حلقة 322: علاج مرض الخوف - حكم استخدام الرجال للذهب لأجل العلاج - خوف الناس من السحر والجن - السحر له تأثير - ما هي الآيات التي تدفع السحر

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

20 / 48 محاضرة

حلقة 322: علاج مرض الخوف - حكم استخدام الرجال للذهب لأجل العلاج - خوف الناس من السحر والجن - السحر له تأثير - ما هي الآيات التي تدفع السحر

1- إن زوجته أصيبت بمرض معين، وأصبحت تخاف من كل شيء ولا تستطيع البقاء وحدها، أما أخونا من رجال ألمع فيشكو نفس الحالة، لدرجة أنه لا يستطيع الذهاب إلى المسجد للصلاة مع الجماعة، ويسألون عن علاج يراه سماحتكم مناسباً حتى لا يلجأون إلى أولئك الذين يجسدون الأمور وربما يلجأون إلى كاهن أو مشعوذ؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فإن الله-جل وعلا-ما أنزل داءً إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله, وإن الله جعل فيما جاء به نبيه- عليه الصلاة والسلام- من الخير والهدى والعلاج لجميع ما يشكوا منه الناس من أمراض حسية ومعنوية ما نفع الله به العباد, وحصل به من الخير مالا يحصيه إلا الله- عز وجل-, والإنسان قد تعجل له أمور لها أسباب فيحصل له من الخوف والذعر مالا يعرف له الإنسان بيناً, والله -جل وعلا- جعل فيما شرعه على لسان نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - من الخير, والأمن, والشفاء مالا يحصيه إلا هو- سبحانه وتعالى-, فنصيحتي لهاذين أن يستعملا ما شرعه الله- جل وعلا- من الأوراد الشرعية, ومن ذلك قراءة آية الكرسي خلف كل صلاة إذا سلم وأتى بالأذكار الشرعية يأتي بآية الكرسي يقرأها بينه وبين نفسه اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ هذه آية الكرسي, وهي أعظم آية في كتاب الله, وأفضل آية في كتاب الله-عز وجل- لما اشتملت عليه من التوحيد العظيم والإخلاص لله, وبيان عظمته- سبحانه وتعالى-, وأنه الحي القيوم, وأنه المالك لكل شيء, وأنه لا يعجزه شيء -سبحانه وتعالى- فإذا قرأ هذه الآية خلف كل صلاة فهي من أسباب العافية والأمن من كل شر, وهكذا قراءتها عند النوم إذا قرأها عن النوم فقد جاء في الحديث الصحيح: (أنه لا يزال عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح) فليقرأها عند النوم وليطمئن ولا يكن في قلبه شيء من الخوف أو الذعر, بل يعلم أن ما قاله الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الحق, وأنه الصدق الذي لا ريب فيه, ومما شرع الله أيضاً لهذا المعنى أن يقرأ (قل هو الله أحد) والمعوذتين خلف كل صلاة فهي أيضا من أسباب العافية من الهم والشفاء من كل سوء (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن ويقرأ (قل أعوذ برب الفلق) و(قل أعوذ برب الناس) بهذه السور الثلاث يقرأها بعد الظهر مرة بعد العصر مرة بعد العشاء مرة, أما بعد المغرب وبعد الفجر فثلاث مرات بعد المغرب في أول الليل وبعد الفجر في أو النهار يقرأ هذه السور ثلاث مرات كما جاء في ذكر الأحاديث عن رسول الله- عليه الصلاة والسلام- فهي من أسباب العافية والأمن من كل سوء ، ومما يحصل به أيضاً الأمن والعافية والطمأنينة والسلامة من الشر كله (أن يستعيذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات صباحاً ومساءً (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) فقد جاءت الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دالة على أنها من أسباب العافية من كل سوء (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات صباحاً, وثلاث مرات مساءً, وهكذا (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات صباحاً ومساء, فهي أيضاً من أسباب العافية من كل سوء, أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن من قالها ثلاثاً لا تضره أي مصيبة وأي ضرر (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات فهذه الأذكار من القرآن ومما جاءت به السنة كلها من أسباب الحفظ والسلامة والأمن, فينبغي للمؤمن أن يأتي بها وما تيسر منها وهو على طمأنينة وثقة بربه, وأنه- سبحانه وتعالى- القائم على كل شيء والمتصرف غب كل شيء وبيده التصرف والعطاء والمنع, والضر والنفع وهو القائم على كل شيء وهو المالك لكل شيء-سبحانه وتعالى-وهو القادر على كل شيء-جل وعلا-ورسوله-صلى الله عليه وسلم-هو أصدق الناس, فهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى كما قال الله-عز وجل- :وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى صاحبكم يعني محمد-عليه الصلاة والسلام- يخاطب الأمة مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ يعني معشر أمة محمد وَمَا غَوَى فالضال الجاهل والغاوي الذي يعمل على خلاف العلم, فهو ليس بجاهل وليس بمخالف لما يعلم بل يعلم ويعمل-عليه الصلاة والسلام-فهو مهتدٍ وليس بضال فهو على هدىً من ربه وهو مع ذلك عالم عامل قد علمه الله من علمه ما شاء من الكتاب والسنة, وهو عامل بما يعلم لهذا قال: مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى بخلاف من أعرض عن علم فإنه ضال كالنصارى وأشباههم من الجهلة, فإنهم ضالون وهم وأشباههم المذكورين في قوله: وَلاَ الضَّالِّينَ هم النصارى وأشباههم من الجهلة المعرضين عن الحق, وبخلاف من علم ولم يعمل فهذا يقال له غاوي وهم المغضوب عليهم وهم اليهود وأشباههم عرفوا الحق ولكن عاندوا وكفروا ولم ينقادوا لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم يصدقوه عناداً وبغياً وإنكاراً للدنيا على الآخرة والهوى على الهدى, فلهذا غضب الله عليهم وصاروا من أرباب الغواية والضلالة والبعد عن الهدى فهم ضالون لما عندهم من الجهالة والإعراض عن الحق, وهم مغضوب عليهم غاوون لكونهم عرفوا الحق الذي بعث الله به محمد-عليه الصلاة والسلام-فحادوا عنه وعاندوا استكباراً, وبغياً, وحسداً, وإيثار للدنيا على الآخرة, ولهذا جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-في تفسير قوله- تعالى-: غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ قال في المغضوب عليهم اليهود وفي الضالين هم النصارى يعني وأشباههم, مراده - صلى الله عليه وسلم - أن هؤلاء رأس في الضلال والغواية والغضب, ومثلهم من سار ي سبيلهم وتخلق بأخلاقهم فمن أعرض عن الهدى من أي صنف من الناس فهو ضال, ومن خالف العلم وتابع الهوى فهو غاوي المغضوب عليه نسأل الله العافية. جزاكم الله خيراً ، هذا سلاح تصفونه سماحة الشيخ لكل مؤمن فهل تشترطون شروط أخرى لمن يحمل السلاح؟ . نعم فمن أعظم الشروط الثقة بالله, والتصديق برسوله - صلى الله عليه وسلم -, وأن الله-جل وعلا-هو الذي يقول الحق ورسول يبلغ الحق وهو الصادق فيما يقول-عليه الصلاة والسلام-ومن الشروط أن يأتي بذلك عن إيمان, وعن رغبة فيما عند الله, وعن ثقة بالله, وعن إيمان بأنه-سبحانه-مدبر الأمور ومصرف الأشياء, وأنه الغالب على كل شيء-سبحانه وتعالى-لا عن شك ولا عن سوء ظن, بل عن حسن ظن بالله وعن ثقة به سبحانه, وعن تصديق لرسوله-عليه الصلاة والسلام-وأنه متى تخلف المطلوب فلعلة من العلل تخلف المطلوب العبد عليه أن يأتي بالأسباب والله مسبب الأسباب- سبحانه وتعالى- وقد يحضر الدواء ويحصل الدواء ولكن لا يزول الداء لأسباب أخرى جهلها العبد ولله فيها الحكمة-سبحانه وتعالى-, وهذا يشمل الدواء الحسي والمعنوي الحسي الذي يقوم به الأطباء من شراب وأكل وإجراء عمليات وغير ذلك, والمعنوي الذي يحصل بالدعاء والقراءة ونحو ذلك كل هذا قد يتخلف المطلوب منه والمراد منه لأسباب كثيرة الله-جل وعلا-هو العالم بها-سبحانه وتعالى-, وجعله بعضها المخلوقون بسبب عدم يقينهم وعدم ثقتهم بما جاء به الرسول- عليه الصلاة والسلام-, أو بأسباب أخرى حالت بين أثر ما جاء به الرسول وبين مقتضاه, حال بين ما قاله الله ورسوله وبين المقتضى المطلوب من ذلك لأسباب فعلها العبد من معاصي, وكفر بالله-عز وجل-وسوء ظن بالله وغير هذا من الأسباب التي قد يأتي بها العبد تكون سبباً لحرمانه من الخير الذي جاء على يد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا حول ولا قوة إلا بالله. جزاكم الله خيراً ، هذا لمن لم يصب بعد سماحة الشيخ؟. هذا سلاح يحصل به العلاج وتحصل به الوقاية, هو علاج لما قد وقع وعلاج لما لم يقع, وهكذا الأدوية يعني الشرعية والحسية بعضها علاج للواقع من الأمراض والأدواء, وبعضها وقاية منها, وهو سبب للعافية منها, فإن هذه الأشياء التي ذكرها النبي – - صلى الله عليه وسلم-فيها الوقاية وفيها العلاج جميعاً, والإنسان قد يتعاطى أدوية للوقاية وقد يتعاطى أدوية للعلاج, وهذه التي ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها هذا وهذا فيها الوقاية وفيها العلاج, ومن هذا قوله - صلى الله عليه وسلم – (من صبح بسبع تمرات من تمر المدينة لم يضره سحر ولا سم) هذا من باب الوقاية, ما رواه مسلم في الصحيح في لفظ: (من صبح بسبع تمرات مما بين لابتيها - يعني من المدينة - لم يضره سحر ولا سم) وفي لفظ (من تصبح بسبع تمرات من عجوة المدينة) يعني تمر المدينة, فالمقصود أن هذا من باب الوقاية, ويرجى في بقية التمر أن ينفع الله به أيضاً؛ لأن المادة متقاربة لكن تمر المدينة له خصوصية في هذا كما نص عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - في علاج في الوقاية من السحر والسموم. جزاكم الله خيراً  
 
2-   قرأت في كتاب الطب النبوي لابن قيم الجوزية حيث أشار إلى أن الذهب مفيد في علاج الخوف وضعف القلب، والرجفان العارض من السوداء، وينفع حديث النفس والحزن والغم من الفزع، والعشق -فيما يبدو- هل يجوز لمن عنده من هذه الحالات أن يستخدم الذهب؟ وهل هو حلال أم حرام؟ وما رأيكم عموماً فيما يصفه ابن القيم في كتابه هذا، أو في زاد المعاد؟
لست أعرف لهذا أصلاً بيناً, ولعل الأسباب أن الذهب مال نفيس وله قيمة وأهمية فإذا اقتناه المحزون أو المهموم أو نحو ذلك يرى من الراحة والطمأنينة والفرح ما يدفع ما به من هم وحزن وفزع ونحو ذلك لغلائه ونفاسته, كما أن الإنسان إذ رأى محبوبه ويرغب في لقائه يحصل له من الفرح والسرور والنشاط والقوة ما يدفع بعض المرض وبعض الأذى, فالمال محبوب للنفوس ولاسيما الذهب له نفاسة وله أهمية وله قيمة فقد يكون إذا رآه الإنسان وكان حوله أو عرف أنه عنده وأنه في حوزته يحصل له من الراحة والطمأنينة والأنس بهذا الشيء مما يعينه على دفع هذا البلاء أو تخفيفه, وهذا يلحق به بقية الأموال التي لها قيمة, فإن المال معروف حب النفوس له كما قال الله-عز وجل-: وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا, وقال-سبحانه-: وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ يعني المال, فإذا كان من الذهب صار الأمر أحب أكثر؛ لأن الذهب أنفس للأموال بالنسبة إلى معلومات الناس في الجملة وإن كان هناك معادن قد تكون أغلى منه, لكن بالنسبة لمعلومات الناس ولاسيما العامة فإن الذهب عندهم في القمة, وله أثر في النفوس وفي دفع الأوهام والأحزان والفزع ونحو ذلك لعله من هذه الحيثية فقط أما غير ذلك فلا نعلم له شيئاً, وابن القيم كغيره من أهل العلم ينقل ما يقول الناس ما يقول الأطباء وما يقوله من قبلهم, فقد ينبهون على شيء وقد يعلقون على شيء وقد ينقلونه كما وجدوه, والمسألة في هذا ترجع إلى أمرين: أحدهما ما ينقل عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - فلا شك أنه على ما قال - صلى الله عليه وسلم - نافع ومفيد على ما قال - صلى الله عليه وسلم - إذا ثبت عنه السمع, أما الشيء الثاني فما ينقل عن الأطباء الأوائل أو المحدثين فهذا في الغالب يكون عن تجارب جربوها, أو نقلوها عن غيرهم فقد يفيد وقد لا يفيد, وقد تكون هناك أشياء تعيقه عن الفائدة وتمنع فائدته, فإن من شرط الفائدة من الدواء أن لا يكون هناك مانع يمنع منه, فإذا صار الدواء له أثر في المرض, وصار المرض ليس هناك مانع من تأثير الدواء فيه فإنه ينفع بإذن الله، لأنه قد يكون هناك موانع في جسم الإنسان أو في المريض تدفع أثر هذا الدواء وتعيقه أو تبطله والله حكيم عليم- جل وعلا-, ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: (لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله) (لكل داء دواء فإذا أصيب - يعني حصلت له موافقة –فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله), فقد يكون هذا الدواء ليس صالحاً لهذا الداء فإنه لا ينفع فيه, أما إذا وجد دواء الداء نفسه إذا جعله الله دواءً له وأحسن استعماله ووضع كما ينبغي فإنه في الغالب ينفع الله به. بارك الله فيكم  
 
3- كما ينوه الأخوان -سماحة الشيخ- من خوفهم على عقيدتهم عند اللجوء إلى أولئك الذين يجسدون الأمور، وقد يتكهنون بأشياء وأشياء، لعل لسماحة الشيخ توجيه في علاج مثل هذا ولاسيما فيما يتعلق أيضاً بخوف الناس من السحر ومن الجن؟
أما يتعلق بسؤال الكهنة, والمنجمين, والعرافين, والرمالين, وأشباههم من أصحاب الشعوذة, ودعوى علم الغيب, ودعوى أنهم يدركون أشياء بواسطة الجن ما أدركها غيرهم هذا كله لا يجوز, والرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن إتيانهم وعن سؤالهم سئل عن الكهان-عليه الصلاة والسلام-فقال: (إنهم ليسوا بشيء فلا تأتوهم), وقال-عليه الصلاة والسلام-: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً) خرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث بعض أزواج النبي-عليه الصلاة والسلام-, وفي لفظ: (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد-صلى الله عليه وسلم -), فهذا يدل على أن هؤلاء لا يأتون ولا يسألون ولا يصدقون؛ لأن عمدتهم الخرص والتكهنات التي لا أساس لها, أو الاعتماد على ما يقوله الجن وخرافات الجن وشياطينهم فلا يبغي أن يعتمد عليهم, وقد قال-صلى الله عليه وسلم-لما قيل له إن الكهان قد يصدقون قال: (إنهم يصدقون في كلمة ويكذبوا في مائة), وفي لفظ: (في أكثر من مائة) وبين-عليه الصلاة والسلام-هذه الكلمة التي يصدقون بها هي التي يسمعونها من السماء يسمعها مسترقو السمع من السماء من الملائكة فيكذبون معها الكذب الكثير في بعض الروايات فيكذبون معها مائة كذبة,, وفي لفظ آخر فيقرفون ويزيدون, وفي بعضها يكذبون أكثر من مائة كذبة, فيقال قد صدقوا في كذا وكذا فيصدقون بسبب تلك الكلمة التي سمعت من السماء, والناس من عادتهم الميل إلى الشعوذة, وإلى كل ما يظنون أنه ينفع, فيتشبثون بكل شيء والمريض يتشبث بكل شيء أيضاً, فلهذا يصدقون كلام المنجمين في كذبهم الكثير بأسباب أنهم قد صدقوا في واحدة, أو نفعوا في واحدة, أو ثنتين مثلاً وهذا كله من طبيعة البشر الميل إلى من ظن أن عنده شيئاً, ولاسيما إذا كان قد عرف أن هناك قد نفع ولو في واحدة فيتعلق به ويصدقه في كل شيء ولا حول ولا قوة إلا بالله. جزاكم الله خيراً 
 
4- فيما يتعلق بالسحر والجن سماحة الشيخ؟
السحر قد يقع السحر بين الناس لا شك فيه وهو في الغالب يكون بعمل من شياطين الإنس الذين يتلقونه عن الجن فيعقدون عقداً وينفثون فيها بريقهم الخبيث وكلاماتهم الشيطانية فقد يقع بإذن الله ما يريدون كما قال-جل وعلا-: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ) هم السواحر اللاتي ينفثن في العقد في ريق الخبيث, والكلمات الخبيثة والدعوات الخبيثة فقد يقع ما أرادوا بإذن الله وقد لا يقع, ولهذا قال-سبحانه-: وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ, فالسحر حق قد يقع وهو منكر عظيم, والرسول قرنه بالشرك قال - صلى الله عليه وسلم -: (اجتنبوا السبع الموبقات قلنا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله والسحر) فجعله قرين الشرك هكذا جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة الله -جل وعلا- قال: وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ هو من تعليم الشياطين ومن تعديهم على بني آدم, وإيذائهم لهم, وإيقاعهم في أنواع الباطل, فينبغي للمؤمن أن يتحرز عن ذلك بما تقدم بالتعوذات الشرعية آية الكرسي من قراءة (قل هو الله أحد) والمعوذتين بعد الصلوات, وقراءتها عند النوم, قراءة (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) يقول - صلى الله عليه وسلم -: (من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك), وجاءه رجل فقال: لقد لقيت كذا وكذا هذه الليلة من لدغة عقرب أو كما قال الرجل فقال: - صلى الله عليه وسلم -: (أما إنك لو قلت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضرك), وجاء في حديث آخر أنه قال: من قال (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات لم تضره حمة) يعني السموم, فالمقصود أن هذه التعوذات الله-جل وعلا-جعلها سبباً للعافية والسلامة من هذه الشرور, فينبغي للمؤمن أن يكون عنده قوة إيمان, وقوة ثقة بالله وحسن ظن بالله مع إتيانه بهذه الأوراد الشرعية والتعوذات الشرعية, والله-جل وعلا- هو الكافي والمعافي-سبحانه وتعالى- بيده كل شيء أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ(الزمر: من الآية36)، وكذلك الجن التعوذ بالله منهم من أسباب السلامة, فإن الجن مخلوقون مربوبون فالذي خلقهم هو الذي يعيذ منهم-سبحانه وتعالى-, فإذا الإنسان لجأ إلى الله وتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق أعاذه منهم ومن غيرهم, وهكذا آية الكرسي عند النوم من أسباب السلامة منهم ومن غيرهم, وهكذا قراءة قل هو الله أحد والمعوذتين من أسباب السلامة من كل شر ومن الشياطين أيضاً, والله-سبحانه-هو الخلاق وبيده تصريف الأمور-جل وعلا-, وبيده الضر والنفع والعطاء والمنع, فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن- سبحانه وتعالى-, قد ذكر عن السحرة أنهم يتعلمون من السحر الذي تفعله الشياطين وتلقيه الشياطين يفعلون من ذلك ما يفرقون بين المرء وزوجه يعني يفعلون أشياء تسبب كراهة الزوج لزوجته أو كراهتها له حتى يفارقها, ثم قال بعد ذلك: وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ يعني من حظ أو نصيب وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ, فدل على أنه خلاف التقوى وخلاف الإيمان ، وبين أيضاً أنه كفر قال: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ, فدل على أن تعلم السحر وتعليم السحر واستعماله كفر بعد الإيمان نعوذ بالله؛ لأنه إنما يكون بطاعة الشياطين وعبادتهم من دون الله, فإذا أطاع الشياطين من الجن وعبدهم من دون الله علموه بعض الأشياء التي تضر الناس, ويروى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من سَحَرَ فقد أشرك), فالمقصود أن السحر من أسباب الشرك؛ لأنه لا يتوصل إليه إلا بعبادة الجن, والاستغاثة بهم, والاستعانة بهم, والتقرب إليهم بذبح, أو نذر, أو سجود, أو غير ذلك, فلهذا حكم العلماء على السحرة بأنهم كفار هذا هو المعروف عند جمهور أهل العلم أن كل ساحر كافر, ...... السحر فهو كافر, قال بعض أهل العلم يسأل عن صفة السحر إن وصف شيئاً يدل على كفره صار كافراً وإلا صار من جملة المعاصي ومن جملة الظلم للناس, وبكل حال هذا المعنى ما يخالف ما قاله الجمهور فإن مراد الجمهور هو السحر الذي لا يعرف له أسباب تبعده عن الكفر, فالساحر في الغالب إنما يكون ساحراً بخدمته للجن وعبادته للجن, أما إذا ادعى سحراً في شيء لا يكون من جنس السحر ولكنه قد يضر الناس بعمل آخر غير عبادة الجن وخدمت الجن, وطاعتهم, والاستغاثة ونحو ذلك كأشياء يستعملها من مواد تؤكل, أو تشرب, أو يدخن بها, أو يدهن بها فتضر بعض الناس هذا, من باب الضرر من باب الظلم, من باب الإيذاء ليس من باب عبادة الجن. بارك الله فيكم 
 
5- تتفضلون بذكر الآيات التي سمعتكم في مرة تتحدثون عنها - سماحة الشيخ - الآيات التي تدفع السحر؟
نعم ذكر بعض أهل العلم أن من أسباب العافية مما قد يمس الإنسان من السحر, ومس الجن, وما قد يمسه أيضاً من حبسه عن زوجته, أن من أسباب ذلك من أسباب الشفاء من ذلك قراءة آية الكرسي ينفث بها في الماء, والفاتحة وسورة الفاتحة, و(قل يا أيها الكافرون) و(قل هو الله أحد) والمعوذتين فإذا قرأ هذه السور والآيات الكريمة آية الكرسي, وقرأ مع ذلك أيضاً آية السحر الموجودة في سورة الأعراف, وفي سورة يونس, وطه كان ذلك من أسباب الشفاء إذا شرب من الماء وتروش به فإنه من أسباب سلامته من السحر ومن أسباب إطلاقه عن حبسه عن أهله، وآيات الأعراف يقوله تعالى: وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) سورة الأعراف، فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (118) سورة الأعراف، فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ (119) سورة الأعراف، هذه آيات الأعراف من أسباب الشفاء، يقرأ عليها في الماء، أو ينفث على المريض ينفث بها مع الفاتحة ومع آية الكرسي ومع (قل يا أيها الكافرون) و(قل هو الله أحد) والمعوذتين، إما أن ينفث بها على المصاب، وإما أن يقرأها في ماء، ثم يشرب منه ويتروش بالباقي، وفي سورة يونس يقول جل وعلا: وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (79) سورة يونس فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُواْ مَا أَنتُم مُّلْقُونَ (80) سورة يونس، فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (81) سورة يونس، وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (82) سورة يونس، يعني إما ينفث بها عليه وإما أن يقرأها في الماء، أما آية طه فيقوله سبحانه: قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65) سورة طـه، قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66) سورة طـه، فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى (67) سورة طـه، قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى (68) سورة طـه، وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) سورة طـه. سماحة الشيخ في ختام....

568 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply