حلقة 39: صلاة العصر قبل الظهر - متى يقصر المسافر صلاته؟ وما مسافة القصر - الزواج ببنت زوجة الأب - حكم لقطة الغنم - طلاق الغضبان المغلق - كيفية صلاة من يغمى عليه

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

39 / 50 محاضرة

حلقة 39: صلاة العصر قبل الظهر - متى يقصر المسافر صلاته؟ وما مسافة القصر - الزواج ببنت زوجة الأب - حكم لقطة الغنم - طلاق الغضبان المغلق - كيفية صلاة من يغمى عليه

1- نمت قبل الظهر، فلما استيقظت وجدت أناساً في المسجد يصلون الظهر، وفكرت أنهم يصلون العصر فدخلت معهم بنية العصر، فهل أصلي بعد انقضاء الصلاة ظهراً أم لا، ومتى أصليها؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعـد: فهذا السائل في جوابه تفصيل: إن كان حين صلى معهم العصر ظن أنه قد صلى الظهر وفي اعتقاده أنه قد صلى الظهر وظنهم يصلون العصر لأنه باعتقاده قد صلى الظهر أجزأته صلاة العصر وعليه أن يصلي الظهر بعد ذلك؛ لأنه صلى العصر ظاناً أنه قد صلى الظهر، فتكون صلاته صحيحة، أما إذا كان تعمد صلاة العصر وهو يعلم أن عليه الظهر فإنها لا تجزئه، فعليه أن يعيد العصر بعد ما يصلي الظهر، يصلي الظهر أولاً ثم يصلي العصر، فيكون أتبع هذه بعد هذه، فالواجب أن تؤدى كما فرضها الله، فيصلي الظهر أولاً ثم يصلي العصر، لكن إذا صلى العصر الإنسان ناسياً، يحسب أنه ليس عليه الظهر، ثم بان أن عليه الظهر بعد ما صلى العصر أجزأته.  
 
2- متى يقصر المسلم صلاته، وما المدة التي يجوز فيها القصر؟
إذا سافر المؤمن سفر قصد، يعني سفراً يعتبر، وسفر قصد شرع له القصر؛ لأن الله جل وعلا قال: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ.. (101) سورة النساء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر قصر، يعني صلى ثنتين، الظهر والعصر والعشاء هذا محل القصر، أما الفجر فلا قصر فيه، والمغرب لا قصر فيها، إنما القصر في الظهر والعصر والعشاء، يعني في الرباعية، فإذا سافر ما يعد سفراً مثل سبعين كيلو، ثمانين كيلو، أكثر من ذلك، وهما في العهد الأول مرحلتان للإبل يعني يومين قاصدين، فلما ذهبت الإبل صارت السيارات الآن سبعين كيلو، ثمانين كيلو مرحلة تعد سفراً، هذا هو الأحوط للمؤمن إذا كان في هذه المسافة قصر، وإذا كان في أقل منها كالخمسين والأربعين فالأحوط أن لا يقصر لأنها تشبه الضواحي للبلد، وتقرب من البلد بالنسبة إلى سرعة السيارات، وقد ذهب أهل العلم إلى أن السفر هو كل ما يعد سفراً، أي إذا احتاج إلى زاد ومزاد، هذا يعد سفر وإن لم يبلغ سبعين كيلو، وإن لم يبلغ يوماً وليلة إذا كان يحتاج إلى زاد وإلى مزاد، إلى ماء يعني، ما يعد سفراً هو الذي يقصر فيه وهو الذي يحتاج إلى الزاد من الطعام والمزاد يعني الماء، كخمسين كيلو، أربعين كيلو، ونحو ذلك، في المطية والمشي على الأقدام، أما السيارة فإن حالها غير حال الأقدام، وغير حال المطية، كما هو معلوم بسبب السرعة، فلهذا إذا احتيط في هذا وصار السفر ما يعد سبعين كيلو تقريباً أو ثمانين كيلو يكون هذا أقرب وأحوط، وهو موافق لما قرره العلماء سابقاً من اليومين القاصدين، فإذا ذهب إلى نحو هذه المسافة قصر، صلى الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين، وإن كانت أقل من ذلك فإنها تشبه ضواحي البلاد فالأحوط له أن يتم أربعاً. المقدم: أيضا يقول ما المدة التي يجوز فيها القصر؟ وأعتقد أنه يقصد المدة التي يقيم فيها الإنسان في سفره. الشيخ: نعم، المدة التي يقيم فيها الإنسان في سفره تنقسم قسمين: قسم مدة يحددها، ومدة لا يحددها، فهذه المدة التي لا يحددها بأن يكون له حاجة في البلد لا يدري متى تنقضي، مثل طلب إنسان، إذا التمس إنسان لعله يجده، مثل حق له على إنسان يطلبه منه، مثل خصومة يريد إنجازها أو ما أشبه ذلك، ليس لها مدةً معلومة، بل مهمتها أن ينهي هذه الحاجة، ولو في يومٍ واحد أو يومين، هذا يقصر مدة إقامته، لأنه ليس له أمد محدود، هذا لا يزال يقصر حتى ينتهي، أما الحالة الثانية فهي حالة الإنسان الذي قد عزم على أيام معلومة، قد حددها، وأنه يقيم عشرة أياماً، عشرين يوم، أربعة أيام، أو خمسة أيام، فهذه اختلف فيها أهل العلم منهم من قال: تحدد بثلاثة أيام، ومنهم من حدد بأربعة أيام، ومنهم من حددها بخمسة عشر يوماً وقيل بعشرين يوماً، فالأحوط في هذا أربعة أيام، إذا نوى أكثر من أربعة أيام أتم، والحجة في هذا إقامة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فإنه أقام أربعة أيام لأنه صبَّح مكة اليوم الرابع صباحاً، ثم أقام اليوم الرابع الخامس والسادس والسابع، ثم توجه إلى منى وعرفات في اليوم الثامن، قال العلماء: هذه أربعة أيام قد عزم على إقامتها فيقصر فيها الصلاة كما قصر النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا نوى أكثر من ذلك أتم لأن الأصل هو الإتمام، الواجب إتمام الصلاة، شُرع القصر في السفر، فهذه إقامة ليست سفراً، إقامة فيتم فيها، بخلاف الأربعة أيام فأقل فإنها في حكم السفر كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، ولعل هذا أحوط إن شاء الله وأقرب.  
 
3- تزوج أبي امرأة ثم فارقها، وأخذها شخص آخر فأنجبت منه بنتاً، فهل تصلح لي أن أتزوجها؟
نعم، بنت زوجة أبيه لا حرج فيها، إذا كان ما فيه رضاع يحرمها، إذا كانت زوجة أبيه ليس بينه وبينها رضاع وهو مجرد كونها زوجة أبيه لا يحرم بنتها عليه، لو كان معها بنت من قديم، قبل أبيه من زوجٍ سابق وتزوجها هو وأبوه تزوج الأم لا بأس، وهكذا البنت الجديدة من زوجٍ جديد له أن يتزوجها.
 
4- عندي واحد من جماعتي ضاعت له غنم، وقصدنا بلد بعيد، فقال: إن وجدتم غنمي فهاتوه بها معكم، فوجدنا رجل تهامي عنده ثلاث غنم ضائعة، وعليها وسم صاحبي، فطلبتها منه، فقال: أنا خسرت عليها رعاية وشعير، فأعطيته مائة ريال، فلما جبتها لصاحبي قال: ما هي غنمي! والآن لا أستطيع أن أجد التهامي ولا صاحبها، فكيف أعمل بها؟
الذي يجب في مثل هذا أنه ينادي عليها يعرف بها سنة كاملة في حكم اللقطة، لأن صاحبها أخبر بأنها لقطة، فيعرف بها وينادي عليها في مجامع الناس، من له غنم ؟ من له غنم؟ ويأتي ببعض الصفات يحفظها، وإذا خاف عليها من النفقة يبيعها، يحفظ الصفات والثمن، وينادي سنةً كاملة فإن وجد أهلها وإلا فهي له، الثمن له، وإن تصدق بذلك إذا لم يجد أهلها فهذا لا بأس به، المقصود أن حكمها حكم اللقطة يُعرفها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من آوى ضالة فهو ضال ما لم يعرفها). وهذه ضالة والنبي عليه السلام قال: (من آوى ضالاً فهو ضال ما لم يعرفها) رواه مسلم. فهذا عليه التعريف، والتعريف أن ينادي عليه في مجامع الناس، في الشهر مرتين، ثلاث، أربع، يقول: من له الغنم الضائعة، فإذا جاءه من يعرف صفاتها وأماراتها الخفية دفعها إليه، أو جاءه من يقيم البينة عليها دفعها إليه، فإن مضت السنة ولم تعرف فهي له، (يستعملها كسبيل ماله) كما جاء في الحديث. وإن تصدق بها ولم يعني ترض نفسه بقبولها فلا بأس. المقدم: طيب، لو تصدق بها وبعد سنتين جاء صاحبها؟ الشيخ: يخير صاحبها إن شاء صارت الصدقة له وإن شاء أخذها، دفع له القيمة التي تساويها، وإن قبل الصدقة فالحمد لله. المقدم: وتكون الصدقة للأول لو أخذ النقود؟ الشيخ: نعم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في بعض الأحاديث: (متى جاء صاحبها يوم من الدهر فأدها إليه). المقدم: طيب مثلاً لو مكثت عنده ولم يبعها وأنجبت مثلاً غنماً أخرى؟ الشيخ: هي له، بعد مدة، بعد السنة إذا أنجبت بعد السنة فهو له، وليس لصاحبها إلا الأصول؛ لأنها صارت ملكاً له بعد التعريف.   
5- رجل طلق زوجته بالثلاث قائلا: أنت طالق ثم طالق ثم طالق، طلقات ما لي بعدهن رجعة، وكان زعلان على زوجته لمخالفتها أمره، ثم بعد مدة شهور راجعها وجابت منه أولاد؟
إذا كان الرجل حين طلقها هذا الطلاق، بقوله: طالق ثم طالق ثم طالق، طلاق ما فيها رجعة، قد اشتد به الغضب وانغلق عليه الأمر وصار أقرب إلى عدم الشعور فطلاقه غير واقع في أصح قولي العلماء، وإعادته لزوجته لا بأس بها، ولكن كان الواجب عليه أن يستفتي قبل ذلك، كان الواجب عليه أن يستفتي قبل أن يعيدها؛ لأن الطلاق خطير وليس كل أحد يقدر الغضب الشديد ويعرفه، فالواجب عليه أن يستفتي حتى يحتاط لدينه، فإذا كان غضبه قد اشتد به وغلب عليه شدة الغضب حتى ما تمكن من إمساك نفسه عن الطلاق، بل اضطر إلى الطلاق بسبب شدة الغضب لأنها سبته أو تسابا جميعاً، أو تضاربا، سمع منها كلاماً أوجب شدة الغضب فهذا لا يقع معه الطلاق لما جاء في الحديث المشهور عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا طلاق ولا عتاق في إغلاق) أخرجه أحمد رحمه الله وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم. والإغلاق فسره العلماء بأنه الإكراه والغضب الشديد، ولأدلة أخرى تدل على أن شدة الغضب لا يقع معها الطلاق، وصاحبها أقرب إلى زائل العقل كالمعتوه والمجنون ونحو ذلك، أما إن كان غضبه عادياً ليس بشديد، بل هو غضب عادي، فالطلاق يقع، قال طالق ثم طالق ثم طالق، أو طالق وطالق وطالق أو أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق بالثلاث تقع، وليس له رجعة عليها إلا بعد زوج، إذا طلقها في حال الرضا أو في حال غضبٍ خفيف فالطلاق واقع وليس له الرجوع إليها إلا بعد زوج، لأنه طلقها ثلاثاً بكلماتٍ متعددة فوقعت؛ لقول الله سبحانه: فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.. (230) سورة البقرة . ولقول تعالى: الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ.. (229) سورة البقرة، فهذه طلقات مكررة، فوقعت. المقدم: لكن إذا كان هذا الزعل ليس إغلاقاً -كما ذكرتم- ما حكم رجعتها هذه وإنجاب الأولاد بعدها؟ الشيخ: هذا على كل حال يعتبر غلطاً آخر منه لأنه تساهل، ولكن الذي يظهر أن أولاده يلحقونه لأنه شبهة، أعادها بسبب شدة الغضب فيلحقه الأولاد، ولكن قد أساء وأخطأ حيث أفتى نفسه ولم يستفتِ أهل العلم، كان الواجب عليه أن يراجع القضاة من حوله ويستفتي حتى يفتوه ويدلوه.  
 
6- أنا رجل مريض بداء السكري وآخذ عنه علاجا، وأحيانا ينزل السكر تحت المعدل ثم أصاب بإغماء في النوم، وإذا قمت ما أدري هل أنا في اليوم الذي نمت فيه أو بعده بيوم، فأسأل عشيرتي ويخبروني بنفس اليوم الصحيح، فأصلي مجتهدا ولكني لا أضبط صلاتي من حيث عدد الركعات، فهل هذه الصلوات صحيحة أو أعيدها إذا صحيت جدا؟
الواجب على من يصاب بالإغماء أنه إذا انتبه واستيقظ وزال إغماؤه يقضي، إذا كانت مدة الإغماء قليلة كاليوم واليومين والثلاثة فقد جاء عن بعض الصحابة أنهم أغموا كعمار وغيره فقضوا الصلوات، فهو إذا انتبه وزال إغماؤه يقضي ما مضى، لكن لا يعجل حتى يعود إليه عقله، حتى يثبت عقله، لا يعجل وهو ما بعد ثبت عقله حتى لا يميز بين الركعات، لا، لا يعجل حتى يستقيم عقله ويستطيع أن يؤدي الصلوات مضبوطة، أما إذا أداها وعقله حتى الآن ما يميز بين الركعتين والثلاث فهو حتى الآن ما بعد استقام عقله ولا تصح صلاته، إنما عليه التأني والتثبت فإذا أتم حضور عقله واستقام أمره قضى الأيام التي أخبره الإخوان الذين عرفوا حاله أنه ضيعها. المقدم: لكن بالنسبة لصلواته التي صلاها وهو لم يصحُ من الإغماء هل يعيدها؟ الشيخ: يعيدها نعم، إذا كانت الصلوات التي صلاها من غير شعور، ما ضبطها يعيدها. المقدم: وإن كان لا يعلم هل هي الظهر أو العصر أو.. ؟ الشيخ: يتحرى بالظن. إلى هنا أيها السادة ونأتي على نهاية لقائنا هذا الذي استضفنا فيه سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز...  

437 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply