حلقة 597: هل للجمعة سنةٌ راتبة قبلها؟ - كفر تارك الصلاة - النهي عن نعي الميت وقراءة القرآن له - حكم استرجاع المرأة التي كانت تكره الوالدين والوالدان غير راضين عنها - حكم من أكل لحم خنزير جاهلا - صوم عاشوراء

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

47 / 50 محاضرة

حلقة 597: هل للجمعة سنةٌ راتبة قبلها؟ - كفر تارك الصلاة - النهي عن نعي الميت وقراءة القرآن له - حكم استرجاع المرأة التي كانت تكره الوالدين والوالدان غير راضين عنها - حكم من أكل لحم خنزير جاهلا - صوم عاشوراء

1-   قرأت في بعض الكتب أن صلاة الجمعة ليس لها سنة قبلية، وعندما أذهب إلى المسجد أشاهد المؤذن بعد فراغه من الأذان الأول يقول بصوت مرتفع: قوموا إلى صلاة سنة الجمعة يرحمني ويرحمكم الله! فهل هذا وارد؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فقد دلت سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام على أنه ليس للجمعة سنةٌ راتبة قبلها، ولكن المؤمن متى وصل إلى المسجد يصلي ما كتب الله له ثنتين أو أكثر لقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (من اغتسل يوم الجمعة ثم أتى المسجد فصلى ما قُدِّر له، ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته كتب له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام) أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فالحاصل أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يحدد شيئاً بل قال في الأحاديث: (ما قدر له) فيصلي الإنسان ما يسر الله له من ركعتين أو أكثر قبل صلاة الجمعة، ثم يجلس ينتظر قارئاً أو ساكتاً أو مسبحاً أو مهللاً أو ذاكراً بينه وبين ربه حتى يخرج الإمام، وبعد ذلك يجيب المؤذن ثم يسمع الخطبة، أما بعدها فلها سنة راتبة: ركعتان أو أربع ركعات، كان -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى الجمعة صلى في بيته ركعتين، وقال عليه الصلاة والسلام: (من كان مصلياً بعد الجمعة فليصلِّ بعدها أربعاً) فدل ذلك على أن الأفضل أربع وإن صلى ركعتين بعد الجمعة كفى ذلك، والأفضل في البيت، وإن صلى أربعاً في المسجد أو في البيت فهو أفضل بتسليمتين هذا هو الأفضل، وأما قبلها فليس لها سنة راتبة، بل يصلي المؤمن متى وصل المسجد تحية المسجد ركعتين وما تيسر معها أربع ست ثمان عشر أكثر ليس لذلك حدٌ محدود، ولكن الأفضل يسلم من كل ثنتين؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى) رواه أهل السنن والإمام أحمد بإسناد صحيح عن ابن عمر -رضي الله عنهما-. أما ما ذكرت عن المؤذن أنه ينادي بعد الأذان الأول: قوموا يرحمكم الله للصلاة، هذا بدعة لا أصل له، هذا لا أصل له بل هو بدعة من هذا المؤذن، فالمؤمن إذا جاء المسجد يصلي ما يسر الله له وليس هناك حاجة إلى أن يقول المؤذن هذا الكلام.  
 
2-   هناك أحاديث كثيرة تُكفِّر تارك الصلاة، ويوجد معي إنسان قدمت له النصح أكثر من مرة ولكنه مصر على ترك الصلاة، فإذا قلت له: أنت كافر! بسبب تركك للصلاة، فهل يشملني حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول: (من قال لأخيه المسلم يا كافر فقد باء بأحدهما)؟ وجهوني جزاكم الله خيراً.
ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) رواه مسلم في صحيحه، وقال عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) خرَّجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح، فأنت إذا قلت له: كافر، فأنت صادق على الصحيح؛ لأن الرسول كفره عليه الصلاة والسلام، أما الحديث: (إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر، فقد باء به أحدهما) فالمعنى إذا كان ليس أهلاً لذلك، إذا قال له يا كافر وليس أهلاً لذلك، أما إذا كان أهلاً لذلك فإنه يبوء بها هو المقول له.  
 
3-   يوجد عندنا في القرية أنه إذا مات واحد من الناس يدور واحد مخصص لذلك حول البلد لإعلام الناس بالميت، وبعد الدفن يستأجرون مقرئ، ويجلسون للعزاء ثلاثة أيام، فهل هذا وارد، وما هو الشيء الصحيح الذي تنصحوننا به؟
ليس هذا بوارد، بل كان النبي ينهى عن النعي عليه الصلاة والسلام، كونه يؤمر واحد يدور على القرية هذا لا أصل له، أما إذا أخبروا بعض أقاربهم أو بعض جيرانهم ليصلوا عليه فلا بأس، النبي -صلى الله عليه وسلم- لما مات النجاشي أخبر أصحابه فصلوا عليه، عليه الصلاة والسلام، فإذا أخبر بعض أقاربه فلا بأس، أما أن يكلف إنسان يدور في البلد أو القبيلة يخبرهم هذا من أعمال الجاهلية، كذلك العزاء ثلاثة أيام لا أصل له، وليس له حد محدود، بل إذا صادف أخاه وعزاه أو زاره وعزاه في اليوم الأول أو الثاني أو الثالث أو الرابع أو الخامس فلا حد في ذلك. كيف يقول في العزاء؟ - يقول: إنهم يستأجرون قارئاً للقرآن؟ - كذلك القارئ بدعة لا يستأجر قارئ يقرأ على الموتى ولا على القبور هذا لا أصل له، بل يدعى له بالمغفرة والرحمة إذا فرغ الناس من دفنه دعوا له بالمغفرة والثبات، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: (استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل) ولم يكن يأمر أحد يقرأ على القبر ولم يكن الصحابة يفعلون ذلك، فلا يجوز هذا العمل بل هذا من البدع، سواءٌ كان القارئ متبرعاً أو مستأجرا، ولكن يدعى للميت بالمغفرة والرحمة. - جزاكم الله خيراً، الذين ينصبون الخيام ويشعلون الأنوار -سماحة الشيخ- لأجل العزاء؟ ج/ ليس له أصل، بل يبقون على حالهم إذا زارهم في بيتهم أو في الطريق أو في المسجد وعزاهم كفى، ولا حاجة إلى نصب الخيام وجعل الأنوار الخاصة فهذا لا أصل له.  
 
4-   لقد كانت لي زوجة وأنجبتُ منها ثلاثة أبناء، هذه الزوجة كانت تكره والديَّ وإخواني، ولكن لا تكرهني أنا شخصياً، ونظراً لكراهتها لوالدي وإخواني طلقتها، وبعد زمن نظرت لأبنائي وأريد أن أسترجعها، لكن الوالدين لا يرضون بذلك! وكذلك إخوتي، إذا قُدر لي أن أسترجعها فهل في ذلك عقوق للوالدين؟
ينبغي لك أن لا تسترجعها؛ لأنها من أسباب القطيعة بينك وبين والديك وإخوتك، فينبغي ترك ذلك ويعطيك الله أبرك منها وأفضل، إلا إذا رضيا والداك وسمحا فلا بأس، استسمحهما إذا كانت طيبة في دينها فاستسمحهما، أما إذا كانت تؤذيهما أو كانا لا يرضيان بها فلا تسترجعها، واسأل الله أن يعطيك خيراً منها وأفضل.  
 
5-  إذا أكل إنسان لحم خنزير جاهلاً فهل عليه كفارة! وما هي هذه الكفارة إذا وجبت؟
ليس عليه شيء ما دام لا يعلم، ليس عليه شيء، إنما عليه أن يتمضمض ويغسل فمه من آثار النجاسة ويغسل يديه، والحمد لله. لكن إذا لم يتمضمض أو لم يذكر لحم خنزير إلا بعد حين ماذا يفعل؟ ج/ ما عليه شيء.  
 
6-  يسأل -سماحة الشيخ- عن صوم عاشوراء، هل هو سنة مؤكدة، وماذا على الذي يترك صومه؟
نعم، سنة مؤكدة لكن لا حرج في تركها، مستحب، من صام فلا بأس ومن ترك فلا بأس، والسنة أن يصوم قبله يوم أو بعده يوم، العاشر والتاسع أو العاشر والحادي عشر، كان أول متأكداً فلما فرض رمضان صار مستحباً ليس بمؤكد، من صامه فله أجر ومن تركه فلا بأس.  
 
7-  لو سب إنسان الدين -والعياذ بالله- نتيجة غضب انتابه!! فهل عليه كفارة، وما هي؟
عليه التوبة إلى الله، عليه التوبة والندم والإكثار من العمل الصالح، والله يتوب على التائبين سبحانه وتعالى.  
 
8-   هذه السنة صمت مع المملكة، بينما بلدي لم تصم معكم إلا بعد اليوم الثاني، علماً بأني تعرفت على يوم الصوم شهر رمضان من إذاعتكم، هل صومي صحيح أم عليَّ كفارة؟ حيث قال لي أحد العارفين: يجب عليك أن تصوم مع بلدك.
ليس عليك كفارة، ولكن تصوم مع بلدك وتفطر مع بلدك؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الصوم يوم تصومون، والإفطار يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون)؛ ولأن الخلاف قد يسبب شراً كثيراً، فالنزاع والانقسام في البلد شره كثير، فينبغي لأهل البلد أن يصوموا جميعاً ويفطروا جميعاً، والواجب على الدولة أن تتحرى الأمر الشرعي، إذا ثبت رمضان عند الدولة من طريق المحكمة أو من طريق الحكومات المجاورة ثبوتاً شرعياً لا بالحساب صاموا بذلك، فإذا ثبت عند المملكة مثلاً بالبينة الشرعية صام المسلمون الذين ثبت عندهم ذلك برؤية المملكة؛ لأنها رؤية شرعية بالبينة الشرعية لا بالحساب، أما الحساب فلا يجوز اعتباره عند جميع أهل العلم، وإنما الاعتبار بالرؤية أو بإكمال العدة، لكن إذا صام أهل بلدك برؤيتهم أو فتوى علمائهم فلا بأس، فقد قال جمعٌ من أهل العلم لكل أهل بلد رؤيتهم، فإذا اعتمد أهل البلد أو حكومة البلد على علمائها ومحكمتها ورأت المحكمة والعلماء أنهم يصومون في يوم غير اليوم الذي صامته المملكة أو غير المملكة فالعمدة على ما رأته المحكمة في بلدك والعلماء في بلدك ولا تشق العصا. - إذاً على كل مسلم أن يوافق بلده في الصوم والإفطار؟ ج/ نعم؛ حتى لا يتنازعوا، وعلى الحكومة في البلد أن تعتني بالأمر.  
 
9- الإجابة التي يرد عليها حضرة العلماء في برنامجكم، هل يجب علينا نحن أصحاب المذهب المالكي التمسك بها؟! حيث أني أعطيت لإخواني بعض المعلومات تلقيتها من برنامجكم فقالوا لي: هذه الأجوبة توافق مذهب الحنفية للمملكة فقط والدول المجاورة، ولا يمكن التمسك بها؟!! فأرجو إرشادنا، جزاكم الله خيراً.
الواجب على المستمعين أن يتحروا الأدلة الشرعية، فإذا كانت المسألة واضحة من جهة الدليل الشرعي أخذوا بالدليل الشرعي، سواء كان ذلك موافقاً للمذهب المالكي أو الحنفي أو الشافعي أو الحنبلي؛ لأن المعول على ما قاله الله ورسوله، كما قال الله عز وجل: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ (59) سورة النساء، وقال الله سبحانه: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ (10) سورة الشورى. فالبرنامج في نور على الدرب يتحرى الأدلة الشرعية، يتحرى ما يوافق القرآن والسنة، فإذا صرح العلماء في برنامج نور على الدرب بأن الحكم كذا والحكم كذا فهم يتحرون في ذلك الأدلة الشرعية، فينبغي لمن استمع إلى ذلك أن يعمل بهذه الفتاوى إلا إذا كان عنده علم ورأى أن هذه الفتوى مخالفة للآية في كتاب الله أو للسنة الصحيحة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنه يعمل بعلمه ويجتهد ويتحرى الدليل، فكل واحد من العلماء في نور على الدرب وهكذا غيرهم ليسوا معصومين، كل واحد قد يخطئ، لكن يجب على المستمع إذا كان من أهل العلم أن يتحرى الأدلة الشرعية، وأن يعمل بمقتضى الدليل، فإن أشكل عليه سأل أهل العلم عن حكم الله وقال لهم أفتوني بما يوافق شرع الله في هذه المسألة، لا بمجرد مذهب مالك أو الحنفية أو الشافعية أو الحنابلة، لا، بل يسألوا أهل العلم عما يوافق شرع الذي دل عليه كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام؛ لأن مسائل الخلاف بين الأئمة الأربعة وغيرهم الحق فيها واحد، الحق فيها واحد وهو ما وافق الكتاب والسنة، فالذي يوافق الكتاب والسنة فهو الحق، وما خالفهما فهو خطأ، وكل واحد من أهل العلم غير معصوم قد يخطئ في بعض المسائل. جزاكم الله خيراً، إذاً القول بأن علماء المملكة وفي هذا البرنامج خاصة برنامج (نور على الدرب) يلتزمون مذهباً معيناً ليس صحيحاً؟ ج/ ليس صحيحاً، لا، يتحرون الدليل، يتحرون ما يوافق الدليل سواءٌ كان وافق مذهب الحنابلة أو خالف مذهب الحنابلة. - هو يقول: مذهب الحنفية؟!!! ج/ الحنفية ما لها محل، الحنفية ما لها محل هنا، لأنهم لا يتحرون مذهب الحنفية ولا غير الحنفية بل يتحرون الأدلة الشرعية.  
 
10-   نحن هنا في التجنيد العسكري، هناك اختلافات حول جواز صلاة الجمعة في الثكنة، علماً بأننا نحن المصلين عددنا موالي لأربعة وثلاثين شخص، ونبعد عن المدينة بخمسة وعشرين كيلو متر، ومدة التجنيد سنتان، هل علينا صلاة جمعة أو لا؟
نعم، إذا كنتم مواطنين مستقرين في محل فعليكم صلاة الجمعة في محلكم، تصلون الجمعة في محلكم؛ لأن المساجد عنكم بعيدة، فتصلون الجمعة ويكون عندكم خطيب وتصلون الجمعة جميعاً. - الإقامة لمدة سنتين يقول في هذه الثكنة، إذاً عليهم جمعة؟! ج/ إذا كانت الإقامة سنتين فهم ليسوا مواطنين، بل يرجعون إلى بلاد أخرى، فهؤلاء يصلون ظهراً؛ لأنهم ليسوا مستقرين، فحكمهم حكم المسافر المقيم إقامة عارضة، ما تجب عليهم الجمعة في ..... إلا إذا كانوا معهم مواطنون صلوا معهم جمعة، أما إذا كانوا هم ليسوا مواطنين بل أقاموا في المحل هذا إقامة عارضة ثم يرجعون إلى بلادهم فهؤلاء إن أقيمت عندهم الجمعة صلوا مع المصلين جمعة، وإن لم تقم عندهم الجمعة صلوا ظهراً. سماحة الشيخ هل هناك أفضلية تنصحون بها بالنسبة لمن يقيم إقامة مؤقتة كإقامة هؤلاء؟ ج/ نعم، ننصحهم بصلاة الجمعة إذا تيسرت مع المساجد التي تقيم الجمعة، ولو بعدت فالسيارات متيسرة، والحمد لله، فإذا ذهبوا وصلوا الجمعة كان ذلك خيراً لهم وأفضل وأبعد عن الريبة. - وبالنسبة للثكنة نفسها؟ ج/ لا يصلى فيها إلا ظهراً إلا إذا كانوا فيهم مواطنين، إذا كان فيهم مواطنون ولو قليل ولو ثلاثة فأكثر صلوا جمعة، أو كانوا هم ليسوا خارجين من البلد بل هم من أهل البلد لكن لهم محل معين وإلا فهم من أهل البلد فهم يعتبرون مواطنين، ولو كان محلهم محل سكنهم بعيد عن الثكنة عشرة كيلو خمسة كيلو ستة كيلو إلا يجتمعون فيها من أجل العمل فهذه الثكنة إذا أقاموا فيها صلاة الجمعة فقد أحسنوا، وإن سمح لهم بأن ينتقلوا إلى مسجد آخر يصلون فيه الجمعة فلا بأس.  
 
11- ما هي كيفية رجوع المرأة الطالق بالثلاث إلى زوجها السابق بعد أن تزوجت بعده، وما هي الشروط التي يجوز لها ولأهلها أن يشترطوها على الزوج الجديد بعد أن ينكحها لكي يطلقها لتحل لزوجها الأول، هل تجوز الشروط في مثل هذا الزواج؟ أفيدونا أفادكم الله وجزاكم خير الجزاء.
لا يجوز أن يشترط عليه أن يطلقها وأن ينكحها للتحليل، هذا محرم، الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (لعن المحلل والمحلل له) وسماه "التيس المستعار" فلا يجوز، لا بد أن يكون نكاح رغبة، إذا تزوجت إنساناً يرغب فيها ثم طلقها بعد الدخول بها يعني بعدما وطئها ثم طلقها عن رغبته لا عن شروط مشروطة عليه فإنها تحل للأول، أما إذا نكحها للثاني من أجل أن يحلها الأول فإنها لا تحل، بل هذا نكاح تحليل صاحبه ملعون إذا قصد ذلك، نسأل الله العافية، لا في حلها للأول أن يكون النكاح الثاني نكاح رغبة نكاحاً شرعياً لا مشروطاً على صاحبه أن يطلق، ولا بد أن يطأها أيضاً ثم يطلق باختياره أو يموت عنها.  
 
12-   أفطرتُ ثلاثة أيام من رمضان قبل ثلاثة أعوام دون عذر شرعي، ولكن دون أن أعرف أن ذلك لا يجوز أبداً إلا بعذر شرعي، وعندما سألت عن ذلك قالوا لي: اقضي الأيام التي أفطرتيها مع التوبة إلى الله، وفعلت، ولكني خائفة وقلقة، فما الحكم؟ وجهوني جزاكم الله خيراً.
الحكم مثلما فعلت، والحمد لله، الذي أفتاك بأن تقضي وتتوبي قد أحسن وأصاب، وليس عليك إلا القضاء والتوبة، وقد فعلتِ، والحمد لله. جزاكم الله خيراً، إذاً لا داعي لهذا القلق؟! ج/ أبداً، لا داعي للقلق، والحمد لله، التوبة تجب ما قبلها، والحمد لله.  
 
13-   الأقارب الذين يتنازعون فيما بينهم ويعملون المحرمات، ويكذبون ويحلفون بالله كذبا‌ً، ويفتن أحدهم على الآخر، ويفرق بعضهم البعض، وغيرها من الصفات البعيدة عن الإسلام، هل علينا ذنب إذا قاطعناهم، وهل علينا ذنب إذا اتصلنا بهم، ولكن من فترة إلى أخرى أو بواسطة التلفون أو بواسطة شخص ما؟
المشروع الاتصال بهم للنصيحة والتوجيه حتى يدعوا ما حرم الله عليهم وحتى يتقاربوا ويتواصلوا الرحم، فإذا أصروا على باطلهم وعلى معاصيهم ولم يقبلوا منك فلا مانع من هجرهم، إذا رأيت المصلحة في هجرهم، وأن ذلك قد يكون أنفع لك ولهم، أما إذا رأيت أن هجرهم قد يزيد شراً وأن اتصالك بهم ونصيحتك لهم بصفة مستمرة تعين على ترك الباطل أو على تخفيف الشر فلا تهجرهم، ولكن اتصل بهم اتصال ناصح آمر المعروف ناهٍ عن المنكر لا اتصال مصاحب لهم مشارك لهم في باطلهم، ولكن تتصل بهم منكراً ومعلماً ومرشداً وناصحاً حتى يهديهم الله. - جزاكم الله خيراً، -سماحة الشيخ- هل تتكرمون بإيضاح الكيفية التي تتم بها هجر صاحب الباطل وصاحب المعصية؟ ج/ نعم، هجره عدم زيارته وعدم السلام عليه وعدم رد السلام عليه إذا أعلن معاصيه وبدعه ولم يقبل النصيحة، فإنه يهجر كما هجر النبي -صلى الله عليه وسلم- كعب بن مالك وصاحبيه خمسين ليلةً لما تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر، فإذا أعلن المعاصي من شرب الخمر أو إعلان البدع أو الزنا أو غير هذا من المعاصي الظاهرة فإنه ينصح ويوجه وتقام عليه الحدود إذا تيسر ذلك وأمكن، فإن أصر على الباطل ولم يقبل النصيحة ولم يترك إعلان المنكر استحق الهجر لعله يتوب فيرجع إلى الحق، فإذا تاب ترك الهجر، وقد لا يشرع الهجر في مثل هذه الحال إذا كان الهجر يزيدهم شراً ويزيدهم تمادياً في الباطل ويضر المسلمين، والاتصال بهم ونصيحتهم وتذكيرهم بالله ينفعهم ويخفف الشر فإنه في هذه الحال لا يهجرهم، بل يتصل ويدعوهم إلى الله ويعلمهم وينصحهم ويأمرهم وينهاهم حتى يقل الشر أو يزول الشر، والدليل على هذا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- هجر الثلاثة فتاب الله عليهم بعد ذلك، ولم يهجر عبد الله بن أُبي وجماعة من المنافقين لأن هجرهم قد يسبب شراً، فلم يهجرهم نظراً للمصلحة الشرعية في عدم هجرهم لئلا يحصل تفرق بينهم وبين المسلمين، ولئلا يغضب لهم بعض قبائلهم فيحصل فتن. فالمقصود أن الهجر نوعٌ من التعزير والتأديب، فإذا كان فيه خيرٌ ومصلحة فعل، وإن كان الهجر يترتب عليه ضد المصلحة لم يفعل ووجب الاتصال الذي يحصل به الإنكار والتوجيه والإرشاد حتى يقل الشر أو يزول.   
 
14-   لي زميلات في العمل بعضهن يصلي والبعض لا يصلي! بعضهن متبرجات وبعضهن يلبسن الحجاب ولكن غير كامل، أي غطاء الرأس فقط مع اللبس المحتشم، ولكن ليس الطويل جداً، حاولت إفهامهن وإرشادهن مع إعطائي لهن الكتب الدينية، وطلبت منهن الاستماع إلى برنامجكم (نور على الدرب) لكي يطبقن الشريعة الإسلامية السمحاء ولكن دون جدوى، فتركتهن ولم أتصل بهن أو أجلب لهن الكتب الدينية، ورغم ذلك فإننا في غرفة واحدة نجلس ونتحدث ونأكل معاً؛ لأني أحتاج إليهن بطبيعة عملنا، وأيضاً لمصاحبتهن في الطريق؛ لأني لا أستطيع أن أذهب لوحدي إلى العمل، فهل علي ذنب؟ وما رأي سماحتكم في ذلك؟ أرجو التوجيه والإرشاد، جزاكم الله خيراً.
الواجب عليهن التزام الحجاب وعدم التبرج وعليهن قبول النصيحة وتقوى الله في ذلك، وعليك المتابعة للنصيحة والحرص على ما فيه سعادتهن ونجاتهن وبراءة ذمتك، ولا تيأسي وعليك بالمواصلة حتى يجعل الله فرجاً ومخرجاً، وإذا تيسر لك مفارقتهن وعدم صحبتهن في الغرفة لوجود معلمات أو موظفات صالحات فهو الواجب عليك؛ لأنهن بإصرارهن يستحقين الهجر، لكن ما دمت في ضرورة إلى وجودك معهن فاستعملي النصيحة والتوجيه والإرشاد وكراهة ما يفعلون حتى يجعل الله فرجاً ومخرجاً.  
 
15-   سماحة الشيخ تذكر في سؤالها أن بعضهن يصلي والبعض الآخر لا يصلي، وبعضهن يحتجب والبعض الآخر لا يحتجب، هل تبدأ بالنصيحة فيما يخص الصلاة أو فيما يخص الحجاب؟!
هؤلاء وهؤلاء، تفعل هذا وهذا، نعم تفعل هذا وهذا، من لا يحتجب تنصحه أن يحتجب، ومن لا يصلي تنصحه بأن يحافظ على الصلاة، فالصلاة أعظم وأكبر، فعليها أن تنصح هؤلاء وهؤلاء، وتنكر على هؤلاء وهؤلاء، والله يأجرها ويثيبها على ذلك.  
 
16- أعاقب التلاميذ بالضرب في بعض الأحيان، وعندما أغضب، والسبب في ذلك هو إهمالهم، وعدم التحضير لواجباتهم المدرسية، وأيضاً لبعض تصرفاتهم السيئة داخل الصف، وبعد معاقبتهم بالضرب اندم واستغفر الله! وحتى أني أبكي في بعض الأحيان، ارجوا توجيهي جزاكم الله خيراً، حيال تربية الطلبة وفقكم الله؟
لا حرج في ذلك أنتِ مصيبة، وقد أحسنت ولا مانع من تأديب الطلبة بالضرب والكلام المناسب والتوبيخ؛ لعل الله يصلحهم بذلك

472 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply