أن يصلي فيها والمؤمنة ما يسر الله له، غير سنة المغرب أما سنة المغرب فهي مؤكدة، سنة مؤكدة ركعتان بعد المغرب، وإذا صلى زيادة ركعتين أو أربع ركعات أو ست ركعات أو عشر ركعات كله طيب، ما بين صلاة المغرب والعشاء كله محل عبادة، ولو صلى كثيراً، كله محل تطوع، وهكذا بعد العشاء كله محل تطوع، والحمد لله.   
 
14-  تسأل هي أيضاً عن وزن ومبلغ الحلي الذي تخرج زكاته؟
تقدم بيان ذلك في الجواب السابق، وأن الحلي التي فيها الزكاة هي التي تبلغ النصاب، فإذا كانت الحلي تبلغ أحد عشر جنيه وثلاثة أسباع الجنيه يعني نصف الجنيه، أحد عشر جنيه ونصف الجنيه هذه تخرج زكاتها، أما إذا كانت أقل فليس فيها زكاة، ومقدارها بالغرام اثنان وتسعون غراماً، فإن كانت الحلي أقل من هذا فليس فيها زكاة، أما إن كانت أكثر ففيها الزكاة بالحساب ربع العشر، في كل ألف خمسة وعشرون، في العشرة الآلاف مائتان وخمسون، في العشرين الألف خمسمائة، وفي الأربعين الألف ألف واحد، وهكذا.   
 
15-  هل يجوز للمرأة أن تقص شعرها؟
لا بأس أن تخفف شعرها، وإذا كان لها زوج فلا بد من مشاورته، لأنه زينة، شعر الرأس زينة وجمال، فإذا اتفقت مع زوجها على قص بعضه للتخفيف لأنه طويل أو يشق عليها، فقد ثبت عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته أنهن قصصن من رؤوسهن للتخفيف.  
 
16-  هل يجوز للمرأة أن تصلي ولو لم تكن لابسة لعباءة أو أي غطاء آخر؟
لا بد من ستر عورتها بملابس ساترة، تستر بدنها كله مع الرأس ما عدا الوجه، تستر الرأس والبدن كله، الرجلين والبدن كله بـ.... أو عباءة أو غيرهما تستر بدنها كله بثوبها أو ب..... عليها ما عدا الوجه، وهكذا الكفان لو ظهرا لا يضر، ظهورهما لكن سترهما أفضل، أما القدمان فلا بد من سترهما مع القدرة، لأن المرأة عورة ولا بد من هذا في حقها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)، الحائض يعني البالغة، إلا بخمار هو الثوب الذي يوضع على الرأس ويقال له الشيلة، تستر بها الرأس، أما الوجه فإن السنة إبرازه في الصلاة، تصلي المرأة ووجها بارز، ظاهر غير مستور، إلا إذا كان عندها أجنبي فإنها تستر وجهها كأخي زوجها أو عم زوجها أو غيرهما من الأجانب الذين ليسوا محارم، وأما إذا كان ما عندها إلا نساء أو زوجها فإنها لا تستر وجهها بل تكشف وجهها والأفضل ستر الكفين وإن كشفتهما فلا حرج على الصحيح، أما الرجلان فالواجب سترهما.  
 
17-   والدتي يوم أن كانت صغيرة في العقد الأول من عمرها حملت ابن أختها الرضيع فوقع منها على الأرض مما أدى إلى وفاته بعد يومين، لكنها لم تخبر أهلها بذلك، وظنوا أن وفاته بسبب مرض أو غيره، وقد أخبرتنا وأخبرت والدته منذ فترة بسيطة بما حصل منها، وهي تستفسر عن الحكم، فأرجو إفادتها بذلك ماذا عليها تجاه رب العزة والجلال ، وتجاه أولياء الطفل ؟ ولكم الشكر والتقدير 
إذا كان الواقع ما ذكرته السائلة فعلى التي وقع منها الحادث أن تخبر أولياء الطفل بما جرى، ومرجعهم بعد ذلك في الموضوع إلى المحكمة الشرعية، إذا كانت صغيرة ما بعد بلغت الحلم فليس عليها كفارة، أما الدية فهي على العاقلة وهم العصبة إذا ثبت ما ذكرت السائلة أن الطفل وقع منها، وإن سمح أهل الطفل فلا حرج، إذا سمحوا عن الدية فلا حرج، وإن طالبوا فالمرجع في ذلك إلى المحكمة وهي على العاقلة على العصبة؛ لأنه خطأ ليس باختيار المرأة، وإن كانت صغيرة فليس عليها كفارة، أما إن كانت كبيرة قد بلغت الحلم فعليها كفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن عجزت تصوم شهرين متتابعين؛ لأن هذا قتل خطأ حصل بسببها بسبب تفريطها وتساهلها.

424 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply