حلقة 321: حكم اتخاذ مكان واحد في المسجد للصلاة فيه - حكم من يصلي بالناس وليس على رأسه غطاء - حكم تمطيط الأذان - حكم اشتراط بيوت الأفراح في الزواج - حكم من يأتي الكهنة والمنجمين - رجل خطب بالناس وصلى بهم رجل آخر

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

19 / 48 محاضرة

حلقة 321: حكم اتخاذ مكان واحد في المسجد للصلاة فيه - حكم من يصلي بالناس وليس على رأسه غطاء - حكم تمطيط الأذان - حكم اشتراط بيوت الأفراح في الزواج - حكم من يأتي الكهنة والمنجمين - رجل خطب بالناس وصلى بهم رجل آخر

1-  عن شخص اتخذ مكان واحداً للصلاة في المسجد؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد.. فقد نص جمع من أهل العلم على كراهة اتخاذ مكان معين في المسجد لا يصلي إلا فيه, وجاء في بعض الأحاديث التي لا تخلوا من مقال, فالذي ينبغي للمؤمن أن لا يتخذ مكاناً معيناً في المسجد بل متى جاء يحرص على الوقوف من الإمام ولا يتخذ مكاناً معيناً هذا هو الذي ينبغي ينبغي أن يكون هناك مسابقة ومسارعة إلى الخير إذا أمكنه أن يكون خلف الإمام فهذا هو الأفضل وإذا لم يتيسر ذلك فليسارع, أما أن يتخذ عمود سارية يصلي عندها, أو جدار أو محل معين هذا خلاف المشروع, فالمشروع له أن يسابق وأن ينافس في الخير وأن يتقدم فإذا أمكنه الصف الأول صار في الصف الأول وإذا أمكنه القرب من الإمام صار قريب من الإمام, فإن عجز يكون في الصف الثاني وهكذا, أما يلزم سارية يصلي عندها, أو محل يصلي عنده لا يجاوزه ولو كان هناك ما هو أقرب منه إلى للإمام هذا غلط وخلاف السنة ، لكن إذا كان في الصف الأول مثلاً واتخذ مكاناً في الصف الأول لا يتجاوزه؟ لا ينبغي هذا أقل أحواله الكراهة. بارك الله فيكم  
 
2- عن إمام يصلي بالناس وليس على رأسه غطاء؟
لا حرج في ذلك؛ لأن الرأس ليس من العورة, إنما السنة أن يصلي بالإزار والرداء, لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يصلي أحدكم بالثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء), فإذا صلى مكشوف الرأس فلا حرج في ذلك لكن إذا أخذ زينته واستقبل القبلة يكون أفضل لقول الله –سبحانه- يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ, فإذا استكمل الزينة التي اعتادها في بلاده مع جماعته, وكان من عادتهم أنهم يسترون الرؤوس هذا أفضل, أما إذا كان في بلاد ليس من عادتهم هذا بل من عادتهم كشف الرؤوس فلا بأس أن يصلي به.  
 
3-  يُلاحظ أن كثيراً من المؤذنين يمططون الأذان؟ ويرجو التوجيه
ينبغي للمؤمن في أذانه أن يكون سمحاً غير ممطط ولا متكلف وهكذا في الإقامة, فالسنة في ذلك أن لا يلحن فيه وأن يحفظه أيضاً من اللحن لا يلْحَن يلَحِّن اللحن هنا يخل ...... كأن يقول أشهد أن محمداً رسولَ الله بفتح اللام ولكن المشروع أن يقول محمداً رسولُ الله؛ لأن رسولُ الله خبر أن مرفوع فهذا إذا نصب يكون من اللحن وإن كان لا يخل بالمعنى حقيقة لأن المقصود بقول المؤذن الإخبار بأنه رسول الله عليه الصلاة والسلام, ولأن بعض أئمة اللغة بعض أهل اللغة ينصبون المعمولين لكن هذا لحن عند جمهور أئمة اللغة, وعند جمهور العرب ، العرب ينصبون الاسم ويرفعون الخبر بأن, كذلك من اللحن أن يقول مثلاً "اهدنا الصراطِ المستقيم" يكسرها وهذا غلط بالمفعول منصوب الصراطَ لكن ما يخل بالمعنى فلا يضر في الأذان أن يقول مثلا حي على الصلاةُ أو حي على الصلاةَ ما يخرج المعنى لكن ينبغي له أن يكون فاهماً عربياً لا يلحن في الأذان, وأما التلحين هو تمطيطه كأنه يغني هذا مكروه لا ينبغي. بارك الله فيكم  
 
4- أخونا يشكو -سماحة الشيخ- من بيوت الأفراح ومن المغالاة فيها ولاسيما وأن كثيراً من الناس اتخذها عادة، ويشترط لزواج ابنته أن يكون فرحها في البيت الفلاني وهي تثقل كاهل العريس، ويرجو التوجيه حول هذا الموضوع؟
لا ريب أن السنة عدم التكلف في المهور والولائم من أجل تسهيل زواج الشباب والفتيات, فينبغي لأهل الزوج وأهل الزوجة عدم التكلف في هذه الأمور, وأن يتواصوا بترك التكلف, وأن يتواصوا أيضاً بقلة المهور تشجيعاً للشباب على الزواج, وحرصاً على تزويج الفتيات وعدم بقائهن في البيوت, وقصور الأفراح كذلك مما يثقل كاهل الزوج أو أهل الزوجة في بعض الأحيان, وكذلك كثرة الولائم والتوسع في الوليمة يشق عليهم أيضاً, فالمشروع للجميع عدم التكلف لا لأهل الزوج ولا لأهل الزوجة المشروع للجميع عدم التكلف, خير الصداق أيسره وخيرهن أقلهن مؤنة, فينبغي للمؤمن أن لا يتكلف في هذه الأمور ولكن يفعل السنة النبي- عليه الصلاة والسلام- قال لعبد الرحمن: (أولم ولو بشاة), والنبي - صلى الله عليه وسلم - أولم على زينب بخبز ولحم, ودعا الناس إلى الوليمة فكل من دخل أكل, فالمقصود أن جنس الولائم مشروعة في النكاح لكن ينبغي للمسلم في هذا عدم التكلف في الاستكثار من الولائم, وجعل الطعام الكثير الذي قد يفضي إلى جعله في قمائم والمحلات التي قد ينبغي تنزيه الطعام عنها وبعدها عنها ويبعد إلى الفقراء والمحاويج, المقصود أن كثرة الولائم تفضي إلى هذا تفضي أن يلقى الطعام واللحوم في الزبالات والقمائم أو في محلات يغرب عنها مع حاجة الفقراء إلى هذا المال وإلى هذا الطعام الذي دعت الحاجة إلى وضعه في القمامة لعدم علم بعض الناس بالفقراء وعدم قدرته على الوصول إليهم, فالحاصل أن التسامح في هذا وعدم التكلف هو الذي ينبغي لأهل الزوج والزوجة جميعاً, لكن إذا دعت الحاجة إلى قصر لأنه ليس عنده بيت يستطيع فيه الزواج, فالأمر في هذا واسع لكن لا ينبغي التكلف ينبغي أن يكون القصر خفيف المئونة في محل...... خفيف المئونة حتى لا يقع التكلف, وإذا اكتفوا بقصورهم ولم يتكلفوا في دعوة الكثيرين من الناس فالأمر في هذا أوسع وأحسن والحمد لله, المهم إعلان النكاح فإذا أعلنوا ولو بوليمة ولو بشاة واحدة أو شاتين في بيوتهم, ودعوا بعض الناس الذين يعز عليهم دعوتهم ويحبون دعوتهم في محلاتهم وبيوتهم ولم يتكلفوا فهذا أكمل وأفضل, حتى لا يكون هناك مشقة على أحد, وحتى لا تتعطل البنات ولا يتعطل الشباب نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. بارك الله فيكم ، والواقع سماحة الشيخ الكثير تزوج بدون بيت أفراح وأصبحت بيوت الأفراح مكان للتجارة وأصبحت أيضاً جزءً من المهر أو مئونة المهر ولا أدري عن رأي سماحتكم في الدعوة إلى الاستغناء عنها وإغلاقها لكونها أصبحت باباً من أبواب التجارة وأيضاً تشكل عبئاً على أولئك الذين يريدون أن يستروا دينهم. على كل حال هي لو علمت ولم توجد استغنى الناس عنها واستراح الناس من التكلف لكن إغلاقها الآن بعد وجودها هو محل نظر يحتاج إلى دراسة من ولاة الأمور وأهل العلم دراسة وافية حتى يرى ما هو الأصلح لأن بعضهم قد يضطر إلى شيء منها لأسباب كثيرة تحملهم على هذا الشيء, لكثرة أقاربهم ومشقة ترك دعوتهم في زواج ومناسبة, فيضطرون إلى أن يستأجرون في بيوت الأفراح لهذا الغرض؛ لأنهم يعلمون أن إعلان النكاح مطلوب ويريدون دعوة أقاربهم ومن يعز عليهم من جيرانهم, وليس عندهم بيوت تصلح لذلك فمن أجل هذا قد يحتاج إلى هذه القصور ولو عدمت لتعذروا ما اكتفوا بشيء قليل وتعذروا لكن وجودها صار سبباً للتكلف والله المستعان. ندع هذا الموضوع لعل الله- سبحانه وتعالى- يفتح عليكم وتناقشونه إن شاء الله ويوجد له الحل فالكثير يشكوا منه نسأل الله التيسير.  
 
5-   نسمع كثيراً عن الكهنة والمنجمين فما صحة ديانة من يذهب إليهم، والإيمان بأقاويلهم، ذلكم أنهم يأتون بما يثبت الصحيح، فمن ذلك أنهم يخبرون المرء باسم قريب من أقاربه ويصفون له منزله، وربما وصفوا له ما عنده من المال والأولاد، ويستمر في سرد ما يقوله أولئك - سماحة الشيخ - ويرجو التوجيه؟
هذا موجود في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وقبله وبعده, ولهذا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إتيان الكهان, وعن سؤالهم قال-عليه الصلاة والسلام-: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً) رواه مسلم في صحيحه ، وقال أيضاً-عليه الصلاة والسلام-: (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -), وسأله بعض الناس عن إتيان الكهان قال: (لا تأتوهم وقال: ليسوا بشيء ، قالوا يا رسول الله: إنهم يصدقون في بعض الأحيان ، قال: تلك الكلمة يسمعها الجني من السماء المسترق للسمع فيقرها في أذن وليه من الإنس وهو الكاهن والساحر فيصدق تلك الكلمة ولكنهم يقرفون ويزيدون عليها مائة كذبة) وفي رواية: (أكثر من مائة كذبة فيقول الناس: إنه صدق يوم كذا وكذا فيصدقونه بتلك الكلمة التي سمعت من السماء) وتكون وسيلة إلى تصديق في كذب الكثير, فالكهان لهم أصحاب من الشياطين من الجن, الكهان الكاهن هو الذي له رأي يعني صاحب من الجن يخبره عن بعض المغيبات, وعن بعض ما يقع في البلدان, وهذا معروف في الجاهلية, وفي الإسلام وهو الكاهن الذي له صاحب من الجن يشعره ويخبره عما يلقاه من شياطينه وإخوانه, فيقول جرى كذا ووقع كذا في البلد الفلانية؛ لأن الجن يتناقلون الأخبار فيما بينهم, والشياطين تتناقل الأخبار فيما بينها, فيخبر بعضهم بعضاً بسرعة هائلة من الشام إلى اليمن, من اليمن إلى الشام إلى مصر إلى نجد إلى أمريكا إلى أي مكان بينهم تناقل للأخبار, فإنه بهذا قد يغتر بهم من يسمع صدقهم في بعض المسائل, وكذلك قد يعرف الشيطان قريب هذا المبتلى وأخوه وعمه من الشياطين التي بينهم كل إنسان معه شيطان كل إنسان منا معه شيطان له قرين من الإنس وقرين من الجن كل واحد من بني آدم, فالشياطين يخبر بعضها بعضاً, ويدل بعضها على عورات بعض وتخبر عن ما عنده من المال, ما عنده من الأولاد ما عنده من الأثاث كل هذا يقع بين الناس, وقد يسترقون السمع فيسمعون بعض ما يقع في السماء بين الملائكة مما تكلم الله به- جل وعلا- من أمور أهل الأرض وما يحدث في الأرض, فيتسامعون تلك الكلمة فإذا سمعوها قروها في أذن أصحابهم من الكهنة والسحرة والمنجمين, فيقول المنجم والساحر والكاهن سوف يقع وسوف يقع كذا عن تلك الكلمة التي سمعت من السماء ولا يكتفي بهذا بل يكذب معها الكذب الكثير حتى يروج بضاعته وحتى يأخذ أموال الناس بالباطل, فهي بسبب الكلام هذا الذي ينقله إليهم سوف يأتي كذا سوف يقع كذا, فإذا صدق في موضع نقل الناس هذا الصدق الذي وافق فيه الخبر الذي وقع في السماء, أو وافق فيه الحوادث التي وقعت في البلدان, فعند هذا الناس يغلب عليهم تصديقهم في بسبب هذه الحوادث فيقولون صدق في يوم كذا صدق في كذا والبريء والمرضى يتعلقون بخيط العنكبوت ويتشبثون بكل شيء, فلهذا يأتون الكهنة ويأتون المنجمين, ويأتون السحرة بسبب ما قد يسمعون عنهم إن صدقوا في كذا وصدقوا في كذا, فالواجب عدم إتيانهم, وعدم سؤالهم, وعدم تصديقهم ولو قدر أنهم صدقوا في بعض الشيء, الواجب تركهم بالكلية لأن الرسول نهى إتيانه,م ونهى عن سؤالهم ونهى عن تصديقهم, فالواجب على المسلمين أن لا يصدقوهم وأن لا يسألوهم وأن لا يأتوهم بالكلية هذا هو الواجب على الجميع, وأن يسلكوا في علاج المرضى ما شرعه الله من القراءة, والدواء المباح, ونحو ذلك مما يعرفه الأطباء, فبين الأطباء وبين القراء الذين يرقون المرضى ويعرفون بإسلامهم ودينهم هذه هي الأسباب الشرعية والوسائل الشرعية, أما إتيان الكهان والمنجمين والرمالين والعرافين وسؤالهم هذا منكر لا يجوز نسأل الله العافية والسلامة.  
 
6- قرأت في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة رأياً للمالكية في شروط صحة الجمعة التي من صحتها الإمام، وحتى الإمام من شروطه شرطان، أحدهما: أن يكون هو الخطيب، وإذا كان من خطب غير من صلى فالصلاة باطلة، إلا أن يكون هنالك عذرٌ منع الإمام، ولم أجد إشارة لهذا الشرط عند الشافعية حيث أنني رأيت في صلاة الجمعة أحداً يخطب وآخر يصلي، فما هي الإجابة؟ هل صحيح أنه يجب أن من يخطب هو الذي يصلي، وإذا كنت مالكياً فكيف تكون صلاتي، هل هي باطلة كما ورد في رأي المالكية؟
المسألة مسألة خلافية بين أهل العلم والصواب أنه لا يشترط أن يكون الخطيب هو الإمام في الصلاة؛ لأن الخطبة منفصلة ليس لها اتصال بالصلاة فالصلاة منفصلة والخطبة منفصلة فالأفضل والسنة أن يتولى الخطابة من يتولى الإمامة سيكون هو الإمام وهو الخطيب يوم الجمعة وهكذا العيد, لكن لو قدر أن الخطيب لم يتيسر له ذلك بأن أصابه مانع, أو حيل بينه وبين ذلك فصلاة صحيحة وهكذا لو صلى باختياره ولم يخطب بل استناب من يخطب عنه فلا بأس, فالصحيح أنه لا حرج في ذلك؛ لأن هذا منفصل هذه عبادة مستقلة وهذه عبادة مستقلة, فالذين أجازوا أن يتولى الإمامة غير الخطيب لا حرج في ذلك ولا بأس في ذلك قولهم صحيح, والصواب في هذا أنه لا بأس أن يتولى الإمامة غير من تولى الخطبة هذا هو الصواب؛ لأن هذه مستقلة عبادة مستقلة وهذه عبادة مستقلة ولكن الأفضل والأولى أن يتولاهما واحد كما فعله النبي-صلى الله عليه وسلم - والخلفاء بعده, فالسنة أن يكون الإمام هو الخطيب لكن لو عرض عارض ومنع مانع فصلى غير الخطيب فلا بأس. 
 
7- إنها كانت تعمل ممرضة في وحدة مدرسية، أنكرت منكراً رأته في عملها فكان سبباً لطردها من العمل وكان سبباً لتعاستها ولمتاعب نفسية وأصبحت أيضاً تنهى أولادها عن أن ينكروا أي منكر وترجوا التوجيه؟
لا شك أن هذا غلط كبير بل الواجب عليها إنكار المنكر, ولا يرضها كونها طردت أو استغني عنها, فقد أرضت ربها-جل وعلا-,وفعلت ما ينبغي لها والأمور بيدي الله-سبحانه وتعالى-, ولهذا يقول -صلى الله عليه وسلم-: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان), والله يقول في كتابه العظيم-سبحانه وتعالى-: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ, ويقول- جل وعلا-: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ, فإذا فعل ذلك طاعة لله والتماساً لمرضاته فإن العاقبة تكون حميدة ولا يضرها ما فعلوه سوف يغنيها الله عن ذلك, وسوف يكسبها ما يغنيها عما طردت عنه وما أقيلت منه فالله هو الرزاق-جل وعلا-وبيده الخير كله-سبحانه وتعالى-, وهو القائل-عز وجل-: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ, وهو القائل- سبحانه-: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا, فعلى المؤمن وعلى المؤمنة تقوى الله-جل وعلا-, وعلى المدرسة والطبيبة تقوى الله, وعلى كل مؤمن تقوى الله في إنكار المنكر, والدعوة إلى الخير بالحكمة والكلام الطيب وليس لها أن تنهى أولادها عن إنكار المنكر بل توصيهم بإنكار المنكر والأمر بالمعروف لكن بالحكمة والكلام الطيب والأسلوب الحسن لا بالشدة والعنف والغلظة ولا بالفعل بل بالقول؛ لأنه لا يستطيع الفعل إلا أولو الأمر ومن فوض له هذا الأمر, أو الإنسان في بيته مع أهله قد يستطيع ذلك بالفعل, أما مع الناس يكفي أن ينكر باللسان ويقول يا أخي اتق الله هذا لا يجوز هذا منكر إذا كان يعرف ذلك إذا كان عنده علم, أما إذا ما كان عنده علم فليس عليه الإنكار, إنما ينكر من كان عنده علم وأن هذا نهى عنه الله-سبحانه وتعالى والله المستعان-.  
 
8- إذا كان الإنسان محرماً بالحج أو العمرة وتمزق إحرامه بسبب سقوطه على الأرض، فهل يجوز له أن يخيطه أم لا؟
له أن يخيطه وله أن يبدله لا بأس إذا انشق إحرامه أو إزاره أو رداؤه وخاطه لا بأس وكذلك لو أبدله بغيره لا بأس المخيط المنهي عنه والمخيط الذي يحيط بالبدن كالقميص والفنيلة وأشباه ذلك, أما مخيط قطعة في قطعة رداء قطعتين ثلاث بعضها في بعض يجعلها رداء, أو إزار لا بأس هذا لا يضر ولا يمنع, الممنوع إذا كان المخيط المراد المخيط الذي يحيط باليد بالبدن بالرجل كالخف هذا هو الذي ينهى عنه, أما مخيط لا يحيط بالبدن محيطاً بل فوق قطع الثوب, لا يكون قميصاً ولا يكون مثل الخف ولا مثل الفنيلة بل هو قطعة يوصل بعضها ببعض فهذا لا بأس بها ولا حرج فيها. بارك الله فيكم  
 
9- هل يجوز للمسلم إذا كان مسافراً سفراً طويلاً أن يجمع الصلوات الخمس في آخر اليوم؟
هذا منكر عظيم لا يقوله أحد من أهل العلم يجمع الصلوات الخمس هذا منكر عظيم ليس له ذلك, وإنما يجمع بين الظهر والعصر فقط في وقت إحداهما, أو بين المغرب والعشاء في وقت إحداهما, أما الفجر فلا تجمع إلى غيرها الصلاة في وقتها دائماً في السفر والحضر قبل طلوع الشمس بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس, أما الظهر والعصر فلا مانع من جمعهما قبل أن تصفر الشمس يصلي الظهر مع العصر بعد دخول وقت العصر لكن قبل أن تصفر الشمس لا يؤخر, أو يقدم العصر معها في السفر مع الظهر جمع تقديم, هكذا المغرب والعشاء إنما يقدم العشاء مع المغرب فيصليهما بعد دخول الوقت, أو يؤخر المغرب ويصليها بعد غروب الشفق وقبل نصف الليل هذا هو المشروع للمسلمين, أما جمع الجميع في آخر النهار لا يجوز.  
 
10- لو تفضلتم بشرح الحديث التالي: يقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (اثنتان في الناس هما بها كفر، الطعن في الأنساب والنياحة على الميت), وما معنى الكفر بالذات في هذا الحديث؟
هذا حديث صحيح رواه مسلم في الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (اثنتان في الناس هما بهما كفر ، الطعن في النسب والنياحة على الميت), الطعن في النسب التنقص في الناس فلان فيه كذا, فلان فيه كذا, فلان نسبهم فيه كذا وفيه كذا يطعن في أنسابهم ويعيبها لشيء في نفسه, أو ترفعاً وتكبراً هذا لا يجوز, أما إذا كان من باب الخبر بني تميم صفتهم كذا, بني قحطان كذا, قريش كذا, بني هاشم كذا يخبر الأنساب أنهم قبائل وأنهم كذا يخبر عن أحوالهم من غير طعن بل يخبر عن أنسابهم وعن تفاصيلها هذا ليس من الطعن في الأنساب, الطعن معناه العيب, والتنقص لهم تكبراً وتعاظماً, أو لإظهار عوراتهم والغيبة لهم ونحو ذلك ليس قصده سوى ذلك, والنياحة معناها رفع الصوت على الميت ينوح يعني يرفع صوته يبكي بصوت واضح ظاهر, هذا ممنوع والكفر كفر دون كفر الكفر هنا كفر منكر عند أهل العلم وهو كفر أصغر يعني الكفر كفران, والظلم ظلمان, والشرك شركان, أكبر وأصغر فالشرك الأكبر مثل دعاء الأموات, والاستغاثة بالأموات, والنذر لهم أو للأصنام, أو للأشجار والأحجار, أو للكواكب هذا شرك أكبر, والشرك الأصغر مثل قول لولا الله وفلان ، ما شاء الله وشاء هذا شرك أصغر, فالواجب أن يقول لولا الله ثم فلان, ما شاء الله ثم شاء فلان, وهكذا الحلف بغير الله كقوله والنبي أو بالنبي وحياته هذا شرك أصغر هكذا الرياء اليسير مثل كونه يستغفر يسمع الناس يرائي, أو يقرأ يرائي هذا شرك أصغر, والظلم ظلمان أكبر وأصغر, فدعاء الأموات, والاستغاثة بالأموات, وجحد ما حرم الله في الزنا ونحوه يعني استحلال ما حرم الله وجحد تحريمه هذا كفر أكبر, وهكذا جحد ما أوجب الله كجحد وجوب الصلاة أو جحد وجوب الزكاة كفرٌ أكبر، وكالذبح لغير الله، والعبادة لغير الله، كعبادة الكواكب، والأموات والأصنام والأشجار هذا كفرٌ أكبر، وكفرٌ أصغر مثل النياحة على الميت، مثل الطعن في الأنساب، مثل التبرؤ من الأنساب، مثل الحلف بغير الله يقال كفر دون كفر، هذه التفاصيل في الشرك الأكبر والأصغر، وهكذا الكفر الأصغر والأكبر، وهكذا الظلم، مثل ظلم الناس بدمائهم وأموالهم هذا كفرٌ أصغر، والشرك الأكبر يسمى ظلمٌ أكبر، قال تعالى: وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254) سورة البقرة، وقال سبحانه: الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ (82) سورة الأنعام، فسر النبي صلى الله عليه وسلم الظلم هنا بالشرك الأكبر، فالكفر كفران، والظلم ظلمان، والشرك شركان، أكبر وأصغر، والذي في الحديث: (اثنتان في الناس هما في الكفر الطعن في النسب والنياحة على الميت) هذا من الكفر الأصغر. سماحة الشيخ في ختام.... 

601 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply