حلقة 206: صلاة الليل وبعض الأدعية الواردة - هل للرجل أن يتحلى بالذهب في أسنانه - رقص الرجال والنساء في الأعراس - دعاء ليلة الدخول على الزوجة - حكم التقاط الصور من أجل الذكرى، - هل يغفر الله لمن لم يصر على ما فعل من المعاصي

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

6 / 50 محاضرة

حلقة 206: صلاة الليل وبعض الأدعية الواردة - هل للرجل أن يتحلى بالذهب في أسنانه - رقص الرجال والنساء في الأعراس - دعاء ليلة الدخول على الزوجة - حكم التقاط الصور من أجل الذكرى، - هل يغفر الله لمن لم يصر على ما فعل من المعاصي

1- ما هي الدعوات التي يدعو بها الإنسان في الليل، وما هي عدد الركعات التي يصليها الإنسان في نصف الليل مثل صلاة التهجد؟ أرجو الإفادة عن ذلك

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإنه يشرع للمؤمن في الليل عند النوم أن يقرأ آية الكرسي، ويقرأ الآيتين من آخر سورة البقرة آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ.. (285) سورة البقرة، إلى أخرها، ويقرأ (قل هو الله أحد) والمعوذتين، ويشرع له أيضاً أن يقول ما كان يستعمله النبي - صلى الله عليه وسلم – عند النوم: (اللهم باسمك أحيا وأموت)، (اللهم باسمك وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفس فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين)، (اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك) [ثلاث مرات]، هذا المشروع عند النوم، كذلك (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) [ثلاث مرات] (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) [ثلاث مرات]، كل هذا مشروع ينبغي للمؤمن أن يستعمله، كذلك يقول: (اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شيء ومليكه أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه، وأعوذ بك أن أقترف على نفسي سوءً أو أجره إلى مسلم)، (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)، ويقول في آخر شيء قبل أن ينام في آخر ما يقول: (اللهم أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك، ووجهت وجهي إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت)، هذا ما ورد عند النوم، ويقرأ الإنسان ما تيسر من ذلك. وكذلك يصلي من الليل ما تيسر، ركعة أو ثلاث ركعات أو خمس ركعات أو أكثر من ذلك بعد صلاة العشاء وبعد سنتها، يستحب له أن يصلي من الليل قبل أن ينام إن كان يخشى أن لا يقوم من آخر الليل، يوتر بركعة واحدة أو بثلاث ركعات أو بأكثر من ذلك، يسلم بين كل ركعتين، ثم يوتر بواحدة، هكذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وشرع للأمة عليه الصلاة والسلام، وإن أوتر بإحدى عشر ركعة كما كان النبي يوتر في الغالب عليه الصلاة والسلام فهذا أفضل، وإن أوتر بأكثر من هذا فلا بأس، بل هو أحسن في الليل، سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الليل فقال: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى)، فهذا الحديث يدلنا على أن السنة في الليل أن يصلي ركعتين ركعتين، يني يسلم من كل ركعتين، ثم يوتر بواحدة، سواء كان في أول الليل أو في وسطه أو في أخره، والأفضل في آخره، هذا هو الأفضل إن تيسر للمؤمن أن يقوم من آخر الليل، وهكذا المؤمنة، أما إن خاف أن لا يقوم من آخر الليل فإنه يوتر في أول الليل بعد صلاة العشاء، ولكن آخر الليل أفضل؛ لأنه يوافق التنزل الإلهي، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟) متفق على صحته، فهذا الحديث العظيم يدل على أن آخر الليل وقت التنزل الإلهي، ووقت ترجى فيه الدعوات، وفي الحديث الآخر يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أول الليل، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل)، فالأفضل آخر الليل، وقوله - صلى الله عليه وسلم-: (ينزل ربنا) هذا نزول يليق بالله لا يشابه الخلق سبحانه وتعالى، هذا النزول يليق بالله عز وجل لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، وهكذا قوله سبحانه: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) سورة طـه. هو استواء يليق بالله وهو الارتفاع والعلو، وهو يليق بالله جل وعلا لا يشابه خلقه في استوائهم، ولا في نزولهم ولا في كلامهم ولا في غير ذلك، كما قال سبحانه: ..لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (11) سورة الشورى، سبحانه وتعالى. فله الأسماء الحسنى والصفات العلى، وله الكمال في كل شيء جل وعلا، لا يشابه الخلق في شيء من صفاته سبحانه، هذا هو قول أهل السنة والجماعة، وهو الذي جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام، وهو الذي درج عليه أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتباعهم بإحسان -رضي الله عنهم وأرضاهم-. 
 
2- هل يجوز للرجل أن يتحلى بالذهب في أسنانه، أو في خاتمٍ في أصبعه؟
ليس للرجل أن يتحلى بالذهب لا في خاتمه ولا غير ذلك، النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التختم بالذهب، ولما رأى رجلاً في يده خاتم من ذهب نزعه وطرحه وقال: (يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده)، فلا يجوز لمسلم أن يتختم بالذهب، وإنما هذا من شأن النساء، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحُرم على ذكورهم)، لكن الأسنان إذا دعت الحاجة إليها لا بأس، إذا دعت الحاجة إلى تركيب أسنان من ذهب فلا حرج للرجال وللنساء، أما إذا تيسر أن يركب أسناناً من غير الذهب فهو أولى وأفضل وأحوط، وإن لم يجد ما ينفع واحتاج إلى أسنان من ذهب فلا بأس. 
 
3- عندنا في السودان وفي بعض الدول العربية الأخرى عادات، مثل المظاهر في مناسبة العرس، وحفلات الرقص مع البنات والرجال، أفيدونا هل هذا صحيح أم لا؟
أما الاحتفال بالعرس من النساء على حدة ووجود الرقص بينهن من غير مخالطة للرجال ولا اطلاع الرجال، هذا لا بأس به، وهكذا تشييع الرجال للزوج العريس إلى بيت أهل الزوجة، وكونهم يأكلون عندهم طعاماً أو يشربون عندهم الشاي أو ما أشبه هذا لا بأس بذلك. أما اختلاط النساء بالرجال في مناسبة الزواج هذا منكر لا يجوز، وهكذا رقص الزوج مع النساء هذا منكر لا يجوز، بل يجب منع ذلك ولا يحل، بل هو من أسباب الفتنة، فهو منكر ظاهر لا يجوز، والله المستعان. 
 
4- ماذا يقول الرجل في ليلة دخوله بزوجته من دعاء؟
يقول إذا دخل عليها يسمي الله جل وعلا ويقول إذا أخذ بيدها يقول: (اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه)، وإذا دعا بدعوات أخرى يسأل الله خيرها، ويسأل الله أن تكون زوجة صالحة، وأن تكون من أسباب الذرية الصالحة فكل هذا لا بأس به، لكن مما ورد أن يقول: (اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه) وإذا صلى ركعتين ودعا ربه فيها فحسن، يروى عن بعض السلف -رضي الله عنهم وأرضاهم-. 
 
5- ما هو الحكم في عملية التصوير بالكاميرا داخل البيت، أو في مناظر من الأشجار، وتذكار بيني وبين الأسرة فقط، هل يجوز ذلك أم لا؟
التصوير في الأصل في ذوات الأرواح أمر منكر، هذا هو الأصل، تصوير ذوات الأرواح من بني آدم ومن الحيوانات لا يجوز؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: (أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون)، وفي لفظ آخر يقول -صلى الله عليه وسلم-: (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم)، وروى جابر في الحديث الصحيح: (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعن آكل الربا وموكله ولعن المصور) والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. فالتصوير لا يجوز لذوات الأرواح، أما تصوير الشجر والجبل والسيارة والسفينة فلا بأس بذلك، ولكن إذا دعت الحاجة إلى الصورة، مثل إنسان يريد حفظ النفوس ولا تحصل له إلا بالصورة فلا بأس في هذه الحالة الشديدة فهو مضطر، وهكذا إذا رأى ولي الأمر تصوير المجرمين حتى ينقب عنهم حتى يتقى شرهم، أو لأسباب شرعية دعت الحاجة إلى ذلك إلى مصلحة المسلمين فلا بأس بذلك. 
 
6- قال الله تعالى في كتابه العزيز: ((وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ)) [الزخرف:36]، السؤال: هل يغفر الله للذي لم يصر على ما فعله، وماذا عليه أن يفعل ليطهر نفسه؛ ليرفع الحدث الشيطاني من جسمه؟
معنى قول الله تعالى: (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) (36 الزخرف)، معنى هذا الغفلة، يعني يغفل ويعرض عن ذكر الله، يقيض له شيطانا، فالإنسان إذا غفل عن ذكر الله وأعرض عن ذكر الله يقيض له الشيطان حتى يصده عن الحق وحتى يشغله بالباطل، فينبغي للمؤمن أن يحذر ذلك، وأن يجتهد في ذكر الله بقلبه ولسانه وأعماله حتى يسلم من شر عدوه، فالعدو الشيطاني وساوس خناس عند الغفلة يوسوس ويدعو إلى الباطل ويثبط عن الحق، وعند ذكر الله يخنس ويتصاغر ويبتعد. فالمشروع لك يا عبد الله ولكل مسلم ومسلمة أن يكثر من ذكر الله، وأن يحاسب نفسه دائماً في ذلك؛ حتى يسلم من مكائد أعدائه، وإذا تاب العبد من سيئاته تاب الله عليه، كما قال الله جل وعلا: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ* أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (135-136) سورة آل عمران. فأخبر سبحانه أن التائب المستغفر غير المصر جزاؤه المغفرة والجنة، فإذا تاب العبد إلى الله من سيئاته من زنا أو سرقة أو شرب مسكر أو غير هذا من المعاصي تاب توبة صادقة وأقلع من الذنوب وتركها خوفاً من الله وتعظيماً له، وندم على الماضي ندماً صادقاً، وعزم أن لا يعود فإن الله يغفر له سبحانه وتعالى، كما قال سبحانه: ..وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) سورة النــور، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (التوبة تهدم ما كان قبله) ومن المصيبة العظيمة أن يصر ويبقى على السيئات، هذه هي المصيبة؛ لكن إذا منَّ الله عليه بالتوبة والإقلاع والندم والعزم أن لا يعود فقد أفلح، وإذا كان عنده مظالم للناس في دمائهم أو أموالهم أو .... أو أعراضهم فالواجب عليه أنه يرد حقهم إليهم، أو يستحلهم من ذلك، فإذا أحلوه وأباحوه سلم من شر حقهم وغيره، والله المستعان. 
 
7- إنني كثيراً ما أذكر الله ذكراً كثيراً، ولكنني لا أصلي، وسمعت من بعض الأصدقاء أن هذا الفعل يعتبر من الكفر بالله عز وجل، أي ذكر الله بدون صلاة، فما حكم الإسلام في ذلك؟
الصلاة هي عمود الإسلام، وهي أعظم الأركان بعد الشهادتين، يقول الله عز وجل: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ (238) سورة البقرة، وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) سورة البقرة. والآيات في الصلاة كثيرة. ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله) فجعل الصلاة هي عمود الإسلام، ويقول - صلى الله عليه وسلم-: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، فأنت عليك أن تتقي الله وأن تبادر بالتوبة. أما ذكر الله مع ترك الصلاة ما ينفعك، عليك أن تحافظ على الصلاة وأن تستقيم عليها في أوقاتها، وأن تصليها مع إخوانك المسلمين في المساجد، هذه هي الفريضة العظيمة، وعمود دينك، فاتق الله وراقب الله، وتب إلى الله توبة صادقة، ومن تابَ تاب الله عليه سبحانه وتعالى. ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أول ما يحاسب عنه العبد من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر) نسأل الله العافية، ويقول -رضي الله عنه- لأمرائه: (إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع)، وجاء في الحديث عنه -صلى الله عليه وسلم - أن قال يوماً بين أصحابه وذكرهم بالصلاة فقال لهم: (من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف)، نسأل الله العافية، هؤلاء من كبار الكفرة، من صناديد الكفرة، نسأل الله العافية. قال بعض أهل العلم: إنما يحشر من ضيع الصلاة مع هؤلاء الكفرة: لأنه إن ضيعها من أجل الرئاسة والملك صار شبيهاً بفرعون، فيحشر معه يوم القيامة. وإن ضيعها بسبب الوزارة والوظيفة صار شبيهاً بهامان وزير فرعون، وحشر معه يوم القيامة إلى النار. وإن ضيعها بسبب الأموال والشهوات صار شبيهاً بقارون تاجر بني إسرائيل الذي بغى وطغى، وحمله حب المال وكثرة المال على الكفر بالله عز وجل، وخسف الله به وبداره الأرض، فمن شغل بالمال عن الصلاة حشر مع قارون، نعوذ بالله من ذلك. ومن شغل عن الصلاة بالتجارة والبيع والشراء والمعاملات صار شبيهاً بأبي بن خلف تاجر أهل مكة الكافر، وقد قتل كافراً فيحشر معه يوم القيامة -نعوذ بالله- إلى النار. فالواجب على كل من ضيع الصلاة أن يتوب إلى الله، من الرجال والنساء جميعاً، الواجب على الجميع التوبة إلى الله، والبدار بالمحافظة على الصلاة، والندم على ما مضى، ومن تابَ تاب الله عليه، وأسأل الله للجميع التوفيق والهداية. 
 
8- إذا انتحر شخص لظروف حياتية وما يلاقيه من ضيق في المعيشة والإنفاق على أسرته، هل هذا يعني أنه سوف يخلد في جهنم؟
الانتحار منكر عظيم، وكبيرة من كبائر الذنوب، لا يجوز للمسلم أن ينتحر، يقول الله عز وجل: ..وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) سورة النساء، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة)، فالواجب على المؤمن التصبر والتحمل إذا حصل عليه نكبة ومشقة في دنياه، أن لا يعجل في قتل نفسه، بل يحذر ذلك ويتقي الله ويتصبر ويأخذ بالأسباب، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً. وإذا قتل نفسه فقد تعرض لغضب الله وعقابه، وهو تحت مشيئة الله؛ لأن قتل النفس دون الشرك، والله يقول سبحانه: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء.. (48) سورة النساء، فما دون الشرك فهو تحت مشيئة الله، وقتل النفس دون الشرك، وهكذا الزنا وهكذا السرقة وهكذا شرب المسكر، كلها معاصٍ دون الشرك، وصاحبها تحت مشيئة الله، إذا مات على معصيته إن شاء الله سبحانه غفر له؛ لأعمال صالحة ولإسلامه الذي معه، وإن شاء عذبه في النار على قدر معصيته، ثم بعد ما يطهر ويمحص يخرج من النار، ولا يخلد عند أهل السنة والجماعة، العاصي لا يخلد في النار لا القاتل ولا غيره لا يخلد في النار، ولكنه يعذب إذا شاء الله تعذيبه، يعذب ما شاء الله في النار على قدر معاصيه، ثم يخرجه الله من النار إلى نهر يقال له (نهر الحياة) فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل، فإذا تم خلقهم أدخلهم الله الجنة بإسلامهم وإيمانهم الذي ماتوا عليه، ولا يخلد في النار إلا الكفرة، لا يخلد في النار إلا الكفرة المشركون الذين كفروا بالله ورسوله، أو كذبوا رسله، أو أنكروا ما جاءت به رسله، أو ما أشبه ذلك من أنواع المكفرات، وأما العاصي فلا يخلد عند أهل السنة والجماعة، خلافاً للخوارج والمعتزلة، فإن طائفة الخوارج وطائفة المعتزلة -وهما طائفتان ضالتان- تقولان: إن العاصي يخلد في النار إذا دخلها! وهذا غلط كبير. أما أهل السنة والجماعة وهم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتباعهم بإحسان فإنهم يقولون: لا يخلد العاصي في النار إذا لم يستحل المعصية، إذا مات وهو يعلم أنها معصية، لكن حمله الشيطان عليها، فهذا لا يخلد ولكنه تحت مشيئة الله، إن شاء الله عفا عنه وأدخله الجنة بإسلامه وإيمانه، وإن شاء عذبه في النار على قدر معاصيه، ثم بعد التطهير والتمحيص يخرجه الله من النار إلى الجنة. وقد تواترت الأحاديث عن رسول - صلى الله عليه وسلم – بذلك، أن بعض الناس يدخل النار بمعاصيه ثم يخرجه الله من النار بشفاعة الشفعاء، أو برحمته سبحانه من دون شفاعة أحد جل وعلا، كل هذا ثبت عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام-. 
 
9- ما معنى قول الله سبحانه وتعالى: ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا))[الأحزاب:56] صدق الله العظيم؟
اللهم صل عليه، هذه الآية العظيمة فيها شرف للنبي -صلى الله عليه وسلم- وبيان منزلته عند الله وأنها منزلة عظيمة؛ ولهذا قال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ.. (56) سورة الأحزاب، والصلاة من الله ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى، ثناؤه عليه وذكره بأوصافه الجميلة عند الملائكة، هكذا صلاة الله على عبده، كما قال أبو العالية وجماعة من السلف، وتطلق الصلاة من الله على الرحمة، كما قال سبحانه: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ.. (43) سورة الأحزاب، أي يرحمكم ويثني عليكم سبحانه وتعالى، فثناء الله على عبده عند الملائكة هو ذكر أوصافه الجميلة العظيمة، هذه صلاة الله على عبده، ويدخل فيها أيضاً رحمته لعباده وإحسانه إليهم سبحانه وتعالى، والملائكة صلاتهم الدعاء، دعاؤهم للمصلى عليه وترحمهم عليه وثناؤهم عليه هذا يقال له صلاة، كما في الحديث: (الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه تقول: اللهم اغفر له اللهم ارحمه اللهم تب عليه) فصلاتهم على الرسول -صلى الله عليه وسلم- دعاؤهم له عليه الصلاة والسلام، ونحن مأمورون بأن نصلي عليه، عليه الصلاة والسلام، قال الله -تعالى-: ..يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) سورة الأحزاب، فنحن مأمورون أن نصلي عليه ونسلم، فنقول: اللهم صل عليه وسلم، صلى الله عليه وسلم، ونصلي عليه في صلاتنا في التشهد الأخير، (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد)، هكذا علم النبي أصحابه، ولو قال: اللهم صل على سيدنا محمد لا بأس، لكن لم يرد في الحديث ذكر السيد في قراءتها في الصلاة، وإنما علم أصحابه أن يقولوا: اللهم صل على محمد .. إلى آخره، عليه الصلاة والسلام، ويستحب أن يقول هذا على الصحيح حتى في التشهد الأول بعد الشهادتين، بعد ما يأتي بالشهادة يصلي على النبي ثم ينهض إلى الثالثة على الأرجح لعموم الأحاديث الواردة عن رسول الله –عليه الصلاة والسلام- في ذلك، وهكذا يشرع لنا ويتأكد أن نصلي عليه كثيراً يوم الجمعة وليلتها، وهكذا يشرع لنا عند ذكره إذا مر ذكره عليه الصلاة والسلام أن نصلي عليه، بل يجب؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل علي)، فهذا يدل على وجوب الصلاة عند ذكره عليه الصلاة والسلام، وهكذا بعد الأذان إذا فرغ المؤذن وقال: لا إله إلا الله، يقول هو والمستمع: اللهم صل وسلم على رسول الله، (اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت نبينا محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، إنك لا تخلف الميعاد)، لقوله -صلى الله عليه وسلم- لما سئل عن ما يقوله حين يسمع المؤذن، قال: (قولوا كما يقول المؤذن، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة) وفي لفظ آخر يقول -صلى الله عليه وسلم-: (من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد، حلت له شفاعتي يوم القيامة)، فهذا كله مما شرعه الله لنا سبحانه وتعالى في حقه عليه الصلاة والسلام، فينبغي للمؤمن والمؤمنة الإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام في الليل والنهار، وأن يكثر من ذلك المؤمن في الجمعة وليلتها، وإذا سمع ذكره صلى عليه -عليه الصلاة والسلام-، وهكذا في الصلاة في التشهد الأول والتشهد الأخير، والصلاة على النبي في التشهد الأخير واجبة عند جمع من أهل العلم، وقال آخرون: ركن من أركان الصلاة في التشهد الأخير، فينبغي للمؤمن أن يحرص على ذلك وألا يدع ذلك، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه صلاة وسلاماً دائماً إلى يوم الدين. 
 
10- هل يصح لي أن أقوم بأداء العمرة عن والدتي المتوفية، حيث أني قد أديت العمرة عن نفسي في رمضان هذا العام، وهل يصح لي أن أقوم بأداء العمرة عن والدتي بعد أداء فريضة الحج أو قبل أدائي لفريضة الحج،
نعم، لا بأس بذلك، بل أنت مأجور، ومشروع لك أن تحسن إلى والدتك بالعمرة قبل الحج أو بعده، وإذا كنت في مكة تحرم من الحل، يعني خارج مكة، خارج الحرم، من .... التنعيم أو من الجعرانة أو من غيرهما من الحل كما أمر النبي عائشة رضي الله عنها لما أرادت عمرة بعد الحج أن تحرم من الحل من التنعيم، هكذا السنة فيمن كان في مكة إذا أراد العمرة لنفسه أو لغيره أن يخرج إلى الحل ثم يلبي للعمرة من هناك ثم يدخل ويطوف سبعة أشواط.. ويصلي ركعتين خلف المقام أو في أي بقعة من المسجد ثم يسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط ثم يقصر من الرأس، هكذا العمرة وأنت مأجور في ذلك.

530 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply