حلقة 44: حكم محادثة الخاطبة للخاطب مع علم الوالدين - ترك صلاة الجمعة للجهل بها - النظر للنساء بسبب ملابسهن الجذابة - قررت أن أطلق زوجتي لمشاكل اجتماعية، وتحن لانطيق الفراق - صلاة المفترض خلف المتنفل والعكس

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

44 / 50 محاضرة

حلقة 44: حكم محادثة الخاطبة للخاطب مع علم الوالدين - ترك صلاة الجمعة للجهل بها - النظر للنساء بسبب ملابسهن الجذابة - قررت أن أطلق زوجتي لمشاكل اجتماعية، وتحن لانطيق الفراق - صلاة المفترض خلف المتنفل والعكس

1- أسألكم عن حكم محادثة أختي لخطيبها في التلفون، مع أنه ابن عمتي، وأنه تحدثه لعلم أبي وأمي وأخوتي جميعا، وأن خطيبها دائم التردد على أبي يريد أن يعقد القران، ولكن أبي يؤخر لظروف؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فلا نعلم حرجاً في محادثة المرأة المخطوبة لخطيبها في بعض شئون النكاح، وفي بعض شئون عقد النكاح، أو ما يتعلق بذلك من الأحاديث السليمة، التي ليس فيها محرم ولا تعاون على محرم، أما إذا كان التحدث يدعوا إلى الريبة، أو يدعوا إلى خلوة بها، أو إلى اتصال بها قبل عقد النكاح فهذا محرم، ولا يجوز وله أن ينظر إليها إذا دعت الحاجة إلى ذلك، لكن من غير خلوة، ينظر إليها بحضرة أبيها أو أمها ونحو ذلك، ولا يجوز الخلوة بها أبداً؛ لأن الشيطان إذا خلا الرجل بالمرأة صار ثالثهما، فلا يجوز، وأما الأحاديث التي لا تعلق لها بمصلحتهما بل بالجنس وما الجنس وما يدعوا إلى أن يتصل بها اتصال غير جائز فهذا كله لا يجوز، وينبغي لأبيها أن يسارع في العقد حتى لا يقع شيء مما حرم الله، ينبغي أن يسارع في العقد حتى تحل له ما يحل لها، وحتى يتيسر البدار بالبناء عليها والدخول عليها.  
 
2- أفيدكم أنني أبلغ من العمر ست عشرة سنة، وأخذت أصلي من يوم 22/ 4/ 79م وإلى حد الآن لم أعرف، ولم أصل صلاة الجمعة لأني لا أعرفها، فما يقول فضيلة الشيخ؟
على السائل أن يتوب إلى الله -عز وجل- وأن ينيب إليه، وأن يبادر بصلاة الجمعة مع الناس، ونسأل الله أن يمن عليه بالعفو عما مضى، عليه البدار بالتوبة والإقلاع عما مضى من تركه للجمعة، وأن يحرص على حضورها كلما جاء وقتها مع المسلمين، ونسأل الله -جل وعلا- أن يعفوا عما سلف، وعليه التوبة الصادقة والندم على ما مضى منه، والعزم أن لا يعود في ذلك.  
 
3- أنتم تعرفون ملابس فتيات زماننا هذا من الملابس الجذابة أو التي تجعل أجسامهن جذابة، ولا نستطيع غض البصر، وإذا عدت إلى المنزل ندمت وتأسفت، فما الحكم في ذلك؟
لا شك أن هذا الذي يقول هذا الشاب هو يقوله غيره، ولا شك أنه مرض خطير في أي مجتمع، ولا شك أيضاً أن الواجب على الفتيات أن يتقين الله في ذلك، وأن يحرصن على ستر أجسامهن بالملابس الساترة، وأن يتحجبن عن الرجال من جهة جميع البدن، ومن جهة الرأس، حتى لا تفتن الناس، وحتى لا يتعلق بها الشباب وغير الشباب، فيسبب ذلك حادثة الفاحشة وركوب المحارم، هذا هو الواجب على جميع الفتيات أينما كنَّ، عليهن جميعاً أن يتقين الله، وأن يحرصن كل الحرص على الحجاب وستر جميع الجسد، وأن لا تبدي رأساً ولا وجهاً ولا صدراً ولا غير ذلك، وتكون مستورة محجبة بستر جيد، يستر مفاتنها ويستر بدنها حتى لا تضر نفسها ولا تضر الشباب الذي قد ينظر إليها، وعلى الرجال شباباً كانوا أو غير شباب عليهم أن يتقوا الله وأن يغضوا الأبصار، وأن يجاهدوا أنفسهم في ذلك، لأن الله قال -سبحانه-: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ[النور: 30] ولما سئل النبي -صلى الله عليه وسلم - عن النظر نظر الفجأة قال: (اصرف بصرك، فإنما لك الأولى وليس لك الأخرى)، فالذي يفجأه نظر المرأة من غير قصد بأن تخرج عليه من شارع، أو تنزل من سيارة ما فطن لها، فإن عليه أن يصرف بصره بعد ذلك، وليس له أن يتابع النظرة النظرة، بل يجب عليه صرف النظر وغضه، وهي عليها كذلك، ولا يجوز لها أبداً أن تتساهل في اللباس، كما يفعل بعض النساء، بل عليها أن تستر بدنها في بيتها إذا كان عندها أخو زوجها أو عم زوجها أو نحو ذلك، وفي الأسواق أن تستر بدنها عن جميع أهل السوق من الرجال حتى لا تفتن ولا تُفتن، هذا هو الواجب عليها، والله سبحانه وتعالى يقول في حق النساء: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ .... الآية[النور: 31]، فليس لها إبداء الزينة إلا لهؤلاء المحارم، أما الأجانب فلا عليها الستر والتحفظ، وقال جل وعلا: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ[الأحزاب: 53]، فالتستر والتحجب أطهر لقلوب الجميع، أطهر لقلوب الرجال وأطهر لقلوب النساء، فدل ذلك على أن عدم التستر، وعدم التحجب من أسباب نجاسة القلب ومرضه، فالقلب قد ينجس ويمرض بالشهوات المحرمة، ويطهر ويزكوا باجتنابها والبعد عنها والتوبة إلى الله منها، والواجب على الرجال والنساء أن يحرصوا جميعاً على طهارة القلوب وسلامتها وزكائها، وأن يحذروا ظلمتها وفسادها ومرضها وخبثها وانحرافها، والله المستعان.  
 
4-   أفيدكم أنني شباب أبلغ من العمر تسعة عشر سنة، حسن السيرة مع أهلي وعشيرتي، تزوجت من بنت خالي على رضاء من الطرفين أنا وهي، ولم يمض على زواجنا أكثر من أسبوع حتى بدأت مشاكل أهلها تزداد يوم بعد يوم حتى منعوها من مواجهتي قائلين إنها مريضة، ولا تستطيع مواجهتي، ثم أحضر مرات أخرى وأجدهم كل وقت يدبرون عذر للتخلص مني، كما أن زوجتي مجبورة على تنفيذ كل كلمة يوجهونها إليها، أنا محتار قررت أن أطلق زوجتي ولكن زوجتي لا تريد الطلاق، وأنا لا أطيق فراقها، ولا أقدر أعرض مشكلتي على المحكمة بصفة والدها خالي شقيق والدتي، والناس يعتبرون ذلك عاراً، فما الحل المناسب الذي ترونه موافقا يا فضيلة الشيخ؟
ننصح السائل بالصبر، وأن لا يعجل في الطلاق، وأن يخاطب خاله بالتي هي أحسن، ويطلب منه تمكينه من زوجته وإعادتها إلى بيت الطاعة، وأن يتوسل إلى ذلك بالأقارب الطيبين، وبالجيران الطيبين، حتى يشيروا على والدها وينصحوه ويعيدها إلى زوجها، هذا الذي ننصحه به، كما ننصح والدها بأن يتقي الله وأن يعيد المرأة إلى زوجها إلا أن يكون هناك عذرٌ شرعي فيبين للزوج هذا العذر، فإما أن يفارق، وإما أن يذهب معه إلى المحكمة، وفي المحكمة البركة والخير، أما أن يمنعها من زوجها بغير وجه شرعي فهذا حرام وظلم، والله -جل وعلا- يقول في كتابه العظيم: وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا[الفرقان: 19] ويقول -سبحانه-: وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ[الشورى: 8] والنبي يقول -صلى الله عليه وسلم-: (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة)، فالواجب على خال هذا الزوج وهو أبو المرأة، الواجب عليه أن يتقي الله، وأن يعيد المرأة إلى زوجها، وأن يتوسط بينهما بالخير وأن ينصح للجميع، وأن يكون عوناً لهما على الاستقامة والسيرة الحسنة، والمعاشرة الطيبة بينهما، هذا هو الواجب عليه، فإن كان هناك أمور أخرى قد أخفاها السائل تحتاج إلى حل وسط من الأجاويد والإخوان الطيبين من يحل النزاع بينهما، فإن عظمت المسألة ولم يتيسر ذلك فبالإمكان الاتصال بالمحكمة والنظر في أمرهما من جهة المحكمة، أما منعها بغير حق فهذا لا يجوز له.  
 
5-   إذا دخل رجل وأنا في صلاة نفل واعتقد ذلك الرجل أنني أصلي الفرض، فاتخذني إماما ليصلي معي الفرض، فما الحكم في هذا؟ هل أدفعه قبل البدء معي، مع العلم أنه قيل لي: إنه يجب أن تفرق بين الفرض والنفل بأن ترفع صوتك في التكبيرات بالنسبة للفرض بخلاف النفل، فما رأي سماحتكم في ذلك؟
قد دلت السنة عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- بأنه لا حرج في أن يكون المأموم مفترضاً والإمام متنفلاً، فإذا كنت أيها السائل تصلي نفلاً فجاء رجلٌ فصف معك وصلى فريضته فلا بأس ولا حرج على الصحيح، وإن كان بعض أهل العلم يرى أنه لا يصلي المتنفل الإمام المفترض، لكنه قول ضعيف قول مرجوح في الدليل، والصواب أنه لا حرج في ذلك، فإذا دخل معك فلا بأس أن تؤمه، وهو يصلي فرضاً وأنت تصلي نفلاً لا حرج في ذلك، وليس لما قلت له أصل أنه يرفع الصوت في التكبير في الفرض ويخفض في النفل، لا أصل لهذا فيما أعلم، بل التكبير فيهما سواء، يكبر في صلاته الفريضة والنافلة سواء، لا نعلم في هذا شيء، إلا الإمام فإنه يكبر يرفع صوته لأنه ينبه الناس ويبلغ الناس، أما المأموم والمنفرد فصوته في الفريضة والنافلة سواء، لا نعلم في هذا سنة تفرق بينهما.  
 
6- لي زميل ساكن معي وأعلم أنه يصلي ولكن ليس في المسجد، وهو أعلم مني في أمور الدين وأنا أصلي في المسجد، فهل علي شيء تجاه هذا أو يلحقني شيء من إثم في بقائي معه؟
عليك أن تنصحه في الله، وأن تعلمه أن الصلاة في الجماعة واجبة، وأنها من أهم فرائض الصلاة، وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر)، وجاءه -صلى الله عليه وسلم- رجلٌ أعمى فقال: (يا رسول الله ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب) فهذا الرجل الأعمى ما رخص له النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يصلي في بيته مع أنه أعمى، وليس له قائد، وفي رواية أنه شاسع الدار، بعيد الدار، ومع هذا أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بصلاة الجماعة. فيجب على المسلمين جميعاً للرجال أن يصلوا في الجماعة، أن يصلوا في المساجد، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه كانوا يصلون في المسجد عليه الصلاة والسلام، ورضي الله عنهم، وأمر بالصلاة في المساجد وأخبر أن من سمع النداء فلم يأتي فلا صلاة له إلا من عذر، كالمرض ونحوه، فعليك أن تنصح هذا، وأن تخوفه من الله -عز وجل-، وأن تقول له: يا أخي اتقِ الله، صل في جماعة، ولا تدع صلاة الجماعة، فإن أصر على ترك الجماعة ولم يصل مع الناس فإنه يستحق الهجر، يستحق أن تهجره وتدع صحبته، لئلا يعاديك فتتأخر عن الجماعة؛ لأن المعاصي مثل الجرب أصحابها قد يعدون، يعدون الناس، قد يسببون مرضاً، مرضهم انتقال مرضهم إلى غيرهم، فالذي يتظاهر في المعصية ولا تنفع فيه النصيحة، يستحق أن يهجر، ولا يتخذ جليساً ولا صاحباً، ولا تجاب له الدعوة إلى وليمة ونحوها حتى يعلم بشاعة ما فعل، وأنه جدير بأن يهجره إخوانه المستقيمون، إذا أظهر المعصية ولم يبالي بالناس، كمن يتظاهر بترك الصلاة في جماعة في المساجد، أو يتظاهر بشرب الخمر، أو يتظاهر بحلق اللحى ولا يبالي ولا النصيحة، أو يتظاهر بعقوق والديه وعدم برهما، أو يتظاهر بإسبال الثياب وجرها ولا يقبل النصيحة، أو يتجاهر بالتدخين، والتدخين من أقبح الأمراض وهو شرٌ كبير، فالواجب على من يتعاطاه التوبة إلى الله منه، كما أن السكر حرام ومنكر وكبيرة، فالتدخين فيه من الشر العظيم والبلاء الكبير ما فيه، فيجب ترك هذه المعاصي والحذر منها، ولا مانع بل يشرع هجر أهلها إذا لم يستقيموا، ولم يدعوا ما هم عليه، إلا إذا كان الهجر قد يزيد في الشر، وقد يجرهم إلى شر، فينبغي تركه وأن يعتاض عنه بالنصيحة الدائمة، والتوجيه الدائم لهؤلاء حتى يهديهم الله هم وأشباههم. إلى هنا أيها السادة ونأتي على نهاية لقاءنا هذا الذي استضفنا فيه.  

401 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply