حلقة 26: حديث خمسة عشر عقوبة لتارك الصلاة ومدى صحته - أصابته جنابة في البرية وليس معه ماء - حكم قول الحوقلة عند موت الكافر، وحكم الدعاء له - صلة الوالد القاطع للصلاة - الحجاب عند ابن العم - من صور الربا - قال علي الطلاق ما تفعلين ففعلت

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

26 / 50 محاضرة

حلقة 26: حديث خمسة عشر عقوبة لتارك الصلاة ومدى صحته - أصابته جنابة في البرية وليس معه ماء - حكم قول الحوقلة عند موت الكافر، وحكم الدعاء له - صلة الوالد القاطع للصلاة - الحجاب عند ابن العم - من صور الربا - قال علي الطلاق ما تفعلين ففعلت

1- هناك ورقة توزع في بعض الدوائر الحكومية وفي المنتديات مكتوب فيها: روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم-: من تهاون في الصلاة عاقبه الله بخمسة عشر عقوبة، منها في الدنيا ست، وثلاث عند الموت وثلاث في القبر، وثلاثة التي تصيب يوم القيامة، أما الستة التي تصيبه في الدنيا فهي: ينزع الله البركة من عمره، لا يرفع الله له دعاء إلى السماء، يمسح الله سيما الصالحين من وجهه إلى آخر هذه الست، وفي الثلاث عند الموت يقول: إنه يموت ذليلاً، إنه يموت خائفاً... يقول الذي يوزعها كنت أوزعها وأنا لا أدري عن صحتها من عدمه، أرجو إفادتي إذا كانت صحيحة هذه الأشياء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -فأنا استمر في توزيعها هذه الورقة؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعــد: فهذه الورقة التي يوزعها بعض الناس وتحمل هذا الحديث الذي يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -في عقوبة تارك الصلاة بخمسة عشر عقوبة، ستة في الحياة.. الخ، هذا الحديث ذكر أهل العلم أنه باطل وأنه موضوع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس بصحيح، فلا يجوز توزيعها ولا يجوز تعليقها في الجدران؛ لأن هذا الحديث غير صحيح، وليس بثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام، وقد نبه الحافظ ابن حجر رحمه الله في لسان الميزان على أن هذا الحديث باطل، ونبه عليه أيضاً الذهبي رحمه الله في الميزان وبين أنه باطل، وقد وقع للذهبي رحمه الله في الكبائر مثل هذا الحديث، في كتابه المعروف الكبائر، وكان هذا من تساهله رحمه الله، والصواب أن هذا الحديث باطل ولا يجوز نشره ولا توزيعه بين الناس بل يجب إتلاف الأوراق التي يكون فيها هذا، لأنه مكذوب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس له صحة، والله سبحانه وتعالى. وقبل ذلك أوراق توزع بين الناس وتكتب بين الناس منها ورقة يذكر فيها أن خادم النبي - صلى الله عليه وسلم-، خادم النبي - صلى الله عليه وسلم -رأى رؤيا وأن فيها كذا وكذا وكذا هذه باطلة أيضاً، لا صحة لها ولا أساس لها، وقد كتبنا فيها رداً على صاحبها بينّا بطلانها وأن هذا الخادم لا وجود له، وأن هذه الرؤيا لا صحة لها بل هي باطلة، فينبغي التنبه لهذه الأكاذيب وهذه الأشياء التي يوزعها بعض الناس، وهكذا أوراق يوزعها بعض الناس فيها ذكر آيات وفيها أن من وقعت في يده يكتبها ويوزعها على كذا وكذا، ولا يجوز له تركها، هذه أيضاً باطلة، كلها لا أساس لها، ولا يجوز الأخذ بهذه الأشياء التي لا أساس لها من الصحة.  
 
2- أصابتني جنابة في البرية وليس عندي ماء للغسل فتيممت وصليت الفجر أنا وجماعة معي، فلما رجعت إلى الخيمة سألتني زوجتي كم مرة تيممت؟ فقلت تيممت مرة واحدة، فقالت: إنه يلزمك تيممان، أحدهما عن الجنابة والثاني عن الصلاة، فهل ذلك صحيح أم لا؟
لا، ليس بصحيح، الذي عليه جنابة يكفيه تيمم واحد، النبي - صلى الله عليه وسلم -أمر عماراً أن يتيمم تيمماً واحداً للصلاة وهو على جنابة، فإذا ضرب التراب ومسح بهما وجهه وكفيه كفى ذلك عن الجنابة وعن الحدث الأصغر، لأن الله قال: فإن لم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه، فالتيمم للحدث الأصغر والأكبر تيمم واحد، وكذا المرأة التي أصابها الحيض والنفاس ثم طهرت من حيضها ونفاسها، فإنه يكفيها تيمم واحد عن الحيض وعن الحدث الأصغر، وبعدها تصلي، هذا الواجب، ولا يلزم تيممان واحد عن الحديث الأصغر والثاني عن الأكبر، لا، لا يلزم هذا، النية تكفي عن الجميع، إن نوى الجميع كفاه تيمم واحد، مثل الغسل، مثل ما إذا نوى الغسل للطهارتين كفى، وإن كان الأفضل في الغسل يتوضأ وضوء الصلاة ثم يغتسل، أما التيمم فكفيه تيمم واحد، يضرب التراب بيده ضربةً واحدة ثم يمسح بهما وجهه وكفيه بنية الحدث الأكبر والأصغر جميعاً، ويكفيه ذلك والحمد لله.   
 
3- لي والد متوفى، وتقول لي والدتي إنه يسرق الناس أموالهم هل أقوم بذبح الضحايا له، وهل أوفي الدين الذي مطلوب منه وهو سبعة دنانير،
الوالد له حق كبير، وكونه إذا كان يسرق هذه معصية، والمعاصي لا تمنع الإحسان للوالدين، فإذا كان على قول والدته أنه يسرق لا يمنع هذا من التضحية عنه ووفاء الدين الذي عليه وأنت مأجور يا ولده في التضحية عنه وفي الإحسان إليه، وفي الصدقة والدعاء ولو كان ينهب بعض أموال بعض الناس لأن هذه من المعاصي لا تخرجه من دائرة الإسلام، ما دام معروفاً بالاستقامة في مسائل أخرى مثلاً يصلي، يوحد الله، ولكن قد يقع منه نهب بعض الأموال هذا لا يمنع من الضحية له ولا يمنع من الصدقة عنه بالمال، بالنقود ونحو ذلك، ولا يمنع من الدعاء له، كل هذا لا بأس به، لأن الميت يدعى له، ويتصدق عنه، ولو كان فيه فسق، ولو كان عنده معاصي، أما الكافر فلا، المعروف بالكفر الذي مثل اليهودي والنصراني والوثني، مثل الذي يدعو الأموات ويستغيث بالأموات وينذر لهم، هذا لا يدعى عليه إذا مات ولا يضحى عنه ولا يتصدق عنه، وإنما الضحية والصدقة والدعاء للمسلم وإن كان عنده معاصي، ينبغي التفطن لهذا.  
 
4- إذا مات رجل أو امرأة وهو كافر، هل يمكن أن نقول: إن لله وإنا إليه راجعون أو لا يجوز، ونقول أيضاً: (( يا أيتها النفْس الْمطْمئنة ارْجعي إلى ربك راضية مرْضية))[الفجر:28] إلى آخره؟
الكافر إذا مات لا بأس أن تقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، الحمد لله، من أقربائك، لا بأس، كل الناس إلى الله راجعون، كل الناس ملك لله سبحانه وتعالى، لا بأس بهذا، ولكن لا يدعى له، ما دام كافر لا يدعى له، ولا يقال: يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي، لأن النفس هذه غير مطمئنة، نفس فاجرة، لا يقال لها هذا، وإنما يقال هذا في المؤمن، فالحاصل أن الكافر إذا مات لا بأس أن تقول إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا بأس أن يقول لك غيرك: عظم الله أجرك فيه، وأحسن عزاءك فيه، ما في بأس، قد يكون لك مصلحة في حياته، قد يكون في حياته يحسن إليك، ينفعك، فلا بأس، لكن لا يدعى له، ولا يستغفر له، ولا يتصدق عنه، إذا مات كافراً.  
 
5- لي والدة حنون وعطوف محبة لي وهي لا تصلي، هل يمكنني الإنفاق عليها وخدمتها أم لا؟
نعم، وإن كانت لا تصلي، الواجب عليك الإحسان إليك وبرها، ومصاحبتها بالمعروف حتى يتوفاها الله، ولكن مع هذا تنصحها كثيراً وتوصيها بالصلاة وتعلمها أن الصلاة أمرها عظيم وأنها عمود الإسلام، وأن من تركها كفر لعلها تهتدي، تحسن إليها بالمعروف، بالكلام الطيب، بالمواساة بالمال، هكذا ينبغي، لأن الله تعالى أوصى بالوالدين وإن كانا كافرين، أوصى بهم خيراً وإحساناً، والإحسان قد يكون سبباً لهدايتها وقيامها للصلاة، فعليك بالإحسان إليها والصبر عليها، ومخاطبتها بالتي هي أحسن ونصيحتها لعل الله يهديها.  
 
6- هل يجوز للمرأة المتزوجة أن تلبس اللبس الخفيف مثل الشلحة أو تكشف عن شعر رأسها وهي جالسة مع أبيها أو إخوانها أو عمها؟
ينبغي للمرأة أن تكون حريصة على صيانة جسمها، وعلى حفظ مفاتنها وصيانتها حتى عند المحارم حذراً من الفتنة، ولكن لا بأس أن يبدو شعرها أو ساعدها أو شيء من ساقها لا بأس لمحرمها كأبيها أو أخيها أو عمها أو نحو ذلك، لكن كونها تتحفظ تستر شعرها وساعديها وساقيها عن المحارم من باب الاحتشام ومن باب الحذر من بعض المحارم الذين قد يخشى منهم الشر لأن المحارم بعضهم فيه فسق وفيه خطر فإذا احتشمت وسترت نفسها عند محارمها ولم تبد إلا وجهها وكفيها أو قدميها مثلاً، هذا يكون أحسن وأحوط وأبعد لها عن الخطر، لأن بعض المحارم يخشى شرهم لفسقهم وانحرافهم أو كفر بعضهم ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولكن يجوز للمحرم أن ينظر شعرها وساقها مثلاً وساعدها كما ينظر وجهها وكفيها، لكن كونها تحتشم، وكونها تستر هذه الأمور ولا تبدي إلا الوجه والكفين أو القدمين مثلاً هذا يكون أفضل لها وأحوط حذراً من بعض المحارم الذين ليس لهم من الإيمان والتقوى ما يحجزهم عن الشر، هذا هو الذي ينبغي، ولا سيما إذا خلا بها محرمها كأخيها أو عمها فإن الحشمة في هذا المقام أولى وأفضل وأحوط، أما الثياب الرقيقة التي لا تستر العورة فلا، تلبس الثياب الرقيقة تبين أفخاذها أو تبين عورتها أو ضيقة هذا لا يجوز لها حتى عند المحارم، ما يجوز، تلبس ملابس ساترة والشلحة وحدها كذلك ما ينبغي لها أن تفعلها عند المحارم، لأن الشلحة تكشف كثيراً من جسمها، فلا ينبغي لها ذلك، ولكن تلبس ثياباً ساترة، وتبدي وجهها وكفيها لا بأس مع محارمها.   
 
7- هل يحل للبنت أن تكشف الحجاب أو تجلس مع ابن عمها أو ابن خالها، وهل يستمر الحال كذلك إذا تزوجت؟
أما الكشف لابن عمها أو ابن خالها سواء قبل الزواج أو بعد الزواج ما يجوز هذا لأنه ليس محرماً لها، فلا يجوز للبنت أن تكشف وجهها أو شيئاً من زينتها لابن خالها، أو لابن عمها أو لبعض جيرانها، أو لأخي زوجها، أو زوج أختها، كل هذا لا يجوز، لأنه ليس بمحرم، وهي مأمورة بالحجاب والستر، فليس لها أن تكشف وجهها ولا شيء من زينتها لهؤلاء، بل عليها أن تحتجب حجاباً كاملاً عن هؤلاء، والوجه أعظم الزينة فليس لها أن تكشف وجهها إلا لمحارمها، أما ابن عمها وابن خالها أو زوج أختها وأخو زوجها كلهم أجانب ليسوا محارم لها فليس لها أن تكشف لهم، ولكن تكلمهم، ترد عليهم السلام، تكلمهم الكلام العادي، لا حرج في ذلك، لكن بدون خلوة، لا يخلو أحد بها.  
 
8- شاب عليه دين ذهب إلى أحد البنوك وأخذ سلفة مقدارها عشرة آلاف ريال، على أن يرجع المبلغ بعد سنة اثنا عشر ألف ريال، هل هذا ربا، وهل عليه إثم؟
هذا ربا، إذا أخذ من البنك مثلاً عشرة آلاف قرضاً على أنه يرده اثني عشر ألف هذا من الربا الصريح، لا شك في ذلك، عند جميع أهل العلم هو ربا لا شك في ذلك، سواء كان من البنك أو من غير البنك، وهذه الفوائد الربوية قد نص أهل العلم على تحريمها فلا يجوز لأحد أن يتعاطها لا مع البنك ولا مع غير البنك، أن يقترض شيئاً ليرد أكثر منه هذا لا يجوز أبداً ولو درهم واحد، لكن إذا أخذ قرضاً من دون فائدة ثم رد أكثر منه تبرعاً منه ومعروفاً منه فلا بأس، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (إن خياركم أحسنكم قضاء)، فإذا اقترض من زيد عشرة آلاف من دون شرط فائدة، معروفاً ثم لما ردها عليه زاده شيئاً هذا لا بأس، معروفاً من دون شرط، إن خيار الناس أحسنهم قضاء، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرد أحسن وأفضل عليه الصلاة والسلام إذا اقترض. لكن لو في تواطء مثلاً، اشترط المقرض قال زودني مثلاً أو شيء من هذا القبيل ولم يحدد شيئاً؟؟ التواطؤ ما يجوز، ولو ما كتب، ما دام في تواطؤ لا يجوز، لا تجوز الزيادة، بل يرده مثل ما أخذه سواء، هذا الواجب عليه.  
 
9- رجل قال لزوجته علي الطلاق ما تفعلين ذلك الشيء، فعصته وفعلته في الحال، ماذا يعمل؟ فهل تعد هذه يمينا ويكفر عنها أو ماذا؟
إذا قال عليه الطلاق لزوجته أنها ما تفعل هذا الشيء فله حالان، إحداهما أن يقصد إيقاع الطلاق بها إذا فعلت، هذا يكون طلقة، إذا فعلت يكون طلقة تحسب عليه، إذا كان قبلها طلقتين بانت منه، وإن لم يكن قبلها طلقتان تحسب عليه طلقة، إذا كان قال عليك الطلاق إن كلمت فلان أو إن لم تفعلي كذا أو إن زرت فلان أو ما أشبه ذلك وهو يقصد إيقاع الطلاق إذا فعلت، يعني نيته إيقاع الطلاق عليها، هذا يقع طلقة، أما إذا كان قصده منعها وتخويفها وليس قصده طلاقها وإيقاع الطلاق عليها، إنما قال ذلك ليمنعها من ذلك الشيء، عليها الطلاق إن كلمت فلان أو إن دخلت بيت فلان، أو ما أشبه ذلك يقصد منعها وتخويفها وزجرها ولم يقصد ولم ينوي إيقاع الطلاق عليها ولا فراقها، هذا يكون حكم اليمين، يكون حكمه حكم اليمين في أصح قولي العلماء، وعليه كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، والإطعام لكل واحد نصف صاع من التمر أو رز، من قوت البلد، نصف صاع، يقوم مقامه كيلو ونصف من ذلك، هذه كفارة اليمين في مثل هذا.  

552 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply