حلقة 318: حكم تارك الصلاة - معاملة قاطع الصلاة - الزاوج بمن لا تصلي - واجب أولياء الأمور أمر أهليهم بالصلاة - حكم الحجاب

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

16 / 48 محاضرة

حلقة 318: حكم تارك الصلاة - معاملة قاطع الصلاة - الزاوج بمن لا تصلي - واجب أولياء الأمور أمر أهليهم بالصلاة - حكم الحجاب

1- سمعت في برنامج نور على الدرب المذيع في 25/صفر/ 1407هـ من أحد المشايخ بأنه إذا عقد المسلم عقد النكاح على إحدى الفتيات المسلمات, وهي لا تصلي يكون العقد باطلاً, ولو صلت بعد الزواج، وعندنا في قرى مصر (50%) لا يصلون قبل الزواج، وخاصة البنات، أرجو من سماحتكم توضيحاً كاملاً لهذا السؤال، جزاكم الله خيراً. س2/ أما أخونا (م. ل)، من بنجلادش فيسأل أيضاً نفس السؤال عن أولئك الذين لا يصلون ولاسيما إذا كانوا من قرابته؟ س3/ ثم هناك مستمعة تقول الراسلة: (ع. م)، من المملكة أختنا تسرد جملة صفات في أخت لها ومن أسوأها تركها للصلاة، ثم أيضاً تقول إن حتى والدتها لا تصلي إلا إذا أتت عندها في البيت، كل هؤلاء يرجون سماحة الشيخ التوجيه بخصوص هذا الركن الثاني من أركان الإسلام لو تكرمتم.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد.. فقد دل الكتاب والسنة على أن الصلاة أهم عبادة وأعظم عبادة بعد الشهادتين, وأنها عمود الإسلام, وأن الواجب على جميع المكلفين من المسلمين المحافظة عليها, وإقامتها كما شرع الله-سبحانه وتعالى-كما قال-عز وجل-: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ... الآية من سورة البقرة, وقال أيضاً في سورة البقرة: وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ, وقال في سورة براءة التوبة لما ذكر قتال المشركين قال: فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ, فدل ذلك على أن الذي لا يصلي لا يخلى سبيله بل يقاتل, وقال-جل وعلا-: فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ دل على أن من لم يصلي ليس بأخٍ في الدين, والآيات في هذا المعنى كثيرة جداً, وثبت عن رسول الله- عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (رأس الأمر الإسلام, وعموده الصلاة, وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله) وصح عنه أيضاً عنه عليه الصلاة والسلام, أنه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) خرجه الإمام أحمد, وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة بن حصين - رضي الله عنه -, وخرج مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة), والتعليل بالرجل لا يخرج المرأة فإن الحكم إن ثبت للرجل فهو للمرأة كذلك, وهكذا ما يثبت للمرأة يثبت للرجل إلا بدليل يخص أحدهما, فهذه الأحاديث وما جاء في معناها كلها تدل على أن تارك الصلاة يكون كافراً من الرجال والنساء بعد التكليف, وثبت في الحديث الصحيح أيضاً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن الأمراء الذين لا يقيمون الدين كما ينبغي أن نقاتلهم قال: (لا ، إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان), وفي لفظ آخر قال: (ما أقاموا فيكم الصلاة), فدل على أن من لم يقم الصلاة فقد ارتكب كفراً بواحاً, وقد اختلف العلماء في هذه الأحاديث, فقال: بعضهم إنها على الزجر, والتحذير, والترغيب والترهيب, وليس المراد الكفر الأكبر وليس المراد كفر دون كفر, وإلى هذا ذهب الأكثرون من الفقهاء, وقالوا أنه كفر دون كفر, وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه المراد به الكفر الأكبر؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة), والكفر متى عرف والشرك متى عرف فالمراد به الكفر الأكبر والشرك الأكبر, وقال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر), فدل ذلك على أن المراد الكفر الأكبر؛ لأنه أطلقه عليه الصلاة والسلام على أمر واضح وهو أمر الصلاة فإن أمر الصلاة أمر عظيم, وهي عمود الإسلام, والقول بتركها كفر أكبر لا يستغرب, ولهذا ذكر عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يرون شيئاً تركه كفر غير الصلاة), فهذا يدل على أنه كفر أكبر, لأن هناك أشياء يعرفون أنها كفر ولكنها كفر دون كفر, مثل البراءة من النسب, مثل القتال, النبي - صلى الله عليه وسلم -قال: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر), هذا كفر دون كفر إذا لم يستحله, وهكذا يقول - صلى الله عليه وسلم -: (إن كفر بكم تبرؤ من آبائكم), ويقول - صلى الله عليه وسلم -: (اثنتان في الناس هما كفر النياحة, والطعن في النسب) هذا كله معناه كفر دون كفر عند أهل العلم لأنه جاء مذكراً ودلت الأدلة الأخرى أن المراد به غير الكفر الأكبر, بخلاف الصلاة فإن أمرها عظيم, وهي أول ركن بالشهادتين, وهي عمود الإسلام, وقد بين الرب- عز وجل- لما شرع قتال الكفار قال: فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ, فدل على أنهم لا يخلى سبيلهم وهم يتركون الصلاة, وقال - صلى الله عليه وسلم -: (نهيت عن قتل المصلين), فدل على أن من لم يصل يقتل, والخلاصة أن القول الصواب والذي تقتضيه الأدلة هو أن ترك الصلاة كفر أكبر, ولو قال الجمهور بخلافه فإن المناط هو الأدلة وليس المناط كثرة القائلين, الحكم معلق بالأدلة, والترجيح يكون بالأدلة وقد قامت الأدلة على كفر تارك الصلاة كفرا أكبر, وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها) فيفسره قوله في الحديث الآخر: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله, ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة, فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام), فلا عصمة إلا بإقامة الصلاة, ولأن من لم يقم الصلاة ما أدى حق التوحيد, والمراد بقول لا إله إلا الله وأنها تعصم من قالها إذا التزم بحقها ومن حقها أن يؤدي الصلاة, ولأن الموحد الذي يقول لا إله إلا الله إذا أتى بناقض من نواقض الإسلام لم ينفعه قول لا إله إلا الله, فلو قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, ثم جحد وجوب الصلاة كفر إجماعاً, أو جحد وجوب الزكاة كفر إجماعاً, أو جحد وجوب صوم رمضان كفر إجماعاً, أو سب الدين كفر إجماعاً, أو سب الرسول كفر إجماعاً ,أو استهزأ بالدين كفر إجماعاً ولم ينفعه قول لا إله إلا الله, فعلم بذلك أن إتيانه بالتوحيد والشهادة لرسول بالرسالة إنما ينفعه إذا لم يأت بناقض من نواقض الإسلام, فأما إذا أتى بناقض من نواقض الإسلام فإنها لا تنفعه الشهادة كالأمثلة التي ذكرنا كسب الدين, كالاستهزاء بالدين كجحد, وجوب الصلاة, كجحد وجوب الزكاة, كالاستهزاء بدين الله, ولو أن إنساناً يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, ويصلي, ويصوم ويتعبد, ثم جحد تحريم الزنا, وقال الزنا حلال كفر عند جميع المسلمين, أو قال إن الخمر حلال كفر عند جميع المسلمين, أو قال إن اللواط حلال كفر عند جميع المسلمين أو بال على المصحف متعمداً أو وطئه برجله متعمداً استهزائه استهانة له, أو جلس عليه استهانة له كفر عند جميع المسلمين لاستهانته بكتاب الله, ولم ينفعه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, فكيف يستنكر أن يكون كافراً بترك الصلاة إذا تركها وتساهل بها وهي أعظم أركان الدين وأهمها بعد الشهادتين, ليس هذا بمستغرب, ولهذا القول الصواب أن المسلم إذا تزوج امرأة لا تصلي فالنكاح باطل, وهكذا إذا تزوجت المسلمة إنساناً لا يصلي فالنكاح باطل, فمتى تاب إلى الله جدد العقد, متى تاب الذي لا يصلي يجدد العقد, أما إذا كان جميعاً لا يصليان فالنكاح صحيح لأنهما كافران جميعاً نسأل الله السلامة, ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. جزاكم الله خيراً  
 
2- إذا ابتلي الإنسان بمثل من ذكر بالرسائل والدة لا تصلي أو أخت أو حتى أنساب أو إخوة كيف يتصرف؟
الواجب نصيحتهم وتخويفهم من الله- عز وجل-, وتحذيرهم من مغبة أعمالهم الخبيثة فإن تابوا فالحمد لله, وإلا وجب هجرهم لا يزارون, ولا تجاب دعوتهم, ولا يدعون إلى وليمة, ولا غيرها بل يهجرون حتى يتوبوا إلى الله هكذا ذكر أهل العلم يجب هجرهم لأنهم أتوا منكراً عظيماً حتى يوفق الله ولاة الأمور لإقامة الحد عليهم لاستتابتهم, فإن تابوا وإلا وجب على ولي الأمر قتلهم, وهذا لا إشكال فيه, والذي عليه جمهور أهل العلم أن من لم يتب يقتل, إذا ترك الصلاة واستتيب فلم يتب فإنه يقتل لقوله سبحانه: فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ فدل على أن الذي لا يصلي لا يخلى سبيله ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إني نهيت عن قتل المصلين), فدل على أن من لا يصلي لا يترك بل يقتل إذا لم يتب في أدلة كثيرة دلت على هذا المعنى, أما الوالدة فلها شأن والوالد لهما شأن يجتهد في نصيحتهما, ولكن لا يهجرهما الوالدان لهما حق عظيم ولو كانا كافرين؛ لأن الله قال جل وعلا: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ثم قال بعده: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا فأمر بمصاحبتهما في الدنيا بالمعروف مع أنهما كافران, ومع ذلك لعظم حق الوالدين فالولد إذا كان أبوه لا يصلي, أو أتى بكفر آخر, أو أمه كذلك فإنه ينصحهما كثيراً, ولا يقطعهما بل يحسن إليهما ويجتهد في دعوتهما إلى الخير, والإسلام, والاستقامة لعل الله يهديهما بأسباب ,وبكل حال يتلطف معهما, ويحسن إليهما, ويدعوهما إلى الخير حتى يموتا أو يهديهم الله. بارك الله فيكم  
 
3- عندنا في قرى مصر خمسون في المائة لا يصلون قبل الزواج, وخاصة البنات نسبة كبيرة سماحة الشيخ ولاسيما إنهن مسلمات
مثل ما تقدم إذا كان الزوج لا يصلي والمرأة لا تصلي صح نكاحهما لأنهما إما مسلمان عند الجمهور, أو كافران على القول الصحيح فهما مستويان وصار نكاحهما صحيح, وإنما الخلاف إذا كان أحدهما لا يصلي والآخر يصلي يعني الآخر مسلم, والثاني ليس بمسلم لتركه الصلاة هذا هو محل الخلاف, والصواب أنه لا يصح النكاح كما تقدم يجب التجديد إذا تاب من لا يصلي.  
 
4- ماذا يقول سماحة الشيخ لأولياء الأمور هناك والنسبة كبيرة كما قلت سماحة الشيخ؟
نسأل الله أن يهدي ولاة الأمور في كل مكان, وينبغي بل الواجب على والد البنت ووالداتها, وعلى إخوتها الطيبين أن يعلموها, ويرشدوها, ويفقهوها حتى لا تدع الصلاة, وهكذا الشاب ينصح ويوجه, ولو بالتأديب, ولو بالضرب إذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: (اضربوهم عليها لعشر), فكيف بالكبير الكبير يضرب ويقتل ويستتاب فإن تاب وإلا قتل, لكن من جهة ولي الأمر لا من جهة أفراد الناس أما الأدب أبوه يؤدب ويؤدبها أيضاً يضربه ويضربها حتى يصليان أخوهم الكبير كذلك ابن عمهما إذا استطاع أن يؤدبهما كذلك أما القتل فليس لأحد إلا لولاة الأمور بعد الاستتابة. إذا كان ولي الأمر لا يقيم شأنناً لمثل هذه الأمور سماحة الشيخ كيف يتصرف المسلمون؟ ليس لهم حيلة إلا هذا النصيحة, والتأديب لا يقتل, وإنما ينصح ويؤدب إذا كان له قدرة كالأب, والعم, والأخ الكبير والمسلمون جميعاً ينصحون ويؤدبون. بارك الله فيكم 
 
5- هل فكرت الحجاب غلط، وما رأيكم في زوج ينهى زوجته عن الحجاب؟
الحجاب فيه تفصيل, أما كونها تستر شعرها وبدنها كله إلا الوجه والكفين فهذا لازم عند أهل العلم, وهكذا القدمان عند جمهور أهل العلم عليها سترهما عن الرجال هذا ليس محل خلاف كون تسترها شعرها, وبدنها وصدرها, وجميع بدنها حتى القدمين هذا واجب على النساء جميع الرجال الأجانب حتى ابن عمها وحتى ابن خالها الأجنبي, فعليها أن تستر جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين هذا محل الخلاف, وهكذا القدمان فيهما خلاف يسير, والذي عليه جمهور أهل العلم أن الواجب سترهما أيضاً أما الوجه والكفان فقد نازع بعضهم في ذلك, وقال بعض أهل العلم إنه لا يجب سترهما عن الأجانب إذا كان الوجه ليس فيه محسنات لا مكياج ولا كحل, ولا شيء من أنواع الجمال الذي تأتي به المرأة...... وهكذا الكفان إذا كانا ليس فيهما شيء من الحلي قال بعض أهل العلم أنهما ليس بعورة في هذه الحالة إذا كان الوجه ليس فيه ما يدعوا إلى الفتنة من كحل, أو زينة أخرى, والكفان ليس فيهما زينة أيضاً من حلي, أو نحوها هذا قول بعض أهل العلم, والقول الآخر أنهما أيضاً يجب سترهما عن الأجانب, وهذا هو الأفضل والأقرب, وهو القول الراجح والأدلة على هذا القول كثيرة؛ لأن الوجه زينة المرأة وعنوانها جمالاً ودمامة, فالواجب ستره إلا عن المحارم, أو الخاطب الذي يريد أن ينظر إليها الرسول - صلى الله عليه وسلم - أذن للخاطب أن ينظر, وأما ما سوى ذلك, فالواجب ستر الوجه, والكفين حذراً من الفتنة, ومن الأدلة على هذا قوله- سبحانه-: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ, وإن كانت الآية في أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فالحكم عام, إلا بدليل يخصهن, ولأن العلة عامة ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ, فإذا كان أطهر لقلوب زوجات النبي فغيرهن أحوج إلى ذلك, لأن أزواج النبي أتقى لله وأكمل إيماناً ممن بعدهن, فإذا كان الحجاب أتقى لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأطهر للقلوب فما بعدهن في أشد الحاجة إلى ذلك, ولأن الرب عز وجل لم يستثني لم يقل إلا الوجه والكفين بل أطلق, وهكذا قوله سبحانه: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ ولم يقل إلا الوجه والكفين بل أطلق, وأما قوله في أول الآية: إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا فقد فسره ابن مسعود بأن المراد الملابس التي تلبسها المرأة, وأما ما يروى عن ابن عباس, وجماعة أنه يراد به الوجه والكفان, فهذا محل نظر, لأن بعض أهل العلم قالوا إن المراد بذلك يعني قبل الحجاب مراد ابن عباس ما كان قبل الحجاب, وقال آخرون إن مراده بعد الحجاب, وبكل حال فقول ابن مسعود يعارض قول ابن عباس, فإذا تعارض القولان وجب تحكيم الأدلة والرجوع إلى الأدلة والله يقول سبحانه: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ويقول سبحانه: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ فإذا رجعنا إلى كتاب الله وإلى حكمه وجدناه سبحانه يقول: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ, ومن استثنى عليه الدليل, وهكذا قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ, والجلباب ثوب تطرحه المرأة على رأسها وبدنها للستر ولم يستثني من ذلك الوجه ، ثالثاً قوله سبحانه وتعالى: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ... الآية ولم يستثني شيئاً, ومعلوماً أو الوجه من الزينة وهو أعظم الزينة, فتقرر بهذا وجوب ستر الوجه والكفين حذراً من الفتنة, وقد يحتج بعضهم بعض من أجاز الوجه والكفين بحديث ضعيف رواه أبو داود عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: دخلت علي أسماء بنت أبي بكر أختها - رضي الله عنها - زوجة الزبير قالت وعندي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: (يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه), قالوا فهذا يدل على جواز إبداء المرأة وجهها وكفيها, والجواب عن هذا الحديث من وجوه: الوجه الأول أنه ضعيف لعدة علل: العلة الأولى أنه لم يثبت عن عائشة منقطع لأنه من رواية خالد بن دريك عن عائشة ولم يسمع منها, والحديث المنقطع لا يحتج به بل هو ضعيف, والعلة الثانية أن في إسناده سعيد بن بشير وهو ضعيف لا يحتج به عند أهل العلم, العلة الثالثة أنه من رواية قتادة عن خالد بن دريك, وهو مدلس ولم يصرح بالسماع من خالد, والمدلس إذا روى بالعنعنة لا يحتج به, فهذه ثلاث علل, وهناك علة رابعة وهي أن الحديث لم يصرح أنه بعد الحجاب, فقد تكون هذه القضية قبل الحجاب قبل أن ينزل الحجاب فلهذا لو صح كان ترك الوجه والكفين لأن النساء كن قبل الحجاب يكشفن عن وجوههن وكفيهن هكذا كان قبل الحجاب, والعلة الخامسة عندي أنها أيضاً وجيهة وهي أنه يستغرب جداً أن تكون أسماء زوجة الزبير بن العوام, وهي أكبر من عائشة وقد تفقهت في الدين بنت أبي بكر الصديق تدخل على النبي في ثياب رقاق ترى منها العورة هذا بعيد على أسماء, وهو يدل على نكارة المتن وأنه منكر لا غير صحيح, لأن تقواها لله وإيمانها بالله وتقدمها في الإسلام ,والهجرة كل ذلك يقتضي أن تكون في غاية من البعد عن هذه الصفة, والله المستعان. نفع الله بعلمكم وجزاكم الله خيراً.. إذاً الزوج الذي ينهى زوجته عن الحجاب يعد مخطئاً ولا شك.. لا شك أنه غالط نسأل الله أن يهديه قد يكون جاهلاً فيعلم ونسأل الله له الهداية لكن لا يلزمها طاعته, إنما الطاعة في المعروف يقوله النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنما الطاعة في المعروف). إذاً إي مشاكل تنشأ في أسر يوجه بالتزام ماذا لو تكرمتم؟ جميع المشاكل التي تقع بين الأسر إذا كانت مشاكل لا تخالف النصوص إنما هي عادية بين الناس، ويكون حلها من طريق اتفاقهم عليها لا بأس، الأمور العادية والأمر العادي في مآكل أو مشارب أو أنواع ملابس أو ما أشبه ذلك، أما مشكلة قد جاء النص بإيضاحها من كتاب الله وسنة رسوله، قد بينها الله عز وجل أو رسوله فلا قول لأحدهم يخالف شرع الله، من قال بخلاف الشرع لا يطاع (إنما الطاعة في المعروف) كالسفور، أو التبرج في الأسواق، أو وقوف مواقف التهم، أو ما أشبه ذلك، كل هذه أمور شرع الله فيها، فالواجب الالتزام بالشرع، فلا يجوز للمرأة أن تتبرج بين الرجال، ولا يجوز لها أن تبدي زينتها، ولا يجوز لها أن تقف مواقف التهم، وهكذا الرجل ليس له أن يقف مواقف التهم، فالمقصود أن هذه الأمور حلها الشرع وبينها الشرع، فالواجب التزام الشرع. بارك الله فيكم سماحة الشيخ في ختام.... 

564 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply