حلقة 16: صلاة السجود في الليل - حكم صلاة الضحى - حكم السلام على المحارم بالتقبيل والمصافحة - حد عورة المرأة عند محارمها - سنة الفجر ومتى تقضى - الطفل الذي يتوفى يصلى عليه - حكم المعاملة مع البنوك الربوية

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

16 / 50 محاضرة

حلقة 16: صلاة السجود في الليل - حكم صلاة الضحى - حكم السلام على المحارم بالتقبيل والمصافحة - حد عورة المرأة عند محارمها - سنة الفجر ومتى تقضى - الطفل الذي يتوفى يصلى عليه - حكم المعاملة مع البنوك الربوية

1-  ما حكم صلاة السجود في الليل؟ نرجو الإفادة عن ذلك

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعـد: هذا السؤال فيه إجمال، هو ما حكم صلاة السجود في الليل، يحتمل أن مراده بذلك، يعني ما حكم الصلاة التي يكثر فيها السجود ولا تطول فيها القراءة، ويحتمل أنه أراد معنىً آخر لم أفهمه، فإن كان يسأل عن الأول: فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على شرعية الإكثار من الصلوات وأنها من أسباب دخول الجنة، وأن العبد إذا سجد سجدة رفع الله بها درجة، وفي حديث ربيعة بن كعب الأسلمي قال: قلت يا رسول الله، لما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (سل) وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم قال: أسألك مرافقتك في الجنة، فقال: (أعني على ذلك بكثرة السجود)، يعني بكثرة الصلاة، فكثرة الصلاة يلزم منها كثرة السجود، والسجود فيه خشوع لله، وتعظيم لله عز وجل، فهو من أسباب رفع الدرجات وحط الخطيئات، ومن أسباب دخول الجنة والنجاة من النار، ومن أسباب حصول الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه إذا كان موحداً مسلماً، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا بالدعاء فقمن أن يستجاب لكم)، يعني حري أن يستجاب لكم. رواه مسلم في الصحيح، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء). فهذا يدل على أن السجود له شأن، وأن العبد أقرب ما يكون من ربه في حالة سجوده، لأن السجود حالة خضوع، حالة ذل لله وانكسار بين يدي سبحانه وتعالى، يضع وجهه الذي هو أكثر أعضائه الظاهرة، يضعه في الأرض، خاضعاً لربه، مطمئناً، خاشعاً، يرجو ثوابه ويخشى عقابه، فهو في هذه الحالة في غاية الذل والانكسار فهو أقرب ما يكون إلى الله جل وعلا، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء)، فدل ذلك على أن الدعاء في السجود دعاء مطلوب، وأن صاحبه حري بالإجابة، وصح عنه صلى الله عليه وسلم في حديث ثوبان (أن العبد ما سجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة)، فينبغي الإكثار من الصلوات في الليل وفي النهار، في الضحى، وفي الظهر، وفي الليل بعد العشاءين، وبعد العشاء، وفي جوف الليل، وفي آخر الليل، كل هذه أوقات عظيمة، ينبغي فيها الإكثار من الصلاة، ولا سيما في الليل، فإن الليل الصلاة فيه أفضل من صلاة النهار، وأقرب إلى الخشوع، وهدوء قلب، كما يقول جل وعلا: إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) سورة المزمل، فالصلاة في الليل لها شأن، والإنسان فيها أقرب ما يكون إلى الخشوع والذل بين يدي الله، ولا سيما في جوف الليل، وفي آخر الليل، فينبغي الإكثار من الصلوات في الليل وفي النهار، ويختمها في الليل بالوتر، إذا صلى ما كتب الله له من الصلوات ختمها بالوتر، وأفضل ما يكون إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة، لفعل النبي عليه الصلاة والسلام، ولو صلى أقل من ذلك خمسٍ أو سبعٍ فلا بأس فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يتنوع في صلاته، ربما أوتر بخمس، ربما أوتر بسبع، ربما أوتر بتسع، ربما أوتر بإحدى عشرة، وهو الأغلب، ربما أوتر بثلاث عشرة، فالأمر في هذا واسع، وإن صلى في الليل عشرين ركعة أو ثلاثين ركعة، أو أربعين ركعة، أو مئة ركعة وختمها بالوتر فكل هذا لا بأس به، النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن صلاة الليل فقال: (مثنى مثنى)، فلم يحد حداً عليه الصلاة والسلام، ما قال عشر ولا عشرين، بل أطلق، فالإنسان يصلي في الليل ما بدا له، ولو مئة ركعة، لكن بدون مشقة على نفسه، مع الرفق بنفسه، ومع الطمأنينة وعدم العجلة، ثم يختم بالوتر، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (صلاة الليل مثنى مثنى وإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعةً واحدة توتر له ما قد صلى)، فيصلي ما كتب الله له في الليل ولا يسهر بل ينام ويصلي، هذا السنة، حتى لا يتعب في النهار، وحتى يتفرغ لأعماله النهارية وعباداته النهارية، فيصلي ما كتب الله له في الليل، في أول الليل، أو في جوفه، أو في آخره، والآخر أفضل إذا تيسر، ثم يوتر بواحدة، ركعةٍ واحدة، هذا هو الأفضل.  
 
2- ما حكم صلاة الضحى هل هي سنة أم واجبة؟ أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء، ونتمنى لكم التوفيق
صلاة الضحى سنة، وليست واجبة، الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الصلوات الخمس؟ الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، قال السائل: هل عليّ غيرها؟ قال: (لا، إلا أن تطوع)، أي ليس عليك غير الخمس في اليوم والليلة إلا أن تطوع، فصلاة الضحى والرواتب قبل وبعد الصلوات الخمس، وصلاة الليل، كلها مستحبة، حتى الوتر مستحب على الصحيح، حتى الوتر سنة مؤكدة وليس بواجب عند جمهور أهل العلم.  
 
3- ما حكم السلام على المحارم بالتقبيل والمصافحة، وإذا كان ذلك جائزا فمن يكن له من الأقارب، الإخوة أم الأب، أم العم، أم الإخوان، وهل يدخل في ذلك محارم الرضاعة، أقصد بالتقبيل بين الرجل والمرأة
السلام على المحارم لا بأس به، السلام من الرجل على محارمه، والمرأة على محارمها لا بأس بالمصافحة أو بالتقبيل، كل هذا لا بأس به، والمحارم هم المبينون في قوله جل وعلا: ..وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ.. (31) سورة النــور، وملك اليمين لا بأس في إبداء الزينة لكن ليس من المحارم من كل وجه، لكنه في حكم المحارم من هذه الجهة، وكذلك الأخوال والأعمام هم أيضاً من المحارم، فهؤلاء هم المحارم: أبوها وأجدادها، وأبو أمها، وأجدادها من جهة الأم، وأبناؤها وأبناء بناتها ، وأبناء بنيها، وإخوة المرأة، وأبناء إخوتها هم محارمها أيضاًَ، وأبناء أخواتها من محارمها أيضاً، هكذا أخوالها، وأعمامها، كلهم محارمها، وهكذا أبو زوجها، وجد زوجها، وابن زوجها، وابن ابنه، وابن بنته، يعني بنت الزوج وابن ابنه، كلهم محارم لها، ولا بأس أن يقبل الرجل محرمه، عمته، خالته، أمه، جدته، أخته، لا بأس أن يقبلها، لكن الأفضل يكون مع الرأس ولا سيما الكبيرة أو على الأنف أو على الخد، هذا هو الأفضل، وكره جمع من أهل العلم تقبيل الفم إلا للزوج، أن يقبلها مع فمها هذا يكون للزوج، لا للمحارم هذا هو الأولى، الأولى أن يكون للمحارم على الرأس، على الأنف، على الخد، هذا هو الأولى والذي ينبغي، وسواء كانوا محارم من النسب أو من الرضاع، حتى الإرضاع، أبوها من الرضاع، عمها من الرضاع، خالها من الرضاع، ابن زوجها من الرضاع، أبو زوجها من الرضاع، كالنسب، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)، هكذا قال عليه الصلاة والسلام، فالرضاع مثل النسب، وهكذا المصاهرة، كما تقدم، أبو الزوج، محرم من جهة المصاهرة، أبو الزوج، جد الزوج، ابن الزوج، هذا محرم من جهة المصاهرة، سواء كان من النسب أو من الرضاع، والمصاهرة من باب أولى.  
 
4- ما حد عورة المرأة عند محارمها، هل هي عورة كلها، أم من السرة إلى الركبة، وما حكم نصف الكم للمرأة عند المحارم، وما حكم لبس الثياب الشفافة؟ أرجو الإفادة بذلك

 

هذا فيه تفصيل عند أهل العلم، واختلاف بين أهل العلم، منهم من قال: إن العورة منها ما فوق السرة وتحت الركبة للمحارم، ولكن هذا فيه نظر، والأقرب -والله أعلم- ما جرت العادة بكشفه، مثل الرأس، مثل الرقبة، القرط في الأذن، مثل الذراعين واليد والكفين، القدمين، طرف الساق، شيء جرت العادة بكشفه بين المحارم، وفي البيوت، هذا هو الأقرب، والأفضل ستر ما سوى ذلك، إلا عند الحاجة، مثل حاجة الرضاع، إخراج ثديها عند الرضاع لا نعلم فيه بأساً لإرضاع طفلها عند محرمها كأخيها وعمها ونحو ذلك، فالحاصل أن كونها تستر بدنها وتحتاط عند محارمها، ولا سيما في هذا العصر الذي قل فيه الدين عند بعض الناس، وكثر الفسق، والتساهل عند كثيرٍ من الرجال، فكونها تحتاط عند أوليائها، ولا سيما الجاهل والفاسق، ينبغي لها أن تحتاط دائماً فلا يظهر منها إلا ما جرت العادة في ظهوره من الوجه والكف والقدم أو بعض الشعور عند الحاجة لا بأس بهذا، ومهما أمكن التحفظ فهو أولى ما عدا الوجه والكفين والقدمين عند المحارم؛ لأن بعض الفساق قد يزين له الشيطان ما لا تحمد عقباه، وإن كان محرماً، فينبغي التحفظ مهما أمكن إلا ما جرت العادة الغالبة في كشفه من الوجه والكفين والقدمين ونحو ذلك. طيب وبالنسبة للملابس الشفافة؟ ج/ لا ما تجوز، الشفافة خطيرة قد تبدي العورة، لكن إذا كانت شفافة في الذراع فهذا سهل، لأن البدن مستور، فينبغي أن تكون الملابس ساترة صفيقة، لا تبين ما وراءها من حسن اللحم، ولون اللحم من حمرة وبياض ونحو ذلك، فتكون ساترة لهذا الشيء، يكون تحت الثوب الخفيف مثل الفنيلة التي تعين على ذلك، وما أشبه ذلك، المقصود أن الشفافة كالعارية، الشفافة من جنس العارية، فينبغي التحرز من هذا الشيء، وعدم التساهل في هذا الشيء.  

 

 
5- أفيدكم أنني امرأة ربة بيت، وقد رزقت مولوداً بقي على قيد الحياة قرابة أربعين يوما، وفي ذات يوم نمت قبيل العصر والمولود بخير واستيقظت من المنام في صلاة العصر، وإذا بالمولود ميت على الفراش، لذا خشيت أنني انقلبت عليه أثناء النوم، فهل علي شيء في ذلك؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا؛ علما أنني لا أعلم له سبباً إلا إذا كان لحقه مني شيء وأنا نائمة
إذا كنت أيها السائلة لا تعلمين أنه جرى منكِ شيء فليس عليك شيء، والموت قد يأتي بغتةً لأسبابٍ يجهلها الإنسان، فإذا كنت لا تعلمين أنك انقلبت عليه أو فعلت شيئاً يكون سبباً لموته، فليس عليك دية ولا كفارة، والأصل براءة الذمة، من الديات والكفارات إلا بأمرٍ واضح يوجب ذلك، والآجال بيد الله، ولها أسباب قد تخفى على الناس، فلا يلزمك دية ولا كفارة إلا بعد العلم بأن موته بأسبابك، والله سبحانه وتعالى أعلم، نسأل الله أن يجعله شافعاً مشفعاً.  
 
6- إذا تأخر الواحد عن صلاة الفجر مع الجماعة بسبب نوم أو غيره فمتى تكون ركعتي السنة، قبل أو بعد صلاة الفجر؟ ولكم شكري وخالص تحياتي
إذا تأخر الإنسان عن صلاة الجماعة في صلاة الفجر، ولم يدرك الجماعة فإنه يبدأ بالسنة الراتبة، يصليها ثم يصلي الفريضة، النبي صلى الله عليه وسلم لما نام ذات ليلة عن صلاة الفجر في السفر، ولم يوقظه إلا حر الشمس صلى النبي الراتبة ثم صلى الفجر، عليه الصلاة والسلام، وأمر بالأذان والإقامة كالعادة، فالإنسان إذا فاتته صلاة الفجر ولم يستيقظ إلا بعد ما صلى الناس، أو جاء إلى المسجد وقد صلى الناس، فإنه يصلي الراتبة اثنتين، ركعتين، ثم يصلي الفريضة، هذا هو السنة، ولو أخرها وصلاها بعد الصلاة، أو بعد طلوع الشمس فلا بأس، ولكن الأولى والأفضل أن يبدأ بها كما بدأ بها النبي صلى الله عليه وسلم لما فاتته الصلاة في بعض أسفاره، وإذا صلى مع الجماعة، جاء وهم يصلون صلى معهم وهو ما صلى الراتبة، فإنه يصليها بعد الصلاة إن شاء، أو يصليها بعد ارتفاع الشمس، وهو أفضل لأنه جاء بهذا حديث وبهذا حديث فهو مخير، إن شاء الله صلاها بعد صلاة الفجر في المسجد أو في بيته، وإن شاء صلاها بعد ارتفاع الشمس، كل ذلك بحمد الله موسع، وكله جاء فيه حديث جيد عن النبي عليه الصلاة والسلام.   
 
7- سمعت في البرنامج من فضيلة العلماء أن الطفل الذي يتوفى يصلى عليه، وأنا توفي مني أربعة أطفال لا يقل العمر عن سنة واحدة ولم يُصلَّ عليهم؛ لأنني مفوض الأمر لوالدي؟ أفيدوني أفادكم الله
لا شك أن الطفل الصحيح أنه يصلى عليه، الطفل الصغير الرضيع يصلى عليه، هذا هو الصواب، وقال بعض أهل العلم لا يصلى عليه، ولكن الصواب أنه يصلى عليه، فإذا جهل الإنسان ودفنه ولم يصل عليه جهلاً منه، فنرجو أن يعفو الله عنه، وليس عليه شيء، ولكن ينبغي له التنبه في المستقبل، وأن لا يدفن حتى يصلى عليه، يغسل ويكفن ويصلى عليه كالكبير، يغسل، يكفن، يطيب، ويصلى عليه، ثم يدفن، كالكبار، هذا هو المشروع، وهذا هو الواجب، وهو الأرجح من قولي العلماء في الطفل الصغير.  
 
8- سمعت أيضا في برنامجكم أن المعاملة مع البنوك محرمة والشيكات كذلك، وأنا لا بد من إرسال نقودي عن طريق البنك، لأنني لا أستطيع أن أذهب إلى مصر بالنقود التي معي ما زاد عن خمسين جنيه، فما الحل في ذلك، هل نرسل بواسطة البنوك أم لا
أما المعاملة مع البنوك الربوية للفوائد هذا لا يجوز، كونه يعطي مالاً ويأخذ عليه فوائد، أو يستقرض من البنك بفائدة هذا لا يجوز، هذا رباً بلا شك، وهو محرم، أما كونه يحول ماله من بنكٍ إلى بنك لأجل المشقة في نقله أو الخوف في نقله فنرجو أن لا حرج في هذا، وهذا من جنس الشيء الذي يضطر إليه الإنسان، هذه أمور اليوم ضرورية تعتبر ضرورية وهو لا يقصد الربا وإنما حول ماله من جهةٍ إلى جهة فلا يضره ذلك، ولا حرج في هذا إن شاء الله. أيها السادة إلى هنا نأتي إلى نهاية لقائنا هذا....   

599 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply