حلقة 590: حكم السفر قبل أذان الجمعة - عند جمع المغرب والعشاء متى تصلى الرواتب - هل للخطيب أن يصلي ركعتين ثم يصعد المنبر - حكم صلاة أربع ركعات قبل صلاة الفجر - قول استغفر الله وأتوب إليه لمن زفر في الصلاة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

40 / 50 محاضرة

حلقة 590: حكم السفر قبل أذان الجمعة - عند جمع المغرب والعشاء متى تصلى الرواتب - هل للخطيب أن يصلي ركعتين ثم يصعد المنبر - حكم صلاة أربع ركعات قبل صلاة الفجر - قول استغفر الله وأتوب إليه لمن زفر في الصلاة

1-   لظروف عملي أسافر يوم الجمعة قبل أذان الظهر أو بعد الأذان، وأقوم بصلاة الظهر والعصر جمع تقديم وقصر في نفس الوقت، هل هذا جائز، هل يجوز لي التأخير؟ علماً بأن هذا يحدث في كل شهر مرة.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإذا كان السفر قبل الأذان قبل زوال الشمس فلا حرج إن شاء الله، والأفضل لك عدم السفر حتى تصلي الجمعة، هذا هو الأفضل لك، لكن إن سافرت قبل دخول الوقت فلا حرج في ذلك، ولا حرج في الجمع ما دام السفر سفر قصر، كالسفر إلى الخرج أو مكة أو الحوطة أو غير ذلك، المقصود مسافة ثمانين كيلو تقريباً يعني يوم وليلة للمطية سابقاً، وهي الآن بالكيلو سبعون كيلوا ثمانون كيلوا وما يقارب هذه المسافة تعد سفراً، لكن ينبغي لك يا أخي أن تحرص على حضور الجمعة، لما فيها من الخير العظيم والفائدة الكبيرة، ولئلا تتخذ هذا عادة فيقسوا القلب، ويقل الاعتناء بهذا الأمر، فأنصحك أن تجاهد نفسك حتى تصلي الجمعة، ثم تسافر لكن لا يلزمك ذلك إذا كان السفر قبل وقت الجمعة قبل الزوال. جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ يقول إنه يفعل هذا في كل شهر مرة. سواءٌ في الشهر مرة أو في الشهرين الحكم واحد. بارك الله فيكم 
 
2-   صلينا المغرب والعشاء جماعة في المسجد لوجود مطر وبرْد، والسؤال: متى نصلي الرواتب إذا جمعنا، وكم يصبح عددها، وهل يُصلى الشفع والوتر في نفس الوقت، أم لا بد من تأخيره؟
إذا صليت العشاء مع المغرب جمع تقديم، فإنك تصلي سنة المغرب وسنة العشاء بعد ذلك وتصلي الوتر بعد ذلك، ولو في وقت المغرب؛ لأن العشاء متى قدمت دخل وقت الوتر، والسنة العشاء ولو كانت مجموعة إلى المغرب جمع تقديم، وهكذا الظهر والعصر إذا جمعا وأنت مقيم للمطر أو للمرض تصلي سنة الظهر ليس بهذا صلاة لأن صلاة العصر ليس بعدها صلاة، لأنها وقت نهي، فإذا جمعت الظهر مع العصر فإنها تسقط حينئذ راتبة الظهر البعدية التي بعدها، لأن الأفضل أن تضم إليها العصر قبل أن تصلي الراتبة، فحينئذ تسقط الراتبة البعدية لصلاة الظهر عند الجمع في حال المرض والمطر ونحو ذلك، فتصلي الراتبة القبلية وهي أربع بعد الظهر، وتصلي العصر بعد الظهر متصلة من دون حاجز، من دون فصل براتبة الظهر البعدية، أما المغرب والعشاء فإنها تقعان في غير وقت النهي، فلهذا إذا صليت العشاء تصلي سنة المغرب ركعتين، وتصلي بعدها سنة العشاء ركعتين، وإذا أردت الوتر أوترت، أو أجلت ذلك إلى وسط الليل أو آخر الليل، الأمر في هذا واسع والحمد لله. جزاكم الله خيراً. 
 
3-  أرى بعض أئمة المساجد إذا دخل المسجد يوم الجمعة يشرع في الصلاة، فيصلي تحية المسجد ثم يصعد إلى المنبر، فهل هذا جائز؟
لا نعلم لهذا أصلاً، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل صعد المنبر مباشرة، ولا يصلي تحية المسجد. 
 
4-  أرى بعض المصلين يصلون أربع ركعات في صلاة الفجر، فهل هذا جائز؟
السنة ركعتان تكفيه عن تحية المسجد وعن الراتبة، بعض الناس يظن أنه يجمع بين الأمرين يصلي تحية المسجد ثم يصلي الراتبة؛ وهذا لا حاجة إليه، لأن في الحديث أنه لا صلاة بعد طلوع الفجر إلى ركعتي الفجر، ولم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد طلوع الفجر إلا ركعتين، وهي سنة الفجر، فالسنة لمن دخل المسجد ولم يصلي الراتبة فإنه يصلي ركعتين بنية الراتبة، وإن نوى مع ذلك سنة التحية كلها حسنة تكفيه ركعتين، السنة الراتبة وتقوم مقام تحية المسجد وإذا نواهما جميعاً نوى التحية مع الراتبة فلا حرج في ذلك. جزاكم الله خيراً. 
 
5-   هل يجوز لمن زفر في الصلاة أن يقول: أستغفرك اللهم وأتوب إليك، وهل يجوز أن يستعيذ من الشيطان الرجيم أثناء الصلاة، وهل يجوز للمصلي أن يقول: سبحانه أو سبحان الله إذا مر به بعض الآيات وفيها تعظيم لله؟
السنة للمؤمن في مثل هذه المسائل أن يفعل ما شرعه الله -عز وجل- من العناية بالخشوع، والتدبر فيما يقرأ، وإذا عرض له عارض في صلاته بأن مر بآية تسبيح أو آية رجاء أو آية خوف فسبح أو سأل فلا بأس لكن المشروع هذا في صلاة الليل، هذا هو المشروع، كان النبي يفعله في صلاة الليل، ولم يحفظ عنه أنه فعله في صلاة الفريضة، ولو فعله إنسان لا شيء عليه صلاته صحيحة، ولكن الأفضل ترك ذلك، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما كان يفعله إلا في تهجده في الليل، كان يستمر في قراءته -عليه الصلاة والسلام- في الفجر والمغرب والعشاء والناس يسمعونه، ما يقف يسبح ويدعوا، لم ينقل هذا فيما نعلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا في تهجده في الليل، فالأفضل في هذا أن لا يقف عند آية تسبيح ولا عند آية وعيد ولا عند آية وعد بل يستمر في الفريضة، أما التهجد في الليل أو في النوافل الأمر في هذا واسع، والحمد لله. جزاكم الله خيراً 
 
6-   هناك نظرة اجتماعية غريبة تجاه المرأة التي يتوفى زوجها فتتزوج من بعده، إذ تصبح حديث الناس، ويُنظر إليها على أنها امرأة غير وفيه، إلى جانب نعتها بكثير من الصفات البذيئة، ويُعير أولادها بها، بعكس النظرة إلى المرأة التي لا تتزوج، وبصرف النظر عما تفعله، نرجو التوجيه تجاه هذه المشكلة؟ جزاكم الله خيراً.
تزوج المرأة بعد خروجها من العدة من عدة زوجها المتوفى أمرٌ مطلوب، والذين ينكرون عليها ذلك قد غلطوا غلطاً فاحشاً، وهكذا ذمهم لها أو عيبهم لها أو تنكيتهم في ذلك كل هذا غلط، بل ينبغي تشجيع النساء على الزواج، لأن الزواج فيه خيرٌ لهن، وذلك من أسباب غض البصر وحفظ الفروج، ومن أسباب المزيد من الذرية، حتى ولو كانت كبيرة لا تنجب، فإن السنة لها الزواج إذا تيسر لها الزواج، لما فيه من الخير والتعاون على الخير، وغض البصر، وكف السمعة السيئة، والتعرض للأخطار، فالذين يلومون المرأة التي تتزوج بعد وفاة زوجها قد غلطوا وأعانوا على الباطل، فلا ينبغي الإساءة إليهم ولا التعريج على قولهم، بل يجب عليهم أن يستغفروا الله، وأن يتوبوا مما فعلوا. جزاكم الله خيراً  
 
7-   رجل له بيوت، فقام بتقسيم هذه البيوت في حياته على أولاده الذكور وحرم الإناث، بحجة أنهن متزوجات، ولأزواجهن بيوت يسكنونها، فحصلت من جراء هذه القسمة عداوة وبغضاء بين الأولاد والبنات، واشتدت الكراهية، وامتد الحقد إلى الأب والأم، مما أدى إلى تمزق الأسرة وتفككها، فلم يعد أحد يسأل عن أحد حتى في حال مرضه، ما هو رأي الدين في هذه المسألة، وهل يحق للأب تقسيم ماله وهو حي على هذا النحو؟ أفيدونا أفادكم الله.
ليس للأب أن يوزع ماله على أولاده الذكور دون الإناث، أو يفضل الذكور على الإناث من غير التفضيل الشرعي، بل يجب عليه أن يعدل في قسمة ماله، كقسمة التركة لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، فقد جاءه بشير بن سعد الأنصار -رضي الله عنه-، وذكر له أنه وهب ابنه النعمان غلاماً فقال: (أكل ولدٍ أعطيته مثل هذا؟ قال: لا، قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، وقال: (لا تشهدني على هذا فإني لا أشهد على جور)، وقال: (أيسرك أن يكونوا في البر سواء؟ قال: نعم، قال: فلا إذاً)، فهذا يدل على أنه إذا حاف ولم يعدل جرهم إلى التقاطع، كما وقع في هذا السؤال، جرهم إلى التقاطع والتصارم والبغضاء بينهم، وهذا لا يجوز، الواجب على الأب أن يتقي الله وأن يعدل بينهم، إذا قسم للذكر مثل حظ الأنثيين، كقسمة الميراث، هذا هو الأرجح. وقال بعض أهل العلم: إنه يسوي بينهم سوى سوى، الذكر والأنثى سوى، ولم يجعله كالميراث، ولكن الصواب أن القسمة الشرعية كالميراث؛ لأن الله -جل وعلا- قسم بينهم أموال آبائهم إذا ماتوا هكذا: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ[النساء: 11]، فإذا قسم الرجل ماله بينهم على قسمة الله، للذكر مثل حظ الأنثيين فلا حرج في ذلك، ولكن الأولى أن لا يقسم بينهم، وأن يتمتع بماله حتى لا يحتاج إليهم بعد ذلك، يبقي ماله عنده أو على الأقل يبقي شيئاً من ماله ينفعه، يتصدق منه، ينفقه في حاجاته، لأنه إذا قسمه بينهم قد يضطر إلى الحاجة إليهم، وقد لا يقوموا بالواجب، وقد ينفقون الأموال ويضيعونها، فنصيحتي لكل إنسان أن لا يحرص على قسم ماله بين أولاده، وأن لا يعجل، ولو ظن فيهم الخير، ولو ظن أنهم سوف يبرونه، ينبغي له أن يحتاط، فلا يعجل، بل يترك ذلك بعد وفاته على قسمة الله، فيتصرف في ماله، وينفق في وجوه البر، ويحسن إلى المسلمين والفقراء والمحاويج، حتى لا يضطر إلى رحمتهم، والحاجة إليهم، لكن إذا أعطاهم بعض الشيء من ماله شيء لا يضره، أعطاهم بعض المال وعدل بينهم، ولو أن البنات متزوجات يعدل بينهم لا بد، إذا أعطى الرجل ألف يعطي البنت خمسمائة، وإذا أعطى الرجل ألفين يعطي البنت ألفاً، وهكذا في عطيته يعدل بينهم لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم). جزاكم الله خيراً 
 
8-   ما حكم الصلاة في المساجد التي تحتها قبور؟ وإذا كنت لا تنوي أن الصلاة لمن في القبر، نرجو أن تفيدونا، هل الصلاة مقبولة بسبب هذا الولي الفلاني أو لا؟
الصلاة في المساجد التي فيها القبور لا تجوز، بل هي باطلة لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) متفق على صحته من حديث عائشة -رضي الله عنها-، قاله في مرض موته -عليه الصلاة والسلام- في آخر حياته، وقال أيضاً -عليه الصلاة والسلام-: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك) خرجه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه-، فلا يجوز لمسلم أن يقيم مسجداً على قبر، أو يدفن في المساجد، أو يصلي في المساجد التي فيها القبور، بل يجب التواصي بترك ذلك والتناصح، ويجب على ولاة الأمور في أي بلد إسلامي يجب على ولاة الأمور أن يمنعوا ذلك، فلا يدفن في المساجد الأموات، ولا تبنى المساجد على القبور، لا هذا ولا هذا، يجب أن تكون المقابر على حدة، والمساجد على حدة، ولا يقبر فيها لا من يسمى ولي ولا غيره، والولي هو المؤمن، ولي الله هو المؤمن، فلا يدفن فيها لا مسلم ولا غيره، بل تكون المساجد خالية من القبور، وهذا هو الواجب الذي بينه الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والعلة في ذلك والحكمة في ذلك كما قال أهل العلم: أن وجود القبور في المساجد من وسائل عبادتها من دون الله، إذا بنيت المساجد على القبور كان هذا من وسائل الغلو في الميت، ودعاءه من دون الله، والتبرك بقبره، وطلبه الشفاعة، وطلبه الغوث والمدد، فلهذا حرم الله بناء المساجد على القبور، وحرم الله الدفن في المساجد، سداً لذريعة الشرك، وحسماً لمادة الشرك، ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بما يوجد في بعض الأمصار، وبعض الدول الإسلامية، من وجود القبور في المساجد، لا ينبغي لعاقل أن يغتر بذلك، هذا غلط، والغلط لا يقتدى به، والواجب على حكام المسلمين في كل مكان أن يزيلوا هذا الأمر، لا في الشام، ولا في مصر، ولا في العراق، ولا في غيره، الواجب على حكام المسلمين أن ينزهوا المساجد من القبور، وأن تكون المساجد خالية من القبور، وإذا كان فيها قبر ينقل إلى المقبرة العامة، وإذا كان المسجد بني عليه والقبر هو السابق يهدم المسجد، وتبقى القبور خالية ليس فيها مساجد. فالحاصل أنه إذا كان القبر هو الأول يهدم المسجد وتبقى الأرض للقبور، وإن كان المسجد هو الأول ودفن فيه ينبش القبر وينقل إلى المقبرة، ولا يصلى في المساجد التي فيها القبور، هذا بدعة ولا يجوز، والصلاة باطلة. أما إن كانت الصلاة للميت، كونه يصلي للميت ويتقرب إليه بالصلاة أو بالسجود كان شركاً أكبر، وكان مصيبة أعظم، وهكذا لو طلبه المدد؛ كأن يقول: يا سيدي المدد المدد، أو: يا ولي الله المدد المدد، أو: يا سيدي البدوي، أو: يا حسين المدد المدد، أو: شيخ عبد القادر المدد المدد، أو: أغثني، أو: انصرني كل هذا شرك أكبر، قال الله عز وجل: وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ[الأنعام: 88]، وقال -سبحانه-: وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ[المؤمنون: 117]، وقال -عز وجل-: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ * إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ[فاطر: 13-14]، سبحانه وتعالى، فسمى دعائهم لغير الله شركاً وقال: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ فسمى دعوتهم للأموات واستغاثتهم بالأموات شركاً به -سبحانه وتعالى-، وسماه في الآية الأخرى كفراً قال: وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ[المؤمنون: 117]، الآية من سورة المؤمنون، وقال -جل وعلا-: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا[الجن: 18]، وقال -سبحانه-: وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ[يونس: 106]، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (الدعاء هو العبادة)، وقال لابن عباس: (إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله). فالواجب على أهل الإسلام الحذر من هذا الشرك، والتحذير منه، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر. والواجب على العلماء في كل مكان أن يبينوا للناس هذا الأمر، وأن يرشدوهم إلى توحيد الله والإخلاص له، وأن يعلموهم أنواع الشرك حتى يحذروها، والواجب على الحكام أن يزيلوا أثر الشرك، وأن يزيلوا القبور من المساجد التي فيها القبور، إذا كانت القبور حادثة، فإن كانت المساجد بنيت على القبور فالواجب أن تزال المساجد، وأن تهدم، وأن تبقى القبور على حالها، مقبرة ليس عليها مساجد. وهنا أمرٌ قد يغتر به بعض الناس وهو وجود قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وقبر صاحبيه في المسجد النبوي، ويقولون: هذا قبر النبي في المسجد، هذا غلط لأن الرسول لم يدفن في المسجد، دفن في بيت عائشة، وهكذا صاحباه دفنا معه في بيت عائشة، ولم يدفنوا في المسجد، ولكن الوليد بن عبد الملك لما وسع المسجد في آخر المائة الأولى أدخل القبر في المسجد، من أجل التوسعة، وهذا غلط منه، ولا ينبغي أن يغتر بذلك، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- وصاحباه لم يدفنوا في المسجد، بل دفنوا في بيت عائشة، النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصلاة إلى القبور، وقال: (لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها)، ولعن المتخذي المساجد على القبور، فالمعول على تشريعه وأمره ونهيه -عليه الصلاة والسلام-، أما عمل الناس إذا غلطوا إذا غلط الوليد أو غير الوليد فلا يعول عليه، فينبغي التنبه إلى هذا الأمر، وينبغي لأهل العلم أن ينبهوا من حولهم من الناس على هذا الأمر، حتى تعم الفائدة، وحتى يتبصر المسلم، وحتى يعلم الحقيقة فلا يقع في الشرك، وهو لا يشعر، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. جزاكم الله خيراً. 
 
9-  ما حكم الصلاة وراء رجل يستغيث بغير الله، ويتوسل بالصالحين؟
الصلاة خلف المشرك لا تجوز، ولا يجوز أن يقتدى به، لأن من استغاث بغير الله يعتبر مشركاً، فلا يصلى خلفه، سواءٌ استغاث بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، أو بالبدوي أو بالحسين -رضي الله عنه-، أو بالشيخ عبد القادر، أو بغيرهم من الناس، فالذي يستغيث بالأموات ويسألهم الحاجات والمدد يعتبر مشركاً، عليه أن يتوب الله، وأن يبادر بذلك، ومن تاب صادقاً تاب الله عليه، لكن لا يتخذ إماماً ولا مؤذناً، بل يجب أن يكون المؤذن من أهل التوحيد، وهكذا الإمام، وإذا وجد في المسجد إمامٌ مشرك يجب أن يزال، يجب على ولاة الأمور أن يزيلوه وأن يعينوا مكانه عالماً موحداً بعيداً عن الشرك، لأن ذلك هو الواجب على أئمة الإسلام، وعلى حكام المسلمين، أن لا يقدموا في المساجد من هو مشركٌ بالله، فإن إمامته باطلة، وهكذا المؤذنون يجب أن يكونوا مسلمين، لأنهم يخبرون الناس بأوقات ويعتمد عليهم، فلا بد أن يكون المؤذن أميناً مسلماً موحداً، نسأل الله للجميع الهداية. جزاكم الله خيارً 
 
10-  ما حكم قراءة القرآن على الميت، سواء من ولده أو من رجل آخر قريب أو غير قريب بمقابل أو بدون مقابل؟
قراءة القرآن على الموتى لا أصل لها، بل هي من البدع، هذا هو الصواب، فلا يجوز أن يغتر المسلم بمن أجاز ذلك بغير حجة ولا دليل، لا يقرأ على الموتى لا في المقابر ولا بعد الموت قبل الدفن، ولا يثوب لهم القرآن لعدم الدليل على ذلك، فالقراءة على القبور كالصلاة عند القبور، لا تجوز لأنها من وسائل الشرك، فلا يصلي عند القبر، ولا يقرأ عنده، ولا يجلس عنده للدعاء، ولكن إذا زار القبور يسلم عليهم، ويدعو لهم ثم ينصرف، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة)، وكان -صلى الله عليه وسلم- يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين)، وكان إذا زار القبور -عليه الصلاة والسلام- يقول: (السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، غداً مؤجلون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)، ومر ذات يومٍ على قبور أهل المدينة فقال: (السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر)، هذه سنته -عليه الصلاة والسلام-، أما أن يدعوا الميت أو يستغيث به، أو يطلبه المدد هذا من الشرك الأكبر لا يجوز، وهكذا كونه يقرأ عند القبر، أو يقرأ على الميت في البيت قبل أن ينقل إلى القبر، أو يقرأ له القرآن يثوبه لهم، للأموات، هذا ليس عليه دليل، ولكن المشروع أن يدعو لهم، يستغفر لهم، يترحم عليهم، يتصدق عنهم، يحج عنهم، يعتمر، يقضي ديونهم، كل هذا مطلوب وينفع الميت، أما كونه يقرأ له أو يصلي له هذا لا دليل عليه، والله المستعان. جزاكم الله خيراً. 
 
11-  ما حكم دراستنا على الشيخ الذي يستغيث بغير الله ويتوسل بالصالحين، وإذا قام من مكانه قال: يا فلان؟!
مثل هذا لا يقرأ عليه، ولا ينقل عنه العلم لشركه، ولا يؤمن أن يشبه على الطلبة فيوافقوه على ما هو عليه من الباطل، بل الواجب أن ينصح، ويبين له أغلاطه من أهل العلم، حتى ولو من الطلبة بالأسلوب الحسن، بالكلام الطيب، فالمؤمن لا يحقر نفسه عن بيان العلم، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم بين أصحابه، فقال: (حدثوني عن شجرة لا يسقط ورقها، هي مثل المؤمن، قال: ابن عمر: فوقع الناس في شجر البوادي، ووقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت، لأنه كان أصغر القوم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنها النخلة) فقال عبد الله فقلت لأبي عمر، إنه وقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت، فقال عمر: (لأن تكون قلتها أحب إلي من كذا وكذا)، فأرشده عمر -رضي الله عنه- إلى أنه يقول العلم يتكلم يتقدم بالعلم ولو كان صغيراً، وكان عمر -رضي الله عنه- يدني ابن عباس مع الكبار في المشورة، لما ظهر له من علمه، كان يدنيه معهم ويستشيره معهم لما مع من علم والفقه في الدين، فالطالب إذا عرف من أستاذه غلطاً فلا مانع بل يجب أن ينبه بالأسلوب الحسن، بالسؤال، ما حكم كذا؟ ما الدليل على كذا أيها الأستاذ؟ يا أبا فلان، يا شيخنا، يأتي بالعبارات الحسنة، أو يطلب من العلماء الآخرين أن يرشدوا هذا العالم لعله يقبل منهم، أو يجتمع هو والطلبة ويكونوا جميعاً فيأتون الشيخ في بيته ليس عند الناس، فيقولوا له: إنا سمعنا كذا منك وكذا وكذا، وقد ظهر لنا أن هذا الشيء حكمه كذا وكذا من الدليل الفلاني، أو الدليل الفلاني، فأحببنا أن نبحث معك الموضوع، من باب النصيحة، من باب التعاون على البر والتقوى، لعله يقبل منهم، ولعله يستفيد، ولا يضرهم ذلك إذا تكلم عليهم، أو احتقرهم، أو زعل عليهم، لا يضرهم ذلك، هم عليهم أن يحاولوا النصيحة، وبذل المستطاع في إرشاده وتنبيهه، والله ولي التوفيق -سبحانه وتعالى-: (لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء)[البقرة: 272]. جزاكم الله خيراً 
 
12- أن قرّاء القرآن يخلطون بين الظاء والضاد، ويرجو توجيه الناس حول هذه المسألة جزاكم الله خيرا، ولاسيما وقد راجع الكثير من البحوث في اللغة العربية حول هذا الموضوع، يرجوا التوجيه جزاكم الله خيراً؟
الصواب عند المحققين من أهل العلم، أن التباس الضاد بالظاء لا يضر، لا في الصلاة ولا في غيرها؛ لأن مخرجهما متقارب، وليس كل أحد يستطيع التمييز، فالأمر في هذا واسع والحمد له، فلا ينبغي للقارئ ولا لغير القارئ أن يشدد في ذلك، المقرئ وغير المقرئ لا ينبغي التشديد في ذلك، إن تيسر التمييز فلا بأس، وإلا فالأمر واسع في ذلك، وممن نبه على هذا الحافظ بن كثير -رحمه الله- في تفسيره لسورة الفاتحة في آخرها، وقد بين أن الصحيح أنه يعفى عن ذلك، ولا ينبغي فيه التشديد؛ لأن كثيراً من الناس يلتبس عليه الأمر ويصعب عليه التفريق.

537 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply