حلقة 1: طلاق الحامل - سمع أذان غيره وهو في جماعة - التوكيل في الحج - حكم صياح الأطفال في المسجد الحرام

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

1 / 50 محاضرة

حلقة 1: طلاق الحامل - سمع أذان غيره وهو في جماعة - التوكيل في الحج - حكم صياح الأطفال في المسجد الحرام

1- إنسان في جماعة وسمع الأذان هل يجب عليه أن يؤذن أو يكفيه الأذان الذي سمعه من مؤذن آخر?
ج/ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالإنسان الذي في جماعة وسمع أذان أي مسجد فإن الواجب عليه وعلى الجماعة أن يجيبوا الأذان وأن يتوجهوا إلى المسجد ولا يصلوا في محلهم، ولا حاجة إلى الأذان ولا غيره، بل يتوجهون إلى المسجد الذي سمعوا أذانه وهو قريب منهم، إذ يمكنهم الوصول إليه والصلاة معهم إذا كان الأذان بالصوت الطبيعي، فإن الغالب يكون المسجد قريباً، أما إذا كان بمكبر فقد يكون بعيداً ووصله الصوت من بعد، فالحاصل أن الواجب عليهم التوجه إلى المسجد إذا أمكن، أما إن كان بعيداً لا يتيسر لهم الوصول إليه إلا بعد فوات الصلاة لبعده، ولأن الصوت سمعوه بواسطة المكبر وهو يأتي من بعيد فإنهم يكتفون بالأذان هذا وتكفي الإقامة؛ لأن المقصود سماع الأذان ووجود ما يدعو الناس إلى الصلاة ويعلمهم بالوقت وقد حصل.(المقدم: لا، هو يقول أيضاً في الرسالة: هل يجب عليه أن يؤذن أم يقيم على الأذان الذي سيسمعه من حوله؟ هذا قريب منه؟) المقصود يكفيه الإقامة إذا كان ما يتيسر له أن يصلي مع الناس لمرض أو كونه حارساً أو ما أشبه ذلك، يكفيه الأذان ويقيم، يأتي بالإقامة فقط، أما إذا كان في محل قريب بحيث يستطيع الوصول إلى هذا الأذان ويصلي مع الناس فإن الواجب على هؤلاء السامعين للأذان أن يجيبوا، للحديث: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر)، هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، فالواجب على من سمع الأذان أن يجيب الأذان ، ويتوجه للمسجد أو محل المسجد أو محل إقامة الجماعة حتى يكثروا السواد وحتى يحصل الاجتماع على طاعة الله عز وجل ، وحتى يحصل الامتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بحضور الجماعة ، لكن إذا كان هناك مانع من مرض أو خوف أو كونه حارساً لمالٍ عنده لا يستطيع التوجه أو لأن المكان بعيد وسمعوا الصوت من بعيد بسبب المكبر ولا يستطيعون الوصول إليه إلا وقد فاتتهم الصلاة فليصلوا في مكانهم ويكتفوا بالأذان، فإن أذنوا فلا بأس، إن أذنوا أذاناً ثانياً فلا حرج ، لأنه خير بلا شر ، لا سيما مع البعد ، وإن اكتفوا بالأذان فإنه كافي وعليهم أن يقيموا فقط ، على المتخلف لمرض أو خوف أو ما أشبه ذلك، أن يقيم الصلاة ويكتفي بالأذان.
 
2- هل المرأة الحامل يجوز عليها الطلاق أي تطلق وهي حامل؟
ج/ هذه المسألة تقع لبعض العامة، بعض العوام يظن أن الحامل لا يقع عليها طلاق، ولا أدري من أين جاءهم هذا الظن؟! وهو لا أصل له في كلام العلماء ، ليس له أصل ، بل الذي عليه أهل العلم قاطبة أن الحامل يقع عليها الطلاق ، هذا إجماع من أهل العلم ، ليس فيه خلاف ، الحامل طلاقها إما سني وإما لا سنة ولا بدعة. فالحاصل أنه يقع عليها الطلاق، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لابن عمر لما طلق وأتاه بحيضها ، وأمره أن يمسكها حتى تحيض ثم تطهر قال: (تطلقها طاهراً أو حاملاً)، فدل على أن تطليق الحامل من جنس تطليق الطاهر التي لم تمس. فالحاصل أن طلاق الحامل أمر لا بأس به، بل هو سنة على الراجح، طلاقها سني لا بدعي، الحامل، وإنما الذي ينهى عن تطليقها حال وجودها بالصفة التي ينبه عليها، الحائض والنفساء، فما دامت حال الحيض والنفاس لا يجوز للمسلم أن يطلقها، يعني لا يجوز لزوجها أن يطلقها، بل يمسك حتى تطهر ثم إذا شاء طلق وإذا شاء أمسك، أما كونه يطلقها وهي حائض أو نفساء فلا، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم غضب على ابن عمر لما طلق امرأته وهي حائض. وكذلك إذا طلقها في طهر قد مسها فيه، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (ثم ليطلقها قبل أن يمسها، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء)، لقوله سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ.. (1) سورة الطلاق، قال العلماء : معناه طاهرات من غير جماع، هذا معنى التطليق للعدة، أن يطلقها وهي طاهر لم يمسها، أو حبلى قد ظهر حملها، هذا محل السنة، إذن تطليق المرأة في حالين: إحداهما: أن تكون حبلى، يعني حامل فطلاقها سني لا بدعي، الحالة الثانية: أن تكون طاهراً لم يمسها الزوج، قد طهرت من حيضها أو نفاسها قبل أن يمسها، فإن هذا الطلاق سني في هذه الحالة. أما البدعي فله ثلاث حالات: تطليق الحائض هذه واحدة، تطليق النفساء اثنتين ، تطليق المرأة في حال طهرها بعد المسيس، بعد ما جامعها هذا بدعي لا ينبغي أن يقع. بل ينبغي للزوج أن يمسك عن الطلاق في هذه الحال حتى تحيض ثم تطهر قبل أن يمس ويطلق. والحكمة في ذلك -والله أعلم- أن الشارع يريد عدم الطلاق، ويرى في بقاء النكاح لما فيه من الخير والمصالح، فلهذا ضيق الطريق إليه فجعل المرأة في حال حيضها أو نفاسها أو طهر مسها فيه ليس محل طلاق، حتى يمسك، فلعل الحال تحسن بعد ذلك، ولعل الوئام يحصل بعد ذلك فلا يقع الطلاق، ولا يطلقها إلا في إحدى حالين، إحداهما: أن تكون حبلى، والثاني: أن تكون في طهرٍ لم يمسها فيه، وهي في هذه الحال في الغالب لا يطلقها، إذا رآه فيها، إذا طهرت ورغب في جماعها، فإذا جامعها منع من طلاقها حتى تبقى معه، وكذلك الحبلى ليس فيها موانع من الجماع، فهي صالحة للجماع في كل وقت فلهذا لا يرغب في طلاقها في الغالب؛ ولأنه يرجو هذا النتاج هذا الحمل، يرجو أن يشاهده وأن يربيه، فحينئذٍ يحصل الامتناع من الطلاق، هذا من رحمة الله للعباد، سبحانه وتعالى أن جعل الطلاق في هاتين الحالتين: حالة الطهر من دون مسيس، وفي حالة الحبل، حالة الحمل، حتى لا يطلقها؛ لأنه إذا كان الطلاق في هاتين الحالين فالغالب أنه لا يقع الطلاق في هاتين الحالين، لأنه بعد الطهر يشتاق إلى جماعها بعد ما منع منها أيام في حال حيضها أو نفاسها فيشتاق إلى أن يجامعها، فإذا جامعها منع من طلاقها حتى تحيض مرةً أخرى وتطهر. في الحقيقة أن المرأة إذا ___ الزوج على أمر مشروع فإنه بذلك يقل الطلاق ويكثر الإمساك ، والشارع نظر في بقاء النكاح لما يترتب عليه من المصالح الكثيرة ، ولهذا كان الطلاق أبغض الحلال إلى الله، أبغض الحلال إلى الله الطلاق ، لأنه يفرق بين الرجل وأهله، ويسبب شيئاً كثيراً من الأذى على الأولاد والزوج أيضاً قد يتأخر، ما يتزوج ، والمرأة قد تتأخر ما تتزوج بعد ذلك ، فالحاصل أن الطلاق فيه مساوئ، فلهذا شرع الله سبحانه وتعالى أسباب بقاء النكاح ليبقى الرجل محافظاً على زوجته مستفيداً منها ، وتبقى المرأة كذلك في عصمة زوجها في هذه الأحوال التي بينا أنه لا يطلق فيها ، حالة الحيض ، حالة النفاس ، حالة الطهر التي قد جامعها فيه ، هذه الأحوال الثلاث لا يطلق فيها ، ولا يجزئ له إذا طلقها فيها ، وبهذا يقل الطلاق ويكثر الإمساك وهذا من رحمة الله وإحسانه إلى عباده جل وعلا.

 

 
3- دفع مالا لشخص من أجل أن يحج لوالدته وهو يرى أنه أمين ، ثم تبين له أن هذا الشخص يعمل عملاً غير صالح، ويطلب الإفادة في هذا؟
ج/ ينبغي لمن أراد أن يستنيب أحداً في الحج أو في العمرة أن يختار الرجل الصالح المعروف بالثقة والأمانة وأن يسأل عنه ولا يتساهل، فلا يدفع المال إلى من لا يعرف حاله، فمن الواجب أن يتثبت في الأمر وأن لا يستنيب إلا الثقة الأمين، الذي قد عرفه جيرانه وإخوانه وأصحابه بذلك، فإذا استأجر إنساناً ليس بأمين، إذا ظهر له بعد ذلك أنه ليس بأمين فإن الأولى به أن لا يكتفي بذلك إذا أحب، بل يدفع حجة أخرى إلى الثقة الأمين، أو يحج بنفسه عن والدته، أو عن جدته، أو عن أخته في الله ، أخته التي قد ماتت ولم تحج ، أو عاجزة لا تستطيع الحج لكونها كبيرة السن ، يحج بنفسه هو حتى يطمئن أنه قد أدى الحجة عن هذه القريبة، أو يعطيها إلى ثقةٍ أمين معروف حتى يطمئن إلى أنه يؤديها كما شرع الله سبحانه وتعالى، وكثير من الناس لا يبالي يدفع الحجة إلى كل أحد ، إلى كل من هب ودب ، هذا غلط ، فلا ينبغي هذا ، وليس من الأمانة ، وليس من الرعاية، فلا بد من أن يكون الإنسان يرعى الأمانة ويتقي الله في شؤونه كلها. فالحاصل إذا تيسر له أن يحج بنفسه عن أمه أو عن جدته أو عن أخته فهذا لا بأس، وهذا أولى، وإن لم يتيسر اختار الثقة الأمين المعروف بالديانة والأمانة، وإذا تيسر أنه من أهل العلم كان هذا أكمل حتى يؤدي الأنساك على خير وجه، وعلى ما شرعه الله سبحانه وتعالى. ثم الحج لا يكون إلا عن ميت أو عن إنسان كبير السن، يعني عاجز عن الحج، أما الصحيح الحي لا يحج عنه، بل إنما يكون عن الميت أو الذي عجز لكبر سنه أو مرض أعجزه يحج عنه، حتى ولو بالنافلة على الأرجح، حتى ولو النافلة.( يقول المقدم: ولكن الآن: الحجة وقعت وهو يسأل عن حكمها؟) ج/ الظاهر أنه يجزئ إن شاء الله ...... فالظاهر الإجزاء ، لأن الأصل أن مثل هذه المسائل الغالب على من أخذها أنه يؤديها، هذا الغالب، وإن كان قد يتهم بالخيانة ، لكن الغالب أنه يؤديها، لكن إذا احتاط وأخذ حجةً أخرى من باب الاحتياط فهذا أحسن، من باب: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، ومن باب الحيطة ولا سيما إذا كان وكيلاً في ذلك ، إذا كان وكيلاً في إخراج الحجة فقد قصر في الوكالة ولم يعتنِ بها، فكونه يخرج من ماله حجةً أخرى ليحتاط لدينه ولبراءة ذمته، هذا يكون أولى إن شاء الله، لأن ذاك الأول غير مأمون على أداء الحجة. 
 

 

4- تعود أن يصلي نفلاً بعد المغرب ست ركعات يقول: ولكني أصليهم بسورة الفاتحة فقط ، هل هذا يجوز أم لا؟
ج/ المشروع بعد المغرب ركعتان فقط، الراتبة، فمن صلى بعدها ستاً أو ثماناً أو عشراً أو أكثر فلا حرج عليه، لكن بعض الناس قد يظن أن للست خصوصية وهذا لا أصل له، ولم يثبت في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن اعتاده بعض الناس ، فالست ليس لها خصوصية وليس لها أصل يعتمد عليه في الأحاديث الصحيحة ، ولكن من فعلها لمزيد الخير ولمزيد العبادة ، صلى ستاً أو ثماناً بعد المغرب أو عشراً فلا حرج عليه، ليس فيه حد محدود، لأن بين العشائين محل صلاة ومحل عبادة، ولكن الراتبة فقط ركعتان، التي كان يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم ركعتان فقط، هذه الراتبة، فمن زاد بأن صلى أكثر من ذلك فلا حرج عليه، ولا بأس عليه. (يقول المقدم: لكن تجزئ بسورة الفاتحة فقط ؟)ج/ يجزئ بسورة الفاتحة، نعم، لو صلى بالفاتحة فقط أجزأت، لكن الأفضل أن يقرأ مع الفاتحة ما تيسر ، آية أو آيتين أو سورة قصيرة، هذا هو الأفضل. 

 

 
5- يستمع دائماً للأذان أو نقل الأذان من المسجد الحرام فيقول: بالرغم من بعد المسافة نسمع دائماً عند صلاة المغرب والعشاء صريخ وضجيج أطفال في بيت الله الحرام، هل هذا يجوز في هذا المكان أو في أي مسجدٍ من المساجد؟
ج/ لا حرج في ذلك؛ لأن من طبيعة الطفل أنه يحصل منه هذا الشيء، وكان الأطفال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يسمعهم النبي، ويسمع صراخهم ولم يمنع أمهاتهم من الحضور، بل ذلك جائز ومن طبيعة الطفل أنه يحصل له بعض الصراخ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه يسمع ذلك ولم يمنع، بل قال إنه يقوم في الصلاة وهو ينوي تطويلها فيسمع بكاء الصبي فيخفف لئلا تفتتن أمه. فهذا يدل على أنه أقرهن على ذلك وراعاهن في الصلاة أيضاً، عليه الصلاة والسلام، ولأن منع الأطفال معناه وسيلة إلى منع الأمهات من الحضور وقد يكون حضورهن فيه فائدة للتأسي بالإمام في الصلاة والطمأنينة فيها، ومعرفتها كما ينبغي، أو لتسمع فائدة من المكبر أو من الإمام من العلم. فالحاصل أن حضورها للمسجد مع التستر والتحجب والعناية وعدم الطيب فيه فوائد، فإن كانت لا تأتي إلا بتبرج وإظهار محاسنها أو الطيب فلا يجوز لها ذلك، بل صلاتها في بيتها أولى، وبكل حال فصلاتها في بيتها أولى وأفضل، إلا إذا كان خروجها تستفيد منه فائدة واضحة، كالنشاط في قيام رمضان وكسماع العلم والفائدة أو التأسي بالإمام في صلاته الراتبة والطمأنينة؛ لأنها تجهل كيفية الصلاة كما ينبغي، فتستفيد صفة الصلاة والطمأنينة فيها، تستفيد سماع المواعظ والذكرى، هذا قد يجعل خروجها أولى لهذه المصلحة، وإلا فالأصل أن بيتها خير لها، صلاة البيت أولى لها ، أما خروجها متبرجةً بالملابس الحسنة الفاتنة أو بإبراز بعض محاسنها أو إظهار الطيب الذي قد يسبب الفتنة لمن تمر عليهم فكل هذا لا يجوز، يجب عليها أن تبقى في بيتها ولا تخرج بهذه الأحوال التي تفتن الناس وتضر الناس، أما الطفل فلا بأس بوجوده معها، لكن تتحفظ منه تجعله في محل محفوظ حتى لا يقذر المسجد ولا يؤذي المصلين وإذا دعت الحاجة إلى حمله عند الحاجة لكي لا يسقط فلا بأس فقد حمل النبي صلى الله عليه وسلم أمامة بنت زينب حملها وهو يصلي بالناس عليه الصلاة والسلام، فالحاصل أن حمل الأطفال في المسجد حملهن حتى في الصلاة لا حرج فيه عند الحاجة، ولكن ينبغي المراعاة في ذلك إزالة الطفل من النجاسات حتى لا ينجس أمه.

663 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply