حلقة 487: كيفية وضع الأيدي في الصلاة - حكم صبغ الشعر باللون الأسود - حكم الزواج ممن يشرب الخمر - مدى صحة دعاء الرسول على صاحب التمر - حكم لبس الطالبة للتنورة التي تبين الخصر - نصيحة لمن يسيء معاشرة زوجته

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

37 / 50 محاضرة

حلقة 487: كيفية وضع الأيدي في الصلاة - حكم صبغ الشعر باللون الأسود - حكم الزواج ممن يشرب الخمر - مدى صحة دعاء الرسول على صاحب التمر - حكم لبس الطالبة للتنورة التي تبين الخصر - نصيحة لمن يسيء معاشرة زوجته

1- أخبرك ويشهد الله على ذلك أني أحبك، سماحة الشيخ سؤالي هو: ورد في كيفية وضع اليدين في الصلاة أن يضع المصلي كفه الأيمن على كوعه الأيسر، ما هو الكوع المذكور؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فأقول أولاً : أحبك الله الذي أحببتنا له, وأسأل الله أن يجعلنا جميعاً من المتحابين في جلاله، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعاً، وأن يثبتنا على دينه إنه سميع قريب. نعم جاءت السنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم –أنه في حال قيامه يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد، وفي بعضها على كوعه، والكوع هو العظم الذي يلي الإبهام، وما يلي الخنصر يقال له كرسوع، والمعنى أن يضع يده على مفصل الكف من الذراع فيكون وضع اليمنى على كفه اليسرى وعلى رسغها، وعلى ساعدها، هذا هو السنة في حال قيام في الصلاة، وهذا يعم الرجال والنساء، وليس هناك دليل على تخصيص المرأة بشيء بل السنة عامة، فإذا كان المصلي واقفاً جعل يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد كما ثبت ذلك في حديث وائل بن حجر - رضي الله عنه – عن النبي-عليه الصلاة والسلام-، وجاء في حديث سهل بن سعد أنه كان الرجل يؤمر على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم – أن يضع يده اليمنى على ذراع اليسرى في الصلاة، وهذا يحتمل أن يكون في بعض الأحيان يضعه على الذراع، ويحتمل أنه أراد ما أراده وائل بأنه إذا وضعه يده على الرسغ والساعد فقد وضع يده على الذراع، لأن الساعد هو الذراع فيكون كفه على الرسغ والكف وأطراف أصابعه على الساعد، فيجتمع الحديثان، ولا يكون بينهما اختلاف، وبكل حال فالسنة أن يضع يده اليمنى حين قيامه في الصلاة سواء كان هذا قبل الركوع أو بعد الركوع، يقول الراوي: يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى وعلى رسغه وساعده في الصلاة هذا هو السنة، فإذا ركع وضع يديه على ركبتيه وفرج بين الأصابع وسوى ظهره حتى يرفع فإذا رفع أعاد يديه كما كان قبل الركوع يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى وعلى الرسغ والساعد حتى يسجد، هذا هو المعتمد وهذا ما دل عليه حديث وائل وحديث سهل بن سعد، وحديث قبيصة بن...عن أبيه، ودل عليه أيضاً ما ثبت عن طاووس مرسلاً من وضع النبي يده اليمنى على كفه اليسرى في حال القيام- عليه الصلاة والسلام-، وأما من قال أنه يرسل اليدين حال القيام فلا دليل له بذلك بل هو خلاف السنة، وهكذا من قال يرسلهما حال قيامه بعد الركوع لا دليل له على ذلك، والأصل أنهما على حالهما قبل الركوع، والنبي - صلى الله عليه وسلم – كان إذا رفع رأسه من الركوع اعتدل حتى يعود كل فقار إلى مكانه-عليه الصلاة والسلام-، وكان يقوم قياماً طويلاً حتى يقول القائل قد نسي، فدل ذلك على أنه إذا رفع من الركوع يعيد يديه كما كانتا، يضع اليمنى على اليسرى حال قيامه على صدره، النبي- عليه الصلاة والسلام- كما كانت قبل ذلك قبل الركوع، وعلى من زعم خلاف ذلك أن يأتي بالدليل، وإلا فالأصل أن ما بعد الركوع في حال القيام يكون مثل ما قبل الركوع هذا هو الأصل، وهذا هو ظاهر السنة الثابتة عن رسول-عليه الصلاة والسلام-.  
 
2- ما حكم الصبغ باللون الأسود في الرأس أو في اللحية إذا أراد الرجل فعل ذلك؟.
ثبت عن رسول الله- عليه الصلاة والسلام-النهي عن تغيير الشيب بالسواد؛لأنه قال-عليه الصلاة والسلام-:(غيروا هذا الشيب واجتنبوا السواد)، وفي اللفظ الآخر:(وجنبوه السواد) في قصة أبي قحافة والد الصديق - رضي الله عنه – فإنه جيء به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – يوم الفتح ورأسه ولحيته كالثغامة بياضاً، فأمر-عليه الصلاة والسلام- أن يغير شيبه ويجنب السواد، وجاء في ذلك عدة أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم – كلها تدل على شرعية تغيير الشيب بغير السواد، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم - : (إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم)، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( يكون في آخر الزمان قوم يخضبون بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة) خرجه أبو داود، والنسائي بإسناد صحيح من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما-، فهذه الأحاديث وما جاء في معناها كلها تدل على شرعية التغيير ولكن بغير السواد، بالصفرة، بالحمرة، بالحناء والكتم، حتى لا يكون أسود ، يكون بين السواد والحمرة، أو يكون أحمر، أو يكون أصفر كل هذا لا بأس به.  
 
3- فلدي مجموعة من الأسئلة وأرجو أن تتفضلوا بالإجابة عليها، السؤال الأول: ما حكم أن تتزوج الفتاة من إنسان يشرب الخمر، مع العلم أنه يشرب فقط إذا أصيب بالاكتئاب والحزن، وهذا الشخص يريد من يخلصه من هذا المنكر، ويطمع في أن تكون شريكته هي من تساعده على ذلك، فما رأي سماحتكم في هذه المسألة؟   
أولاً جزاك الله عن دعائك خيراً، وتقبل الله منا ومنك ومن سائر المسلمين أعمالنا وأقوالنا الصالحة. أما هذا الذي يشرب الخمر فهذا لا شك أنه عيب ونقص نسأل الله أن يمن عليه بالتوبة والهداية، ولكن لا يمنع من الزواج من المسلمة لا بأس أن يتزوج المسلمة؛ لأن شرب الخمر لا يخرجه من دائرة الإسلام، وإنما هو معصية كبيرة، ويخرجه من دائرة العدالة إلى دائرة الفسق، ويوجب عليه الحد إذا ثبت عليه بالإقرار أو بالبينة الشرعية، ولكنه عند أهل السنة والجماعة لا يكون كافراً، وقد ثبت عن رسول - صلى الله عليه وسلم – أنه لعن الخمر وشاربها وساقياها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وبايعها ومشتريها وآكل ثمنها)، فالخمر منكر عظيم، وشره عظيم، وعواقبه وخيمة، لكنه لا يكون صاحبه كافراً إذا لم يستحله، إذا فعله وهو يعلم أنه معصية، ويعتقد أنه معصية، ولكنه تساهل في ذلك لأسباب كثيرة، منها ما ذكرت أنه يشرب حال الاكتئاب والتعب، ومنها أسباب أخرى، وبكل حال هذا السبب وغيره لا يبرر له شرب الخمر، بل يجب عليه أن يحذر شرب الخمر وأن يتعاطى الأشياء المباحة سوى ذلك، وفيما أباح الله غنية عما حرمه- سبحانه وتعالى- ولكنه لا يمنع من تزوجه على امرأة مسلمة، ولها أن تقبله ولربما هداه الله بأسبابها فلا بأس بذلك، وعسى الله أن يجعل في ذلك خيرا كثيراً، ومصلحة كبيرة لهذا المسكين، المقصود من هذا أن المعصية لا تمنع من الزواج بمسلمة، كما أنها لا تمنع المسلم أن يتزوج مسلمة فيها معصية كشرب الخمر، أو غير ذلك من الذنوب التي لا تخرج فاعلها من الإسلام، والله المستعان.  
 
4- يوجد نخيل على طريق المدينة المنورة ينبت التمر ويسمى (دومة)، وهذا الدوم غير صالح للأكل، وسمعت عن هذا التمر قصة أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مر على هذا البستان فسأل صاحبه من هذا التمر فكذب صاحب البستان على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إنه دوماً،فدعا عليه الرسول وقال اللهم اجعله دوما فهل هذه الرواية صحيحة؟
لا نعلم لها أصلاً بل ذلك خبر موضوع لا نعلم له صحة، وإنما هذا نبات معروف.
 
5- يوجد مجموعة من الأخوات الملتزمات يلبسن الثياب الواسعة في الكلية، مع العلم بأن هذه الكلية للبنات، ولا يوجد فيها اختلاط، فهل نستنتج من ذلك أنه لا يجوز لبس التنورة التي تبين شكل الخصر, أو لبس الملابس الضيقة، مع العلم أننا إذا خرجنا نلبس العباءة الطويلة الساترة التي لا توضح أي شيء من شكل الجسم، فما هو رأي سماحتكم؟   
لا ريب أنه ينبغي للمرأة أن تلبس الملابس الساترة الظافية السابغة التي لا تبين حجم أعضائها وعورتها، ويكون لبسها متوسطاً لا ضيقا يبين حجم العورة، ولا واسعاً يبين العورة أيضاً، ولكن يكون بين ذلك، وهذا في جميع الأحوال عند محارمها، وعند النساء، أما إذا كان عند الأجنبي فالواجب عليها الستر كامل، بشيء لا يبين حجم العورة، ولا يكون ضيقاً يصف حجمها فإنه يفتن ولكن يكون بين ذلك لا ضيقاً ولا واسعاً، وإذا كان فوقه العباءة أو الجلباب وهو ما يسمى ....كان ذلك أكمل في الستر، مع التخمر مع تغطية الرأس والوجه حتى لا يراها الأجنبي، يعني الذي هو غير محرم لها.  
 
6- رجل عاش مع زوجته أكثر من اثنين وعشرين سنة وهو يعاملها معاملة سيئة، ولا ينفق عليها بما أمره الله، فلا يكسيها ولا يقدرها حق قدرها، وقد عاشت معه هذه السنين المرة وتعامله أحسن معاملة، وهي كالخادمة في منزله تخدمه ليل نهار بدون راحة، وهو مريض منذ مدة طويلة وهي صابرة من أجل أولادها ومحتسبة أجرها على الله، وأيضاً لديه بنات لا ينفق عليهن لمدة طويلة، ولا يزكي عن الحلي التي لديهن، فما نصيحتكم سماحة الشيخ لهذا الرجل وأمثاله، وهل يجوز للفتيات أن يبعن حليهن لكي يدفعن الزكاة، أم ماذا يفعلن؟ جزاكم الله خيراً.   
أولاً أنت أيها السائلة مأجورة ومشكورة على صبرك وحسن طاعتك وخدمتك لزوجك، وأولادك فأبشري بالخير الكثير، والأجر العظيم، وحسن العاقبة إن شاء الله. أما هو فإذا كان على ما قلت فهو آثم؛ لأنه مقصر في أداء الواجب، الواجب عليه أن يحسن العشرة مع زوجته بالكلام والفعال، وأن ينفق عليها وعلى أولاده كما أمره الله، كما قال الله-عزوجل- : وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)(النساء: من الآية19)، وقال –سبحانه-: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ(البقرة: من الآية228)، هذا الواجب عليه أن يطيب الكلام طيب الفعال، يؤدي ما أوجب الله من النفقة وحسن العشرة، ولكن متى صبرت عليه أنت، واحتسبت الأجر فيما عند الله فيما يحصل منه من الإساءة والتقصير، فأنت مأجورة وهو آثم، فنسأل لله له الهداية وينبغي أن يرفع أمره إلى من تظنين أنه ينفع كأبيه، أو أخيه، أو عمه، أو خاله حتى ينصحه حتى يقوم بالواجب، أما الخصومة فتركها أولى، لأنها قد تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، ولكن كونه ينصح من أقاربه، ويوجه إلى الخير، ويخوف من الله-عز وجل-، ويبين له أن هذا الأمر أمر لا يجوز، وأن عليه أن يحسن العشرة والقيام بالواجب فهذا أمر مطلوب، والدين النصحية، والله يقول:وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى(المائدة: من الآية2)، أما الحلي فإن أدى الزكاة عن بناته فالحمد لله، وإلا فعليهن أن يزكين ولو من حليهن ولو بعن بعض الحلي حتى يزكين عن الباقي، أو حتى يكون الباقي أقل من النصاب فلا زكاة فيه، وإذا زكيت عنهن أنت بإذنهن إذا كن بالغات يستأذنَّ، فإذا أذن لك في الزكاة عنهن، أو زكا عنهن أخوهن، أو أختهن الكبيرة، حصل المقصود بذلك، إذا أذنَّ لك في ذلك، وإن بعن بعض الحلي وزكين عنه فالبقية إذا كانت البقية تبلغ النصاب فهذا هو الواجب عليهن، ومتى بعن من الحلي ما يجعل الباقي أقل من النصاب سقطت الزكاة مستقبلاً، إذا كان الباقي لا يبلغ عشرين مثقالاً، يعين اثنين وتسعين غرام، وبالجنية إحدى عشر جنية ونصف سعودي.  
 
7- شيخ عبد العزيز تفضلتم وأسديتم لأختنا هذه النصيحة، ولا بد أنكم تتفضلون بنصيحة أخرى حول الطريقة المثلى للمرأة التي تود أن تستدر عطف زوجها، فينفق عليها النفقة الحسنة، ويعاملها بالحسنى، وينفق على من تحب أيضاً ويحب من تحب؟
لا أعلم طريقة إلا حسن الخلق، طيب الكلام، والتودد إليه، وانتهاز الفرص المناسبة، فإذا رأت منه انشراح وطيب نفس تقول له بالكلام الطيب، أن يلاحظ كذا، ويلاحظ كذا، ويلاحظ كذا، أو توعز إلى من ترى ممن لا يغضبه الكلام معه فيه، كأن توعز إلى أخ كبير، أو خال، أو عم ممن تظن أنهم إذا كلموه لا يتسبب في ذلك شر، بل تحصل منه فائدة حتى ينصحوه ويوجهوه إلى الخير من دون أن يذكروا له أنكِ اشتكيت عليهم، وأنكِ قلتِ لهم كذا وكذا، هذه من الطرق التي يرجى فيها الخير، وأحسنها التودد منك إليه، وطيب الكلام معه، وانتهاز الفرص المناسبة التي تكون فيها باله طيبه، ونفسه طيبة لعله يستجيب ولعله ينفتح، ولعله يشعر بتقصيره وخطأه فيرجع إلى الصواب.  
 
8- ما حكم التلويح بالإصبع في الصلاة، أي في قراءة التحيات؟
سنة، الإشارة بالإصبع في التحيات عند ذكر الله في جميع التحيات تكون الإشارة مفتوحة منصوبة نصباً غير كامل نصباً فيه انحنى إشارة إلى التوحيد، فإذا جاء عند ذكر الدعاء عند اللهم صلي على محمد، اللهم بارك وبقية الدعاء يحركه قليلاً كما جاء في بعض الروايات، هذا كله من السنة الإشارة من السنة، والتحريك عند الدعاء من السنة، لكن يكون تحريك قليل ليس فيه كثرة، جمعاً بين الروايات.
 
9-  هل يجوز تفصيل الملابس عند خياط رجل؛ لأن وجود النساء ليس بكثرة، وإن وجد يكون بعيداً عن المنطقة التي نكون فيها؟
أما كونه يفصل عليها ويلمسها هذا لا يجوز، أما كونها ترسل إليه المقاييس ويفصل، أو يذهب بها الزوج أو الولد حتى تفصل لا بأس، أما كونها تحضر بنفسها ويتولى المقاييس عليها واللمس بدنها، هذا لا يجوز وفيه فتنة وشر، وهكذا الخلوة به أمر منكر أيضاً، ولكن إذا بعثت بالملابس إليه من طريق الزوج، أو من طريق الأخ، أو من طريق أخرى مع المقاييس حتى يفصلها على مقاييسها ويخيطها فلا بأس بذلك.  
 
10- أنها تتقاضى من مال أبيها الذي يتعامل بالربا، وتسأل عن الحكم؟
إذا كانت تعلم ما تأخذه من ماله ربا فلا يجوز لها ذلك، أما إذا كان له أموال مختلطة ولكن لا تدري عما حصل في يدها هل هو من الربا أو غيره فلا حرج، والتورع من ذلك أولى إذا لم يترتب عليه مفسدة ولا عقوق، أما إذا علمت أن هذا المال من نفس الربا فلا يجوز.  
 
11- نحن طالبات في المرحلة المتوسطة يقوم بتدريسنا القرآن شيخ أعمى، ونحن نحتجب عنه ولا يظهر منا سوى الوجه والكفان، فما الحكم في ذلك، مع أننا سمعنا أن لبس الحجاب أثناء قراءة القرآن بدعة، فهل هذا صحيح، وهل على الطالبات إثم في كشف رؤوسهن أمام الشيخ إذا كان يجب الاحتجاب؟ نرجو التوضيح جزاكم الله خيراً.   
الحجاب عن الأعمى لا يجب ولا يلزم، وليس بمشروع، فقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قال لفاطمة بنت قيس - رضي الله عنها- لما طلقها زوجها: ( اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فلا يراك، أما ما يروى عنه - صلى الله عليه وسلم – أنه قال في معرض الحوادث التي وقعت في عهده - صلى الله عليه وسلم – أن ابن أم مكتوم دخل عليه وعنده زوجتان من زوجاته فأمرهما بالحجاب فقالتا إنه لا يبصرنا، فقال أو عميوان أنتما أو لستما تبصرانه) فهو حديث لا يصح، بل هو شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة، وإن حسنه الترمذي وصححه، لكن في هذا الموضع الصواب أنه ليس بحسن ولا صحيح بل هو مخالف للأحاديث الصحيحة الدالة على الكشف عن الأعمى وعدم لزوم الحجاب عنه، ومما يدل على ذلك ما بينا من حديث فاطمة بنت قيس أن الرسول - صلى الله عليه وسلم – أمرها أن تعتد عند ابن أم مكتوم، وقال لها: (إنه رجل أعمى تضعين ثيابك فلا يراك) رواه مسلم في الصحيح، ومنها ما ثبت في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ( إنما جعل الاستئذان من أجل النظر) فالذي لا ينظر لا يجب الاستئذان عليه؛ لأنه لا يرى ما أمامه. وأما حديث :(أو عميوان أنتما) المتقدم فهو من طريق شخص ليس بثابت ثقته وعدالته، وهو نبهان مولى أم سلمة ليس من المعروفين بالعدالة والثقة، ثم لو فرضنا أنه من المعروفين بالثقة والعدالة فإن خبره شاذ مخالف لحديث الصحيح، والقاعدة " أن الحديث الذي سنده صحيح إذا خالف ما هو أصح منه حكم عليه بأنه شاذ) كما قال الحافظ بن حجر - رحمه الله تعالى -،وغيره من أئمة الحديث في مصطلح، فإن .....الحديث بأرجح منه، وكلاهما ثابت، فالراجح المحفوظ، ومقابله الشاذ، فالمرجوح يقال له شاذأً لا يعمل به، والراجح يقال له محفوظ عليه العمدة، وكشف الرأس حال القراءة لا حرج في ذلك والتعبد بتغطية الرأس عند القراءة لا نعلم له أصلاً، فالقارئة إن شاءت غطت رأسها، وإن شاءت كشفته حال القراءة لا بأس بذلك إذا كان ما عندها أجنبي في بيتها وحدها، أو عند زوجها أو عند بعض النساء لا حرج في ذلك، وهكذا عند الأعمى لا يجب عليه تغطية الوجه، ولا تغطية الرأس؛ لأنه لا يرى هذا ولا هذا، وإنما يجب ذلك إذا كان عندها أجنبي ليس محرماً لها وهو مبصر.  
 
12- ما معنى الوكالة لغة وشرعاً، وما أنواعها وحكمها، وهل يجوز إلغاؤها ومتى، وهل تجوز من الأعمى الوكالة، كأن يكون وكيلاً أو موكلاً، وهل تجوز الوكالة في عقد القران (الزواج)، وما حكم إذا وكل شخص شخصاً آخر في البيع والشراء ، هل يجوز ذلك أو لا ، وهل له أن يشتري  لنفسه ، أرجوا التكرم بالإجابة عن هذه الأسئلة ، جزاكم الله خيرا ؟
الوكالة لغة: التفويض على الشخص، وإسناد الأمور إليه فيما يراه الموكل له، في إصلاح مزرعته، في تربية أولاده في أي شيء من الأمور التي يحتاج إليها الإنسان، أما هي شرعاً: فهي الاستنادة من جانب التصرف لشخص آخر يجوز تصرفه فيما تدخل فيه النيابة، في الشيء الذي تدخل النيابة، أما ما لا تدخله النيابة، كأن يستند أن يصلي عنه، أو يصوم عنه رمضان، أو ما أشبه ذلك هذا لا يجوز، لكن يستنيبه ....كالرجل المكلف والمرأة المكلفة، والرشيد والرشيدة يستنيبان من يقوم عنهما ببيع السلعة الفلانية بيع بيتهما، بيع سيارتهما، وما أشبه هذا مما يجوزفيه، أو يستنيبانه في شراء كذا وكذا مما يجوز شراؤه، أو يستنيبانه في احضار كذا وكذا من محل كذا وكذا أو ما أشبه ذلك مما تجوز به النيابة هذه يقال لها وكالة، وهي جائزة، جائزة التصرف لمن يصلح أن يقوم بذلك العمل، وهكذا التوكيل في عقد النكاح لمن يصلح لذلك الرجل، دون المرأة فإن المرأة لا توكل لعقد النكاح لأنها لا يصح أن تكون ولي هي لا يصلح أن تزوج نفسها ولا غيرها، فإذا وكل من ينوب عنه في عقد النكاح كالولي يوكل أو في قبول النكاح كالزوج يوكل لا بأس في ذلك، أو المرأة يوكل أخاها أو يوكل أجنبياً أن يزوج بنته لا بأس إذاكان الوكيل صالحاً لذلك، وهكذا الزوج يوكل من يقبل عنه النكاح لا بأس بذلك، وهكذا في جميع المسائل التي تصلح فيها النيابة فيجوز أن يوكل الإنسان جائز التصرف الرشيد لمن يصلح تصرفه في مثل هذا الأمر كما تقدم. سواء كان أعمى أو بصير؟ نعم، الأعمى والبصير والحر والعبد إذا كان مثله يصلح لهذا الأمر. أيضا في عقد القران كذلك؟ نعم. إذا كان من أهل ذلك أما المرأة لا، والكافر لا، في زواج مسلمة نعم. يشتري لنفسه أو لا؟ يشتري أو يبيع. 

456 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply