حلقة 557: كم قراءة القرآن مستلقيا - كيفية سجود التلاوة - حكم بقاء المرأة المسلمة مع رجل لا يصلي - هل يجوز للناذر أن يأكل من ذبيحته المنذورة - حكم تعليق التمائم والحروز - ظهور المهدي المنتظر في نهاية الزمان

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

7 / 50 محاضرة

حلقة 557: كم قراءة القرآن مستلقيا - كيفية سجود التلاوة - حكم بقاء المرأة المسلمة مع رجل لا يصلي - هل يجوز للناذر أن يأكل من ذبيحته المنذورة - حكم تعليق التمائم والحروز - ظهور المهدي المنتظر في نهاية الزمان

1- عندما أقرأ القرآن أكون متوضئة وضوءاً كاملاً وأكون جالسة، ولكن في بعض الأحيان آوي إلى الفراش عندما أشعر بالتعب من الجلوس، وأقرأ وأنا مستلقية في الفراش، هل علي إثم في ذلك؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فليس هناك مانع من قراءة القرآن قائماً وقاعداً ومضطجعاً، كما قال الله جل وعلا في كتابه الكريم: الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم، ويدخل في الذكر قراءة القرآن، فهو أعظم الذكر والوضوء لقراءة القرآن أمر مستحب وليس بفرض، فيجوز لمن كان على غير وضوء أن يقرأ القرآن عن ظهر قلب، إلا أن يكون جنباً فلا يقرأ حتى يغتسل، ولا مانع من قراءة القرآن حال جلوسه وقيامه واضطجاعه على جنب أو مستلقياً وهكذا لا بأس أن يقرأه ماشياً كل ذلك لا حرج فيه، وليس له أن يقرأه من المصحف إلا عن طهارة، ليس له أن يقرأ من المصحف إلا أن يكون على طهارة، لما ثبت في حديث عمرو بن حزم رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه كتب إلى أهل اليمن ألا يمس القرآن إلا طاهر، وهو كالإجماع بين أهل العلم، لأنه لا بد من الطهارة لمن أراد قراءة القرآن من المصحف، الطهارة الصغرى، أما الجنب فلا يقرأ مطلقاً حتى يغتسل، لا من المصحف ولا عن ظهر قلب، أما الحائض فاختلف العلماء فيها هل تقرأ أم لا تقرأ؟ بعض أهل العلم ألحقها بالجنب، وقال ليس لها القراءة حتى تغتسل، لأنها حدثها أكبر ولا بد فيها من الغسل أي بعد الطهارة، وجماعة آخرون من أهل العلم قالوا: لاحرج عليها في القراءة عن ظهر قلب؛ لأن حدثها ليس كالجنب بل مدتها تطول وهكذا النفساء، فلا يجوز أن يقاس على الجنب، وهذا هو الصواب أن لها أن تقرأ عن ظهر لأنها ليست كالجنب، بسبب طول المدة، ولها مس القرآن من وراء حائل عند الحاجة، كالقفازين لمراجعة الآية ونحوها، وفق الله الجميع.  
 
2- أسأل عن سجدة القرآن الكريم، هل هي سجدة فقط أم هي ركعة كاملة، أي فاتحة القرآن وسورة قصيرة وركوع ثم سجود؟
السجود للتلاوة سجدة فقط، سجدة مجردة، إذا مر على آية السجود قال الله أكبر وسجد سجدة واحدة في الأرض، يقول فيها:سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، كما يقول في سجود الصلاة، وإذا زاد وقال: سجد وجهي للذي خلقه، اللهم لك أسلمت وبك آمنت سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته تبارك الله أحسن الخالقين، كان حسناً كما يقال في سجود الصلاة، وإذا دعا بدعوات أخرى مع سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، كل ذلك حسن، والمقصود أنها مثل سجود الصلاة، يقول فيها ما يقول في سجود الصلاة، ومن ذلك يقول: اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته تبارك الله أحسن الخالقين، فهذا يقال في سجود الصلاة ويقال في سجود التلاوة ويقال في سجود السهو، كل ذلك لا بأس به.  
 
3- إذا ابتليت المرأة برجل لا يصلي فهل تمتنع عنه، أم كيف تتصرف؟ علماً بأن لديها جمع من الأطفال، وهي صابرة على ذلكم الحال من أجل الأطفال.
ترك الصلاة من أعظم الكبائر والجرائم، إذا كان يقر بوجوبها، ويعلم بوجوبها ويؤمن به، أما إن كان يجحد وجوبها ولا يؤمن به فهذا كافر عند جميع أهل العلم، ولا يجوز للمسلمة البقاء معه ولا يحل لها تمكينه من نفسها، لأنه كافر مرتد عند جميع العلماء، أما إن كان يتركها تهاوناً وكسلاً ولكنه يؤمن بأنها حق وأنها فريضة فهذا محل خلاف بين أهل العلم، فهل يكفر كفراً أكبر، أم يكون كفره كفراً أصغر؟، على قولين لأهل العلم، والراجح من القولين أنه يكون كافراً كفراً أكبر؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، وهي أعظم الأركان بعد الشهادتين وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح، عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، وهو في صحيح مسلم رحمه الله عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال:(بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، فهذا يدل على أنه يكون كافراً كفراً أكبر، ولو لم يجحد الوجوب، ولهذا القول أدلة أخرى كلها تدل على أنه كافر كفراً أكبر، إذا كان تركها تهاوناً وهو يقر بوجوبها، ومن ذلك ما جاء في الأحاديث الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال لما سئل عن الأئمة الذين توجد منهم بعض المعاصي قال له السائل: أفنقاتلهم؟ قال: (لا، ما أقاموا فيكم الصلاة)، وفي رواية أخرى: (إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان)، فجعل ترك الصلاة كفراً بواحاً يحل مقاتلة ولاة الأمور، فالمقصود أن الواجب على المسلمين أن يحافظوا على الصلاة وأن يؤدوها كما أمر الله وأن يحذروا الكسل عنها، وأنهم متى تركوها جحداً لوجوبها صار التارك كافراً بالإجماع، وإن تركها كسلاً وتهاوناً صار كافراً كفراً أكبر في أصح قولي العلماء، تبين منه امرأته ولا يحل له الاتصال بها، ولا يحل لها تمكينه من نفسها، حتى يتوب إلى الله من ترك الصلاة، نسأل الله لجميع المسلمين الهداية والتوفيق، كما نسأله سبحانه أن يبصرهم في دينهم وأن يعينهم على أداء الواجب وأن يعيذهم من شرور النفس وسيئات العمل. إذن سماحة الشيخ ماذا نقول لأختنا من الكويت، (س، ع، ع، غ) وزوجها كما وصفت؟ كما تقدم عليها أن تمتنع منه ولا تمكنه من نفسها حتى يتوب إلى الله من ترك الصلاة، وعلى الحاكم الشرعي أن ينفذ ذلك وأن يلزمه بالتوبة إلى الله من ذلك، أو فراق المرأة، نسأل الله السلامة. إذن ترفع أمرها إلى الحاكم؟ نعم، إلى الحاكم الشرعي، إذا لم يطلقها، أو يتب.   
 
4- يسأل عن كتب يوسف النبهاني، وبالذات كتابه شواهد الحق، وما هي نصيحتكم للذين يقرؤون كتب العرافين أمثال مهدي أمين والذي يدعي العلم، وله كتاب يصدر كل عام يكتب فيه ماذا سيكون أو سيقع طوال العام المقبل؟
أما كتاب النبهاني شواهد الحق فهو كتاب رديء خالف فيه الحق وأجاز فيه الشرك، فلا يجوز أن يقرأ إلا على سبيل الرد عليه، وإنكار ما فيه من الباطل، وهكذا جميع الكتب التي تدعو إلى الشرك وإلى جواز التعلق بالأموات والاستغاثة بهم والنذر لهم والذبح لهم كلها كتب تدعو إلى الباطل وتدعو إلى الشرك، فيجب هجرها والتحذير منها، وإتلافها، حتى يسلم المسلمون من شرها وبلاءها، وأما العرافون والمشعوذون فالواجب هجرهم وعدم سؤالهم وعدم تصديقهم، والواجب على ولاة الأمور في البلاد الإسلامية معاقبتهم وتعزيرهم حتى يدََعو ما هم عليه من الباطل وهو دعوى علم الغيب، وأنه سيكون كذا وسيكون كذا، ومن يدعي علم الغيب يكفر عند أهل العلم، لأن الله يقول سبحانه: قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله، ويقول سبحانه وتعالى آمراً لنبيه أن يبلغ الناس: قل لا أملك لكم لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله، ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء، إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون، فإذا كان سيد ولد آدم، وأفضل خلق الله لا يعلم الغيب، وهو محمد عليه الصلاة والسلام، فغيره من باب أولى، فالواجب على الدول الإسلامية الإنكار على هؤلاء العرافين والمشعوذين والكهنة وتأديبهم، ومن لم يرتدع وجب قتله، حتى يستريح المسلمون من شره، ومن تاب، تاب الله عليه، نسأل الله السلامة.  
 
5-  هل يجوز الأكل من لحم الذبيحة المنذورة، أي إذا نذرت أن أذبح شاة ثم ذبحتها، هل يجوز لي الأكل من لحمها؟
هذا فيه تفصيل، فإن كان الناذر نذرها، نذر الذبيحة ليذبحها في بيته ويأكل منها، هو وأهله وجيرانه أو أقاربه أو غيرهم من أصدقائه ومعارفه، فهذا لا بأس لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)، أما إن كان نذرها للفقراء أو أطلق النذر ولم ينو شيئاً فإنها تصرف للفقراء، وليس له أن يأكل منها، بل النذور تكون للفقراء والمحاويج، يذبحها لله سبحانه، ثم يوزعها بين الفقراء الذين يعرفهم في بلده أو غيرها، وبذلك تبرأ ذمته، مع العلم أنه لا ينبغي النذر، فلا يشرع للعبد ما ينهى عن ذلك، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (لا تنذروا فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئاً، وإنما يستخرج به من البخيل)، لكن متى نذر طاعة الله، وجب عليه الوفاء، كما قال تعالى: يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً، مدح به عباده الأبرار، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (من نذر أن يطع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه).  
 
6- ما رأي سماحتكم في القلائد، أي كتابة الآيات القرآنية ووضعها في قطعة قماش وتعليقها على جسم الشخص أو تحت الوسادة؟
تعليق التمائم ويقال لها الحروز، ويقال لها أيضاً الجوامع لا يجوز، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له)، وقال: (من تعلق تميمة فقد أشرك)، وقال: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك)، فهذه الأحاديث وما جاء في معناها تدل على منع التمائم وأنه لا يجوز تعليقها على المريض ولا على الطفل ولا جعلها تحت الوسائد كل ذلك لا يجوز، لأنه من عمل الجاهلية، ولأنه يسبب تعلق القلوب بهذه القلائد، وصرفها عن الله عز وجل، ولأنه أيضاً يفضي إلى التعلق بها والاعتقاد فيها وأنها تصرف عنه البلاء، وكل شيء بيد الله، ليس بيد التمائم شيء، بل الله هو النافع الضار، وهو الحافظ لعباده، وهو مسبب الأسباب، فلا يجوز للمسلم أن يتعاطى شيئاً من الأسباب التي يظن أنها أسباب إلا بإذن الشرع، كالقراءة على المريض والتداوي بالأدوية المباحة هذه أذن فيها الشرع، أما التمائم فلم يأذن بها الشرع، تعليقها على المرضى والأطفال هذه لم يأذن فيها الشرع بل نهى عنها، للأسباب التي سبق ذكرها، واختلف أهل العلم فيما يتعلق بالتمائم التي تكون من القرآن، ومن الدعوات المباحة هل تجوز، أم لا، والصواب أنها لا تجوز، لأمرين: أحدهما: أن الأدلة الدالة على منع التمائم مطلقة عامة، ليس فيها استثناء، بخلاف الرقى، فإنه يجوز منها ما ليس فيه شرك، لقوله - صلى الله عليه وسلم-: (لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً)، فقوله - صلى الله عليه وسلم-: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك)، هذا عام، لكن جاءت الأحاديث باستثناء الرقى التي ليس فيها بأس، وهي ما يكون من القرآن ومن الدعوات الطيبة، هذا لا بأس بها، لقوله - صلى الله عليه وسلم-: (لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً)، ولأنه رقى ورقي عليه الصلاة والسلام، فلا بأس بذلك، أما التمائم فلا يأت فيها استثناء، فتبقى على العموم والمنع، وهكذا التولة وهي نوع من السحر يتعاطها النساء، وتسمى الصرف والعطف، صرف الرجل عن زوجته إلى غيرها أو عطفه عليها دون غيرها، وهو من السحر، وهذا منكر لا يجوز، بل من المحرمات الشركية. سواء كان الصرف أو العطف؟ كله سواء، كله من السحر ولا يجوز، وأما التمائم التي من العظام أو من الودع، أو من شعر الذئب أو من حيوانات أخرى، هذه كلها محرمة لا تجوز، وليس فيها نزاع، فهي ممنوعة وإنما النـزاع والخلاف فيما إذا كانت التمائم من القرآن، أو الدعوات المعلومة لا بأس بها، فهذه هي محل خلاف، والصواب أنها ممنوعة أيضاً، لما تقدم من كون الأحاديث عامة في منع التمائم ولم يستن الرسول منها شيئاً عليه الصلاة والسلام، ولأمر ثان وهو: سد الذرائع، التي تفضي إلى الشرك، فإنها متى سمح بالتمائم التي من القرآن أو الدعوات المباحة التبس الأمر، وعلقت هذه وهذه، ولم يتميز الممنوع من الجائز، وقد جاءت الشريعة بسد الذرائع والنهي عن وسائل الشرك كلها، فوجب منع التمائم كلها، لهذين المعنيين والسببين عموم الأدلة وسد الذرائع، وذكر بعض أهل العلم مانعاً ثالثاً وهو أن تعليقها وسيلة إلى أن يدخل بها صاحبها محلات قضاء الحاجة ولا يبالي وفيها آيات قرآنية فيكون ذلك من أسباب امتهانها لهذه الآيات، وعلى كل حال فهذا وجه من المنع، لكن المعنيين الأولين أوضح في الحجة وأبين في المنع، وهما عموم الأدلة وليس هناك استثناء لشيء من التمائم، والمعنى الثاني سد الذرائع التي تفضي إلى الشرك، ولا ريب أن إجازة التمائم التي من القرآن أو من الدعوات المباحة من الأسباب المباحة لا شك أنها وسيلة إلى تعليق النوعين. ولا حول ولا قوة إلا بالله.  
 
7- ما رأي الشرع في ظهور المهدي المنتظر في نهاية الزمان؟
المهدي جاءت به أحاديث كثيرة، وصنف فيه بعض العلماء مصنفات وذكر أنها متواترة عن النبي عليه الصلاة والسلام، وهي فيها الصحيح وفيها الحسن وفيها الضعيف وفيها الموضوع، لكن الحجة في الأحاديث الصحيحة والحسنة وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- ما يدل على أنه يكون شخص يقال له المهدي في آخر الزمان، يوافق اسمه اسم النبي - صلى الله عليه وسلم-، واسم أبيه اسم أبا النبي - صلى الله عليه وسلم-، يعني محمد بن عبد الله، اسمه محمد بن عبد الله، وهو من أهل بيته عليه الصلاة والسلام، فالصواب أنه سوف يكون وسوف يقع قرب نزول المسيح ابن مريم، وجاء في بعض الروايات أنه يكون أميراً على الجيش الذي يدعو إلى الله، ويملأ الأرض عدلاً عند نزول المسيح عليه الصلاة والسلام، فهو رجل صالح من أهل البيت يدعو إلى الله وينشر العدل ويمنع الجور، ويقيم شعائر الله في أرض الله، حتى ينـزل عيسى عليه الصلاة والسلام، أما المهدي التي تزعمه الرافضة فهو باطل، ولا حقيقة، بل هو سراب لا حقيقة له، وهو صاحب السرداب الذي يزعمون، هذا شيء باطل، لا أصل له ولا حقيقة له، وإنما المهدي المنتظر شخص آخر، غير مهدي الرافضة، وهو محمد بن عبد الله من أهل البيت وهو من ذرية فاطمة كما صرحت فيه بعض الروايات، وهو يملأ الأرض عدلاً بعدما ملئت جوراً كما جاءت تلك الأحاديث الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن عدة من الصحابة رضي الله عنهم.  
 
8- قرأت كتاباً بعنوان (الفيوضات الربانية في المآثر والأوراد القادرية)، جمع وترتيب: إسماعيل بن السيد محمد سعيد القادري، والكتاب مطبوع في مصر، ويضم الكتاب مجموعة كبير من أشعار وأوراد منسوبة إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني، ما رأيكم في هذا الكتاب؟
هذا الكتاب لم أطلع عليه ولا أعلم حقيقة حاله، ولكن كثير من المنتسبين للتصوف يكتبون كتابات لا وجه لها، ولا صحة لها، ولا ينبغي أن تعتمد كتاباتهم إلا من عرف بالاستقامة وصلاح العقيدة، وعرف بالعلم والبصيرة بأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم- حتى يعلم أنه أتى بأدلة شرعية يعتمد عليها، والشيخ عبد القادر الجيلاني وآخرون من أهل العلم الذين يعرفون بالزهد والورع يكذب عليهم كثيراً وينسب إليهم أشياء من الباطل بالنسبة إلى المنتسبين إلى التصوف، لا ينبغي أن يعترف بها ولا ينبغي أن يتعلق عليها، وهو رجل صالح معروف، وفقيه معروف حنبلي، ولكن المنتسبين إليه ينسبون إليه أشياء لا حقيقة لها ولا توافق الشرع، فينبغي التحرز من ذلك والحذر من ذلك، وألا يعتمد على شيء من ذلك إلا ما وافق الكتاب والسنة، سواء كان ذلك ينسب إليه أو إلى غيره، فالاعتماد في هذه الأمور على ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله محمد عليه الصلاة والسلام مما ثبت في الأحاديث الصحيحة، ولا يجوز للمسلم أن يعتمد على قول فلان، أو رأي فلان، مما ينسبه الناس إلى فلان أو فلان من الأئمة المعروفين أو غيرهم، بل يعرض ذلك كله على الكتاب والسنة فما وافقهما أو أحدهما قبل، وما لا فلا، كما قال الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول، وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول، إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً، فالواجب رد ما يتنازع به الناس، ورد ما يرويه الناس عن الأئمة الأربعة أو غيرهم، أو عن الأوزاعي أو عن إسحاق بن راهويه أو عن من دونهم أو عن الشيخ عبد القادر الجيلاني أو الجنيد أو أبي سليمان الدراني أو فلان أو فلان، كل ذلك يجب أن يرد إلى الكتاب والسنة، وألا يقبل على علاته بمجرد النسبة، بل يجب أن تعرض أقوال الناس وآراء الناس على الميزان العادل، على كلام الله عز وجل، وما صح عن محمد عليه الصلاة والسلام، هذا هو الميزان عند أهل العلم والإيمان فما وافقهما أو أحدهما فهو الحق، وما خالفهما فهو الباطل، والله المستعان.  
 
9- لقد سمعنا من أناس كثيرين قالوا: إذا جاء المسلم إلى المسجد للصلاة ووجد بأن الصف مزدحم من جميع الجهات فعليه أن يسحب أحد المصلين ليصلي معه، وسمعنا أناساً آخرين قالوا: لا يجوز ذلك، بل يصلي وحده من غير أن يسحب أحداً، نرجو من سماحتكم البيان في ذلك، جزاكم الله خيرا؟
هذه المسألة كما ذكر السائل، بعض أهل العلم يرى أنه إذا كان الصف قد كمل وليس فيه فرجة فلا مانع من أن يسحب أحدهم ويصف معه في الصف الذي بعده، وجاء في حديث ضعيف: ألا دخلت ــــ، ولكنه حديث ضعيف لا يعول عليه، والصواب القول الثاني وأنه لا يسحب أحداً؛ لأن ذلك يفتح فرجة في الصف، والرسول أمر بسد الخلل وسد الفرج وتراص الصفوف ولأنه تصرف في إنسان قد سبقه إلى هذا الفضل، فلا ينبغي ولا يجوز له أن يتصرف فيه، ولكن يلتمس فرجة، الإمام إذا تيسر عن يمين الإمام فإن لم يتيسر ذلك انتظر حتى يأتي من يصطف معه، فإن انتهت الصلاة ولم يأتِ أحد صلى وحده؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمنفرد خلف الصف)؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة، ولما صف أبو بكر رضي الله عنه خلف الصف حين الركوع أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أن لا يعود إلى ذلك، قال: (زادك الله حرصاً ولا تعد) فلا يجوز أن يصف وحده بل يصبر حتى يأتي من يصف معه، أو يجد فرجة في الصف، أو يقف عن يمين الإمام إذا تيسر ذلك، فإن فاتت الصلاة ولم يتيسر له أحد فإنه يصلي وحده، وهو معذور وله أجر الجماعة؛ لأنه ترك الدخول معها لعذرٍ شرعي، فيكون له أجر الجماعة كالمريض ونحوه الذي لم يتيسر له الصلاة في الجماعة. 

675 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply