حلقة 599: السنة في وقوف الإمام والمأموم في صلاة الجماعة - قضاء ما فات من صلاة الكسوف - حكم الذبح والنذر لمن يسمون بالأولياء - للفجر آذانان - الوقت الفارق بين الأذان الأول والأذان الثاني في الفجر - بدع بعض المؤذنين

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

49 / 50 محاضرة

حلقة 599: السنة في وقوف الإمام والمأموم في صلاة الجماعة - قضاء ما فات من صلاة الكسوف - حكم الذبح والنذر لمن يسمون بالأولياء - للفجر آذانان - الوقت الفارق بين الأذان الأول والأذان الثاني في الفجر - بدع بعض المؤذنين

1-   إذا صلى اثنان جماعة فيكون المأموم من جهة يمين الإمام، جاء رجل آخر وهم في الركوع، هل يحرم بجانب المأموم، فإذا أحرم فلا يستطيع أن يركع، لكن وجهونا ماذا يعمل؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد. فقد دلت سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام أن الرجلين إذا صليا جميعاً فإن الإمام يجعل المأموم عن يمينه ويصلي به فإذا جاء آخر فإنهما يتأخران ويكونان خلفه، هذا هو السنة ولا يقف لا عند يمين المأموم ولا عن يسار الإمام بل يتأخران وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصلي وحده فجاء جابر وجبار الأنصاريان فصفا عن يمينه وشماله فأخذ بأيديهما وجعلهما خلفه عليه الصلاة والسلام، وصلى ذات يوم بابن عباس بالليل فجعله عن يمينه، وصلى بأنس فجعله يمينه،هذا هو السنة، إذا جاء الرجل والإمام يصلي ومعهما واحد عن يمينه فإنه يجره خلفه بالرفق والحكمة ويصفان خلف الإمام فإن خشيا أن تفوت صف عن يمين المأموم، أو عن يسار الإمام وركع معه ثم تأخرا جميعاً مع الإمام حتى يدرك الركعة.   
 
2-  إذا جاء رجل ليصلي صلاة الكسوف فوجدهم في الركعة الأولى في الركوع الثاني، هل يُحسب له ركعة أم لا؟
إذا جاء المأموم والإمام في الركوع الثاني فإنه يكبر معهم ويصلي معهم ولكن لا يحتسب الركعة لأن العمدة على الركوع الأول يقضي ما فاته يقضي الركوع الأول بركوعيها وسجدتيها ويكون الركوع الثاني إذا أدركه له نافلة وفائدة لكنه عند القضاء يقضي الركعة الأولى بركوعيها وسجدتيها.   
 
3-   هل يصح زيارة الولي في المسجد للرجل أو للمرأة، وحينئذٍ يكون هناك شرك بالله إذا وضعت أو حملت له في مرة قادمة خروفاً لهذا الولي ومبلغاً معيناً من المال؟
الولي علمه عنده الله عز وجل والمؤمنون كلهم أولياء الله فما يظنه بعض الخرافيين من أن الولي يكون له صفة أخرى زائدة على صفات أهل الإيمان من بعض الخرافات وخرق العادات ونحو ذلك هذا ليس بصحيح، فكثيرٌ من الأولياء لا يجري على أيديهم خرقٌ للعادات فأولياء الله هم أهل الإيمان وإن لم توجد لهم كرامات خاصة: (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ) وقال سبحانه: (وَمَا كَانُواْ أَوْلِيَاءهُ إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ) فالمؤمن ولي لله سواءٌ كان عربياً أو عجمياً ذكراً أو أنثى عالماً أو غير عالم فأولياء الله هم أهل الإيمان والتقوى فزيارتهم في الله للمحبة في الله في المسجد أو في بيوتهم فالتزاور بين المؤمنين سنة وقربة وطاعة جاء في الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: يقول الله عز وجل: (وجبت محبتي للمتزاورين فيَّ والمتجالسين فيَّ والمتحابين فيَّ والمتبادلين فيَّ) ويقول - صلى الله عليه وسلم -: (يقول الله جل وعلا يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظلي إلا ظلي) فالمؤمن يزوره أخوه في الله في بيته أو في المسجد وتزوره أخته في الله إذا كانت الزيارة ليس فيها ريبة كأن تزور أخاها أو عمها أو خالها أو قريباً لها أو جاراً لها مريضاً تعوده أو تسأله عن علم مع التحجب ومع عدم الخلوة لا بأس بذلك، فالمؤمن يزوره إخوانه المؤمنون وتزوره أخته المؤمنة على وجه شرعي ليس فيه ريبة ولا فتنة مع التستر والحجاب وعدم الخلوة لمصلحة شرعية من عيادة المريض أو سؤال أهل العلم أو غير هذا من المقاصد الشرعية. أما أن يذبح له من دون الله أو يدعى من دون الله لظن بعض الخرافيين أنه يتصرف في الكون هذا باطل وهذا من الشرك الأكبر سواءٌ كان حياً أو ميتاً، فالذي يتقرب لقبور الأولياء يزعم أنهم يقضون حوائجه أو أنهم يعلمون الغيب أو أنهم يتصرفون في الكون هذا شركٌ أكبر حتى ولو ما تقرب لهم هذا الاعتقاد نفسه شرك أكبر نسأل الله العافية فإذا ذبح لهم إبلاً أو بقراً أو غنماً أو دجاجاً أو غير ذلك هذا شركاً أكبر أيضاً، وإذا استغاث بهم وقال: يا سيدي فلان المدد، أو اشفع لي أو اقضي حاجتي أو أغثني، يقولها عند قبره أو بعيداً عنه كل هذا من الشرك الأكبر، أما إذا كان يقول لحي حاضر قادر يقول ساعدني على كذا اشفع لي عند فلان، أو ساعدني على قضاء ديني أو ساعدني على كف شر فلان بن فلان حتى يشفع له حتى يتصل به ويقول له دع فلان لا تؤذي فلان هذه أمور عادية لا بأس كما قال الله جل وعلا في قصة موسى: (فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ) فالناس ما داموا أحياء فيما بينهم يطلب بعضهم من بعض الرفق والعون والمساعدة بالمشافهة أو بالمكاتبة أو من طريق الهاتف أو من طريق الطرد برقية أو ما أشبه ذلك لا بأس بهذا، أما الذي يدعوه من دون الله يعتقد أنه ولي لله وأنه يتصرف في الكون يدعوه من بعيد أو يدعوه عند قبره أو يقدم له الذبائح أو يستغيث به أو ينذر له وهو ميت أو غائب؛ هذا شركٌ أكبر، فيجب الحذر من هذه الأمور التي يقع فيها العامة لجهلهم، أما الأمور الحسية العادية التي يفعلها الناس بينهم كأن تقول لأخيك الحاضر: يا فلان أقرضني كذا أو ساعدني على كذا أو عاوني في إصلاح سيارتي أو في بناء بيتي وهو حاضر يسمع كلامك، أو من طريق المكاتبة أو من طريق الهاتف التلفون، أو من طريق البرق، أو من طريق حسي وطريق أخرى وتكلمه منه هذا كله لا بأس به لأنه أمور عادية وقد جرى الناس الآن اتصالات هاتفية واتصالات رسمية كانت لم تكن قبل ذلك، وقد وقعت الآن، فإذا كان الاتصال بالشيء الحسي المعروف سواءٌ سمي هاتفاً أو سمي باسم آخر تلكس، أو غير ذلك كل ذلك من الأمور الحسية فيما يقدر عليها الإنسان، أما أن يعتقد فيه أنه يتصرف في الكون أو أنه يعلم الغيب فهذا كفر وشركٌ أكبر أو يتقرب لقبر الميت يتقرب إليه بالذبائح أو يستغيث به أو ينذر له أو يذبح له قرابين كل هذا شركٌ أكبر، فيجب التفريق بين ما جاز شرعاً وبين ما حرم الله شرعاً نسأل الله للجميع الهداية. جزاكم الله خيراً  
 
4-   إذا أذن مؤذن في البلدة أذان الفجر الأول والثاني، وجاء في اليوم الثاني فعندما أذن الأذان الأول قاموا برشقه بالحجارة أهل البلد، هل يجوز قطع الأذان ليُدافع عن نفسه، أم ماذا يعمل؟
يستحب أن يكون هناك أذان أول من الصبح حتى ينتبه الناس يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في أذان بلال قبل الصبح: (ليوقظ نائمكم ويرجع قائمكم) للتنبيه أن الصبح قريب أما الأذان الواجب وهو بعد الصبح هذا وقت نداءه إذا قام من يكفي سقط عن الباقين، إذا طلع الفجر حتى يعلم الناس طلوع الفجر وحتى يحضروا لصلاة الجماعة في المساجد، والذي يؤذي من يؤذن الأذان الأول هذا له حالان، إحداهما أن يكون الأذان يمكن تلافيه بعد فراغ الأذان، هذا يكمل أذانه ولا بأس يشتكي أما إذا كان يؤذونه في الأذان ربما ناله الحجر ربما أصابوه فله أن يقطع الأذان ويدافع عن نفسه ولا حرج في ذلك.   
 
5-  كم يكون الوقت الفارق بين الأذان الأول والأذان الثاني سماحة الشيخ؟
الأفضل أن يكون قريب جاء في بعض الروايات أنه ليس بينهما إلا أن يصعد هذا وينزل هذا يعني قريب يكون الأذان قبل نصف ساعة أو ما يشبه ذلك حتى ينتبه الناس أن الوقت قريب والذي في الصلاة حتى يبادر بالإيتار ونحو ذلك. أما الأذان في منتصف الليل أو الواحدة؟ ما ينبغي لا، يجب أن يكون قريب من الفجر حتى تحصل الفائدة من التنبيه.   
 
6-   هل يجوز للمؤذن أن يقرأ قبل الأذان بضع آيات من القرآن، وعند انتهاء الأذان يأتي بالدعاء الذي بعد الأذان في مكبرات الصوت، وأيضاً هل يجوز قراءة القرآن جهراً في مكبرات الصوت والقارئ لا يجيد القراءة، والمسجد الذي يقرأ فيه هذا القارئ صغير؟
لا حاجة إلى هذا، إنما المشروع الأذان في آخر الليل فقط أما الذي يقرأ هذا قد يشق على الناس وقد يوقظ النوام، فلا ينبغي هذا ولكن يؤذن الأذان الشرعي قبل الصبح بقليل للتنبيه إذا دعت الحاجة إلى ذلك وإن ترك الأذان الأول فلا بأس ما هو لازم فإن المهم الأذان الأخير بعد طلوع الفجر هذا هو المهم هذا هو الفرض فرض كفاية وأما أنه ينبه الناس بالقراءة بالمكبرات بدلاً من الأذان أو قبل الأذان هذا غير مشروع إنما يقرأ بينه وبين نفسه في المسجد أو في بيته من دون أن يقرأ في المكبر؛ لأن هذا قد يشق على الناس ولم يفعله سلف الأمة. الذين يقرءون بصوت مرتفع ويحرمون الناس من قراءة القرآن في المسجد؟ ما ينبغي هذا في المسجد يقرأ قراءة منخفضة لا يؤذي بها المصلين ولا القراء، وقد خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة على الناس في المسجد وهم يصلون جماعات يتهجدون يرفعون أصواتهم فقال: (كلكم يناجي الله فلا يؤذي بعضكم بعضاً، فلا يجهر بعضكم على بعض) فالسنة أن كل واحد يخفض صوته في الصف حتى لا يؤذي غيره من المصلين ولا من القراء. وهذا في الجمعة وفي غيرها؟ في الجمعة وفي غيرها.   
 
7- هل يصح الأذان على الميت في القبر أم لا، وهل يجوز القنوت بعد دفن الميت؟
كل هذا بدعة لا يؤذن عند القبر ولا يقنت قنوت الدعاء المعروف، ولكن يدعى له بالدعاء العادي إذا فرغ من الدفن يسأل الله له التثبيت والمغفرة، أما قنوتٌ مثل قنوت الصلاة ولكن كل واحد يدعوا لأخيه يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: (استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل) فإذا قال اللهم اغفر له، اللهم ثبته بالقول الثابت، اللهم ثبته على الحق، ولا يقنت قنوت الصلاة.   
 
8-  هل تصح الصلاة جماعة مع إمام راتب وهو لا يجيد القراءة ومن المأمومين من يجيد القراءة أحسن منه؟
لا مانع من أن يصلى مع وإن كان لا يجيد القراءة إجادة كاملة إذا كان يؤدي قراءته مجزئة في الفاتحة وفي غير الفاتحة وإن كان غيره أجود منه إذا كانت قراءته ليس فيها لحن يحيل المعنى فلا بأس أن يصلى معه، وإذا تيسر من هو خيرٌ منه وتيسر أن يعين بدلاً منه فهذا أحسن من دون تشويش أما إن كان بتشويش أو فتن فلا، أما إذا كان لا يجيد القراءة يلحن لحناً يحيل المعنى فهذا لا يجوز نصبه ولا الصلاة خلفه إلا بأجناسه وأمثاله من الأميين الذين لا يحسنون القراءةن بل يجب أن يعزل ويلتمس من يقوم مقامه فالذي مثلاً يقول: "أهدنا الصراط المستقيم" من الإهداء هذا لحن يحيل المعنى أو يقول: "إياكِ نعبد وإياكِ نستعين) أو يقول: "أنعمتُ" أو "أنعمتِ" هذه كلها لحن يحيل المعنى نسأل الله السلامة فمثل هذا ما يترك إماماً ويعلم حتى يعرف كيف يقرأ ولو كان مأموماً يعلم حتى يعرف القراءة الشرعية لكن ما يجوز له أن يكون إماماً في مثل هذا بل يجب أن يفصل ويلتمس من يؤم الناس من هو أصلح منه.   
 
9-  هل يجوز لإنسان أن يصلي قصراً لمدة ثلاثة أيام، أو هل هناك مدة محددة بالنسبة لصلاة القصر؟
المسافر يقصر أربعة أيام على الصحيح الذي قاله جمهور أهل العلم إذا كان أراد أربعة أيام فأقل، يعني أراد الإقامة جازماً بها أربعة أيام فأقل في أي محل في سفره، مثلاً سافر العراق لحاجة وعزم أن يقيم في العراق في بغداد أو في البصرة أو نحوهما أربعة أيام أو أقل، له أن يقصر يصلي الرباعية ثنتين الظهر ثنتين العصر ثنتين العشاء ثنتين أما إن كانت النية أكثر من ذلك قد عزم أن يقيم خمسة أيام أو عشرة أيام هذا يصلي الأربع لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أقام في حجة الوداع أربعة أيام يقصر في حجة الوداع في مكة قدمها في الرابع من ذي الحجة، وتوجه إلى منى في الثامن فصارت إقامته أربعة أيام وهو يقصر فإذا كانت إقامته مثل ما أقام النبي - صلى الله عليه وسلم –في منى في مكة فإنه يقصر أما إذا أقام إقامة طويلة خمسة أيام يعني أكثر من أربعة أيام، فهذا إذا عزم عليها يصلي أربعاً، وهكذا ما يكون في الإقامات العارضة في الطريق وهو مسافر يقصر يوم يومين ثلاثة في الطريق كلما أقام يقصر يصلي ثنتين أما الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء فالأفضل تركه إذا كان مقيماً، أما إذا كان في حاجة إلى الجمع يجمع والحمد لله، أو إذا كانت الإقامة يسيرة نزل في محل إقامته يسيرة ثم ارتحل بعد زوال الشمس يجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم، أو ارتحل قبل غروب الشمس فإنه يؤخر المغرب مع العشاء جمع تأخير، أو ارتحل قبل الزوال يؤخر الظهر مع العصر جمع تأخير لأنه أرفق به ولا بأس بذلك.   
 
10-   أنا أقسمت في يوم على الطعام ألا آكله، ولظروف اضطرارية أكلت من هذا الطعام الذي أقسمت عليه، فما هي النصيحة؟ وجهوني جزاكم الله خيراً.
عليك كفارة يمين فقط والحمد لله، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم عشرة عدد أصابعك تعطي كل واحد نصف الصاع من صاع النبي - صلى الله عليه وسلم - من قوت البلد من تمر أو أرز أو بر أو شعير أو زبيب أو نحو ذلك وإن كسوته كسوة كل واحد له قميص أو إزار ورداء كفى، وإن عشيتهم أو غديتهم في بيتك عشرة والحمد لله ومقداره بالوزن كيلو ونصف تقريباً هو مقدار نصف الصاع.   
 
11-  أسألكم أولاً عن حكم الدعاء الجماعي بعد الصلاة المكتوبة؟
الدعاء الجماعي بعد الصلاة المكتوبة أو في غيرها بدعة لا أصل له حتى في غير الصلاة كونهم يدعون دعاءً جماعياً ما له أصل، إنما الإنسان يدعو لنفسه، أو يدعو ويؤمن إخوانه كالقنوت، يدعو الإمام ويؤمن المأمومين، أما أن يدعو بصوت واحد جماعياً فهذا لا أصل له، ولاسيما عقب الصلاة كل هذا بدعة فالإنسان يدعوا لنفسه بينه وبين ربه في آخر الصلاة قبل أن يسلم أو بعد السلام بينه وبين ربه يدعو من دون رفع اليدين لا بأس به بينه وبين نفسه أما أن يدعو الإمام ويرفع يديه ويرفعون أيديهم معه ويدعون فهذا لا أصل له وليس من الشرع، وهكذا رفع الصوت في الدعاء جماعياً بصوت واحد كل هذا لا أصل له لا في المسجد ولا في غير المسجد.   
 
12-   هل توجد بدع حسنة وبدع سيئة، مع أن بعض البدع لا بأس بها ولا تمس جوهر الدين في شيء، وهل لأصحاب المذاهب آراء في ظهور البدع، وهل منهم من أجاز البعض منها؛ لأننا عندما نتحدث إلى شخص ونحاول إقناعه بأن بعض الذي يعمله بدعة وكل بدعة ضلالة؛ يقول: هذه لا بأس بها؛ لأنها لا تضر بالدين! مع العلم أن هناك من يرى الدعاء بعد الصلاة بالمصلين وهو إمام، وكاد بعض المصلين أن يؤذيه؛ لأنه ترك الدعاء بهم، هذا إلى جانب تفشي كثير من البدع، أرجو توضيح هذه المسألة جزاكم الله خيراً، ووفقكم لأداء رسالتكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
البدعة ليس فيها حسنة كلها ضلالة كما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم -: (كل بدعة ضلالة) هذا كلام عظيم وقاعدة كلية عظيمة وقالها النبي - صلى الله عليه وسلم -، والبدع هي التي يحدثها الناس في الدين عبادات ما شرعها الله يقال لها بدعة مثل إحداث شيء ما شرعه الله في الصلاة من رفع اليدين بين السجدتين، أو في آخر الصلاة أو بعد السلام من الفريضة هذه بدعة ما شرعها الله جل وعلا، مثل إحداث الاحتفالات بالموالد، هذه بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، مثل إحداث البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها هذه من البدع أيضاً وما أشبه ذلك مما أحدثه الناس، والقاعدة أن كل ما أحدثه الناس في الدين وسموه طاعةً وقربة وليس له أصل في الشرع يسمى بدعة، أما ما يظن بعض الناس أنه بدعة حسنة وليس كذلك فهذا ليس من البدع مثل بناء المساجد بإسمنت هذا شيء جديد ولا يسمى بدعة لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر ببناء المساجد سواءٌ كانت بالطين أو باللبن أو بالحجر أو بالخشب أو بالإسمنت كله ما يسمى بدعة، مثل المدارس المبنية بالربط هذه ما تسمى بدعة ضلالة وإن سماها الناس بدعة من جهة اللغة من جهة أنها لم تكن سابقة موجودة لكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بما ينفع النساء أمر بالتعليم وأمر بتعمير المساجد، فإذا عمر الناس مسجداً بالإسمنت أو عمر الناس مدرسة أو رباطاً للفقراء أو للمهاجرين أو الغرباء لا بأس كل هذا ما تسمى بدعة سيئة هذه من الأمور الشرعية لأن فيها نفع للمسلمين وإحسان إليهم امتثالاً لأمر الله عز وجل في الأمر بنفع المسلمين والإحسان إلى الفقراء وتعليم الجاهل، سواءٌ كان يعلم في المسجد أو يعلم في مدرسة ليس هذا من البدع التي حذر منها النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن سميت بدعة من حيث اللغة كما قال عمر - رضي الله عنه - في التراويح نعمت البدعة لأنه رتبهم على إمام واحد في كل ليلة فسماها بدعة من حيث اللغة لأنه في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا يصلون أوزاعاً صلى بهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاث ليالي ثم تركهم وقال: (إني خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل) أو قال: (إني أخاف أن تفرض صلاة الليل) فترك ذلك خوفاً على الأمة من أن يفرض عليهم ولما كان في زمن عمر جمع الناس على إمامٍ واحد يصلي بهم التراويح وقال: (نعمت البدعة) يعني من حيث اللغة وإلا فهي سنة التراويح سنة فعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - ورغب فيها عليه الصلاة والسلام وهكذا الربط والمدارس التي يفعلها الناس للتعليم وهكذا ما يسمى بالمعاهد، وهكذا ما يسمى بالمجامع للناس لتحفيظهم القرآن أو ما أشبه ذلك على اختلاف الأسماء أو خلوات على حسب اختلاف الناس في الأسماء، كل ذلك مما ينفع الناس وليس من البدع بل هو من التعاون على البر والتقوى، ومن باب الحرص على تعليم الناس الخير وجمعهم في أماكن تحفظهم وتحفظ أدوات التعليم وليس هذا من باب البدع، أما قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: (من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص من أجورهم شيئاً) فهذا معناه إظهار السنن يعني إظهار العبادة التي خفيت وجهلها الناس، فالذي يظهرها للناس ويسنها للناس له أجرٌ عظيم، لأنه أحيا سنن وليس معناه أنه يبتدع في الدين ما لم يأذن به الله لأن الله ذم من فعل ذلك وقال: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) وقال عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) فالإحداث منكر ولكن إحياء السنن وإظهارها بين الناس عند خفاءها وعند جهل الناس بها هذا هو السنة في الإسلام وهو معنى من سن في الإسلام ويدل على هذا أن الحديث سببه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما حرض على الصدقة وحث الناس على الصدقة جاء إنسان وصرة في يده كانت كفه تعجز عنها فقدمها، فلما رأوه الناس تتابعوا وجاءوا بالصدقات فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: (من سن في الإسلام سنة حسنة) يعني أظهر الصدقة وجاء بالمال فتتابع الناس واقتدوا به في ذلك. سماحة الشيخ لا بد أن هناك حداً فاصلاً وحداً دقيقاً للفرق بين البدعة وبين السنة بينما هو في الدين وبينما هو في الدنيا؟ أمور الدنيا ما فيها بدع وإن سميت بدع، اختراع الناس السيارات أو الطائرات أو الحاسب الآلي أو شبه ذلك مما اخترعه الناس أو الهاتف أو البرقية كل ذلك ما يسمى بدعة وإن سمي بدعة من حيث اللغة فهو غير داخل في بدع الدين لأن البدعة في اللغة الشيء الذي لم يكن له مثال سابق اخترع يسمى في اللغة بدعة ومنه: (بديع السماوات) يعني مخترعها سبحانه وتعالى، هذا في اللغة يطلق على من كان ليس له مثال سابق وإذا كان في الدنيا ما يسمى بدعة ما يذم وإن سميت بدعة من حيث اللغة، لكن ما ينكر ليس في الدين ليس في العبادات فإذا سمي مثلاً اختراع السيارة أو الحاسب الآلي أو الطائرة أو ما أشبه ذلك سمي بدعة فهذا من حيث اللغة وليس بمنكر ولا ينكر على الناس، وإنما ينكر على الناس ما أحدثوه في الدين من صلوات مبتدعة، أو عبادات أخرى مبتدعة هذا هو الذي ينكر في الدين؛ لأن الشرع يجب أن ينزه عن البدع فالشرع مما شرعه الله ورسوله لا ما أحدثه الناس في دين الله من صلاة أو صيام أو غير ذلك مما لم يشرعه الله سبحانه وتعالى. سماحة الشيخ متى بدأت البدع وهل هناك من أملٍ في استئصالها؟ بدأت في العهد الأول من عهد الصحابة ابتدعها الخوارج والشيعة من العهد الأول فهي قديمة الوجود من القرن الأول نسأل الله السلامة. الأمل في استئصالها سماحة الشيخ كيف يكون بأي وسيلة؟ ليس لها طريق إلى الدعوة إلى الله، وتعليم الناس الخير وقوة ولاة الأمور في إنكارها وتعزير من يفعلها، فإذا قوي السلطان والوازع السلطاني في بلد، وبين العلماء حقيقة البدع في الغالب أنها تنتهي في البلد تزول، وإن بقيت في بلاد أخرى أو دولة أخرى فعلى حسب قوة السلطان، وقوة الوازع وبيان أهل العلم تقل البدع وإذا قل أهل العلم أو قل الوازع السلطاني كثرت الخرافات والبدع في البلاد والمناطق، وكلما زادت الجهالة وزاد الخرافيون في البلد وقل الوازع السلطاني وقل العلماء تكثر والبدع وتنتشر، فإذا وجد العلماء أهل البصيرة في الدين ووجد الوازع السلطاني في إنكار البدع قلت البدع حتى تزول بإذن الله.

450 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply