حلقة 303: هل تضاعف الحسنات والسيئات في مكة - حديث صحيح عن فائدة ماء زمزم - معنى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله - عقيدة أهل السنة والجماعة - حكم تهريب السلعة وبيعها - حكم النذر وكيفية الوفاء به - صحة حديث أين ماتوا فادفنوهم

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

3 / 48 محاضرة

حلقة 303: هل تضاعف الحسنات والسيئات في مكة - حديث صحيح عن فائدة ماء زمزم - معنى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله - عقيدة أهل السنة والجماعة - حكم تهريب السلعة وبيعها - حكم النذر وكيفية الوفاء به - صحة حديث أين ماتوا فادفنوهم

1- هل تضاعف السيئة في مكة مثلما تضاعف الحسنة، ولماذا تضاعف في مكة دون غيرها،

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.. أما بعد.. فقد أجمع المسلمون على أن الحسنات تضاعف في مكة وغيرها كقول الله جل وعلا: مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا.. (160) سورة الأنعام، ولقوله سبحانه: مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) سورة البقرة، وفي أحاديث وآيات أخرى. أما السيئات فإن السيئة بواحدة ولا تضاعف من جهة العدد لا في مكة ولا في غيرها، لقوله عز وجل: .. وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا.. (160) سورة الأنعام، وعمم سبحانه وتعالى ولم يستثن مكة ولا غيرها.. ولكن دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على أن السيئة تختلف بحسب الكيفية، لا بحسب الكمية، ولكن بحسب الكيفية، فإن السيئة في مكة أعظم وأكبر إثماً من السيئة في غيرها، وهكذا السيئة في المدينة أكبر وأعظم من السيئة في غيرها، وهكذا السيئة في الزمان الفاضل كرمضان وعشر ذي الحجة تكون أعظم وأشد إثماً من السيئة في غير ذلك الزمان، هذا مما جاءت به الأدلة الشرعية ودل عليه كلام أهل العلم؛ ولهذا قال -سبحانه- في مكة: ..وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) سورة الحـج، فجعل مجرد الإرادة والهم بالظلم في مكة من أسباب العذاب الأليم، ومعلوم أن الهم في غير مكة لا يؤاخذ عليه الإنسان إلا أن يفعله كما في الحديث الصحيح: (من هم بسيئة فلم يفعلها لم تكتب عليه) فإن تركها من أجل إرضاء الله كتبت له حسنة، لكن في مكة قال الرب عز وجل: (وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) .. فدل ذلك على أن السيئة في مكة لها خطر عظيم وإثم كبير، وهكذا السيئات في الأماكن الفاضلة كالمدينة المنورة، وهكذا في الزمان الفاضل كما تقدم، في رمضان وفي عشر ذي الحجة، تكون عقوبتها أشد، ويكون إثمها أكبر، فالواجب على المسلم أن يحذر السيئات كلها في كل زمان ومكان، وأن يكون حذره من السيئات في مكة والمدينة والأزمان الفاضلة يكون أشد وأعظم حتى يسلم من ذلك الإثم العظيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.  
 
2- هل هناك حديث صحيح، عن فائدة ماء زمزم وسورة(يَس)
أما ماء زمزم فقد صح فيه الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إنها مباركة وإنها طعام طعم) خرجه مسلم في صحيحه، زاد أبو داود (وشفاء سقم)، فهي مباركة وماؤها مبارك كما قاله الرسول عليه الصلاة والسلام: (طعام طعم وشفاء سقم) فدل أنها مباركة، فهي من أسباب الشفاء مما يتألم منه العبد من الأمراض، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (ماء زمزم لما شرب له)، لكنه حديث ضعفه جمع من أهل العلم وطرقه فيها ضعف، ولكن حديث (طعام طعم وشفاء سقم) قد يشهد له، وبكل حال فهذه البئر المباركة فيها خير عظيم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (هي طعام طعم وشفاء سقم) وهي مباركة. وأما سورة يس فالأحاديث الواردة فيها كلها ضعيفة، والله ولي التوفيق.  
 
3- ما معنى (شهادة أن لا إله إلا الله) وما معنى: (شهادة أن محمداً رسول الله)،
هاتان الشهادتان هما أصل الإسلام، وهما أساس الملة، وبهما يدخل الكافر الذي لا ينطق بهما، بهما يدخل في الإسلام، ويحسب من أهل الإسلام ويطالب ببقية حقوق الإسلام، أما شهادة أن لا إله إلا الله فهي أصل الملة وأساس الدين في جميع الأديان، جميع الأديان والرسل، من آدم إلى يومنا هذا جاء بها آدم عليه الصلاة والسلام، وجاءت بها الرسل ونوح وهود وصالح وإبراهيم وغيرهم من الرسل، كلهم دعوا الأمم إلى هذه الكلمة قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ.. (36) سورة النحل، وقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) سورة الأنبياء، ونبينا - صلى الله عليه وسلم - محمد لما بعثه الله بدأ قومه بهذا فقال: (قولوا لا إله إلا الله تفلحوا) ولما كانوا يعبدون الأصنام والأشجار وكانت لهم آلهة كثيرة حول الكعبة وفي غيرها استنكروا هذا وقالوا: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) سورة ص، فاستنكروا التوحيد والإيمان لكفرهم وضلالهم واعتمادهم ما كان عليه آباؤهم من الشرك والكفر وعبادة الآلهة الكثيرة. وهذه كلمات هي أفضل شعب الإيمان كما في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (الإيمان بضع وستون شعبة)، أو قال: (بضع وسبعون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان) فهذا الحديث العظيم يدلنا على أن أصل الدين وأساس الملة وأفضل الكلام هو قول: (لا إله إلا الله)، ومعناها: لا معبود حق إلا الله، فهي تنفي الإلهية وهي العبادة عن غير الله وتثبتها لله وحده سبحانه وتعالى، وفي صحيح مسلم عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن قال: (بني الإسلام على خمس: على أن يوحد الله وعلى إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت) وفي لفظ: (على أن يعبد الله وحده ويكفر بما دونه) فجعل توحيد الله وعبادته وحدته والكفر بما دونه جعل ذلك هو معنى لا إله إلا الله. وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في سؤال جبرائيل أنه لما سأل الرسول عن الإسلام، قال عليه الصلاة والسلام: (الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة) إلى آخره، فجعل عبادة الله وحده وعدم الإشراك به هو معنى لا إله إلا الله، هذا هو معناها، فمعناها إثبات العبادة لله وحده وتخصيصه بها سبحانه وتعالى دون كل ما سواه، واعتقاد بطلانها عن غيره سبحانه قال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ (62) سورة الحـج، فهذا هو معنى لا إله إلا الله: إثبات العبادة لله وحده وهي الألوهية، ونفيها عما سواه، فلا يدعى إلا الله وحده ولا يستغاث إلا به ولا يتوكل إلا عليه ولا ينذر إلا له ولا يذبح إلا له، وهكذا، ومن هنا تعلم أيها السائل وأيها المستمع الكريم تعلم أن ما يفعله بعض الجهال عند بعض القبور ومع بعض الأولياء من الاستغاثة بالأموات ودعاء الأموات ودعاء الأشجار والأحجار أو ودعاء الأصنام والاستغاثة بهم أن هذا هو الشرك الأكبر، وأن هذا يناقض قول لا إله إلا الله. وأما (شهادة أن محمداً رسول الله) فمعناه الإيمان بأنه رسول الله حقاً، وأن الله أرسله للثقلين الجن والإنس بشيراً ونذيراً عليه الصلاة والسلام، وأنه خاتم الأنبياء ليس بعده نبي كما قال الله جل وعلا: مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ.. (40) سورة الأحزاب، وقال -تعالى-: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا* وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا (45-46) سورة الأحزاب، فهو رسول الله حقاً عليه الصلاة والسلام بعثه الله للناس كافة جنهم وإنسهم يدعوهم لتوحيد الله، وينذرهم من الشرك بالله كما قال الله عز وجل: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا.. (158) سورة الأعراف، وقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا.. (28) سورة سبأ، فيجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة بل على كل أحد أن يؤمن بأن محمدا رسول الله، يجب على كل المكلفين من المسلمين واليهود والنصارى وغيرهم، جميع المكلفين يجب عليهم أن يشهدوا أنه لا إله إلا الله وأن يوحدوا الله، ويخلصوا له العبادة، ويدعوا عبادة ما سواه من أصنام وأشجار وأحجار وأنبياء وأولياء وغير ذلك، ويجب عليهم أن يؤمنوا بأن محمداً رسول الله، ويصدقوا بأنه رسول الله حقاً، وأنه خاتم الأنبياء، وأن الواجب إتباعه، وذلك بتصديق ما جاء به والإيمان بأنه رسول الله حقاً، وطاعة أوامره وترك نواهيه، وأن لا يعبد الله إلا بشريعته عليه الصلاة والسلام، هذا هو معنى هذه الشهادة، شهادة أن محمداً رسول الله: تصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، عليه الصلاة والسلام، وأن لا يعبد الله إلا بشريعته التي جاء بها عليه الصلاة والسلام لا بالهوى ولا بالأعراف ولا بالبدع، هذا هو معنى شهادة أن محمداً رسول الله، وهتان الشهادتان كما تقدم هما أصل الدين، وهما أساس الملة، فمن نطق بهما واعتقد معناهما فهو مسلم وعليه أن يؤدي بقية الحقوق من صلاة وزكاة وصوم وحج وغير هذا مما أمر الله به ورسوله، وعليه أن يجتنب ما حرم الله عليه ورسوله من الزنا والسرقة والعقوق وسائر المحرمات، كما أن عليه أن يجتنب الشرك الأكبر الذي هو ضد التوحيد، فعليه أن يجتنب الشرك الأكبر ولا يتم له التوحيد إلا بذلك، وعليه أن يتجنب كل ما نهى الله عنه ورسوله من الأقوال والأعمال تحقيقاً لهاتين الشهادتين، والله ولي التوفيق.  
 
4- ما هو اعتقاد أهل السنة والجماعة،
اعتقاد أهل السنة والجماعة هو الإيمان بكل ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - مما دل عليه كتاب الله العظيم وهو القرآن، ومما دلت عليه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام. وأهل السنة والجماعة هم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من المهاجرين والأنصار وغيرهم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأتباعهم من التابعين وأتباع التابعين ومن بعدهم من أئمة الإسلام إلى يومنا هذا، هم الذين ساروا على منهج الرسول - صلى الله عليه وسلم - واتبعوا شريعته قولاً وعملاً وعقيدة، هؤلاء هم أهل السنة والجماعة، سموا أهل السنة لتمسكهم بالسنة، وسموا أهل الجماعة لاجتماعهم على الحق، وهم الصحابة وهم رأسهم، ثم يليهم التابعون وأتباع التابعين ومنهم مالك رحمه الله الإمام المشهور، والشافعي المشهور، وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه والأوزاعي والثوري وغيرهم من أئمة الإسلام، وهكذا ممن بعدهم من أئمة الإسلام ممن استقاموا على طريقة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ودعوا إليها وعظموها واستقاموا عليها قولاً وعملاً وعقيدة، هم أهل السنة والجماعة، وهم بصفة موجزة مختصرة: هم الذين تمسكوا بكتاب الله قولاً وعملاً وبسنة رسوله محمد- صلى الله عليه وسلم - قولاً وعملاً، وساروا على نهج أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتباعهم بإحسان، هؤلاء هم أهل السنة والجماعة الذين استقاموا على ما جاء به المصطفى قولاً وعملاً وعقيدة في أسماء الله وفي صفاته وفي توحيده والإخلاص له، وفي طاعة أوامر الله ورسوله وبترك نواهي الله ورسوله، هؤلاء هم أهل السنة والجماعة. ومن أتى منهم معصية وقع في معصية لا يخرج بذلك عن أهل السنة والجماعة، لكن عليه التوبة إذا وقع في معصية من عقوق وقطعية رحم أو زنا أو ما أشبه ذلك من المعاصي، هذه المعاصي لا تخرجه عن الإسلام ولا تخرجه عن أهل السنة، ولكن عليه التوبة عليه أن يتوب إلى الله وأن يبادر بالتوبة والندم والإقلاع والعزم الصادق أن لا يعود في المعصية. هذا مذهب أهل السنة والجماعة: أن العاصي لا يخرج عن الإسلام ولا يكفر، بل هو يكون ضعيف الإيمان ناقص الإيمان وعليه البدار بالتوبة الصادقة النصوح مما وقع منه من السيئات التي حرمها الله عليه دون كفر مثل ما تقدم من الزنا مثل السرقة مثل عقوق الوالدين ومثل اليمين الكاذبة مثل شهادة الزور وما أشبه ذلك من المعاصي، هذه كلها تنقص الإيمان وتضعف الإيمان ولكنها لا تخرج المسلم من الإسلام ولا تخرجه من كونه من أهل السنة والجماعة، ولكن عليه البدار بالتوبة وعليه الاستقامة على طاعة الله والندم على ما مضى من السيئات والعزم الصادق أن لا يعود في السيئة بعد الإقلاع منها والحذر منها تعظيماً لله وطاعة له ورغبة في ثوابه وحذراً من عقابه سبحانه وتعالى.   
 
5- هناك البعض يقوم بتهريب بعض السلع ودخولها إلى الدولة علماً بأن الدولة تمنع استيراد هذه السلعة، أي الفاكهة، ويقومون ببيعها إلى بعض الأفراد، فيشترونها ويقومون ببيعها إلى تجار الفاكهة، بثلاث أمثال سعر الشراء، أو ضعف سعر الشراء، ويقومون التجار ببيعها بضعف بيع سعر الشراء من الأفراد، أي الكيلو الواحد يصل إلى المستهلك بأربعة أضعاف سعر الشراء من الأفراد الذين يقومون بتهريبها ودخولها إلى الدولة؛ نظراً لوساطة الأفراد والتجار، علماً بأن سعر الكيلو كان يساوي قيمة السعر الحالي قبل أن يمنع استيراده، فهل هذه أموال للذين يقيمون بالوساطة بين المهربين والتجار وأيضاً المكاسب التي يأخذها التجار حرام أم حلال؟ وإن كانت هذه الأموال حراماً فيكف يتم التصرف فيها؟ وما حكم الدين في كسب هذه الأموال؟
إذا كانت الدولة منعت استيراد هذه الأشياء لمصلحة المسلمين ومصلحة الشعب؛ ولأن استيرادها يضر الشعب في دينه أو دنياه فالواجب على الشعب أن يمتثل لما قررته الدولة؛ لأنها تهدف للمصلحة العامة وتهدف إلى حماية الشعب مما يضره وحماية المسلمين مما يضرهم، فلا يجوز التهريب الذي يخالف ما نصت عليه الدولة ويسبب وقوع المشاكل بين الشعب والدولة ويوقع في الحرام أيضاً، فالواجب على الشعب أن يمتثل وأن يساعد الدولة في منع ما ينبغي منعه وفي بقاء ما ينبغي بقاءه؛ لأن ذلك فيه التعاون على ما فيه مصلحة الجميع، أما إذا كان ذلك التهريب الذي وقع فيه بعض الناس فيما يتعلق في الحرام كتهريب الخمور وتهريب ما حرم الله هذا يكون أشد وأعظم، حتى ولو لم تمنعه الدولة لا يجوز إدخاله البلاد ولا يجوز التعاون في فعله؛ لأنه يضر المجتمع في دينه، فلا يجوز للمسلم أن يسبب وقوع المسلمين فيما حرم الله عليهم من خمر أو تدخين أو غير هذا مما حرم الله عز وجل، بل يجب أن يساعد في منع ذلك لو قُدِّر أن الدولة لم تمنعه، فكيف إذا منعته! فإن الواجب أن نساعدها في ذلك، وأن نكون معها في كل ما يضر المسلمين وفي منع كل ما حرم الله عز وجل؛ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى. 
 
6- سبق أن نذرت نذراً لوجه الله تعالى على شرط على أن يكون هذا النذر بدون معاملة، أي بدون مناقشة على السعر عند الشراء، فلما ذهبت إلى السوق عرض عليّ سعلة بسعر ثمانين ديناراً، مع العلم أنه لا يعادل سعر السلعة إلا ثلاثين ديناراً، فساومت البائع على العسر، واشتريت السلعة بسعر أقل، فهل أصبح النذر محللاً أم لا،
هذا النذر نذر غير مشروع؛ لأن المناقشة لا بأس بها؛ ولأن كثيراً من الناس قد يرفع السعر بلا حق، فيحتاج إلى مناقشة، وقد سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - بعيراً من جابر وناقشه في ذلك عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أن نذرك أنك لا تنافس فنذرك غير مشروع فلك أن تنافس في السلع حتى تشتريها بالسعر المناسب الذي يعرف بالأسواق، وعليك كفارة يمين عن هذا، عليك كفارة يمين عن نذرك هذا، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، لكل مسكين كيلو ونصف تقريباً من التمر أو من الأرز أو غيرها من قوت البلد، ولك أن تناقش.  
 
7- كانت زوجتي قد اشترت قطعة أرض في المقبرة؛ لتكون هذه القطعة الصغيرة بمثابة قبرٍ لها عند وفاتها، ولكنني لا أرغب أن تفعل هذا، أو أدفنها في هذا المكان، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أين ماتوا ادفنوهم)، فهل هذا الحديث صحيح، وهل علي ذنب في ذلك،
أما الحديث هذا فلا أعلم له أصلاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن السنة دفن المسلم مع أموات المسلمين في مقابرهم، وأن لا يكون في محل شاذ؛ لأن جعله في محل شاذ مستقل قد يفضي إلى الفتنة، وقد يفضي إلى الامتهان بدوسه وإلقاء القذارات عليه ونحو ذلك. فالمشروع أن يكون دفنه مع المسلمين، فإذا كانت الأرض التي اشترتها زوجته بعيدة عن مقابر المسلمين فالذي ينبغي أن تدفن في مقابر المسلمين إذا ماتت، وهذه الأرض تباع وتصرف قيمتها في مصالح المسلمين أو في شراء أرض قرب المقبرة حتى تضاف إليها توسعة لها، فالحاصل أن هذه الأرض التي اشترتها تريدها مدفناً لها إذا هي بعيدة عن قبور المسلمين تباع وتصرف قيمتها في أرض جنب المقبرة، أو في حاجات المقبرة من إيجاد محل للبن أو محل لتغسيل الموتى أو ما أشبه ذلك، ولا تدفن وحدها، أما إذا كانت الأرض تلي المقبرة وداخلة في المقبرة واشترتها للتوسعة فلا بأس أن تدفن فيها، وليس لك الاعتراض عليها؛ لأن هذا شيء لا بأس به ما دامت الأرض تابعة للمقبرة وداخلة في حساب المقبرة فلا بأس.  
 
8- في نيتي الذهاب إلى بيت الله الحرام، لأؤدي فريضة الحج، بمشيئة الله للمرة الثانية، فهل أستطيع أن أكلف أحداً من المسلمين بأن يؤدي الفريضة بدلاً عن والدي المتوفى في نفس العام،
لا مانع من ذلك أن تحج عن والدك من المسلمين الذين في مكة، لا مانع أن تعطي من تراه ثقة طيب الدين موثوقاً بعمله أن تعطيه ما تيسر من المال حتى يحج عن والدك، لكن يحرم من الحل لا من نفس مكة في العمرة، أما في الحج يحرم من نفس مكة لا بأس، ولا حاجة إلى أن يذهب إلى الميقات في أصح قولي العلماء، فيحرم من مكة في الحج، وأما العمرة فيحرم بها من الحل من الجعرانة أو من التنعيم أو غيرهما من الحل، يعني خارج مكة خارج الحرم، هذا في العمرة خاصة، أما في الحج فيحرم من مكة من الحل أو من الحرم لأبيك إذا كان ثقة طيبا، والله ولي التوفيق.  
 
9- توفي لي طفل قبل حوالي خمسة عشر عاماً وكان عمره آنذاك قد بلغ أربعة أشهر، فهل يستحق أن أعقق له، أم أضحي له؟
السنة أن تعق عنه شاتين، إذا كان ذكرا تعق عنه شاتين، هذا هو الأفضل، وهي سنة ليست بواجبة لكنها سنة، فإذا تيسر لك ذلك فهو أفضل لك، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - (كل غلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى)، وأمر أن يعق عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة، هذا هو السنة، فإذا كنت مستطيعاً فالأمر لك يا أخي أن تعق عن طفلك هذا بشاتين توزع لحمهما على إخوانك من الجيران والأقارب والفقراء، أو تطبخ لحمهما وتدعو إليه من تشاء من إخوانك وأحبابك ومن الفقراء كله حسن، كله طيب، والحمد لله.  
 
10- إنني أود أن أعرف ماذا يجب على من استمنى عمداً في نهار شهر رمضان، وهل ينطبق عليه قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : (من افطر متعمداً فلن يقبل منه صيام الدهر كله، وإن صامه)،
أولاً الاستمناء لا يجوز لا في رمضان ولا في غيره، الاستمناء محرم ومنكر عند جمهور أهل العلم، لا يجوز فعله لما فيه من مخالفة لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) (5-7) المؤمنون. فالاستمناء غير إتيان الزوجة وغير إتيان ملك اليمين، فهو عبث ومنكر وهو عدوان. ثانياً: فيه مضار كثيرة مع كونه مخالفاً للشرع قرر الأطباء العارفون بهذه الجريمة قرروا أن فيها مضاراً كثيرة على المستمني. ثالثاً: على من استمنى في رمضان أن يقضي اليوم، عليه أن يتوب إلى الله وأن يقضي ذلك اليوم؛ لأنه أفطر فيه بهذا الاستمناء، يعني صار في حكم المفطرين وإن لم يأكل ويشرب لكنه صار في حكم المفطرين فعليه القضاء، قضاء اليوم. رابعاً: أما حديث (من أفطر في رمضان لم يكفر عنه صوم الدهر وإن صامه) فهو حديث ضعيف عند أهل العلم مضطرب الرواية ليس بثابت، ولو ثبت لكان معناه عند أهل العلم الزجر والتحذير من الإفطار بخير حق، وليس معناه أنه لا يقضي، بل معناه الزجر عن تعاطي الإفطار بغير حق، والصواب أنه مضطرب ليس بثابت، وعلى من أفطر بالاستمناء أو بغيره أن يتوب إلى الله ويندم ويبادر بالقضاء، عليه أن يقضي ما عليه مع التوبة والاسقامة، وليس عليه كفارة، الكفارة تختص بمن جامع في رمضان خاصة، أما الاستمناء في رمضان أو الأكل عمداً أو الشرب عمداً في رمضان فهذا يوجب القضاء ويوجب التوبة والرجوع إلى الله والإنابة إليه وليس يوجب الكفارة، فاعلم يا أخي واحذر. أيها الإخوة في الله.... 

374 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply