حلقة 313: التحجب من الخادمة المسيحية - معنى مائلات مميلات - صحة هذا الحديث أنا شجرة وعلي ساقها، وفاطمة فروعها، والحسن والحسين ثمارها - بدع الطريقة الختمية

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

12 / 48 محاضرة

حلقة 313: التحجب من الخادمة المسيحية - معنى مائلات مميلات - صحة هذا الحديث أنا شجرة وعلي ساقها، وفاطمة فروعها، والحسن والحسين ثمارها - بدع الطريقة الختمية

1- توجد لدينا خادمة مسيحية هل يجب علينا التحجب عنها أم لا؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: أولاً: يجب أن نعلم أن لا يجوز استقدام الكفرة إلى هذه الجزيرة لا من النصارى ولا من غير النصارى كالبوذيين وغيرهم والهندوس ونحو ذلك؛ لأن الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بإخراج الكفرة من هذه الجزيرة، وأوصى عند موته - صلى الله عليه وسلم - بإخراجهم من هذه الجزيرة وهي المملكة العربية السعودية واليمن ودول الخليج كل هذه جزيرة عربية، فالواجب أن لا يقر فيها الكفرة اليهود والنصارى والبوذيين والشوعيين والوثنيين جميع من يحكم الإسلام بأنه كافر لا يجوز بقائه ولا إقراره في هذه الجزيرة، ولا استقدامه إليها إلا عند الضرورة القصوى التي يراها ولي الأمر ضرورة في أمر عارض ثم يرجع إلى بلده كالبعيد الذي يأتي من دولة كافرة وما أشبه ذلك مما تدعوا الضرورة إلى مجيئه إلى هذه المملكة وشبهها كاليمن ودول الخليج أما استقدامهم ليقيموا هنا أو يخدموا هنا أو يعملوا هنا فلا يجوز استخدامهم بل يجب أن يكتفى بالمسلمين في كل مكان، وأن تكون المادة التي تصرف لهؤلاء الكفار تصرف لغيرهم من المسلمين، وأن ينتقى من المسلمين من يقوم بالأعمال حسب الطاقة والإمكان، فعلى المحتاجين لهؤلاء المشركين أن ينظروا في البلاد التي فيها المسلمون ويستقدموا من المسلمين ما يغنيهم عن هؤلاء الكفرة، وأن يختاروا من المسلمين من كان أبعد عن البدع والشر حتى لا يستقدم إلا من هو طيب ينفع البلاد ولا يضرها. هذا هو الواجب، لكن من بُلي بشيء من هؤلاء الكفرة كالنصارى فإنه يحرص على التخلص منهم وردهم إلى بلادهم في أسرع وقت حسب الإمكان، ولا يجب على المرأة أن تحتجب على النصرانية والبوذية ونحوها على الصحيح. وذهب بعض أهل العلم إلى أن المسلمة تحتجب عن الكافرات لقوله - سبحانه وتعالى - في سورة النور: أَوْ نِسَائِهِنَّ. ثم ذكر من تمنع من إبداء الزينة له، فقال تعالى: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ [(31) سورة النــور]. قال بعض أهل العلم نسائهن يعني المؤمنات. فإذا كان النساء كافرات فإن المؤمنة لا يجوز أن تظهر زينتها لها. وقال آخرون المراد بنسائهن يعني جنس النساء ليس المراد هنا خاص، وإنما جنس النساء مؤمنة وغير مؤمنة وهذا هو الأرجح أنه ليس على المرأة المؤمنة أن تحتجب من الكافرة وكان اليهوديات في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة. وهكذا الوثنيات في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم ينقل أنهن كن يحتجبن عنهن، ولو كان هذا واقعاً من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أو من غيرهن لنقل، فإن الصحابة لم يتركوا شيئاً إلا نقلوه - رضي الله عنهم وأرضاهم - فهذا هو المختار، وهو الأرجح، أنه لا يلزم المؤمنة أن تحتجب عن المرأة الكافرة، فلها أن ترى منها وجهها وشعرها كالمرأة المسلمة هذا هو الصواب وهذا هو الأرجح. والله المستعان. جزاكم الله خيراً. 

 

2- تسأل عن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : (مائلات مميلات)؟
هذا حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (صنفان من أهل النار لم أرهما: رجال بأيديهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنة المكث المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها). الحديث.. وهذا وعيد عظيم يجب الحذر مما دل عليه، فالرجال الذين بأيديهم سياط هم من يتولى ضرب الناس بغير حق من شرطة أو رجال آخرين غيرهم. كل من يتولى ضرب الناس بغير حق هو داخل في هذا الحديث سواء كان بأمر الدولة أو بغير أمر الدولة؛ لأن الدولة إنما تطاع في المعروف يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنما الطاعة في المعروف). (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق). وأما قوله -صلى الله عليه وسلم -: (نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات). فقد فسر ذلك أهل العلم بأن معنى قوله : (كاسيات) يعني من نعم الله (عاريات) من شكرها لم يقمن بطاعة الله، بل يصرون على المعاصي والسيئات مع إنعام الله عليهن بالمال وغيره. وفسر أيضاً بمعنىً آخر وهو أن معنى (كاسيات) يعني كسوة نسبية لا حقيقة لها يعني أنها كسوة لا يحصل بها المقصود، ولهذا قال: (عاريات) فهناك كسوة لكنها لا قيمة لها ولا نفع لها إما لقصرها وإما لرقتها رقيقة ترى منها العورات أو قصيرة تبدوا منها الأرجل أو غيرها من الأيدي والصدور ونحو ذلك. فالحاصل أنها كسوة لا يحصل بها المقصود، ولهذا سميت عارية لعدم وجود كفاية في الكسوة بل هي كسوة رقيقة مبدية للعورات أو قصيرة لم تستر بدنها كله. (مائلات) يعني في العفة والاستقامة يعني عندهن معاصي وسيئات، ولهذا قيل إنهن (مائلات) يعني العفة كالتي تتعاطى الفاحشة أو عند أداء الفرائض في الصلوات غيرها (مميلات) المعنى مميلات لغيرهن يعني أنه يدعين إلى الشر والفساد فهن بأفعالهن وأقوالهن يُملن غيرهن إلى الفساد والمعاصي وتعدي الفواحش لعدم إيمانهن أو لضعف إيمانهن وقلة إيمانهن، ومقصود النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك التحذير. المقصود من هذا العمل السيء، والتحذير من اتخاذ هؤلاء الموصوفات والصديقات أو الجليسات بل يجب تحذيرهن والإنكار عليهن وأن لا يتخذن جليسات ولا صديقات وهن بهذه الحال لما عندهن من الفساد والشر. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (رؤوسهن كأسنة البخث المائلة). قال بعض أهل العلم معنى ذلك أنهن يعظمن الرؤوس لما يجعلن عليها من خرق ولفائف وغير ذلك، حتى تكون مثل ألسنة المكث المائلة. والبخث نوع من الإبل لها سنامان بينهما شيء من الانفراق فهذا مائل إلى جهة وهذا مائل إلى جهة، طرف مائل لجهة وطرف مائل لجهة فهؤلاء النسوة لما عظمن رؤوسهن وكبرن رؤوسهن بما يجعلن عليها أشبهن بهذه الأسنمة. وقوله: (لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) هذا وعيد شديد يفيد الحذر، ولا يلزم من ذلك الكفر ولا خلودهن في النار كسائر المعاصي وهذا وعيد فإذا كن مسلمات ولكن تعاطين هذه الفواحش فهذا من أسباب دخولهن في النار والعقاب في النار بقدر معاصيهن ولا يخلدن في النار إذا كان مسلمات موحدات لله - عز وجل - مؤمنات بالرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يخلدن في النار، ولكن هن متوعدات بهذا الوعيد الشديد على معاصيهن وسيئاتهن. وأهل السنة والجماعة إن العاصي ولو دخل النار لا يخلد وهو على خطر لكن لا يخلد إذا دخلها بل يعذب على قدر معاصيه التي مات عليها لم يتب ثم يخرجه الله من النار بعد التمحيص والتطهير إلى الجنة، هذا هو قول أهل السنة والجماعة خلافاً للخوارج والمعتزلة ، الخوارج والمعتزلة يقولون إن من دخل النار يخلد فيها مطلقاً، وهذا قول باطل وضلال فعند المعتزلة وعند الخوارج أن الزاني مخلد في النار والزانية مخلدة في النار والسارق مخلد في النار والعاق لوالديه مخلد في النار والقاطع رحمه مخلد في النار والمرابي مخلد في النار إذا دخلها كلهم لأنهم عندهم أن هذه المعاصي توجب النار ودخولها أبد الآباد كالكفار نعوذ بالله من ذلك وهذا قول فاسد عند أهل السنة خطأ وقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد تواترت عنه الأخبار أن العصاة يخرجون من النار وأنه يشفع فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ويشفع فيهم المؤمنون، ويشفع فيهم أفراطهم، ويشفع الملائكة، فيخرج الله من النار كل من كان مثقال حبة خردل من إيمان، مثقال شعيرة من إيمان، مثقال برة من إيمان. المقصود أن أهل المعاصي الموحدين المسلمين الذين دخلوا النار بمعاصيهم وهم ليسوا كفاراً فإنهم لا يخلدون في النار، بل متى دخلوها عذبوا بها بقدر الجرائم التي ماتوا عليها وبعد التطهير والتمحيص يخرجهم الله من النار فضلاً منه - سبحانه وتعالى - إما بشفاعة الشفعاء، وإما بفضله ورحمته - سبحانه وتعالى - من دون شفاعة أحد فضلاً من الله - عز وجل - هذا هو الذي عليه أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن أتباعهم بإحسان - رضي الله عنه -. بارك الله فيكم.  
 
3- بعض المصلين بحي دار النعيم، ببور سودان من السودان، إخواننا يقولون: ذات يوم في مسجدنا خطب علينا أحد مدعي العلم بعد أن صلَّى بنا صلاة الظهر بدأ الحديث قائلاً إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حينما توفيت زوجته خديجة ذبح عليها ناقته وأقام عليها الفِراس لمدة ثلاثة أيام، وقال: إن في ذلك جاء في حديث رواه قتادة الصحابي، ثم ساق حديثاً آخر رفض أن يبين راويه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (أنا شجرة وعلي ساقها، وفاطمة فروعها، والحسن والحسين ثمارها). ثم أورد حديثاً ثالثاً قال فيه: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صادفه يوماً بأحد جبال مكة رجل يهودي، فقال له: ألم تؤمن بي؟ قال اليهودي: لا، لا أؤمن بك، فقال: ادعوا تلك الشجرة فقال لها: إن محمداً يدعوك، فجاءت إليه تظلله بأغصانها، وتجر جذورها، فقال لها: من أنا؟ قالت: إنك محمد رسول الله. فنطق اليهودي بالشهادتين بعد مشاهدة هذه المعجزة، ثم صعدت الشجرة إلى السماوات وطافت حول العرش، والكرسي واللوح والقلم، وطلبت من الله الإذن لها بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال: إن اليهودي قبَّل كفي وقدمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم ساق قصة أخرى فقال: إن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وجد رجل يطوف بالكعبة، فقال له: إنك زانٍ، فقال له كيف عرفت ذلك؟ قال: عرفته في عينيك. فقال له الرجل: أنا لم أزن، ولكني نظرت إلى يهودية، فقال الرجل لعثمان - رضي الله عنه -: وهل عرفت ذلك بالوحي؟ قال: لا، ولكنها فراسة المؤمن، ولما طالبناه بالأدلة كاد أنصاره أن يفتكوا بنا، نرجو أن نعرف رأي الشرع فيما قاله هذا الرجل، وعن هذه القصص التي جعلها موعظة يوعظ بها الناس مفضلاً إياها على سواها من المواعظ المفيدة والنافعة؟ جزاكم الله خيراً، وذيلوا الرسالة بقولهم: نود أن تعرض أسئلتنا على سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز؟.
هذه الأخبار التي ذكرها هذا الواعظ كلها باطلة، كلها مكذوبة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كلها لا أصل لها، فلم يفعل عزاءً لما توفيت خديجة - رضي الله عنه -، ولم يذبح ناقة ولم يدعوا الناس إلى عزاء كما يفعل بعض الناس اليوم، كل هذا لا أصل له - رضي الله عنه - عن خديجة وأرضاها كان يدعوا لها كثيراً وكان في بعض الأحيان يذبح الشاة ويوزعها على خلائلها على صديقاتها من باب الهدية والإحسان، يدعوا لها ويحسن إليها بالدعاء، أما أن فعل عزاءً لما ماتت وذبح ناقة ونحو ذلك هذا كله لا أصل له كله كذب. وهكذا قوله إنه شجرة وإن عليه ساقها إلى أخره.. وكل هذا باطل لا أصل له وليس بصحيح ولما ذكر اليهودي عن الشجرة التي نطقت إنه رسول الله وأن الله أنطقها وأنها عرجت إلى السماء وطافت حول العرش كل هذا لا أصل له، وكله باطل، وكله كذب، كذب المفترين والمجرمين وهكذا ما يروى عن عثمان أنه قال لرجل أنك زاني وأنه عرف هذا من عينييه كله باطل، ولا أساس له من الصحة وقتادة ليس بصحابي بل هو تابعي وليس من الصحابة. فالمقصود أن هذه الأخبار الأربعة كلها باطلة، كلها لا صحة لها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس لها صحة ولا أساس لذلك، بل هو من كذب الكذابين، لكن صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أحاديث أخرى أنه دعا بعض الشجر فجاء، وهو من علامات النبوة كان ذات يوم أراد أن يقضي حاجة لها فدعا شجرتين فالتأمتا وجلس بينهما حتى قضى حاجته وجاء نحو هذا في أحاديث أخرى أنه دعا بعض الشجر فجاء إليه وكان هذا من آيات النبوة ومن دلائل صدقه - صلى الله عليه وسلم - لكن هذا غير هذا الخبر الذي ذكره هذا المفتري إلى أنه كلمته وأنها قالت أنت محمد لا إنما أجابت دعوته لما دعاها -عليه الصلاة والسلام- وحضرت. وأما أن تكلمت وقالت أنت محمد أو شهدت أنه محمد رسول الله أو أنها عرجت إلى السماء وطافت حول العرش كل هذا لا أصل له كله باطل، فينبغي التحرز من هؤلاء وينبغي للواعظ إذا وعظ أن يذكرهم بما ينفعهم في دينهم من الأحاديث الصحيحة، أو من آيات القرآن فيذكر الناس بكتاب الله - عز وجل -، ويعظهم بذكر الآيات التي فيها وعظهم وتذكيرهم فيما يتعلق بما أوجب الله وبما حرم الله هكذا يذكر لهم الأحاديث الصحيحة التي رواها البخاري أو رواها مسلم أو رواها أهل السنن أو غيرهم من أهل الكتب المعتمدة من الأسانيد الصحيحة هكذا المؤمن إذا وعظ إخوانه يتحرى الأحاديث الصحيحة يتحرى الآيات التي فيها وعظ الناس وتذكيرهم. أما أن ينظر في الأخبار الموضوعة والمكذوبة التي لا زمام لها ولا خطام، فلا ينبغي له ذلك، لا ينبغي أن يتكلم بها ولا ينبغي أن يعظ الناس بها بل يجب الحذر منها والابتعاد عنها. ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: (من حدث عني بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبِين). وفي لفظ آخر: (وهو يرى - يعني يعلم - فهو أحد الكاذبَين). فلا يجوز للمؤمن أن يحدث بأحاديث يعلم أنها كذب، أو يعتقد أنها كذب أو يغلب على ظنه أنها كذب أبداً، بل يجتنبها إلا إذا أراد التبيين والإيضاح أنها باطلة إذا حدث بها لبين بطلانها وأنها مكذوبة فلا بأس، قال عليه الصلاة والسلام: (من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار). فالأمر خطير وعظيم فالكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فليس الكذب عليه مثل الكذب على غيره وإن كان الكذب خبيثاً ومحرماً وممنوعاً لكن الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - أعظم من الكذب على غيره ومن أعظم الكبائر ومن أعظم المعاصي والسيئات، نسأل الله السلامة والعافية. جزاكم الله خيراً.   

 

4- أيضاً وقف أمامهم أحد الخطباء ونصحهم بعدم الاستماع إلى تفسير القرآن وشرح الأحاديث النبوية وطلب إليهم إلى الاقتصار إلى كتب الفقه، وبالأخص كتاب الأخضري والعشماوي والعزية -أو كذا- لما في تلك الكتب من أحكام الطهارة والعبادات، ولأنها هي الأصل حسب زعمه وما سواها فروع، وحظهم على بعض البدع مثل: اللهم صلي أفضل صلاة وبالمصطفى والمرتضي وابنيهما وفاطمة دبر الصلوات المكتوبة، فهل محق هذا المرشد الديني فيما قال، وفي هذا المسجد تمارس كثير من البدع والتوسلات بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وبعض الصالحين، ولا يقدم القائم على هذا المسجد إلا من يعتنق الطريقة الختمية، علماً بأن إتباع هذه الطريقة وغيرها من الطرق الصوفية لا يتعلمون القرآن، ولا يحسنون حتى قراءة سورة الفاتحة؟ ويستمر على هذا المنوال سماحة الشيخ ويرجو النصح والإرشاد لو تكرمتم؟
لا ريب أن هذا العمل عمل منكر، ولا ينبغي إتباع الطريقة الختمية لأنه بلغنا عنها أنها تقر دعوة غير الله والشرك به - سبحانه وتعالى - فالواجب اجتنابها والحذر منها ونصيحة المعتنقين لها يعني يتقوا الله ويعبدوه وحده ويسألوه وحده - سبحانه وتعالى - ولا يسألوا سواه فالله سبحانه هو الذي يدعى ويرجى -جل وعلا-، وهو القائل سبحانه: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [(18) سورة الجن]. وهو القائل - عز وجل - : وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ [(106) سورة يونس]. والذي ينبغي للواعظ أن يذكر الناس بالقرآن والسنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن يعلمهم إياها، وإن ينصحهم أن يتعلموا القرآن وتفسيره ويتعلموا السنة وشروحها المعتمدة حتى يستفيد الناس من كلام ربهم وسنة نبيهم -عليه الصلاة والسلام-. أما كتب الفقه الخالية من السنة والأدلة فهذا غلط لأنها لا تفيدهم علم. الكتب التي ليس فيها الأدلة عن الله وعن رسوله لا تفيد الناس علماً بل هي كتب تقليد، فالعالم يعلم الناس الكتب التي تنفعهم يعلم الناس قراءة الكتب التي فيها الفائدة، وأعظم ذلك أن يعلمهم القرآن وأن يدعوهم إلى العناية بالقرآن الكريم حفظاً وتلاوة وتدبراً وتعقلاً وعملاً، فهو أعظم كتاب وأشرف كتاب، فعلى المسلمين أن يتعلقوا به ويتعلموه ويدرسوه ويتلوه حق التلاوة ويتدبروه ويتعقلوه؛ كما قال الله - سبحانه وتعالى - : إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [(9) سورة الإسراء]. ويقول - سبحانه وتعالى - : كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ [(29) سورة ص]. ويقول - سبحانه وتعالى - : أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [(24) سورة محمد]. ويقول - سبحانه وتعالى- : وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ [(155) سورة الأنعام]. فكتاب الله فيه الهدى والنور جعله الله هدىً للناس: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء [(44) سورة فصلت]. وهكذا سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - تفسر القرآن، وتبين معانيه، فعلى أهل العلم أن يذكروا الناس بذلك، وأن يحثوهم على التمسك بالقرآن والسنة، وبيان معانيهما، والعناية بتفسير القرآن، وشروح الحديث المعتمدة التي تفيد الناس وتنفعهم كفتح الباري وشرح النووي وأشباهها من الكتب، وسبل السلام، ونيل الأوطار، والكتب المفيدة النافعة للناس، وما في بعضها من أخطاء فطالب العلم ينبه عليه في بعض الشروح وبعض التفاسير من الأخطاء يجب على أهل العلم من أهل السنة، وأهل العقائد الطبية أن ينبهوا عليه عند تلاوة التفسير، وعند تلاوة شروح الحديث ينبهون. الواجب التنبه على ما قد يقع من أخطاء في التفسير أو في الأحاديث، وشرحها أو فيما يقع في العقيدة والصفات. العالم ينبه في درسه عند تفسير الآية، وعند شرح الحديث الشريف أو شرحه يبين ما قد يقع فيه الناس من الخطأ. أما حث الناس على الكتب الفقهية التي ليست فيها الأدلة من كتاب الله ومن سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فهذا ليس من النصح، بل هذا في الحقيقة من الغش، ليس من النصح، وعلى طالب العلم أن ينصح الناس بما ينفعهم على الطريقة التي سلكها أهل السنة والجماعة في بيان معاني كلام الله، ومعاني كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والنصيحة في ذلك، ويعلم العامة ما يحتاجونه من أمور دينهم. بارك الله فيكم سماحة الشيخ في ختام.... 

484 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply