حلقة 577: الزواج بمسيحية - بيع العملة بعملة - حد مدة القصر في السفر - إذا تراضى الورثة على عدم القسمة هل لهم ذلك - هل من البشر من يستطيع معرفة السارق والجاني - حكم وضع السم للقرود المؤذية

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

27 / 50 محاضرة

حلقة 577: الزواج بمسيحية - بيع العملة بعملة - حد مدة القصر في السفر - إذا تراضى الورثة على عدم القسمة هل لهم ذلك - هل من البشر من يستطيع معرفة السارق والجاني - حكم وضع السم للقرود المؤذية

1- يسأل في أحد أسئلته عن حكم تزوج الرجل المسلم بامرأة مسيحية؟ ويرجو التفصيل من سماحة الشيخ.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فقد بين الله -عز وجل- في كتابه الكريم في سورة المائدة حل الزواج بمحصنات أهل الكتاب، كما قال -جل وعلا- في كتابه العظيم: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ[المائدة: 5]، فأباح -سبحانه- المحصنات من أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى، والمحصنة هي العفيفة، الحرة العفيفة، فإذا كانت معروفة بالعفة والبعد عن الفواحش فإنه يجوز للمسلم نكاحها، أما إذا كانت لا تعرف بذلك فلا يحل نكاحها، أو معروفة بالفحش والفساد فلا يجوز نكاحها، وإن كانت كافرة لكنها مستثناة المحصنة من اليهود والنصارى مستثناة من المسلمين، إذا كانت محصنة، والمحصنة كما تقدم الحرة العفيفة التي لا يعرف عنها تعاطي الفواحش، يعني الزنا، فهي محصنة عفيفة بعيدة عن تعاطي الفواحش، وإن كانت على دينها دين النصرانية. ولكن نكاح المسلمات أولى وأفضل وأحق وأحسن وأبعد عن الشر، ولاسيما المسلمات المعروفات بالديانة والاستقامة، فإن زواجهن أفضل بكثير وأولى بكثير، وأبعد عن الخطر، فنصيحتي لإخواني جميعاً الحرص على الزواج من المسلمات الطيبات، وعدم الزواج من المحصنات من أهل الكتاب؛ لأن في ذلك خطراً من جهة تنصير أولاده، ومن جهة عدم عفتها أيضاً ولو تظاهرت بخلاف ذلك، نسأل الله للجميع العافية والسلامة. المذيع/ سماحة الشيخ في حالة وقوع ذلك بما تنصحون الزوج؟ إذا كانت محصنة ولا رأى منها إلا الخير فلا بأس بذلك، فلا بأس ببقائها، وأما إن شك فيها أو رأى منها ما يريبه فينبغي له طلاقها، كذلك إذا تيسرت له امرأة صالحة مسلمة فإن الأولى والأحق به أن يتزوجها، ويطلق تلك حرصاً على سلامة دينه، ودين أولاده، فإن الأولاد على خطر من ذهابهم مع أمهم عند أقل خلاف، أو عند موت الزوج، أو عند الفرقة بينهم وبينها، فالخطر قائم، ولا حول ولا قوة إلا بالله. المذيع/ جزاكم الله خيراً، كأن الحدود ضيقة في إباحة الزواج بالكتابية؟ نعم، نعم، ولهذا كره بعض الصحابة ذلك كان عمر يكره ذلك، ويرغب الصحابة في ترك ذلك -رضي الله عن الجميع-. بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً. 
 
2-   إذا كان الدينار الليبي يساوي تقريباً ثلاثة دولارات، فما حكم من يقوم ببيع الدولار الواحد بدينار، أو من يقوم ببيع الدينار الليبي بدينار تونسي، والصحيح أن الدينار الليبي يساوي دينارين تونسيين؟ نرجو إفادتنا في ذلك، حيث شاع مثل هذا العمل بين الناس، ولم يكلفوا أنفسهم حتى مجرد التفكير فيما إذا كان هذا العمل جائزاً أو غير جائز، وجهونا ووجهوا الناس جزاكم الله خيراً.
العمل تعتبر أجناساً، فإذا باع العملة الليبية بعملة تونسية أو أمريكية أو سعودية أو غير ذلك فلا بأس، بشرط أن يكون ذلك يداً بيد، كما هي يبيع الذهب بالفضة يداً بيد، فإذا باع الجنيه من الذهب بدراهم من الفضة يداً بيد، فلا بأس هكذا إذا باع عملةً من العمل بعملة أخرى مثلها أو أكثر أو أقل، إذا كان ذلك يداً بيد، كما يبيع الذهب بالفضة يداً بيد. والمقصود أن العمل تعتبر أجناساً، فالعملة الليبية جنس، والعملة التونسية جنس، والعملة الأمريكية جنس، وهكذا العملة الإنجليزية والفرنسية، وأشباه ذلك، وقد درس مجلس هيئة كبار العلماء لدينا هذا الموضوع ورأى ما ذكرناه، رأى أن العمل أجناس، وهو الذي ينبغي الأخذ به لأنها اعتبرت أثماناً للمبيعات، وقيماً للمبيعات، فحلت محل الذهب والفضة، فكل عملة قائمة برأسها، وأصلية بنفسها تعتبر جنساً مستقلاً، فإذا بيع بعملة أخرى جاز ذلك يداً بيد، فلو باع ديناراً ليبياً بدولارين أو ثلاثة دولارات أمريكية أو بجنيه استرليني أو أقل أو أكثر فلا بأس، لكن يداً بيد، يتقابضوا في المجلس، لا نسيئة ولا يتفرقون إلا بعد التقابض، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواءٌ بسواء، يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)، فقوله إذا اختلفت الأصناف مثل اختلاف العمل سواء، تباع بعضها ببعض ولكن يداً بيد، كما يباع البر بالشعير ولو اختلف يدا بيد، صاع من بر بصاعين من شعير لا بأس، لكن يداً بيد، صاعاً من تمر بصاعين من شعير لا بأس لكن يداً بيد، جنيه من الذهب بمائة درهم فضة بخمسين درهم بأكثر بأقل يداً بيد لا بأس، وهكذا دولار أمريكي بدولارين من جهة من عملة أخرى أو دينار ليبي بدولارين من العملة الأمريكية أو بغيرها يداً بيد لا بأس بذلك. جزاكم الله خيراً. 
 
3-   هل صحيح أن المسافر يقصر الصلاة مهما طالت مدة السفر، ولو بلغت سنين، أم أن هناك زمناً محدداً ينتهي فيه القصر، وما حكم السفر فيمن يسافر للدراسة والعمل خارج بلده، هل صحيح أنه يقصر حتى يرجع من الدراسة أو العمل؟
أما السفر فإن المسافر يقصر فيه، السنة له القصر، ما دام في الرحلة ما دام على ظهر سفر، فإذا سافر مثلاً من السعودية إلى أمريكا قصر ما دام في الطريق، أو سافر من مكة إلى مصر أو من مصر إلى مكة قصر ما دام في الطريق، وهكذا إذا نزل في البلد فإنه يقصر ما دام في البلد إذا كان الإقامة أربعة أيام فأقل، إذا عزم على إقامة أربعة أيام فأقل فإنه يقصر، كما قصر النبي -صلى الله عليه وسلم- لما نزل في مكة في حجة الوداع، فإنه نزل في مكة صبيحة رابعة من ذي الحجة ولم يزل يقصر حتى خرج إلى منى، وكذلك إذا كان عازماً على الإقامة لكنها إقامة لا يحددها، بل يقول: متى حصل لي كذا سافرت، فهو لا يدري متى تنتهي، يقول اليوم أخرج غداً أخرج وهو مقيم حتى تأتي حاجته، وحاجته لا يدري متى تنتهي، كالذي يلتمس شخصاً عليه له دين أو له به حاجة أو يلتمس سلعة ليشتريها ما يدري متى يجدها، أو له خصومة لا يدري متى تنتهي، أو ما أشبه ذلك، فإنه يقصر ما دام مقيماً لأن إقامته غير محددة، فهو لا يدري متى تنتهي هذه الإقامة، فله القصر ويعتبر مسافراً، يقصر ويفطر في رمضان ولو مضى على هذا سنوات. أما من أقام إقامة طويلة للدراسة أو لغيرها من الشئون، وهو يعزم على الإقامة مدةً طويلة فهذا الواجب عليه الإتمام، هذا هو الصواب، أنه يتم وهو الذي عليه جمهور أهل العلم من الأئمة الأربعة وغيرهم، أنه يتم فإذا أقام أكثر من عشرين ليلة عزم على الإقامة أكثر من عشرين ليلة وجب عليه الإتمام للدراسة وغيرها، واختلف العلماء فيما إذا كانت الإقامة تسعة عشر يوماً أو خمسة عشر يوماً فذهب بعض أهل العلم إلى أنه يقصر إذا كانت الإقامة تسعة عشر يوماً، جاء عن ابن عباس ذلك، أو خمسة عشر يوماً جاء ذلك عن جماعة من أهل العلم، ولكن المعتمد في هذا كله هو أن الإقامة تكون أربعة أيام فأقل، هذا هو الذي عليه الأكثرون، وفيه احتياط للدين، وبعد عن الخطر بهذه العبادة العظيمة التي هي عمود الإسلام، فنصيحتي لإخواني المسافرين للدراسة وغيرها أن يتموا الصلاة، وأن لا يقصروا، وأن يصوموا رمضان وأن لا يفطروا، إلا إذا انتهت الإقامة قصيرة أربعة أيام فأقل، أو كانت الإقامة غير محدودة، لا يدري متى تنتهي؛ لأن له حاجة يطلبها ولا يدري متى تنتهي كما تقدم، فإن هذا في حكم المسافر، هذا هو أحسن ما قيل في هذا المقام، وهو الذي عليه أكثر أهل العلم، وهو الذي ينبغي فيه الاحتياط للدين، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (دع ما يريبك إلا ما لا يريبك)، (من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه). وإقامته -صلى الله عليه وسلم- في مكة تسعة عشر يوماً يوم الفتح محمولة على أنه لم يجمع عليها، وإنما قام للقاء، لإصلاح أمور الدين وتأسيس توحيد الله في مكة، وتوجيه المسلمين إلى ما يجب عليهم، فلا يلزم من ذلك أن يكون عزم على هذه الإقامة، بل يتحمل أنه أقامها إقامة لم يعزم عليها، وإنما مضت به الأيام في النظر في شئون المسلمين وإصلاح ما يحتاج إلى إصلاح، وإقامة شعائر الدين في مكة المكرمة، وليس هناك ما يدل على أنه عزم عليها حتى يحتج بذلك على أن مدة تسعة عشر يوماً كما جاء ذلك عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، وهكذا إقامته في تبوك عشرون يوماً ليس هناك ما يدل على أنه عازمٌ عليها -عليه الصلاة والسلام-، بل الظاهر أنه أقام يتحرى ما يتعلق بحرب الروم، وينظر في الأمر، وليس عنده إقامة جازمة في ذلك؛ لأن الأصل عدم الجزم بالإقامة، إلا بدليل، وهو سافر للجهاد والحرب مع الروم وتريث في تبوك هذه المدة للنظر في أمر الجهاد، وهل يستمر في الجهاد ويتقدم إلى جهة الروم؟ أم يرجع؟ ثم خار الله -سبحانه- أن يرجع إلى المدينة، وصار الجهاد بعد ذلك على يد الصحابة -رضي الله عنهم-، فالمقصود أنه ليس هناك ما يدل على الجزم بأنه نوى الإقامة تسعة عشر يوماً في مكة، ولا أنه نوى الإقامة جازما في تبوك عشرين يوماً، حتى يقال: إنه هذه أقل مدة، وأن هذه أقصى مدة للإقامة، بل ذلك محتمل، فما قاله الجمهور في تحديد الإقامة بأربعة أيام فأقل، إذا نوى أكثر منها أتم وجيه، وفيه احتياط للدين، واحتجاجٌ بإقامته -صلى الله عليه وسلم- في مكة في حجة الوداع، فإنه أقام فيها أربعة أيام لا شك أن عازمٌ على الإقامة فيها من أجل الحج، من اليوم الرابع إلى أن خرج إلى منى، وقال جماعة من أهل العلم: أنه تحدد الإقامة بعشرة أيام؛ لأنه أقام عشرة أيام في مكة حجة الوداع، وأدخلوا بذلك إقامته في منى وفي عرفة، وقالوا: إنها إقامة، فتكون المدة عشرة أيام؛ لأنها معزوم عليها، وهذا القول له قوة وله وجاهته، لكن الجمهور جعلوا توجههم من مكة إلى منى شروعاً في السفر؛ لأنه توجه إلى منى ليؤدي مناسك الحج، ثم يسافر إلى المدينة، وبكل حال فالمقام مقام خلاف بين أهل العلم، وفيه عدة أقوال لأهل العلم، لكن أحسن ما قيل في هذا وأحوط ما قيل في هذا هو ما تقدم من قول الجمهور، وهو أنه إذا نوى المسافر الإقامة في البلد أكثر من أربعة أيام أتم، وإن نوى إقامة أقل قصر، وإذا كانت ليس له نية محدودة بل يقول: أسافر غداً، أسافر بعد غد، لأن له حاجة يطلبها ما يدري متى تنتهي، فإن هذا في حكم السفر والله ولي التوفيق. المذيع/ جزاكم الله خيراً، المسافر للدراسة مثلاً شيخ عبد العزيز أو المسافر من أجل دورة تدريبية مع من يسير في هذه الأقوال؟ مثلما تقدم ننصحه بالإتمام، يتم الصلاة ولا يقصر ولا يفطر، وهكذا السفراء في أي بلاد، لأن حكمهم حكم المقيمين، إلا أن تأمرهم الدولة بالرجوع، فهم حكمهم حكم المقيمين فيتمون ويصومون، وهكذا المسافر للدراسة أو لدورات يعلم أنها تطول مدتها، فإنه في حكم المقيم. جزاكم الله خيراً   
 
4- بالنسبة للميراث هل يجوز للورثة أن يتفقوا على عدم قسمه، أم لا يجوز ذلك؟
إذا كان الورثة مرشدين، واتفقوا على بقاء التركة على حالها، ويتولها أحدٌ منهم أو وكيل آخر يتصرف فيها وينميها، كأن تكون التركة مزرعة، فيقوم عليها أحدٌ أو يوكلون عليها من يراعاها، أو تكون التركة عمارة تؤجر ويأخذون كلفتها بواسطة الوكيل، أو بواسطة أحدهم كل هذا لا بأس به إذا كانوا مرشدين، وكذلك لو كانت نقود وجعلوها عند أحدهم يتصرف فيها ويتجر فيها لا بأس، المال مالهم، فإذا اتفقوا على شيء وهم مرشدون، فلا بأس بذلك. جزاكم الله خيراً. 
 
5- إننا في زمن كثرت فيه الخرافات والشعوذة، وإن هناك رجلاً يدعي أنه يعلم المخفيات، مثل السرقة وغير ذلك، والأمر أنه في حالة عجز المواطنين عن معرفة أي شيء حصل في البلاد فإن العمدة يُرسل بعض الأشخاص إلى هذا الرجل ليعرفوا منه ما حدث، وقد يكذب أو يصدق، ولكن المؤسف أنهم يحكمون على الناس بما قال هذا الدجال، ولا يحق لأحد أن يتكلم أو يدافع عن نفسه بعد هذا، نرجو من سماحة الشيخ التوجيه، جزاكم الله خيراً.
هذا غلط عظيم لا يجوز الاعتماد على الكهنة المشعوذين والعرافين، بل يجب أن يقضى عليهم، وعلى الدولة إذا كانت مسلمة تخاف الله يجب عليهم أن تقضي عليهم، وأن تلتمسهم، وأن تؤدبهم وتعاقبهم، حتى يتركوا هذا العمل، وقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه سئل عن الكهان قال: (لا تأتوهم) فقيل له: إنهم قد يصدقون في بعض الشيء؟ قال: (تلك الكلمة يسمعها الجني من الملائكة عند استراقه للسمع فيقرها في أذن وليه من الإنس) يقرها في أذن الساحر أو الكاهن فيصدق أولئك الكهنة بتلك الكلمة التي سمعت من السماء، فيه كذب كثير، ويقولون: قد قال كذا وكذا فصدق، فيصدقون فيما يكذب فيه بمئات الكذبات التي لا أساس لها، وقد قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً)، (لم تقل له صلاة أربعين ليلة) كما في مسلم في الصحيح أبو مسلم بن الحسن -رحمه الله-، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (ليس منا من سحر أو سُحر له، أو تكهن أو تكهن له، أو تطير أو تطير له)، فهؤلاء لا يصدقون ولا يعتمد عليهم، وإذا صمموا وأقروا بأنهم يعلمون الغيب أو يدعون علم الغيب صاروا كفاراً بذلك، ومن ادعى أنه يعلم المغيبات يكون كافراً، كما قال الله -عز وجل-: قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ[النمل: 65]، فمن زعم أنه يعلم الغيب فهو مكذبٌ لله ومشاركٌ لله فيما يختص به -سبحانه وتعالى-، وهذا كفرٌ أكبر وضلالٌ بعيد، علم الغيب لا يعلمه إلا الله، حتى الأنبياء لا يعلمونه، حتى محمد -عليه الصلاة والسلام- وهو أفضل الخلق لا يعلم الغيب إلا ما علمه الله إياه، كما قال -عز وجل-: قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ[الأعراف: 188]، وقال -جل وعلا-: قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ ....الآية[الأنعام: 50]، فمن زعم أنه يعلم الغيب من الكهانة ونحوهم فهو كافرٌ ضال، ومن صدقه في ذلك فهو مثله يكون كافراً مثله، نسأل الله العافية. فالمقصود أن هؤلاء المشعوذين من الكهنة يجب أن يحاربوا، وأن يقضى عليهم من جهة الدولة، وأن يؤدبوا ويعاقبوا حتى يتركوا هذا الأمر، فإن أصروا على هذا الباطل وجب قتلهم لأنهم من المفسدين في الأرض. المذيع/ جزاكم الله خيراً، الواقع تكثر حكايات كثيرٍ من الناس من أمثال هؤلاء يا سماحة الشيخ لعل لسماحتكم توجيه فيما يخص التعامل معهم ومقاطعتهم إذا لزم الأمر؟ نعم، يجب أن يقاطعوا ويجب على من عرفهم أن يعرف عنهم ولاة الأمور، من الهيئة المحكمة والإمارة، ولاسيما في هذه المملكة التي هي بحمد الله تحكم بالشرع، فالواجب على من عرف أحداً من هؤلاء الكهنة والمنجمين والرمالين والمشعوذين أن يرفع أمره إلى الإمارة في بلده أو المحكمة أو إلى الهيئة أو إلى الجميع، حتى تبرأ ذمته، حتى يحصل التعاون ولا يجوز التستر عليه ولا إخفاء أمره، بل يجب إعلان أمره وفضيحته، حتى لا يضر الناس. وهكذا في اليمن يجب على من عرف ذلك أن يرفعه إلى ولاة الأمر، حتى يمنعوه من التعدي على الناس والكذب عليهم، بل يجب على ولاة الأمور في اليمن وفي غيرها أن يقضوا على هؤلاء المشعوذين والرمالين والكهنة، وأن يمنعوهم من تعاطي هذه الأعمال القبيحة والمنكرة التي فيها تضل الناس وخداعهم، وأخذ أموالهم بالباطل، والكذب عليهم، فالمقصود أن هذا واجب على المسلمين أن يتعاونوا فيه في الدول الإسلامية وفي غير الدول الإسلامية، مع المسلمين في الأقليات الإسلامية إذا وجد بينهم من يفعل هذا يتعاونون في نصيحته، وفي بيان باطله، حتى يرجع إلى الحق والصواب. أما في الدول الإسلامية فالواجب عليهم القضاء عليه، كما يجب على الدول الإسلامية القضاء على كل ما حرم الله من المنكرات الظاهرة، وأعظمها الشرك بالله -عز وجل-، من دعوة أصحاب القبور، ومن الاستغاثة بالأموات، والنذر لهم، والذبح لهم، كل ذلك يجب القضاء عليه لأنه منكر عظيم، وشركٌ وخيم، وهكذا إظهار البدع المنكرة المخالفة لشرع الله يجب القضاء عليها، وهكذا وجود الكهنة والمنجمين والمشعوذين يجب القضاء عليهم، وإعلان أن الدولة ضدهم، حتى يفضحهم الناس، وحتى يرفعوا في أمرهم إلى ولاة الأمور للقضاء عليهم، وحماية المجتمع الإسلامية من شرهم ومكائدهم. جزاكم الله خيراً ونفع بعلمكم، ونعود إلى هذا الموضوع مرةً أخرى عبر الرسائل الأخرى من رسائل السادة المستمعين. 
 
6- نحن في بلد صحراوي زراعي تكثر فيه القرود، وهي تتلف المحاصيل الزراعية، هل لنا أن نضع لها السم كيما تموت ولا تؤذينا؟
نعم، إذا كانت القرود تؤذي فإنها تقتل، بأي نوع من أنواع القتل، مثل ما تقتل الكلاب التي تعقر وتؤذي الناس، وهكذا السنانين القط إذا آذى ولم يبتعد شره إلا بالقتل يقتل، كما تقتل السباع من الذئاب وغيرها، وهكذا القرود إذا آذت أصحاب المزارع ولم يتمكن شرها إلا بالقتل فإنها تقتل بالسم وبغيره، وبالبنادق وبغير ذلك من الأسباب التي تدع شرها، وهكذا الثور العقور يقتل، وهكذا الهر القطر إذا آذى أهل البيت ولم يبتعد شره إلا بذلك يقتل. 

569 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply