حلقة 440: رجل استدان ثم ردها من أموال الحكومة - حكم لبس المرأة للدبلة - حكم صلاة المرأة في جلباب ضيق - لون الجلباب الذي ترتديه المرأة عند خروجها - الأكمل والأفضل تغطية جميع الوجه بالخمار - لبس الذهب المحلق

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

40 / 50 محاضرة

حلقة 440: رجل استدان ثم ردها من أموال الحكومة - حكم لبس المرأة للدبلة - حكم صلاة المرأة في جلباب ضيق - لون الجلباب الذي ترتديه المرأة عند خروجها - الأكمل والأفضل تغطية جميع الوجه بالخمار - لبس الذهب المحلق

1- كنت أعمل مهندساً ببلدنا وأدير عملاً، وعندما أردت الدخول بموضوع الزواج احتجت إلى مبلغ من المال ليس بصغير وقتها، يقدر بألف وخمسمائة جنيه، فاستدنت لأتمم زواجي من أحد المقاولين الذين يعملون معي، وبعدها لم أقدر على سداد ديني، المهم حاولت تعويضه من مال الشركة باضافة بعض الأعمال التي لم تعمل بما يوازي المبلغ.. أولا: فهل عقد الزواج صحيح لأن النقود ليست بالحلال، ثانيا: ماذا افعل الآن حيث اني لا أقدر على رد هذا المبلغ لنه ليس لشخص بل هو للحكومة وأنا الحمدلله تائب واصلي وأصوم وأعمل سائر العبادات.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فأسأل الله -عز وجل- أن يمن علينا وعليك بالتوبة النصوح، وأن يصلح لنا ولك ولجميع المسلمين القلب والعمل، والواجب عليك في هذا الواقع أن ترد هذا المال إلى الدولة، لأنه من مال الدولة، مع التوبة إلى الله -عز وجل-، فإذا استطعت أن ترده إلى الدولة، فعليك أن ترده إلى الدولة، لأنه أخذ من بيت المال، فإن لم تستطع فيصرف هذا المال في وجوه البر، كتعمير المساجد وإصلاح دورات المياه، والصدقة على الفقراء ونحو ذلك، مع التوبة الصادقة، والله يتوب على التائبين، وأما النكاح فصحيح، والحمد لله. 
 
2- هل لبس الدبلة للنساء بدعة نصرانية؛ لأنني قرأت بأن دبلة الخطبة أو الزواج للرجل وإن كانت فضة، وأيضاً للمرأة بدعة نصرانية، هل هذا صحيح؟
الدبلة التي تسأل عنها السائلة لا أعلم لها أصلا، والذي يظهر لنا من ذلك، أن فيها تشبها بالكفرة؛ لأنها من عادتهم فيما بلغنا، فلا ينبغي اتخاذها، فإن الإشارة إلى الزواج تكون بالخطبة وبالاتفاق بين الخاطب والمخطوب منه، ويكفي ذلك من غير الحاجة إلى الدبلة، ومتى تم الأمر في العقد الشرعي انتهى كل شيء، أما الدبلة فلا حاجة إليها ولا حاجة للتشبه بأعداء الله لا من النصارى ولا من غيرهم. والواجب البعد عن مشابهة أعداء الله في كل شيء.  
 
3- هل يجوز صلاة المرأة في جلباب ضيق ولكنه لا يشف، أي أنه من قماش ليس خفيفاً، مع ارتداء الجورب والخمار؟
نعم الصلاة صحيحة، لكن مهما كان الإزار واسعا يريح المرأة في صلاتها وتطمأن إلى أنه يستر قدميها، فهذا أولى، وإلا فالمقصود هو الستر، متى ستر وإن كان ضيقاً حصل المطلوب.  
 
4- هل هناك لون معين يجب أن ترتديه المرأة عند خروجها، أي لا بد مثلاً أن ترتدي جلباباً أسوداً مع تغطية الوجه، أم ليس هناك لون معين يجب أن تتقيد به؟
ليس هناك لون معين يجب أن تتقيد به، إلا أنه يكون من الألبسة التي لا تلفت النظر ولا تسبب الفتنة، تكون ملابس عادية ليس فيها ما يلفت النظر ويسبب الفتنة بمن يراهن، لأن الله قال -جل وعلا-: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى[الأحزاب: 33]، قال العلماء: التبرج: إظهار المحاسن والمفاتن من المرأة، فاللباس العادي أسود أو غير أسود، أحمر أو أزرق أو أخضر إذا كان لباساً عادياً ليس فيه زينة تلفت النظر، ولا جمال يلفت النظر، فهذا هو الذي ينبغي، وكذلك الملابس الداخلية تكون مستورة، بهذا الجلباب وبهذا العباءة مع ستر الوجه واليدين والقدمين حتى تكون بعيدة عن الفتنة، ولا مانع من أن يكون الجلباب يحصل مع يكون الخمار يكون معه نظر، لا بد من تمكنها من النظر حتى تعرف طريقها، أو تكون هناك عين واحدة مفتوحة، أو العينان حتى تعرف الطريق، مع ستر البقية.  
 
5- إذا كان جمال المرأة في عينها سماحة الشيخ؟
للضرورة إذا تيسر أن يكون الخمار ساترا للوجه فهذا أكمل وأعظم في الستر بالحجاب، ولكن بعض النساء قد تكون نظرها ضعيف، وقد لا يكفيها أو لا تستطيع النظر من وراء الحجاب، فتفعل ما تستطيع.  
 
6- إذا كان الغطاء يغير ملامح الوجه أو العينين إلا يكون هذا نوع من الحجاب
المهم أن تكون المفاتن مستورة، حتى يكون النظر الذي تجده في الطريق لا يحصل به الفتنة إنما عين واحدة أو العينان، إذا كانت عين واحدة لا تكفي.  
 
7- ما حكم الإسلام في الذهب المحلق للمرأة مثل الأسورة، والحلق المستديرة؛ لأني سمعت حديثاً معناه من أراد أن يهدي حبيبه سواراً من نار فليهده سواراً من ذهب؟
هذا الحديث بالنظر إلى سنده لا بأس به، ولكنه منسوخ بالنسبة إلى النساء، أو شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة، وأما الرجل فيحرم عليه الذهب، ليس للرجل أن يلبس الذهب لا حلقة ولا غيرها، وإنما يلبس الخاتم من الفضة، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورهم)، وفي بعض الأحاديث أنه -صلى الله عليه وسلم- أخذ قطعة من ذهب وقطعة من حرير، وقال: (هذان حل لإناث أمتي حرام على ذكورها)، وجاء في المعنى أحاديث أخرى تدل على حل الذهب والحرير للإناث، وعلى تحريمه على الذكور، حتى ولو صغاراً، ولو أطفالا، لا يجوز تلبيسهم الذهب، ولا تلبيسهم الحرير، من الذكور، وأما ما ورد في خلاف ذلك من نهي المرأة عن المحلق والوعيد في ذلك فهي أحاديث عند أهل العلم ما بين ضعيفة أو شاذة منسوخة مخالفة للأحاديث الصحيحة، وقد أجمع المسلمون على حل الذهب، والحرير، للإناث سواء كان الذهب محلقاً كالأسورة أو غير محلق، هذا هو الصواب. ومن قال من إخواننا المتأخرين أنه يحرم على المرأة المحلق هو قول ضعيف، مرجوح، مخالف لما جاءت به الأحاديث الصحيحة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومخالف للإجماع الذي حكاه غير واحد من أهل العلم، فقد حكى الحافظ ابن حجر والنووي والبيهقي وجماعة حل الذهب والحرير للإناث وتحريمه على الذكور، حكى هؤلاء وغيرهم إجماع الأمة على ذلك، ووجب أن تكون الأحاديث التي فيها ما يشعر بتحريم الذهب على الحريم إذا كان محلقا فيه تحريم الذهب على النساء، إذا كان محلقاً أنه شيء منسوخ، وليس بباقي العمل، بل هو منسوخ، أو شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة، لأن القاعدة عند أهل العلم، أن الحديث إذا خالف ما هو أصح منه يعتبر شاذاً، وإذا كان منسوخاً بالأحاديث الصحيحة المتأخرة زال حكمه، فقد جاء في الحديث الصحيح: (أحل الذهب والحرير لإناث) هذا يشهد بأنه أحل بعدما حرم، فالتحليل للإناث دليل على أنه لا فرق بين المحلق وغيره. ومن قال من بعض إخواننا المتأخرين أن المحلق محرم، فهو غلط، والصواب أن المحلق وغيره من الذهب حل للإناث.  
 
8- لقد وقفت على صعيد عرفات وقد كان معي جماعة من أقاربي، وقد أصابني مرض شديد في أقدامي مما جعلني لا أستطيع الوقوف عليها من شدة الألم، وكان بالقرب منا مطوع ينادي الحجاج بأن وقوفنا ليس في عرفات بل خارج، وذهب جماعتي الذين كانوا معي يسحبونني مشياً على الأقدام، ولكني لم أستطع السير معهم من شدة الألم فهل حجي صحيح أم لا، وإذا لم يكن فماذا أفعل؟
إن كنت وصلت إلى عرفات، في يوم عرفة، أو في ليلة النحر، ولو زمناً قليلاً حجك صحيح، إذا كان مجيئك إليها ليلاً ليلة النحر، فحجك صحيح ولا شيء عليك، أما إن كنت جئتها نهاراً ولم تبق فيها إلى غروب الشمس، فعليك ذبيحة واحدة تذبح في مكة للفقراء؛ لأن الواجب على من حضر في عرفات نهاراً بعد الظهر، أن يبقى إلى غروب الشمس، فإذا انصرف قبل غروب الشمس فعليه أن دم يذبح في مكة للفقراء، هذا هو الجواب المتعلق بك يا أخي.  
 
9- إنني كنت حاملاً في الشهر الرابع، ولدي أبناء كبار، ولكن لم يكونوا يعلمون بأنني حامل، فقام ابني الكبير بقصد أنه يمزح فوضع يده على بطني وقال لي: أخاف أن يكون في بطنك هذا طفل، علماً بأنه على وشك زواج ولا يريد أن أمه تكون حاملاً في زواجه على أساس المباشرة؛ بأنها لا تستطيع أن تباشر في زواجه، وعندما وضع يده على بطن أمه آلمها وفوجئ بأن أمه تنومت في المستشفى واتضح أن الجنين قد توفي في بطن أمه، وتسأل عن الحكم؟
إذا كان وضع يده على بطن أمه أثر على الجنين لأنه ضربه ضربة أثرت عليه لأنه ليس بوضع وضربه ضربة أثرت، حتى سقط بسبب ذلك، فإنه عليه عن ذلك الدية، وهي غرة عبد أو أمة، وهو عشر دية أمه، يعني خمس من الإبل، فإن دية المرأة خمسون من الإبل، نصف دية الرجل، مائة من الإبل، والنظر إلى القيمة وهي الآن مائة ألف يكون عليه عشر قيمة الأم خمسة آلاف للورثة إذا لم يسمحوا، مثل أمه وأبيه إذا لم يسمحا عن القيمة، وعليه كفارة عن سقوط الجنين إذا كان الجنين قد نفخت فيه الروح، إذا كان قد نفخت فيه الروح فعليه كفارة عن ذلك أيضاً بعتق رقبة مؤمنة، فإن عجز صام شهرين متتابعين لأنه قتل، هذا يسمى قتل، شبه العمد، وأما إن كان ما بعد تخلق، إنما هو دون الأربعة الأشهر، فهذا ليس عليه كفارة، وإنما عليه أن الغرة عبد أو أمة. هي تقول أنه في الشهر الرابع؟ الشهر الرابع، ما بعد نفخت فيه الروح، لا يكون عليه كفارة، إنما عليه غرة: عبد أو أمة إذا كانا لم يسمحا والداه، إذا كان والداه لم يسمحا.  
 
10- كان لي طفلاً يبلغ أربعين يوماً، وكان موجوداً بين يدي على الأرض، وله أخٌ أكبر منه يبلغ سنة واحدة، فبينما هو يمشي وقع على أخيه، وأخذ أخوه الصغير أسبوع ثم وافته منيته، فماذا عليه -لو تكرمتم-؟
ليس عليه شيء، لأنه غير مكلف، ليس عليه كفارة، ولكن الدية تكون على العاقلة إذا ثبت أنه مات بأسبابه، على العاقلة وهم العصبة الأغنياء، عليهم على قدر غناهم وسعتهم يوزعها القاضي، تعرض على المحكمة والمحكمة تنظر في الأمر، إذا طالب الورثة ذلك، إذا طالب الورثة الدية من العاقلة، وإن سمحوا فلا حاجة إلى ذلك. 
 
11- قال جل جلاله في كتابه العزيز: لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ[النساء:105]، هل معنى هذا أن الله أمر رسوله -صلى الله عليه وسلم- بأن يحكم بكتاب الله ولا يجتهد رأيه فيما لم ينزل عليه كتاب، وهل اجتهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟
الله -جل وعلا- أمر أن يحكم بينهم بما أنزل الله، قال -سبحانه-: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ[المائدة: 49]، فهو مأمور بأن يحكم بينهم بما أنزل الله، وكان يحكم بينهم بما أنزل الله -عليه الصلاة والسلام-، فإذا لم يكن هناك نص عنده اجتهد -عليه الصلاة والسلام-، وحكم بما يظهر له من الأدلة الشرعية، كما قال في الحديث الصحيح: (إنكم تختصمون إلي فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار، فليحملها أو ليذرها)، فمعنى هذا أنه قد يجتهد في الحكم لأنه لم ينـزل عليه فيه شيء، فمن عرف أن الحكم ليس بمطابق وأن الشهود زور، فقد أخذ قطعة من النار، فاليحذر ذلك ويتق الله في ذلك، ولو كان الرسول هو الحاكم -عليه الصلاة والسلام-، لأن الحاكم ليس له إلا الظاهر من ثقة الشهود وعدالة الشهود، أو يمين المدعى عليه، فإذا كان المدعي أحضر شهوداً يعلم أنهم قد غلطوا، ولو كانوا ثقات، يعلم أنهم قد غلطوا وأن الحق ليس له، ولكنه كاذب، أو يعلم أنهم شهود زور، ولكن القاضي اعتبرهم عدولاً لأنهم عدلوا عنده، وزكوا عنده، فإن هذا المال الذي يحكم به له أو القصاص كله باطل بالنسبة إليه، وهو قد تعدى حدود الله وظلم، وإن حكم له القاضي، لأن القاضي ليس له إلا الظاهر، ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم-: (فمن قطعت له من حق أخيه شيئا، فإنما أقطع له قطعة من النار)، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يحكم بما أنزل الله فيما أوحاه الله إليه، وما لم يكن فيه نص اجتهد فيه -عليه الصلاة والسلام- حتى يتأسى به الأمة.  
 
12- قال شيخ لمريده الذي يريد أن يدرس في أوروبا، قال له وهو يودعه: يا بني إذا سولت لك نفسك بالمعصية هناك فتذكر شيخك يصرف الله عنك هذا السوء وهذه الفاحشة، فهل هذا شرك بالله؟
هذا منكرٌ عظيم، وشركٌ بالله جل وعلا؛ لأنه فزعٌ إلى الشيخ لينقذه من هذا الشيء، والواجب أن يقول فاذكر الله، واسأل ربك العون والتوفيق، واعتصم بالله ونحو ذلك، فأما أن يوصيه بأن يذكر شيخه، وهذا من شأن الصوفية، يوجهون مريدهم وتلاميذهم على أن يعبدوهم من دون الله ويلجئوا إليهم ويتوكلوا عليهم، ويسألوه قضاء الحاجات وتفريج الكروب، وهذا من تعليمهم الشرك نعوذ بالله من ذلك. فالواجب على هذا الشخص أن يتقي الله وأن يفزع إلى الله مما يهمه، ويسأله العون والتوفيق، لا إلى شيخه الذي علمه أن يفزع إليه، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

411 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply