حلقة 36: قراءة كتاب راتب الحداد - مقدار القلتين، وهل المني نجس - الفطر لأصحاب سيارة الأجرة وكم مسافة القصر - المسافر مخير في الذهاب إلى المسجد أو الصلاة في مكانه - حكم الزواج من أخت زوجة الأب

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

36 / 50 محاضرة

حلقة 36: قراءة كتاب راتب الحداد - مقدار القلتين، وهل المني نجس - الفطر لأصحاب سيارة الأجرة وكم مسافة القصر - المسافر مخير في الذهاب إلى المسجد أو الصلاة في مكانه - حكم الزواج من أخت زوجة الأب

1- يسأل السائل عن كتاب يسمى (راتب الحداد)، يلزم قراءته كل ليلة، ويبدأ بآية من القرآن هي: (( يا أيها الذين آمنوا اذْكروا الله ذكْرا كثيراً))[الأحزاب:41] وبعدها سورة فاتحة الكتاب، فآيات قرآنية وتسبيح وتكبير وتهليل وتوحيد كثير، وفي آخر الكتاب دعاء يقول: الفاتحة لسيدي محمد بن علي، وأصوله وفروعه وآل بعلاوي وصغيرهم وكبيرهم، إن الله يحمينا بحمايتهم وينورنا بهداهم، أن نراهم في الدنيا والآخرة، والفاتحة الثانية تقول: الفاتحة لسيدنا وقدوتنا وعمدتنا سيدي عبد الله صاحب الراتب، إن الله يقدس روحه في الجنة، ويوجد في آخر الكتاب، تسبيح وتهليل وتكبير ودعاء وختم بالصلاة على النبي، والسؤال هو: هل يجوز قراءة هذا الكتاب أم لا؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه أما بعـد: فهذا السؤال عن راتب الحداد الذي بدأه بالآية الكريمة يا أيها الذين آمنوا اذكروا كثيراً. وذكر بعد ذلك الفاتحة وآيات ثم ذكر في آخرة الفاتحة لسيده محمد الخ، والفاتحة لفلان صاحب الراتب عبد الله الحداد هذا الكتاب لم أطلع عليه، وهذه الرواتب التي يريدها كثير من الناس لا تخلو في الغالب من بدع وخرافات لا أساس لها، وهذا الراتب الذي يظهر مما ذكرتِ أيها السائلة أنه لا يخلو من بدع وخرافات فلا ينبغي أن يتخذ ورداً بل ينبغي للمؤمن أن يتخذ الورد مما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحاديث الصحيحة، وأهل السنة والحمد لله قد أوضحوا ما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - من آيات وأشياء يقولها في الصباح والمساء، ينبغي للمؤمن أن ينظر فيها وأن يتحفظ منها ما تيسر مثل كتاب رياض الصالحين، مثل كتاب الأذكار للنووي، ووابل الصيب لابن القيم وغيرها من الكتب المؤلفة في أذكار الصباح والمساء ففيها كفاية عما أحدثه الناس، واستعمال الفاتحة لفلان أو لفلان بدعة لا أساس لها، فينبغي الحذر من هذه الكتب المؤلفة في أذكار الصباح والمساء إلا ما كان صاحبه يعتني فيه بأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويذكر ما كان يفعله - صلى الله عليه وسلم - ويقوله في الصباح والمساء، هذا هو المعتمد، المعتمد هو الذي يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من الدعوات ومن الأذكار في الصباح والمساء مما يذكره أهل العلم في كتبهم المؤلفة في هذا الشأن، مثل ما تقدم من رياض الصالحين، وأذكار النووي، كتاب الوابل الصيب لابن القيم، وهكذا ما يذكر في الصحيحين في البخاري ومسلم وفي السنن وغيرها من تقابل هذا ما ثبت وما صح ويكفي، ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كتاب سماه الكلم الطيب ذكر فيه جملة من هذا أيضاً، فينبغي للمؤمن والمؤمنة أن يتوخيا ما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب وكتب الحديث، أما الأوراد التي يذكرها الصوفية كالحداد وغير الحداد فلا ينبغي اعتمادها، ولا ينبغي التعويل عليها لأنها لا تخلو في الغالب من أحاديث موضوعة أو أحاديث ضعيفة لا يعول عليها، أو بدع يأتون بها من عند أنفسهم، وينظمونها من عند أنفسهم، ليس لها أصل والله المستعـان.  
 
2- إذا وضعت الملابس التي احتلمت فيها وفيها المني، ووضعتها في صحن كبير أو في الغسالة للغسيل، وأثناء عملية الغسيل تقع علي وعلى ثيابي بعض القطرات من هذا الماء، فهل أتنجس أنا وثيابي، وهل غسلة واحدة تكفي، وما مقدار القلتين؟
اعلم يا أخي أن المني طاهر ليس بنجس فإذا وضعت الثوب الذي فيه المني في صحن كبير أو في غيره وطار منه ما الغسل الرشاش لا يضرك وليس بنجس، المني أصله، هو أصل الإنسان وهو طاهر، وكانت عائشة رضي الله عنها ربما حكته من ثوب النبي - صلى الله عليه وسلم - من دون غسل، ولو كان نجساً لاحتاج إلى غسل فالمقصود أن الصحيح أنه طاهر فقط، وليس بنجس، فلا يضر ما يقع من رشاش في غسله، وكذلك الماء الذي لا تعرف نجاسته، الأصل فيه الطهارة، هذا هو الأصل، في جميع المياه الطهارة إلا ما عرفت نجاسته، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الماء طهور لا ينجسه شيء)، والقلتان، فسرت القلتان بأنهما خمس قرب تقريباً وقيل أن القلتان كل واحدة بقدر ما يقله الرجل المعتدل الخلقة فهما قريب من خمس قرب تقريباً، فهذا عند ...من أهل العلم في القلتين، واختلف العلماء هل القلتان وما يقاربهما ينجسان بمجرد الملاقاة أو لا بد من التغير، والصواب أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، هذا الذي عليه المحققون من أهل العلم، لا ينجس الماء إلا بالتغير، إذا تغير طعمه أو لونه أو ريحه من النجاسة فيتنجس، وإلا فلا يتنجس لمجرد الملاقاة لنجاسةٍ قليلة التي لا تؤثر فيه شيئاً ولو كان أقل من القلتين، اللهم إلا ما كان قليلاً عرفاً كالذي يقع في الأواني المعتادة فهذا ينبغي أن يراق، إذا وقعت فيه نجاسة ولم تغيره، لأن البني - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يراق ما ولغ فيه الكلب من الأواني فهذا وأمثاله يدل على أن الإناء المعتاد إذا وقع فيه نجاسة قليلة، يعني لا تغير لونه ولا ريحه ولا طعمه أنه يراق، كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإراقة الإناء الذي ولغ فيه الكلب لأنه في الغالب يتأثر إذا وقع فيه وإن لم يظهر فيه أثر التغير مثل الريح أو اللون أو الطعم، لكن في الغالب أن الإناء الصغير يتغير، أما ما كان كبيراً كما يقارب القلتين أو قريب من ذلك هذا لا ينجس إلا بالتغير، لكن إذا ترك ذلك من باب الاحتياط كونه ........ ترك استعمال ما وقع فيه نجاسة لم تغيره وهو أقل من القلتين هذا من باب الاحتياط ومن باب الورع، ومن باب: (دع ما يريبك إلا ما لا يريبك)، فالحاصل أن هذا، أن القلتين وهما خمس قرب تقريباً عند أهل العلم لا تنجس إلا بالتغير، وما كان أقل من القلتين ينجس بملاقاة عند جمعٍ من أهل العلم، والصواب أن الجميع لا ينجس إلا بالتغير، بالطعم أو اللون أو الريح، إذا لم يتغير فهو باقي على طهوريته، اللهم إلا الشيء القليل الذي يكون في الأواني فهذا إن وقعت فيه نجاسة وإن لم تغيره فالأولى إراقته عملاً بالحديث الصحيح الذي فيه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإراقة الإناء الذي ولغ في الكلب وقد خرجه مسلم في الصحيح.  
 
3- إذا كنت أعمل في سيارة كبيرة ودائماً طول السنة في السفر، وأقل مسافة ما بين مكة وجدة حوالي خمسة وسبعين كيلو متر، هل يجوز لي الصوم وعدم تقصير الصلاة وأداء السنن الراتبة، وما هي أقل مسافة بالكيلو مترات التي تقصر فيها الصلاة، ويفطر فيها الصائم، وإذا أتى على مسجد فهل يصلي معهم؟
السنة في السفر القصر والفطر، ومن أتم في السفر أو صام في السفر لا حرج عليه، إذا أتم لا حرج عليه وإذا صام في السفر لا حرج عليه، ولكن الأفضل إذا هو في السفر يفطر ويقصر في الرباعية ركعتين، هذا هو السنة التي كان النبي يفعلها عليه الصلاة والسلام وأصحابه، وكان يصوم في السفر وربما أفطر عليه الصلاة والسلام، وهكذا كان أصحابه رضي الله عنهم يسافرون فمنهم الصائم ومنهم المفطر، وقد دلت السنة على أن الإفطار أفضل ولا سيما مع شدة الحر، فالفطر أفضل، والقصر أفضل بكل حال، الصائم إذا سافر يقصر ركعتين، والسفر الذي تقصر فيه الصلاة لا يعد السفر عرفاً، ما يعده الناس السفر عرفاً، هذا هو السفر، وهو الذي يحتاج إلى الزاد والمزاد، يحتاج إلى الماء، يحتاج إلى الطعام، إذا سافر الإنسان في الطريق.......ولا فيه شيء، يحتاج إلى الزاد والمزاد، هذا هو السفر، وحده الأكثرون بمسافة يومين قاصدين، نحو سبعين كيلو أو ثمانين كيلو، هذا سفر، إذا كانت المسافة سبعين كيلو، أو ثمانين كيلو، وما يقارب ذلك، هذا يعد سفراً، ويحتاج إلى الزاد والمزاد إذا كان في جهةٍ ليس فيها قهاوي في الطريق، فإن العاقل لا يسافر إليه إلا باحتياط معه، معه ماء معه طعام، لئلا يتعطل في الطريق، أما الطرق التي فيها القهاوي والتي فيها المطاعم، فالناس لا يحتاجون فيها إلى الزاد والمزاد بوجود ما يكفيه من الطرقات فلا تعتبر هذه، والحاصل أن ما كان مسافته من الطريق مسافته ثمانين كيلو، سبعين كيلو، مثل ما بين الطائف ومكة، وجدة ومكة، كل هذا يعتبر سفراً، وهكذا ما أشبه ذلك يعتبر سفراً، لكن لا ينبغي للمؤمن أن يصلي وحده، بل يصلي مع الناس إذا كان في مسجد يصلي معهم، مثل الجماعة موجودون يصلي معهم أربعاً إذا كانوا مقيمين، لا يصلي وحده ثنتين، لأن الجماعة واجبة، فالمسافر إذا صادف جماعةً مقيمين صلى معهم أربعاً، ولا يصلي وحده، فإن لم يجد صلى وحده ثنتين، صلى ثنتين لأنها السنة، أو كان معه جماعة مسافرون يصلي هو وإياهم ثنتين، ثنيتن في الظهر والعصر والعشاء، أما المغرب فتصلى ثلاث دائماً لا تقصر، والفجر على حالها ثنتان لا تقصر، إنما القصر في الظهر والعصر والعشاء، هذه الفرائض الثلاث هي محل القصر، والله سبحانه وتعالى أعلم.  
 
4- بالنسبة للشخص إذا كان في مكان تقام فيه الصلاة، لكن لديه مثلاً أناس مسافرون مثله، هل يذهب للمسجد أو يقيم صلاته؟
هم مخيرون، مخيرون، إذا صلوا وحدهم صلوا ثنتين، وإن صلوا مع الناس صلوا أربعاً، هذه السنة، المسافر إذا صلى مع الإمام المقيم صلى أربعاً، وإن صلى وحده مع أصحابه المسافرين صلوا ثنتين، وهم مخيرون، والقصر أفضل لهم. طيب.. هل يطالب أو عليه أن يأتي بالراتبة إذا صلى مع الذين يتمون؟ إذا صلى مع المتمين فالأفضل أن يأتي بالراتبة، لأن صار له حكم المقيمين، فيصلي الراتبة وإن تركها لا بأس، لكن إذا أتم فالأفضل أن يأتي بالراتبة وإن قصر فالأفضل ترك الراتبة للظهر والعشاء، أما الفجر فإن السنة فيها ثابتة، في السفر والحضر، وهكذا الوتر، المسافر يوتر ويصلي سنة الفجر، أما سنة المغرب، سنة الظهر، سنة العشاء، فالأفضل تركها للمسافرين إذا قصروا.  
 
5- إن لأبي امرأة وله منها أولاد، ولزوجته هذه أخت، فهل يجوز أن أتزوج أخت زوجة أبي، علماً أن إخواني من زوجة أبي ينادونها يا خالة، وطبعاً هي محرمة عليهم لأنها خالتهم أخت أمهم، فهل تحرم علي لأني أخوهم، وهل يصبح تقديرها بالنسبة لي يعادل تقدير الخالة الأصلية أم لا؟
لا، بالنسبة للسائل لا، ليست خالة له، لك أيها السائل أن تتزوج هذه المرأة التي هي خالة إخوتك من أمك، لا بأس، أنت أجنبي عنها وهي أجنبية منك، فلك أن تتزوجها وإن كانت خالة إخوتك من أمك، بل لك أن تتزوج أخت إخوتك من أمك، لو كان لزوجة أبيك بنتان من زوجٍ سابق، فإن لك أن تتزوجها وليس لإخوتك أن يتزوجوها لأنها أختهم، أما أنت فأجنبي فلك أن تنكح بنت زوجة أبيك ولك أن تنكح أختها لأنك أجنبي منها، أما إخوتك فلا، إخوتك بنت أمهم أختهم وإن كانت من غير أبيهم وأختها خالتهم فلا ينكحونها وليس لهم ذلك، ولكن أنت أجنبي من البنت ومن الأخت، زوجة أبيك حرمت عليك لأنها زوجة أبيك، أما بنتها من غير أبيك من زوجٍ سابق، فلك أن تنكحها إن لم يكن بينك وبينها رضاعة، وهكذا أخواتها، لك أن تنكح إحدى أخواتها، لأنك أجنبي منها، إن لم يكن بينك وبينها رضاعة، أما إخوتك فلا، لأنها خالتهم، والله سبحانه وتعالى أعلم. 

539 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply